القائمة الرئيسية
 الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس
أكاديمية سبيلي Sabeeli Academy

مؤتمر توحيد التقويم الهجري الدولي.. توصيات ومقترحات

فريق التحرير

انعقد مؤتمر توحيد التقويم الهجري الدولي بإستانبول في الفترة 21 – 23 شعبان 1437ه الموافق 28 – 30 مايو 2016م، بهدف معالجة موضوع التقويم الهجري في العالم الإسلامي. وشارك فيه فقهاء وفلكيون من أكثر من ستين دولة، إضافة إلى مشاركة رسمية تركية.

مؤتمر توحيد التقويم

يدعو المؤتمر إلى تقويم هجري عالمي واحد

وفيما يلي نص البيان الختامي الذي صدر عن المؤتمر متضمنا أبرز المقترحات والتوصيات في هذا المجال.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا فقدره منازل لنعلم عدد السنين والحساب، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة اللعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد:

فقد شاء الله تعالى أن يربط معظم العبادات الشعائرية بأزمان محددة أوائلُها وأواخرُها، مثل الصلوات والزكاة والصيام والحج، ولكن بعضها مرتبط بالأهلة مثل الصيام، والحج والزكاة، وبعضها بحركة الشمس مثل الصلوات الخمس التي نظمت في كل بلد أوقاتها حسب التقاويم المعتمدة فيه.

وأما ما يتعلق بالصيام والحج والزكاة فقد وقع فيها خلاف كبير في تحديد أوائلها وأواخرها، وبخاصة الصيام حيث يثور حوله جدل كبير حول الاعتماد على الرؤية المجردة وحدها، أم على الحساب الفلكي وحده، أم على كليهما، وهل الحساب الفلكي يكون حجة في الإثبات والنفي أو في النفي فقط أو ليس بحجة مطلقا؟!

مجموعة من الأسئلة تتكرر سنوياً، وليست مجرد إثارة فقط، بل لها آثار عملية على التطبيق حتى نجد أن الاختلاف بين أيام الصيام أو الفطر يكون في البلد الواحد، ولا سيما بين الأقليات الإسلامية، قد يصل إلى ثلاثة أيام، كما أنه يترتب على ذلك حرمان بعض المسلمين في تلك البلاد غير الإسلامية من عطلة يوم العيد، لأن الدولة لا يمكنها منح أكثر من يوم، وعلاوة على ذلك فإن هذه الاختلافات غير المبررة أعطت صورة مشوهة عن حقيقة الإسلام الذي يحرص أشد الحرص على توحيد الأمة في مشاعرها وشعائرها بقدر الإمكان.

ومن جانب آخر فإن هذه الشعائر التعبدية لها مقاصدها الروحية من التزكية والصفاء والنقاء والارتقاء؛ فكادت هذه الاختلافات النابعة من الاهتمام بالمظاهر أن تفقد أبعادها الروحية؛ فقد قال سبحانه وتعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُم تُفْلِحُونَ﴾ فبين الله تعالى دور الأهلة في بيان المواقيت ولكنه بعد ذلك أكد على أهمية مقاصد العبادات من تحقيق التقوى وعدم الوقوف عند المظاهر فحسب.

إن المسلمين قد أولوا عنايتهم بالهلال منذ عصر الرسالة إلى اليوم وازداد الاهتمام به في عصرنا الحاضر الذي تطورت فيه علوم الفلك والفضاء تطورا هائلا حتى استطاعت أن توصِل الإنسانَ إلى القمر وفق برنامج دقيق كما تطورت وسائل المواصلات وتقنيات التواصل حتى أصبح العالم بمثابة قرية واحدة ولذلك أولت المجامع الفقهية العناية الكبرى بهذه القضية منذ أكثر من خمسين عاما فعقدت فيها المؤتمرات والندوات والحلقات العلمية التي جمعت بين علماء الفقه الإسلامي والفلك وصدرت منها قرارات وتوصيات منها: مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف عام 1966م. ومؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الكويت عام 1973، ومؤتمر إستانبول عام 1978، ومؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الدولي عام 1986، ومؤتمر المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث عام 2009، ومؤتمر مجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي 2012.

وقد توصلت المجامع الفقهية والمؤتمرات العلمية إلى مجموعة من المبادئ العظيمة منها: الاعتماد على الرؤية سواء كانت بالعين المجردة أم بأجهزة الرصد، ومنها عدم الاعتبار باختلاف المطالع، ومنها أن علم الفلك والحساب وصل درجة عالية من الدقة وكل ما يتعلق بحركة الكواكب وبخاصة حركات القمر والشمس كما أن من توصياتها المؤكدة تشكيل هيئة للرصد وللقيام بتقويم هجري عالمي.

وبناء على ما سبق وتحقيقا للمقاصد العامة للشريعة الإسلامية قررت رئاسة الشؤون الدينية لجمهورية تركيا القيام بهذا الواجب فقامت بتشكيل لجنة علمية من المتخصصين في علوم الشريعة والفلك والحساب، فقامت بندوة متخصصة حول الأسس والمعايير والقواعد الشرعية والفلكية، وانتهت إلى أن المطلوب اليوم هو الخروج من عالم الجدل والتنظير والتأطير إلى الواقع والعمل من خلال تقويم هجري عالمي تتحقق فيه الضوابط الشرعية من الرؤية الشرعية ويتوافر منه الشرطان الأساسيان وهما:

أ‌. ألا يؤدي إلى الدخول في الشهر القمري والهلال لم يولد بعد.

ب‌. وجوب الإعلان عن بداية الشهر القمري وعدم تأجيله مع رؤية الهلال وضوحا للعيان.

وقد اجتمعت اللجنة لتحقيق هذه الأهداف طوال ثلاث سنوات (2013 – 2016) خمسة اجتماعات مكثفة ناقش فيها القرارات والتوصيات الصادرة عن المجامع والمؤتمرات والندوات الفقهية السابقة طوال أكثر من خمسين عاما، كما ناقش بالتفصيل التقاويم ومشاريعها المقدمة إليها أو المتوافرة أساسا لدى بعض أعضائها حيث توصلت إلى اعتماد تقويمين أحدهما التقويم الأحادي والثاني التقويم الثنائي اللذين عرضا على هذا المؤتمر، وتم اختيار التقويم كما صدرت منه القرارات والتوصيات الآتية:

  1. يؤكد المؤتمر على قرارات المجامع والمؤتمرات الفقهية السابقة، ومن أهمها قرارات مؤتمر مجمع البحوث العلمية عام 1966، ومؤتمر كويت عام 1973، ومؤتمر إستانبول عام 1978، ومؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الدولي، والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث عام 2009، ومؤتمر رابطة العالم الإسلامي عام 2012 التي أقرت مجموعة من المبادئ والمعايير الأساسية، ومن أهمها: أن الأصل في ثبوت دخول الشهر هو رؤية الهلال سواء تمت بالعين المجردة أو بالاستعانة بالمراصد والأجهزة الفلكية الحديثة، وعدم الاعتراف باختلاف المطالع.
  2. اختيار التقويم الأحادي ليكون التقويم الهجري الدولي المعتمد، وبذلك يكون أمام العالم تقويم هجري واحد، وقد اعتمد التقويم على إمكانية الرؤية في العالم سواء كانت بالعين المجردة أم بأجهزة الرصد دون الاعتداد باختلاف المطالع كما هو المعتمد لدى جمهور الفقهاء ومعظم المجامع الفقهية وعلى المعايير الفلكية والضوابط الفقهية المعتمدة بحيث لا يتعارض مع أي نص شرعي أو قاعدة فلكية قطعية، وذلك وفقا على ما يلي:

فوائد هذا التقويم وآثاره:

إن هذا التقويم يحقق مصالح كبيرة للمسلمين منه خلال توحيد شعارهم وصيامهم وأعيادهم والقضاء على التفرق الذي يجاوز الحدود المعقولة بين المسلمين وخاصة بين الأقليات المسلمة؛ حيث قد تصل الاختلافات حول الصيام أو العيد داخل دولة واحدة إلى ثلاثة أيام بل وصل الخلاف إلى أن يقف الحجاج بعرفة في يوم التاسع من ذي الحجة وأهل بلدهم يعتبره اليوم الثامن أو السابع. فهذا الدين هو دين التوحيد الذي جعل الوحدة فريضة شرعية وضرورة واقعية، كما أن التقويم المنضبط المحدد للأعياد والصيام ونحوهما يساعد الأقلية الإسلامية للحصول على عطلهم في الأعياد، ويساعدهم في تقديم دينهم العظيم بأنه يحترم العلم بل ينسجم معه، كيف لا وأول آية وسورة تبدأ بالأمر بالقراءة والبحث عن العلم؟.

  1. يطالب المؤتمر الأقليات الإسلامية في أوروبا وأمريكا ونحوهما أن تعمل بهذا التقويم توحيدا لشعائرهم وأعيادهم ومشاعرهم، كما يطالب الدول الإسلامية التي لها مرجعياتها الشرعية بالنظر في هذا التقويم واعتماده لما في ذلك من تحقيق المصالح ودرء المفاسد وتوحيد الشعائر والمشاعر.
  2. يطالب المؤتمر رئاسة الشؤون الدينية التركية بتشكيل لجان لتحقيق مقرارات هذا المؤتمر وفقا لما يأتي:

أ‌. تكليف اللجنة العلمية بوضع تقويم أحادي لمدة عشر سنوات يطبع ويوزع على العالم.

ب‌. تشكيل لجنة للمتابعة تقوم بالرصد وتلقي الملاحظات.

ت‌. تشكيل لجنة للتعليم والإعلام لنشر ثقافة التقويم الهجري الموحد.

التوصيات

  1. يوصي المؤتمر الجهات المسؤولة عن الشؤون الإسلامية في الدول الإسلامية بتبني هذا التقويم والقيام بتوحيد بدايات الشهور الهجرية في ضوئه.
  2. يوصي المؤتمر أصحاب التقاويم في العالم الإسلامي باعتماد هذا التقويم ليتحقق للمسلمين تقويم واحد يعبر عن حضارتهم وهويتهم ويوحد شعائرهم ومشاعرهم.

3. سعيا لتوحيد المسلمين في أوروبا، وتحقيقا لوحدتهم، وخدمة لمصالحهم، وتجنيبهم مخاطر التفرقة والاختلاف -وبخاصة في القضايا الإسلامية المهمة كتحديد المواقيت الشرعية وبداية الأشهر القمرية- يوصي المؤتمر المسلمين الذين يعيشون في بلاد غير إسلامية بأن يتحدوا على كلمة سواء من خلال الاعتماد على تقويم واحد؛ حيث لا يجوز شرعا اختلاف أهل بلد واحد حول صيامهم وأعيادهم بل يجب عليهم الالتزام بما يصدر عن مرجعيتهم الشرعية كالمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ومجلس الفقه الإسلامي لشمال أمريكا والشؤون الدينية التركية في ذلك البلد، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون”.
4- يوصي المؤتمر رئاسة الشؤون الدينية بجمهورية تركيا القيام بتقديم هذا التقويم إلى رئاسة منظمة التعاون الإسلامي لعرضه على الدول الإسلامية للنظر فيه ودراسته للوصول إلى اعتماده ليكون للعالم الإسلامي تقويمه الموحد الخاص به.

مواضيع ذات صلة