مرعيد عبد الله الشمري
تأملت في برنامج التواصل الاجتماعي (تويتر) فاستفدت منه بعض الوقفات التربوية التي يراها الإنسان خلال استعمال هذا البرنامج إما على نفسه أو على الناس فأحببت أن أذكر نفسي وأحبابي بها عل الله أن ينفع بها الجميع وهي:
أولا: أنك قد ترى بعض الناس ممن هم أكبر منك سنا أو قدرا أو علما يتابعون تغريداتك في تويتر وهذا يدل على سمو بعض النفوس بتواضعها وطلبها للفائدة عند من هو دونهم، وتحقيقا لسنة الله في المتواضعين أن يعلي في القلوب منزلتهم ومكانهم وهذا ما يلمسه كل مغرد تجاه هؤلاء العظماء الذين يتواجدون معه ويتابعونه.
ثانيا: الحرص على كثرة الأتباع للتفاخر والتباهي لا لقصد الإفادة، وهذه من مداخل الشيطان على العبد في فتنة الشهرة التي يغوي بها الإنسان، لكن إن جاءت هذه الشهرة من غير طلب لها فلا بأس، أما أن يسعى لها ويتفقد المتابعين له ما بين فترة وأخرى يحزن لنقصهم ويفرح لكثرتهم فهذا دليل على وجود مرض في قلب العبد والعياذ بالله.
وليقتدِ بابن مسعود رضي الله عنه عندما قال لأناس يتبعونه ليس لهم حاجة: “ارجعوا فإنه فتنة للمتبوع وذلة للتابع” أما إذا كان المتبوع يفيد ولا ينظر لهذه الخواطر والتابع يستفيد فلا بأس.
بل إن البعض يطلب منك إضافته بكل جرأة ويبتكر الوسائل والطرق لجذب أكبر عدد ممكن من المتابعين وهذا كله داخل في هذا الباب نسأل الله أن يحمينا وإياكم منه.
ثالثا: (هل تغرد خارج السرب؟) تحتمل هذه الكلمة معنيين فإما أن يكون المعنى أن الإنسان يشذ عن الجماعة ويأتي بأشياء تخالف الشرع والفطرة والعقل في أشياء متفق عليها بين المسلمين فعلى هذا المعنى يكون أمرا مذموما ومحرما، وعلى المعنى الثاني أن يأتي بأشياء فيها تجديد وابتكار يخرج منها المغرد عن سربه الذي تعود أن يسمع منه المعلومة بطريقة تقليدية لكنه يأتي بها بأسلوب يأسر العين والقلب ليقف معها المتابع مكبرا لها أو مفضلا لها أو معيدا لإرسالها، فهذه طريقة محمودة بل ينبغي للمغرد في هذا البرنامج أن يتحلى بها ويمارسها.
رابعا: أن تكون ذنَبا في الحق أفضل من أن تكون رأسا في الباطل، ينبغي أن تكون في حسبان كل مغرد في تويتر هذه الجملة، فالبعض يحاول أن يجذب انتباه الناس إليه بكل طريقة حتى ولو كانت تخالف الشرع، وما نحن عن قضية بعض الشباب الذين تطاولوا على الرسول عليه السلام ببعيد، فالمهم أن يعرف الاسم وأن يكثر المتابعون وأن تتناقل صفحات تويتر هذه التغريدات البائسة حتى لو خسر أعز ما يملك وهو دينه لكن البعض للأسف يريد أن يكون رأسا في الباطل أفضل من أن يكون ذنبا في الحق.
ولا شك أن تكون رأسا في الحق أفضل من أن تكون ذنبا فيه نسأل الله من فضله و كرمه.
خامسا: لا تثرب على أي إنسان طريقته في هذا البرنامج، فالبعض لا يحب أن يكثر من متابعة الناس والبعض الآخر لا يرغب الإكثار من إعادة إرسال التغريدات التي تصل إليه وأناس يقتصرون في حسابهم بتويتر على كتاباتهم فقط وهناك من الناس من لا يرسل الروابط ويكتفي بكتابة الجمل فقط وهناك العكس، فلكل وجهة قد اتخذها وتناسبت معه، وهذا من باب اختلاف التنوع الذي يثري ساحة تويتر بكل مفيد بشكل منوع.
سادسا: مراعاة مشاعر المتابعين لك، فقد يتابعك أناس من قبائل متنوعة فليس من الأدب أن تأتي بمفاخر قبيلتك وإن كانت حقا، كذلك قد يتابعك نساء فليس من اللائق أن تطرح قضايا لا تناسبهن وغيرهن من أصناف المتابعين، فالحكيم من يعي هذه الأمور جيدا.
سابعا: هذا البرنامج هو عبارة عن تواصل اجتماعي عبر التقنية الحديثة فلا يشغلك عن التواصل الحقيقي على أرض الواقع مع الناس والأرحام والأقارب، فتجد البعض تواصله مع أقاربه قليل لكنه في صفحات تويتر يمكث الساعات الطوال في التواصل، والبعض الآخر حتى لو تواصل مع أقاربه وحضر عندهم تجد هذا البرنامج في يده حاضرا وينشغل به عن جلسائه للأسف وهذا مما ينافي أدب المجالس.
ثامنا: من فوائد وحسنات تويتر أنه غرس في الناس الشجاعة الأدبية في أن يقولوا ما يريدون التعبير عنه بكل شجاعة وصراحة وبأسمائهم الحقيقية، لكنه مع ذلك أظهر لنا أشخاصا كنا نسمع عنهم ولا نعرف عنهم إلا القليل فأتى هذا البرنامج ليكشف لنا بعض الحقائق والأشخاص، فشكرا تويتر لقد أظهرت المستور من الأخلاق والأفكار والاتجاهات وغيرها.
وأستطيع أن أقول: إن تويتر مثل السفر يسفر عن وجوه الرجال.
تاسعا: إرضاء جميع الناس غاية لا تدرك ويعتبر من الأشياء المستحيلة، فالزم ما تعتقد صوابه وقله ولا تبالي بكلام الناس إذا كان ذلك ضمن حدود الشرع المطهر والأخلاق والعرف.
واحذر أن ترضي الناس بسخط الله، فالبعض يكتب أمورا مخالفة وهو يعلم أنها خاطئة وربما لم يقتنع بما يكتبه لكنه يرضي بذلك متابعيه حتى لا يخسرهم، إن البعض يرى بعين الازدراء لمن يداهن المسؤولين والكبار ويوافقهم على خطأهم ويغفل عن الذين يداهنون الجماهير ويكتبون ما يوافق ميول الناس وإن كان خطئا، وكلا الأمرين مذموم.
فالواجب أن يكتب الإنسان ما يعتقد صوابه حقا ولا يستوحش من كثرة المعارضين.
عاشرا: الإخلاص لله في كل ما تكتب، فلعل كلمة تكتبها تبلغ الآفاق ينفع الله بها أناس هم في أمس الحاجة لبلسمها وقد تكتب كلمة تداوي مجروحا أو تحيي ميتا أو تنبه غافلا أو تشد عزيمة أو تحل مشكلة، وقد يرجع ذلك إلى إخلاصك لله في هذه الكلمة التي كتبتها فنفع الله بها وبلغت منازل لا يمكن تصورها فتكون سببا لسعادتك الأبدية.
وإن بعض الكلمات التي تصل من بعض المغردين، لتراها والله تنبض بالإخلاص بسبب القبول الذي كتب لها وهذا من القرائن التي تدل على الإخلاص لله.
وقد يكون هناك بعض الوقفات المهمة التي لم أذكرها أو نسيتها فليعذرني الأحباب فهذا ما خطر لي في كتابة هذا الموضوع.
نسأل الله النفع للجميع وأن يبارك فيما نكتب وأن يسدد أقوالنا وأفعالنا وكتاباتنا للحق ونصرته.
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
—-
المصدر: موقع يا له من دين.