فيكتوريا سيميوشينا
انتهت الاستعدادات للسفر إلى الحج في روسيا، وقد توجهت الطائرات الأولى التي تقل الحجاج الروس إلى المملكة العربية السعودية في مطلع شهر سبتمبر، غير أن المشغلين السياحيين يشيرون إلى أن سعر صرف الروبل غير المستقر أدى إلى تراجع أعداد الراغبين بالسفر إلى الحج في هذه السنة.
بدأ تقديم طلبات الراغبين في السفر إلى الحج في هذا العام في 24 يوليو/ تموز الماضي، وينتهي في 9 سبتمبر/ أيلول.
وبحسب قول روشان أبياسوف النائب الأول لرئيس مجلس المفتين في روسيا، فإن العدد الأكبر من الحجاج الذين يسافرون إلى الأراضي المقدسة هم من جمهوريات شمال القوقاز، وتأتي منطقة الفولغا في المرتبة الثانية. كما تسافر مجموعات حجاج من مناطق وأقاليم روسية أخرى مثل سيبيريا والأورال، بل حتى من فلاديفوستوك. وبحسب إحصائيات العام الماضي، فقد سافر حجاج يمثلون نحو 70 منطقة وإقليماً من مختلف أنحاء روسيا الاتحادية.
وأصبحت داغستان الإقليم الروسي الوحيد الذي تمكّن في هذا العام من زيادة حصته من الحجاج، حيث بلغت 6200 شخص مقابل 6000 شخص في العام الماضي.
وحصل مجلس المفتين في روسيا في هذا العام على 2500 مقعد، بما في ذلك لمسلمي جمهورية القرم ( 300 شخص). وحصلت الجمهورية الشيشانية على 2600 مقعد، وجمهورية تترستان على 1500 مقعد، وجمهورية إنغوشيتيا على 1400 مقعد، والإدارة المركزية الدينية لمسلمي روسيا على 1100 مقعد، ومركز التنسيق لمسلمي شمال القوقاز على 1100 مقعد.
وظلت حصة روسيا من الحجاج من دون تغيير يذكر (16400 شخص)، غير أن بعثة الحج الروسية توجهت إلى سلطات المملكة العربية السعودية بطلب زيادة حصتها من الحجاج إلى 17 ألف شخص. وتكمن القضية في أن مسلمي شبه جزيرة القرم كانوا في السابق يسافرون إلى الحج ضمن الحصة المخصصة لأوكرانيا، أما الآن فهم يستخدمون جوازات السفر الروسية ويسافرون ضمن بعثة الحج الروسية.
وأدى تراجع سعر صرف الروبل إلى ارتفاع تكاليف رحلة الحج بمرتين تقريباً، بحيث تتراوح ما بين 3 – 5 آلاف دولار، أما في بعض المناطق فتعادل رواتب ستة أشهر، ويشير أصحاب الشركات السياحية إلى أن هذا السبب بالذات عمل على انخفاض الطلب.
وفي حديث لموقع ” روسيا ما وراء العناوين” أشار سعيد محمد من شركة ” المدينة ترافيل” إلى أن “تراجع الطلب يعود إلى انخفاض القدرة الشرائية لدى السكان. ولا يوجد ذلك السيل من الراغبين في السفر كما كان في السنوات السابقة على سبيل المثال، حيث كان الراغبون بالسفر إلى الحج يصطفون بالطوابير، أما في هذا العام فنضطر لإطلاق دعايات إضافية من أجل اجتذاب الناس”.
عن طريق الجو فقط
بسبب تدهور الوضع في الأراضي السورية والتهديدات الإرهابية في المنطقة، فسوف يسافر المسلمون الروس إلى الأماكن المقدسة عن طريق الجو فقط.
ويقول روشان أبياسوف إنه ” بالنسبة للمسافرين إلى الحج في هذا العام، فسوف يحصلون على تذاكر سفر بالطائرة فقط. وفي الوقت نفسه فإننا نشهد وضعاً غير هادئ في سوريا والمناطق الأخرى، ونصحت وزارة الخارجية الروسية بالسفر عن طريق الجو بالتحديد.
وفي بعض المناطق الروسية سوف تنظم رحلات تشارتر لنقل الحجاج مباشرة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة. وجدير بالذكر أن بعض المشغلين السياحيين سوف يستخدمون الرحلات المنتظمة عن طريق بلدان ثالثة.
السكينة الروحية والتنوير
سافر دامر إلى الحج بدعوة من الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف في العام 2010. وقد أصبح ذلك أحد أهم الأحداث في حياته، حيث يقول إن “زيارة المسجد النبوي في المدينة تركت أثراً لا يمحى في ذاكرتي، كان هناك شعور لا يوصف من السكينة الروحية. كما علقت بذاكرتي الزيارة الأولى للكعبة المشرفة، كان ذلك قبيل صلاة الفجر، وعندما دخلت إلى الداخل حيث يوجد الحجر الأسود حلّقت طيور غير عادية وغردت ألحاناً جميلة جداً فامتلأ قلبي بالهدوء، حتى أن عيني أدمعتا”.
من جهته، يعمل رشيد الرشيد منذ أكثر من 15 عاماً في بعثات الحج الروسية ويرافق الحجاج إلى الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، وخلال هذه السنوات أصبح شاهداً على ارتفاع مستوى إعداد المسلمين الروس للحج.
ويقول رشيد إن “المسلمين الروس أصبحوا يسافرون بالطائرات إلى المملكة العربية السعودية منذ زمن قريب، لأن مستوى إعدادهم لم يكن عالياً جداً، مثل حجاج البلدان الأخرى. أما الآن فقد أصبحوا أكثر معرفة واطلاعاً بفضل التدريبات، ومع ذلك فإن مستوى الإعداد ليس عالياً كثيراً، قياساً إلى مسلمي إندونيسيا وماليزيا وتركيا وإيران”.
ويرى رشيد الرشيد أن الحجاج الروس يواجهون صعوبات أكثر من الآخرين، من بينها مناخ المملكة العربية السعودية الحار الذي يصعب على الكثيرين تحمله. ولكن على الرغم من التعب والحشود الضخمة من الناس، والغذاء غير المعتاد بالنسبة للروس، فإن الحجاج يعودون دائماً إلى روسيا بنفسية جيدة وبأمل زيارة الأماكن المقدسة من جديد، علماً بأن كثيرين منهم يتمكنون من تحقيق ذلك.
_____
* المصدر: موقع روسيا ما وراء العناوين.