الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

حكم من تبلغهم الدعوة في المجتمعات الأوربية (1/2)

الأستاذ سالم الشيخي

بعيدا عن التجاذب الفكري الذي رأيناه هذه الأيام من بعد موت العالم البريطاني الفيزيائي الملحد ستيفن هوكينغ، وأنا لست ممن يثبت الإيمان لرجل نذر حياته لإنكار وجود الله، وكذلك لن أجزم بالجنة لأحد ممن قامت عليه الحجة الرسالية التي يعذب منكرها فأنكرها، ولكنني أحب أن أطرح هذا السؤال على الجميع: هل بلغت الدعوة والرسالة النبوية للنبي الخاتم محمد ﷺ التي يعذب منكرها لهذا الرجل وأمثاله؟.

هل قامت عليهم الحجة التي يؤاخذ منكرها وجاحدها؟.

وهل قام أهل الإسلام بالواجب الدعوي والوظيفة الرسالية تجاه هؤلاء وغيرهم؟.

هذه الأسئلة التي ينبغي على أهل الإسلام أن يطرحوها على أنفسهم في مثل هذه المناسبات.

ولمزيد من الفائدة أطرح هنا خلاصة لبعض المباحث من كتابي الذي لم ينشر بعد، وهو بعنوان “حكم من لم تبلغهم الدعوة في المجتمعات الغربية”.

أوّلا: المجتمعات الأوربيّة وحكم أهل الفترة بعد النبي (صلّى الله عليه وسلّم).

الأصل المتّفق عليه بين العلماء الذي دلّت عليه النصوص أنّ الله سبحانه وتعالى لا يعذّب إلّا من أرسل إليه رسولًا تقوم به الحجّة عليه، وعليه فإنّ المقيمين في المجتمعات الأوربية إذا وجد فيهم من تحقّق فيه وصف أهل الفترة وهو عدم تمكّنهم من معرفة دعوة الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- وعدم بلوغها إليهم فهذا داخل في حكم أهل الفترة.

وحكمهم أنّهم معذورون بالفترة في الدنيا، وأمّا مصيرهم في الآخرة فهو على خلاف بين العلماء يضيق ذكره وذكر الراجح بأدلّته في هذه العجالة.

ثانيًا: الحجّة لا تقوم إلا بالحجّة الرساليّة

الصحيح أنّ الحجّة لا تقوم إلا بنذارة الرسل وأنّها لا تقوم بالفطرة والميثاق والعقل، ولذا قال الشنقيطي – رحمه الله-: “والآيات القرآنيّة مصرّحة بكثرة بأنّ الله تعالى لا يعذّب أحدًا حتى يقيم عليه الحجّة بإنذار الرسل، وهو دليل على عدم الاكتفاء بما نصب من الأدلّة وما ركز من الفطرة، فمن ذلك قوله تعالى {وما كنّا معذِّبين حتى نبعث رسولا} فإنّه قال فيها: حتى نبعث رسولًا ولم يقل حتى نخلق عقولًا، وننصب أدلة، ونركز فطرة”.

وعليه فإنّ ما نسمعه بأنّ الحجّة قد قامت على المقيمين في أوربا لأنّهم توصّلوا بالاكتشافات العقلية ما يقيم عليهم الحجة على وحدانية الله، أو أنّ الحجة قد قامت بما فطر الله عليه نفوسهم وبما أخذ عليهم من الميثاق كلام غير صحيح مخالف لما دلّ عليه القرآن بأنّ الحجة التي تعذّب من خالفها هي نذارة الرسل لا غير.

ثالثًا: صور ما تقوم به الحجة في أوربا:

  1. السماع بالإسلام وبنبوة محمد (صلّى الله عليه وسلّم):

لا يشك أحد اليوم بصدق مقولة إنّ العالم أصبح قرية واحدة، وذلك لما حصل من تطوّر في وسائل الاتصال المرئي (الفضائيات) والمسموع والمقروء (الإنترنت) ولهذا التطوّر أصبح الإنسان يظنّ أنّه لا يوجد أحد في أوربا لم يسمع عن الإسلام وعن نبيّه محمّد- صلّى الله عليه وسلّم- بالشكل الصحيح حتى بلغ الأمر بالشيخ سعيد حوّى – رحمه الله – أن قال: (فما من إنسان إلا وقد سمع عن الإسلام ورسوله بواسطة المذياع أو التلفاز أو الكتاب أو المجلة أو المحاضرات أو الدعوة المباشرة أو الخلطة لمسلم)، ثم قال –رحمه الله -: وكان شيخنا الحامد –رحمه الله- يرى أنّ الحجة في عصرنا قد قامت على كل إنسان بما شاع واستفاض عن بعثة محمد (صلّى الله عليه وسلّم) مما يوجب على الإنسان البحث والسؤال، فإذا لم يفعل فهو المقصّر).

وهذا التعميم الذي قاله الشيخ الحامد – رحمه الله- ومن يقولون بقوله مرتكزه يقوم على ظاهر حديث أبي هريرة في الصحيح أنّ النبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال: ” والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار “.

والذي ندين الله به أنّ السماع بالإسلام وبنبينا – صلّى الله عليه وسلّم – على قسمين:

الأول: سماع صحيح تقوم به الحجة: وهو أن يسمع عن الإسلام ونبيه محمد – صلّى الله عليه وسلّم – على الصورة الصحيحة وفقًا للحقيقة التي بعثها الله بها وبصورة واضحة بينة، وبالحد الذي يعلم به أنه مخاطب بهذا الإسلام وبالإيمان به، فإن كان نصرانيًّا وسمع عن الإسلام وعن النبي – صلّى الله عليه وسلّم – وعن خطاب الإسلام للنصارى بوجوب الإيمان بالله ورسله وعدم التفريق بين أحد منهم، وأنه مخاطب بذلك مع كشف ما عليه اعتقاد النصارى من باطل كما خاطب الله تعالى النصارى في كتابه، وهكذا الشأن في اليهود أو غيرهم ممن هم على غير ملة الإسلام، فهؤلاء تكون الحجة قد قامت عليهم إذا كان سماعهم على هذه الصورة، وهذا لا يعني الإطالة أو الشرح المفصل لمفردات الإسلام، بل يعني بلوغ الحد الأدنى من معنى الإسلام وخطابه العالمي وإزاحة الغمامة من على ذهن السامع وعقله.

الثاني: سماع مشوه عن الإسلام لا تقوم به الحجة: وهو بلوغ صورة الإسلام وحقيقته على شكل مشوّه إمّا عن طريق أعداء الإسلام كالذي يسمعه النصارى من رهبانهم وهو أنّ الإسلام ملّة كفر وضلال، أو على أحسن الأحوال أنّه دين العرب خاصّة، أو أنّه دين الإرهاب والقتل ودين التخلف أو غير ذلك، فهذا السماع لا تقوم به الحجّة، فهو سماع عن دين آخر غير الإسلام الذي جاء به محمد – صلّى الله عليه وسلّم – ولا تتوفر فيه مواصفات الحجّة الرساليّة التي يعذّب الله من خالفها.

ويمكن أن يستدلّ على التفريق بين نوعي السماع بقصة النجاشي وهجرة الصحابة إلى الحبشة، فقد تحقق في هذه القصة سماع مشوّه عن الإسلام ثمّ سماع صحيح، وهي القصّة التي ترويها أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة زوج رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – فقد قالت: (لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا فيها خير جار النجاشي، أمنّا على ديننا وعبدنا الله تعالى لا نؤذى، ولا نسمع شيئًا نكرهه، فلمّا بلغ ذلك قريشا ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جلدين، وأن يهدوا النجاشي هدايا… ثم إنهما قدما هداياهما إلى النجاشي، فقبلها منهما، ثم كلماه فقالا له: أيها الملك إنه قد ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه، قالت: ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص أن يسمع كلامهم النجاشي، قالت: فقال بطارقته حوله: صدقا أيها الملك، قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فأسملهم إليهما… فقال لهم -النجاشي للمسلمين-: ما هذا الذي فارقتم به قومكم، ولم تدخلوا به في ديني، ولا في دين أحد من هذه الملل؟ فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب. فقال له: أيها الملك كنّا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار،… وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام… قالت: فلما دخلوا عليه، قال لهم: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم؟ قالت: فقال جعفر: نقول فيه الذي جاء به نبينا  يقول: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاه إلى مريم العذراء البتول…).

فانظر معي أخي القارئ إلى الصورة المشوّهة التي قدّمها عمرو بن العاص وصاحبه بقولهم: (فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين ابتدعوه،…) فهل يقول أحد بأنّ هذه الصورة التي سمعها النجاشي قد قامت بها الحجّة عليه؟ وهل تتوافر فيها شروط الحجة الرساليّة التي من خالفها كان جزاؤه النار؟ ثمّ انظر إلى الصورة التي قدّمها جعفر بن أبي طالب وكيف هي مع إيجازها واختصارها إلّا أنها كافية في إقامة الحجة لما فيها من البيان لحقيقة هذا الدين، ولما جاء به محمد – صلّى الله عليه وسلّم – ولموقف الإسلام الواضح من حقيقة عيسى عليه أفضل الصلاة والتسليم.

  1. الاختلاط بالمسلمين:

يقدّر عدد المسلمين في أوربا بأكثر من خمسة وأربعين مليونًا، وهذا الوجود للمسلمين في أوربا يزداد في كلّ يوم كما هو مشاهد للعيان، وذلك بسبب الهجرة المتزايدة إلى أوربا التي تكون بسبب الأوضاع السياسيّة أو الاقتصاديّة أو الاجتماعيّة في أوطانهم أو تكون الزيادة بسبب اعتناق أهل البلاد في الأصل للإسلام.

فهل هذا الوجود للمسلمين بين ظهراني غير المسلمين في أوربا حجّة قائمة عليهم يحاسبون على أساسها؟ وللإجابة على هذا السؤال نمهّد بالآتي:

وجود المسلمين في هذه البلاد ينقسم -بحسب أثره في الواقع من حوله- إلى قسمين:

القسم الأول: الوجود الإيجابي:

وهو الوجود الذي يعطي صورة مشرقة عن الإسلام، ويكون لسان حال في تبليغ دعوة الإسلام يعدل لسان المقال وزيادة، بحيث يعلم كل من يقيم بين هؤلاء المسلمين بأنّ لهم دينًا اسمه الإسلام يدعو إلى توحيد الله عزّ وجلّ وإلى سعادة الدنيا والآخرة، وأنّ لهم نبيًّا اسمه محمد – صلّى الله عليه وسلّم – جاء خاتمًا للأنبياء ومصدّقًا لما بين أيديهم من الهدى، بعثه الله للناس كافّة، وهذه الدعوة تظهر علامات التمسّك بالإسلام وتعاليمه ما يوحي بالثقة في المسلمين ومعرفة ما عندهم من الهدى والنور ليمهد السبيل بعد ذك لدعوة هؤلاء إلى الإسلام.

القسم الثاني: الوجود السلبي:

وهو الوجود الذي يعطي صورة مشوّهة عن الإسلام ويتسبّب في الصدّ عن سبيل الله، وهذا يكون من خلال التصرّفات والأخلاقيات البعيدة عن تعاليم الإسلام إمّا على مستوى الأفراد أو على مستوى التجمّعات والمؤسسات.

فتفرُّق المسلمين وتنازعهم، وعدم ظهورهم بصوت واحد أمام غيرهم هو من الصورة المشوّهة عن الإسلام دين الوحدة والأخوّة، وكذلك انحراف بعض المسلمين الأخلاقي عن هدي الإسلام كما يفعل من يتسكّعون في الشوارع سكارى معربدين في أفضل أيام الله وهي أيام العيد، وبائعي الحشيش والمخدرات الذين يملؤون السجون في هذه البلاد، أو ما يحدث من سرقات على يد أكثر ناس يفترض أن يمثّلوا الإسلام، كلّ هذا من الصورة المشوّهة عن الإسلام وصدّ عن سبيل الله.

بعد هذه القسمة يكون الجواب عن السؤال المطروح: هل وجود المسلمين بين ظهراني أهل الملل الأخرى حجة قامت على المقيمين في ديار أوربا أم لا؟.

والجواب عن هذا السؤال هو على النحو الآتي:

أوّلًا: الأصل أنّ مجرد وجود المسلمين بين أظهر غير المسلمين لا يعدّ حجّة إلا إذا توجّه هؤلاء المسلمون إلى غيرهم بالدعوة وتبيين الهدى والنور الذي معهم، ولو كان مجرّد الوجود والمعايشة حجّة لما أُمر النبي – صلّى الله عليه وسلّم – بإبلاغ الدعوة والجهر بها، إذ هم كانوا يمثّلون قلّة في وسط أكثرية أهل مكّة.

ثانيًا: أنّ هذا الوجود للمسلمين لم يؤدّ دوره، فالمسلمون مشغولون عن قضيّة الدعوة إلى الإسلام إلّا القليل منهم ممن لم يتحقّق بهم الواجب الشرعي المتعلّق بحكم الدعوة إلى الله، ثم عدا ذلك فإنّ هذا الوجود وهذه المعايشة في أغلبه سلبيّ يشوّه صورة الإسلام ويعمل بلسان حاله عن صدّ الناس عن دين الله.

ولذا فإنّي أقول إنّ وجود المسلمين بين ظهراني غير المسلمين لا يعدّ حجّة بإطلاق، وإنّما يعود ذلك إلى اختلاف الزمان والمكان والصورة التي عليها أهل الإسلام في ذلك.

3- بلوغ القرآن المترجم:

من بلغه القرآن الكريم فقد بلغته الحجّة التي تبطل الأعذار، وتوجب على مخالفها ومعاندها عذاب النار، وذلك لقوله تعالى: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}، (الأنعام، 19 )، وبالنظر إلى تفسير هذه الآية يتبيّن المعنى المراد.

قال ابن كثير رحمه الله: “أي هو نذير لكل من بلغه كقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ }، (هود:17 )… عن محمد بن كعب في قوله “ومن بلغ” من بلغه القرآن فكأنما رأى النبي (صلّى الله عليه وسلّم). زاد أبو خالد (وكلمه…) وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى “لأنذركم به ومن بلغ” أن رسول الله قال: (بلغوا عن الله فمن بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله)، وقال الربيع بن أنس: حق على من اتبع رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أن يدعو كالذي دعا رسل الله (صلّى الله عليه وسلّم) وأن ينذر بالذي أنذر).

وقال الشنقيطي رحمه الله: (صرح في هذه الآية الكرية بأنّه – صلّى الله عليه وسلّم- منذر لكلّ من بلغه هذا القرآن العظيم كائنًا من كان، ويفهم من الآية أنّ الإنذار به عام لكلّ من بلغه وأنّ كل من بلغه ولم يؤمن به فهو في النار، وهو كذلك. أمّا عموم إنذاره لكلّ من بلغه، فقد دلّت عليه آيات أخر أيضًا كقوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} ( الأعراف: 158)، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (سبأ: 28)، وأمّا دخول من لم يؤمن به النار، فقد صرّح به تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ }، (هود:17 )، وأمّا من لم تبلغه دعوة الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) فله حكم أهل الفترة الذين لم يأتهم رسول”.

وإذا كان من المقرّر عند أهل العلم أنّ من صفة الحجّة أو شروط قيامها أن تكون بلغة المخاطب، كما قال ابن تيمية – رحمه الله -: (ومعلوم أنّ الأمة مأمورة بتبليغ القرآن لفظه ومعناه، كما أمر بذلك الرسول ولا يكون تبليغ رسالة الله إلا كذلك، وأن تبليغه إلى العجم قد يحاج إلى ترجمة لهم، فيترجم لهم بحسب الإمكان، والترجمة قد تحتاج إلى ضرب أمثال لتصوير المعاني، فيكون ذلك من تمام الترجمة). وقال- رحمه الله- أيضًا: ” وقوله تعالى: { فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ }، (التوبة: 6) قد علم أنّ المراد أن يسمعه سمعًا يتمكّن معه من فهم معناه، إذ المقصود لا يقوم بمجرّد لفظ لا يتمكّن معه من فهم المعنى، فلو كان غير عربي لوجب أن يترجم له ما تقوم به عليه الحجة).

فإنّنا نقول: إنّ من بلغته آيات من القرآن الكريم مترجمة بلغته، فيها ما يبيّن له وجوب الإيمان بالله تعالى ربًّا وإلهًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمّد – صلّى الله عليه وسلّم- نبيًّا ورسولًا وأنّه مخاطب بكل ذلك، فقد قامت عليه الحجّة الرساليّة، فإن من آمن بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد – صلّى الله عليه وسلّم- نبيًّا ورسولًا كان من أهل النجاة، وإن أصرّ على كفره ومات على ذلك فهو من أهل النار.

فهذا حال من بلغه بعض القرآن، فكيف بمن بلغه القرآن كلّه واطّلع عليه؟ بل ودرسه كما يفعل كثير من المثقفين وطلاب العلم في هذه البلاد، فهؤلاء جميعًا قد قامت عليهم الحجّة.

(منشور على صفحة الشيخ سالم على الفيسبوك).

 

مواضيع ذات صلة