خالد شمت-برلين
تدعو القيادية الجديدة بحركة بيغيدا “كاترين أورتيل” أمام 17 ألفا من مؤيديها، لطرد الإسلاميين و”المتطرفين المسلمين”. ويرد المؤيدون بلافتات كتب عليها “لا للأسلمة” و”أوقفوا مجتمع التعدد الثقافي.. الألمانية هويتنا” و”لا حاجة لنا ببيوت جديدة للاجئين” و”لا.. لمقاطعة روسيا”.
مشهد تكرر في 13 مظاهرة نظمتها حركة “وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب” (بيغيدا) حتى باتت شعاراتها مكررة ودعواتها لا جديد فيها، وتراجع زخمها، الأمر الذي جعل المراقبين يطرحون سؤالا: هل أفلست بيغيدا؟
أورتيل التي استلمت القيادة بعد استقالة مؤسسها لوتس باخمان الأسبوع الماضي إثر الكشف عن صورة للزعيم النازي هتلر وتصريحات معادية للأجانب، طالبت أيضا -في كلمتها خلال المظاهرة بمدينة دريسدن عاصمة ولاية سكسونيا شرقي ألمانيا- باعتماد نظام الاستفتاءات الشعبية على غرار ما يجرى في سويسرا.
وأطلقت الزعيمة الجديدة سهام انتقادات حركتها مجددا للإعلام الألماني وسياسة بلادها، فوصفت الأول بـ”صحافة الأكاذيب” والثانية بالفاشلة، وطالبت بالتحكم بالهجرة القادمة للبلاد، كما نفت أورتيل تقارير إعلامية تشير إلى ارتباط بيغيدا بحزب “بديل لألمانيا” الذي تحول مؤخرا من العداء لليورو والاتحاد الأوروبي، إلى التعبير عن موقف رافض للإسلام وانتمائه لألمانيا.
ورغم انفتاح حركة بيغيدا نسبيا على الإعلام، تعرض صحفيون كثر غطوا مظاهرة الحركة أمس الأحد لمضايقات مختلفة، ولم تكن الجزيرة نت استثناء حيث تعرض مراسلها لسيل من الشتائم، كما رفض معظم من سعت الجزيرة نت لاستطلاع آرائهم، التصوير أو الإشارة لأسمائهم.
مشارك بالمظاهرة “خوفا من الإسلام ورفضا لأسلمة ألمانيا” (الجزيرة).
مسيحية المجتمع
رينيه -الذي قال إنه قيادي في بيغيدا- مثّل استثناءً من بين المتظاهرين، فتحدث أمام الكاميرات موجها انتقادات قاسية للمستشارة أنجيلا ميركل وهاجم سياستها المقاطعة لروسيا، وإعلانها أن الإسلام جزء من ألمانيا.
ورد متظاهرون آخرون بالصور واللافتات على سؤالهم عن سبب مشاركتهم بمظاهرة بيغيدا، فرفع الأول صورة لغلاف عدد لمجلة دير شبيغل صادر عام 2007 يحذر من أسلمة ألمانيا، وأشار الثاني للافتة عبر فيها عن رفضه السماح للمسلمين “بذبح الحيوانات”.
وشدد سلفيو روسلر (أحد المتظاهرين) على الهوية المسيحية للمجتمع الألماني، ووجدت كلمات روسلر صدى لها لدى سيدة ستينية، قالت إنها حريصة على المشاركة بمظاهرات بيغيدا للتعبير عن رفضها “للأسلمة” وأي مواجهة مع روسيا ولاستقدام لاجئين للبلاد، واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء بالمجتمع.
وأشارت إلى أن خوفها من الأسلمة والإسلام مبني على تقارير إعلامية حول آلاف العائلات اللبنانية الكردية الكبيرة “الممثلة لمجتمعات موازية، وتمارس الإجرام وترفض الخضوع للقانون في برلين، وهامبورغ وبريمن”.
ويقحم متظاهر نفسه في حديث السيدة مع الجزيرة نت، ليؤكد أنه لا يقبل “البعد الأيديولوجي والربط بين الدين والدولة في الإسلام” ويقول “إن آيات من القرآن الكريم تمثل له مشكلة”.
الإسلام و”الإرهاب”
ولم يختلف الأمر عند شابة بالعشرينات، قالت إنها لا تملك خبرة مباشرة مع المسلمين، غير أنها ترى أنهم يحاولون التأثير على المجتمع الألماني لتحقيق أهداف سياسية، ودعت الساسة للصراحة وكسر المحرمات في الحديث حول الهجرة والإسلام، والتوقف عن نفي ارتباط “الإسلام بالإرهاب”.
واعتبر ماكس فولف (أخصائي طب نفسي) أن أنصار بيغيدا لديهم بالدرجة الأولى مشكلة مع الإسلام الذين يرون فيه “دينا غريبا مثيرا للمخاوف” ورأى أن تراجع أعداد المشاركين بمظاهراتهم لا يؤشر إلى اندثار الحركة.
وضمن تداعيات الجدل الدائر بألمانيا حول مظاهرات بيغيدا، دخل المجلس المركزي لليهود على الخط ليحذر من خطورة الحركة المعادية للإسلام، والتصورات التي تعكسها. كما شددت رئيسة حزب الخضر المعارض سيمونا بيتر على رفضها لأي حوار مع بيغيدا، وقالت للجزيرة نت إنه ليس هناك أي فرصة للحوار مع أشخاص يروجون للأحكام الجزافية السلبية حول المسلمين واللاجئين ويثيرون أجواء العداء للأجانب وعدم التسامح.
وغير بعيد عن مكان تظاهر بيغيدا بدريسدن أمس، اندلع جدل حاد ببرلمان ولاية سكسونيا، حول إعلان رئيس وزرائها سنسيلاف تشيلش أن الإسلام ليس جزءا من مجتمع سكسونيا.
وعبر تشيلش المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي بهذا الموقف عن معارضته لتأكيد رئيسة الحزب المستشارة ميركل أن الإسلام ينتمي لألمانيا.
——–
* المصدر: موقع الجزيرة.نت.