سليمان مبارك
لا يشك أحد أن التقنيات الحديثة اليوم بلغت درجة كبيرة من التقدم، وهي تستخدم لأغراض متعددة سواء كانت تلك الأغراض مشروعة أو ممنوعة، وصار الكل يتفنن في عرض ما لديه سعياً للتأثير في الآخرين، ومن المجالات الطيبة التي استخدمت فيها تلك التقنيات الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، بهدف تذكير المؤمنين بدينهم، ودعوة غيرهم إلى الإيمان بالله – عز وجل- المعبود بحق، اتباعا لأمره سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (النحل:125)، وقوله سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت:33).
أنواع التقنيات الحديثة التي يمكن استخدامها في الدعوة
التقنيات التي يمكن استخدامها في الدعوة إلى الله كثيرة ومتعددة، وينبغي عدم الاقتصار على بعضها دون الآخر، وذلك بهدف تعميم الدعوة عن طريق كل الوسائل المتاحة، حتى ينتشر الخير وتعم الفائدة، ومن تلك التقنيات الحديثة:
1- الهاتف والجوال
2- الإنترنت
3- الإذاعة والتلفاز
4- القنوات الفضائية
5- الصحف والمجلات
6- لوحات الإعلانات الالكترونية بالأماكن العامة وغيرها.
أهمية استخدام التقنيات في الدعوة
لا يخفى أهمية هذه التقنيات، حيث إنها انتشرت انتشاراً واسعاً فقربت المسافات، ووفرت الكثير من الجهود، وصار الداعية من خلالها يستطيع الوصول إلى شريحة كبيرة من المدعوين، وأنها تنقل الدعوة بطريقة جديدة وشيقة وممتعة، وأن استخدام تلك التقنيات في الدعوة بديل عن الاستخدامات الأخرى قليلة النفع.
وممارسة الدعوة إلى الله تعالى من خلال التقنيات الحديثة والإنترنت خاصة لا تحتاج لشهادات أو دورات معقدة، فلقد تعلم الكثيرون من الدعاة أصحاب الشهادات الشرعية الكثير من وسائل وأساليب استثمار هذه الشبكة في الدعوة إلى الله في أيام قليلة، واهتدى على أيديهم خلق كثير لا يعلمهم إلا الله، فخصوصية التعامل مع الشبكة في أناس متخصصين قد اضمحلت لما تتمتع به هذه الشبكة من المرونة في التعامل معها لدى جميع شرائح المثقفين.
فالإنترنت مثلاً في أحيان كثيرة ليست وسيلة احتكاك مباشر بالناس، وهذا الأمر يعطي قدراً كبيراً من المرونة للدعاة فإن الناس سيستفيدون من موقعك الدعوي والمعلومات المتوفرة فيه، وهذا أمر يختلف عن الشيخ الذي يجلس في المسجد ويعلم الناس فإنه في حال سفره أو مرضه تنقطع الاستفادة من علمه، ثم أيضاً لو سألك إنسان بطريقة مباشرة عن حكم من أحكام الإسلام ولا تعرفه فتجيبه بعدم المعرفة أما عبر الإنترنت والاحتكاك غير المباشر فإنه ينفع في إعطائك وقتا كافياً للبحث أو سؤال العلماء ثم الرجوع على السائل بالإجابة وهكذا.
عقبات استخدام التقنيات في الدعوة إلى الله
من أبرز العقبات التي تواجه بعض الدعاة والمشايخ وطلبة العلم حول استخدام التقنيات الحديثة في الدعوة إلى الله وخاصة الإنترنت الآتي:
1- قلة العلم بالحاسب الآلي ومهاراته: مع أنها ليست صعبة أو معقدة، فبرامج التشغيل أصبحت مرئية وأصبح بإمكان أي شخص الالتحاق بدورة لمدة شهر أو أقل وتكون كافية لاستخدام الحاسب الآلي وتوظيفه في مجال الدعوة إلى الله تعالى.
2– قلة معرفة اللغات: من العقبات كذلك في توظيف التقنيات الحديثة في الدعوة إلى الله الجهل باللغات الأخرى والتي إن عرفها الداعية خاطب مجموعات كبيرة في العالم.
3 – بعض النواحي الفنية: ومن العقبات التي تقف أمام الدعاة في استخدام الإنترنت أو غيرها من الوسائل الحديثة في الدعوة إلى الله هي قضية النواحي الفنية فهناك بطء وانقطاع في الخدمة في بعض الأماكن كما أن هناك خدمات لا يستطيع الشخص العادي استخدامها.
4 – ضعف القناعة: من أهم النقاط التي تقف أمام استخدام التقنيات الحديثة وخاصة الإنترنت فلدى بعض الدعاة ضعف أو عدم قناعة في استخدام التقنيات أصلا، إما بسبب عدم إتقانهم لهذه الخدمة أو بسبب عدم معرفتهم بالخدمات التي تقدمها.
5- الخوف: وأقصد به الخوف السلبي لدى البعض، وخاصة ممن وهبه الله العلم والصلاح، فهو يخاف من الدخول إلى عالم التقنيات الحديثة خوفا من الوقوع في معصية، أو مشاركة في منكر، ومع أن الاحتياط مطلوب إلا أن مثل هذا الفعل يفرح به أهل الفساد ليمارسوا دورهم بعيدا عن معرفة أهل الخير والصلاح، وتبقى الساحة خالية لهم وحدهم.
خطوات ومقترحات لا بد منها
أولا- عقد دورات للدعاة حول استخدام التقنيات الحديثة، يكون من خلالها:
1- مسائل تأسيسية لا بد أن يتنبه لها الداعية وأن يمتلئ بها قلبه مثل الإخلاص والصبر والاحتساب.
2- فهم الواقع الذي يعيش به الداعية وطبيعة الناس الذين يدعوهم حتى يكون خطابه ملائما لهم.
3- أن يتوفر لدى الداعية ثقافة جيدة، واطلاع على ما يحدث في هذا العالم.
4- تدريب الداعية على المهارات والوسائل الدعوية خاصة الحديثة منها، وكذلك استخدام مختلف التقنيات لتحقيق هدفه.
ثانيا- التجديد في وسائل وأساليب الدورات من خلال آليات مقترحة، مثل:
1- إعداد مجموعات عمل في الدورة الواحدة.. فيتم –مثلاً- توزيع بطاقات تحوي موقفا تخيُّليا على كل مجموعة، ويتم مناقشة الأسلوب الأمثل للدعوة في مثل هذا الموقف، وحبذا لو كانت هناك إمكانية لتمثيل هذا الموقف بشكلٍ مبسط.
2- تدريب الدعاة على أن تكون لديهم خطة عمل دعوية واضحة في حياتهم، وألا يكتفوا بردات الأفعال على المواقف التي تحدث أمامهم، لذلك فإن النقطة السابقة لا تكفي وحدها، ولكن لا بد من وجود جانبٍ آخر وهو “الواجب الخاص” الذي يقوم المتدرب بتنفيذه، وهو عبارةٌ عن اختيار فردٍ أو مجموعة أفراد يريد أن يدعوهم، ويضع خطّةً واضحة المعالم لذلك، ويبدأ في تنفيذها بعد أن يعرضها على المجموعة، وفي نهاية الفترة يكتب أو يعرض تقريرًا عن سير خطته، ومن البديهي القول أنّ المحاسبة هنا لا تكون على نتيجة الدعوة فما هي إلا بذور خير نلقيها والله وحده كفيل بإنباتها، ولكن يتم التقييم لأسلوب الداعية ومنهجية عمله وما واجهه من إيجابيات وسلبيات.
3- إعداد حلقات يتم من خلالها مناقشة قضايا مجتمعية وعالمية ودور الدعاة في معالجتها والتطرق إليها، خاصةٍ تلك القضايا التي لم يطرق بابها إلا القليل خوفًا أو حرجًا أو تناسيًا.
4- تنظيم ندوات يحضرها مجموعة من الدعاة العاملين أو المتخصصين في أحد العلوم التي أشرنا لها أعلاه، فيتحدثون عما يهمّ المتدربين ويعرضون تجاربهم الدعوية.
5- تنظيم دورات تقنية مرافقة لهذه الدورة تهتم بتطوير مهارات الدعاة في استعمال التقنيات الحديثة في الدعوة، مثل الكمبيوتر، الإنترنت، الجرافيك، التصميم، وغيرها.
6- استثمار مواهب ومهن المتدربين في الدعوة إلى الله ومساعدتهم في ذلك، فتكون هناك جلسات بعنوان: كيف أدعو إلى الله من موقعي؟ أو كيف أوظف مهاراتي؟
7- يمكن اعتماد آلية “الرسائل المختصرة” -بالإضافة إلى قراءة الكتب- وهي رسائل تحتوي تلخيصًا لأهم النقاط التي يراد لفت نظر المتدرّب إليها في الكتب المرشحة للقراءة.. وفي مراحل متقدمة من الدورة يمكن أن يقوم المتدربون أنفسهم بإعداد هذه الرسائل وتبادلها.
وختاماً نسأل الله التوفيق والسداد، والحمد لله رب العالمين.
المصدر: إسلام ويب