القائمة الرئيسية
 الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

اللغة العربية في حياة المرأة الداعية (حوار)

حاوره: أمينة سلامة

8450c65

 ضيفنا اليوم محب للعربية متفانٍ في خدمتها غيور على مستقبلها أستاذ لا يشق له غبار معلم متواضع كريم نهل منه طلابه الأدب والعلم والمعرفة ,بين ثنايا علمه وأوراقه تتلمذ الكثيرون رباه والده على حب القران الكريم منذ نعومة أظافره حتى غدا عالماً من أعلام اللغة والبيان يشار إليه بالبنان, عرف بفارس اللغة العربية “الأستاذ مُحَمَّد عبد الإله فنديس” ارتأى موقع  “دعوتها” أن يحل ضيفا كريما علينا لنتعرف منه على أهمية اللغة العربية, ودورها في حياة المرأة الداعية, ولنخوض في بحر اللغة العربية التي تمثل معجزة الله الكبرى في كتابه المجيد من خلال الحوار التالي:

* بداية.. ما مدى أهمية إتقان الداعية للغة العربية؟

اللغة هي أداة الفكر، وهي الوسيلة الأساسية المستخدمة في مجالات الدعوة، والتغيير والبناء، ولأهميتها الكبيرة يجب أن يحرص الداعية على اختيار اللغة الجميلة، والأسلوب الأدبي اللطيف في الكتابة والتعبير، وأن يبتعد كل البعد عن الأسلوب المعقد لكي يصل إلى قلب السامع وفكره.

* هناك بعض الداعيات يستخدمن العامية في ندواتهن، وذلك بغرض استمالة قلوب الناس.. برأيكم: هل من الحسن استخدام العامية؟ وما هو تأثير ذلك على مسيرتهن الدعوية؟

العامية لفظة لا أحبها.. فقد طغت على حياتنا اليومية، والأدهى والأمر أن نجدها في صدارة أحاديث الدعاة؛ فلا يكاد داعية يجيد لغة غيرها ولذلك يظهر حديثه مسخاً باهتاً ومشوهاً وإن ظن أنه يستميل قلب السامع لذا كان لزاماً على الداعية أن تلتزم الفصحى وأن تحرص على تقديم دعوتها بأسلوب يجمع بين فخامة اللغة وجمالها، ودقة المعنى ووضوحه لتميل إليها النفوس، وتعلق بها القلوب؛ فالفصحى أرقى الوسائل لإيصال المعلومات.

* لابد أن هناك آثارا للتقصير في تعلم اللغة العربية.. ما هي هذه الآثار؟

الآثار كثيرة وهي تتمثل بنظري في ثلاثة جوانب:

 الجانب الأول المنهج الدراسي وهو لا يفي باحتياجات الدارس، ولا يُعنى بقدراته ووجدانه.

 أما الجانب الثاني فهو معلمو اللغة التي لا يعرف عنها معظمهم إلا اسمها باستثناء قليل ممن رحم ربي، ومن يعمل في مجال اللغة كثيراً ما يصطدم بحقيقة ثابتة، مفادها أن فاقد الشيء لا يعطيه.

 أما الجانب الأخير فهو المتلقي الذي لم يجد من يحببه في لغته بل كثيراً ما نجده مهتماً بل ومفضلا لغات أخرى على لغته الأم.

* ما هي الثمار التي تعود على الداعية من دراسة قواعد اللغة العربية؟

الثمار كثيرة نجملها في بعض النقاط:

– تقويم اللسان وحفظه من اللحن.

– تحفظ قارئ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من اللحن والتحريف.

– تعين على فهم القرآن الكريم والسنة النبوية والأساليب العربية فهما سليما بحيث نقف منه على إعجاز القرآن الكريم.

* اللغة العربية هي لغة القران الكريم.. فهناك الكثيرون من الأعداء يتربصون بها لطمس هويتها.. برأيكم ما هي المؤامرات التي تحاك ضد لغتنا العربية؟ وكيف يحاولون طمسها؟

أعداء اللغة ليسوا من الخارج فقط؛ فالطامة الكبرى تكمن في أن أبناءها أصبحوا أعداءها، والمتصفح لقصيدة الشاعر الكبير حافظ إبراهيم “اللغة العربية ترثي نفسها بين أهلها” يدرك ذلك, وفي نظري أن أثر أعداء الداخل لا يقل خطراً عن أعداء الخارج، والخطر الذي يهدد اللغة العربية هو النتيجة الحتمية لتقاعس العرب عن أداء واجبهم تجاه لغتهم، وتنفيذهم لخطة الاستعمار الثقافي الساعية إلى إلغاء دورها الحضاري والفكري والثقافي، والقضاء على أداة التواصل بين الحاضر والماضي.

* لعل سؤالنا التالي هو: كيف يمكننا الحفاظ على لغتنا العربية ومواجهة الأخطار التي تتهددها وتنصب عليها من كل جانب؟

الحفاظ على اللغة واجب قومي وديني؛ فاللغة محفوظة بإذن الله بحفظ كتابه؛ فيجب الاهتمام باللغة في مدارسنا وفي مناهجنا وفي إعلامنا، ولعل مجمل القول في ذلك ما ذكره الدكتور عبد اللطيف الشريف حفظه الله: “والإصلاح أساساً يكمن في إصلاح تعليم اللغة العربية في مدارسنا ومعاهدنا على مختلف مستوياتها من الرّوضة والمرحلة الابتدائيّة إلى نهاية المرحلة الجامعيّة، فلو أُصْلِحَ تعليم اللّغة العربيّة، وصُفِّيَ مـمّا يعتريه من عوامل النّقص والتّخلّْف والجمود، ووُضِعتْ له المناهجُ الجيّدةُ والكتبُ القيمةُ والأساليبُ المتطوّرة المفيدة، لاجتزنا أصعبَ العلاج، وقطعنا من طريق الإصلاح معظمه؛ ذلك أنّ التّعليم هو المصدر الأساس الّذي يُزَوِّد كلّ مرافق الدّولة والمجتمع بالعناصر اللاّزمة، ويُعِدّ كلّ الكوادر لإدارة الأعمال ومزاولة الاختصاصات، فإذا كان واقع اللّغة العربيّة في التّعليم ضعيفا ومهزوزا وسيّئا، لم يخرِّجْ إلا ضعفاء في لغتهم بطبيعة الحال، فينقل المتخرَّجُ الموظّفُ أو الطّبيبُ أو المهندسُ أو الصّحافيّ أو المذيع أو السّياسيّ أو المحاسب والاقتصاديّ وغيرهم، ضعفَهم الّذي ورثوه من التّعليم إلى مواقعهم ومناصبهم؛ لأنّهم جميعاً خرجوا من وعاء التعليم.

وإذا كان تعليم اللّغة العربيّة صالحاً وجيّدا، خرّج تبعا لذلك عناصر تتمتّع بالكفاية اللّغويّة، وتُحسن التّعامل مع اللّغة، وتنقل ذلك إلى وظائفها ومراكزها”.

* شيخنا الفاضل، كيف ترون واقع المرأة الداعية في عالمنا العربي؟ هل يُعد حراكها الدعوي في المستوى المطلوب أم أننا بحاجة للمزيد من الجهود؟

الذي ألمسه أن المرأة الداعية حملت رسالتها على عاتقها، وتحاول جاهدة أن تؤدي رسالتها على أكمل وجه، وبرأيي أن الدور المنوط بها أبلغ أثراً وأوقع نفعاً إن هي قامت به، خاصة أن المجتمع النسائي متعطش لدينه تواق لمعرفة ربه.

* برأيكم حين تتقن المرأة الداعية اللغة العربية كيف يؤثر ذلك على الجيل الصاعد، خاصة أنها مربية لهذا الجيل في الداخل والخارج؟

المرأة الداعية إن لم تتقن لغتها فلن تصل إلى مرادها، وستكون كساع إلى الهيجاء بدون سلاح، خاصة أنها أم ومربية؛ فكما ترضع الصغير لبنها سترضعه لغتها أيضاً.

* هل اللغة العربية تساهم في نجاح مسيرة المرأة الداعية حين تتقنها وتستخدمها في حياتها اليومية؟

نعم.. فالمرأة تتميز عن الرجل بالطلاقة اللفظية كما يقول علماء النفس؛ فإن هي أتقنت لغتها نجحت مسيرتها، وكان وقع لغتها على الأسماع ممتعا وعلى القلوب الظمأى منهلا عذبا ومرتعا خصيبا.

* برأيكم كيف يمكن أن نصف واقع اللغة العربية بين دعاتنا في الوقت الحالي؟

إنه واقع مؤلم بل يصل في بعض الأحيان إلى وصفه بالاشمئزاز من كثرة ما يلاحظ من لحنهم في لغتهم؛ فلا يفرق أحدهم بين فعل وفاعل، ولا بين مرفوع ومنصوب.

* من يسيطر على ساحة الدعوة اليوم الدعاة الذين يستخدمون اللغة الفصحى في دعوتهم، أم الدعاة الذين يتحدثون بالعامية؟

بالطبع الذين يتقنون الفصحى السهلة والأسلوب الحواري المقنع المشوق.

* نترك السطور الأخيرة لمداد قلمكم لتسطروا به ما يجول بخاطركم..

أحلم بأن أرى الفصحى وقد علا شأنها بين أهلها، أحلم كذلك بأن أراها مفعلة في بيوتنا وفي مدارسنا وفي مساجدنا وفي متاجرنا وفي أسواقنا, وفي كل أمورنا، وما ذلك على الله بعزيز؛ فاللغة باقية ببقاء القرآن الكريم الذي تعهد الله -جل وعلا- بحفظه.

المصدر: موقع “دعوتها” (بتصرف).

مواضيع ذات صلة