مرشد الحيالي
يَقْبح من الإنسان العاقلِ أن يُخالف قولَه فِعْلُه، ولسانَه بيانُه، وكلامَه عمَلُه، وهو من الخطيب -الَّذي يُوجِّه ويَنْصَح ويُذكِّر- أقبَحُ وأشنع؛ لِما في ذلك من الأثر السيِّئ على مَن ينصحهم ويَدْعوهم، ورُبَّما حمَلَهم على النُّفور مِن تعاليم الإسلام، وفي رأيي أنَّ مُخالَفة الخطيب لما يَقوله ويدعو إليه يَنْشأ من أمرين:
1- أن تَكُون الخُطَب جاهزةً، يَقوم بإلقائها وإن خالفَ مضمونَها، أو تسند الخطابة والوَعْظ إلى غير الكُفْء، ومن لا يَصْلح لتلك المُهِمَّة والمسؤوليَّة؛ نظرًا إلى كثرة المساجد، ومُحاولة لسدِّ النقص وإتمامه الحاصل في الكادر الوظيفي.
2- أن يكون الخطيب متفوِّقًا في الجانب العِلْمي النَّظَري، ولكنَّه في الجانب التربويِّ -التربية على مَعالي الأمور- مُهمِلاً؛ لظنِّه أن المنبر فرصةٌ لإظهار قدرته البيانيَّة، وموهبته الخطابيَّة، بِغَضِّ النظر عن تطبيقه، وامتثال القدوة الحسنة في الدَّعوة، وهذا البحث ليس دعوةً لأنْ يكون الخطيبُ مُبَرَّأً من العيوب، معصومًا من الذُّنوب؛ بل محاولة لِمَدِّ يد العون والمساعدة لتقويم السُّلوك، وتصحيح الأَخْطاء؛ لِتُؤتي الخَطابةُ ثِمارَها، ومن الله العونُ والسداد.
أثر الخطابة في الأُمَّة
كانت عمَلِيَّة الخطابة في قرونٍ مضَتْ تُعالِج بِمَوضوعها وأسلوبها معظمَ الانْحِرافات العقَدِيَّة والاجتماعيَّة الَّتي تُصاب بها الأُمَّة، ومن خلال المنبر تسدُّ الخطابةُ معظم الثَّغرات التي تُعاني منها المُجتمَعات الإسلاميَّة بفضل ما كان الخطيبُ يتمتَّع به من شخصيَّة مؤثِّرةٍ فاعلة في المُجْتمع، وبفضل ما كان يتحَلَّى به من أخلاقٍ حَميدة، وصِفاتٍ جَليلة، من ورَعٍ وخُلق ودين، مما كان له الأثَرُ في سماع كلامه وتطبيقه من قبل مَن يذكرهم.
ومن يتأمَّل الأزمات التي مرَّت بها الأُمَّة، والمعارِكَ التي خاضَتْها؛ كموقعة عين زالة وشقحب، وفتح القدس كانت شرارتها ومنطلقها صيحة خطيبٍ غيور على دينه، آلَمَه ما يسمع ويرى من هَوانٍ وذُلٍّ أصاب أُمَّتَه، وأمراضٍ اجتماعيَّة فتَكَتْ بِمُجتمعه، وكان الخطيبُ يعدُّ المُحرِّك -الدينامو- والمُوَجِّه للقادة والجمهور للتضحية في سبيل الله، ونُصْرة قضايا الإسلام، وقد حَفِظَت لنا دواوينُ الخطب مواعِظَ نادرة، وخطبًا منبريَّة كانت دافعًا قويًّا للاستماتة في سبيل الله، والثبات على الحقِّ، ولها الصَّدى الواسع في العالم الإسلامي، تناقلَتْها وسائلُ الإعلام يومئذٍ -الرَّسائل والكتب- حتَّى أضحَت الخطابةُ في زماننا -وللأسف- كلماتٍ تُقرَأ على الأسماع دون أن تَمسَّ شغاف القلوب، وتتفاعل معها النُّفوس، فيخرج السَّامعون دون أن ينتفعوا من خطيبهم شيئًا، ودون أن يبعث النُّفوس على المَحبَّة والشَّوق والتمسُّك بتعاليم الإسلام، بل أصبحت الخطبة أحيانًا سببًا لتأخُّر الأمة وانحطاطها؛ لِما يتمتَّع به الخطيبُ من ازدواجيَّة؛ فهو يدعو إلى الخير ولا يلتَزِمه، ويَنْهى عن الغيِّ والشَّر ولا يَنْتهي!
الوعيد لمن يأمر بالمعروف ولا يطبق
قال الله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 44]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 2 – 3]، وقال تعالى إخبارًا عن شُعيب -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ [هود: 88].
عن أبي زيدٍ أُسامةَ بن زيد بن حارثة – رضي الله عنهما – قال: سمعتُ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقولُ: “يُؤْتى بالرَّجُل يوم القيامة، فيُلْقى في النار، فتَنْدلق أَقْتاب بَطنِه، فيدور بها كما يدورُ الحِمارُ في الرَّحا، فيجتمع إليه أهلُ النار، فيقولون: يا فلان، ما لَك؟ ألَم تَكُ تأمرُ بالمعروف وتنهى؟ فيقول: بلى، كنت آمرُ بالمعروف ولا آتيه، وأَنْهى عن المُنكَر وآتيه” (البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة النار وأنها مخلوقة، رقم 3397. ومسلم، باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله، رقم 3989. قولهُ في الحديث: “تندلقُ” هو بالدلٍ المهملة، ومعناه تخرجُ و”الأقتابُ”: الأمعاءُ، واحدُها قتب).
فهذا الخَطيب وأمثالُه كان يأمر أن يَلْتزم النَّاسُ بِما يدعو إليه، فيَقول لهم: زَكُّوا أموالكم، وبَرُّوا بآبائكم، ولكنَّه لا يأتيه، ويقول لهم: لا تَغْتابوا الناس، ولا تغشُّوا في البيع، ولا تأكلوا الرِّبا، ولا تُسيئوا معاملة الجار والعِشْرة، ولكنه يأتي هذه الأشياء المُحرَّمة ويَقْترفها، ويحثُّ على التواضع، ولكنَّه (دكتاتوريٌّ) في مسجدٍ يأنف من النُّصْح، ويُبْغِض من يردُّ له طلبًا، ويُرغِّب في الحِلْم والأناة، لكنه نرجسيٌّ، يَنْزعج لأَتْفهِ الأسباب، والسَّبب في ترتيب تلك العقوبة الشَّديدة الأليمة؛ لكونه لم يكن صادقًا في أمره أو نَهْيه، فلو كان صادقًا في كون تلك الأشياء نافعة يترتَّب عليها الأَجْر والمثوبة، لبادَر إلى تطبيقها، ولو كان صادِقًا في كون تلك المنهيات ضارَّة، لسارَعَ إلى الكفِّ عنها أوَّلاً، لا إلى اقترافها وفِعْلها.
قال الشاعر:
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ ** هَلاَّ لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السَّقَامِ وَذِي الضَّنَا ** كَيْمَا يَطِيبُ بِهِ، وَأَنْتَ سَقِيمُ
وَأَرَاكَ تُلْقِحُ بِالرَّشَادِ عُقُولَنَا *** تَهْدِي، وَأَنْتَ مِنَ الرَّشَادِ عَقِيمُ
لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ *** عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا *** فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يَنْفَعُ مَا تَقُولُ وَيُشْتَفَى *** بِالقَوْلِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
وقال الشاعر:
يَا وَاعِظَ النَّاسِ قَدْ أَصْبَحْتَ مُتَّهَمًا *** إِذْ عِبْتَ مِنْهُمْ أُمُورًا أَنْتَ آتِيهَا
كَالْمُلْبِسِ الثَّوْبَ مَنْ عُرِّيٍ وَعَوْرَتُهُ *** لِلنَّاسِ بَادِيَةٌ مِنْ أَنْ يُوَارِيهَا
وَأَعْظَمُ الإِثْمِ بَعْدَ الشِّرْكِ تَعْلَمُهُ *** فِي كُلِّ نَفْسٍ عَمَاهَا عَنْ مَسَاوِيهَا
عِرْفَانُهَا بِعُيُوبِ النَّاسِ تُبْصِرُهَا *** مِنْهُمْ وَلاَ تُبْصِرُ العَيْبَ الَّذِي فِيهَا
تأثير الكلمة
لكلمة الخطيب شأنٌ عظيم، ولها من التأثير ما يَفوق -رُبَّما- تأثيرَ المَدافع والصَّواريخ؛ إنْ هي خرَجَتْ من قلبٍ صادق، وكانت مبنيَّةً على أساس العمَل والعِلم النافع، ورُبَّما وصلَ صداها إلى آفاقٍ واسعة، وإنَّ كلمة الخطيب “لتَنْبعث ميتةً، وتَصِل هامدة، مهما تكن طنَّانة رنَّانة متحمِّسة، إذا هي لم تنبعث من قلبٍ يُؤمِن بها، ولن يؤمن إنسانٌ بِما يقول إلاَّ أن يستحيل هو ترجمةً حيَّة لما يقول، وتَجْسيمًا واقعيًّا لما ينطق، عندئذٍ يؤمن الناس، ويِثق الناس، ولو لَم يكن في تلك الكلمة طنينٌ، ولا بَريق” (“تفسير الظلال” ج1 عند قوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 44]، ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 3].
ومَهْما بلغَتْ فصاحته -أي: الخطيب- وتجلَّى بيانُه، ومهما بلغ من قوَّة الإلقاء ونصاعة الأُسْلوب، فإنَّه لن يستطيع أن يُقنِع أحدًا بفِكْرِه، أو أن يستميل القلوبَ لدعوته ما لم يكن مُخْلِصًا في دعوته، نقيًّا في سيرته، بل إنَّه مع ذلك لا يستطيع أن يَسْلَم من غمز النَّاس به في سُلوكه، فلْيُوطِّن نفسه على ذلك، وكم رأَيْنا وسَمِعْنا من داعيةٍ مصقع، لكن النَّاس يجلسون في خطبته جلوسَ المَحْكومين ظلمًا، وكأنَّهم يستمعون إلى قاضٍ ظالِم يَتْلو عليهم قرار الحكم، وكم رأينا كذلك من خُطَباء يتمنَّى الحُضورُ لو أنَّ خطبة أحدهم تمتدُّ ساعات، وهذا شيءٌ مُشاهَد معلوم، فليس الأسلوبُ وحده أو البلاغة والفصاحة وحدها هي التي تجذب قلوب الناس وتُحبِّبهم في الخطيب، أو الدَّاعية (من مقال بعنوان “سيرة الداعية أهم أسلحته في الدعوة”، د كمال تمام)، وقد رُوِي عن الحسَن البصري (أورد تلك القصة الذهبي في “الكبائر”) أنَّه همَّ أن يخطب عن عتق الرِّقاب بعدما طُلبَ منه، فتأخَّر عن إجابتهم حتَّى طبَّق ما يُريد الدَّعوة إليه والترغيبَ فيه، فكانت استجابتُهم له سريعة، وهو يدلُّ على أنَّ الخطيب أو الدَّاعِيَ هو العامل المؤثِّر، وشخصيَّتُه وما يتَّصِف من صفاتٍ هي مصدر التلَقِّي عند الناس.
من الأسباب المعينة للخطيب على ما مرَّ:
1- على الخطيب والواعظ أن يَخْتار من المواضيع التي تُناسب الحال والمقال، وأن يكون له من العمَلِ والتطبيق فيما يدعو إليه ولو بنسبةٍ معينة، وقدرٍ معيَّن، ومما يحقق ذلك:
– أن يَنْظر فيمن حوله ومن يُخالطهم؛ أيّ مرَضٍ يغلب عليه فيتحدَّث عنه، ويُسلِّط الأضواء عليه، مُستشهِدًا بالآيات القرآنيَّة، والأحاديث النبويَّة الصحيحة.
– أن لا يُسارع إلى طَرْح الموضوع على المنبر كلَّما سَمِع بِخبَر، أو ورَدَ عليه نبأ، دون النَّظَر في حال مَن يُخاطِبُهم ويدعوهم، فيفقد بذلك هيبتَه ومَرْكزه بين الناس.
– أن لا يُغْرِق في المثاليَّات، فيتكلَّم مثَلاً عن الورَع عن الحَبَّة من القمح، والذَّرة من الأُرْز، وهو يَرى انغِماس النَّاس في أَكْل الرِّبا، ولا يتكلَّم عن كرامات الأولياء، ومُكاشَفات الأصفياء، وإلهامات الأَتْقياء، وهو يرى المجتمع غارِقًا في الماديَّات إلى الأذقان، ولا يتكلَّم عن دقائق أمراض القلوب وخفاياها من لحظاتٍ وخطرات، وهو يَرى قسوةً وظُلمة علَت القلوب، وأبعدَتْها عن التذكُّر والتدبُّر والاتِّعاظ عن رؤية الفِتَن والآيات الكبرى؛ فإنَّ هذا كلَّه نوعٌ من الغفلة، والتَّغاضي عن رؤية الحقائق، والمقصود أن يُربِّي الناس على كبار العلم قبل صغاره.
2- من الأمور المعينة على العمل والتطبيق: محاسَبةُ الخطيب لِما وقع فيه من أخطاء، ومُعالَجتُها، ومُحاوَلة تصحيح الأخطاء، ومُطالَعة ما يتعلَّق بسيرة خُطَباء السَّلَف، وما كانوا يتَّصِفون به من أخلاقٍ سامية، وصفات جليلة، ومن ذلك كتاب “بُغْية الخطباء والواعظين” (كتاب “بُغْية الخطباء والواعظين” من تأليف محمد عبد الرحمن الكمالي، نشر بمؤسسة غراس للتوزيع بدولة الكويت عام 1422 – 2002 الطبعة الأولى، وقد كتب له مقدمة أدبية رائعة جديرة بالاهتمام)، وقد رُوِي عن أبي الدَّرداء: “لا يَفْقَه الرَّجلُ كلَّ الفقه حتى يَمْقت الناس في جنب الله، ثم يرجع إلى نَفْسه فيكون لها أشدَّ مقْتًا” (هو موقوف عن سريج بن يونس، ثنا محمد بن عبدالرحمن الطفاوي، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الدرداء… ورقمه في “الموسوعة” 27).
3- أن يَعْلم الخطيبُ أنَّ تطبيقَه لِمَا يدعو إليه، ويَأْمر به يَكون سببًا في انشِراح الصَّدْر، وقُرَّة العين، وزِيادة العلم، وقد قيل: “ومَن عَمِل بما علِم، أورَثَه الله علم ما لَم يعلَمْ” (ذكره شيخ الإسلام في “مجموع الفتاوى” جزء 10 ص 10، وقد رواه أبو نعيم في “الحِلْية” عن أنس بلفظ: “من عمل بما علم فتح الله..”؛ انظر 6 – 163، على أن السبكيَّ ذكره وعدَّه من الأحاديث التي لا أصل لها، انظر أيضًا “الدرر المنتثرة” للسيوطي رقم الحديث 415، حيث ذكرَ السيوطيُّ أنه ليس بحديث وإن اشتهر)، ولو اقتصَر على تلاوة الآيات والأحاديث، فسيَجِد لموعظته حلاوةً وتأثيرًا واضحًا فيمن يدعوهم.
4- ليس من العيب تَرْكُ وظيفة الخطابة إذا أحسَّ أنه غيْرُ مُطبِّق لما يقوله؛ فهو مثَلاً ينهى عن الغِيبة، ولِسانه يغتاب، ويَأْكل أعراضَ النَّاس، ريثما يُقوِّم سلوكه، ويُحسِّن من خلقه، بل جلوسه -ربَّما- أنفَعُ له ولصلاح قلبه من اعتلاء المنبر، ولْيَأخذ فترةً يُصحِّح فيها أخطاءه؛ لِيَرجع بقوَّة، فيكون حاله كمَنْ رجعَ مِن الغَزْو؛ لِيَشحذ سيفه ويُقوِّي عزيمته، ولا يَنْخدع بِمَن يَمْدحه، ويُثْنِي عليه؛ فنَجاة النَّفْس مِن العَذاب أعظَمُ مِن ذلك بكثير.
5- من الأمور الهامَّة أن يتهيَّأ للخُطْبة من خلال الاهتمام بِتَحضيرها قبل أيَّام من إلقائها؛ ليتمعَّن فيما فيها من آياتٍ وأحاديث ومواعظ، وليتمكَّن بالتالي من مُحاولة تطبيقها والعمل بها، ومن الخطأ أن يقوم بِتَنْزيل الخطبة من (النت) قبل ساعاتٍ من مَوْعدها، فيَتْلوها على الأسماع وكأنَّها ثقلٌ على كاهله يريد الخلاص منه.
وتكميلاً لما مرَّ مِمَّا يتعلَّق بمهامِّ وزارات الأوقاف في بلاد الإسلام؛ أرى ما يلي:
1- أن تَقوم الهيئاتُ في وزارة الأوقاف بعمل دوراتٍ تدريبيَّة للخُطَباء، تتضمَّن دروسًا منهجيَّة في التربية النفسيَّة على المعاني الإسلاميَّة؛ لِتَكون عونًا لهم وزادًا نفسيًّا، ويُؤْمَروا ألاَّ يتكلَّموا بِمَا يَعْلو أذهان الناس؛ فإنَّ ذلك من شأنه أن يضَعَ حاجِزًا بين الخطيب ومن يَسْتمع له.
2- عَزْل مَن لا يصلح لتلك المهمَّة والمسؤوليَّة؛ خاصَّة أصحابَ العقائد الباطلة، ومن يُسيء إلى الإسلام من خلال تصَرُّفاته ومُعاملتِه السيِّئة مع الناس، والحفاظ على عقائد الناس ودينهم أعظم.
3- في البلاد التي لا تَدِين بدين الإسلام، تُصْبِح المسؤوليَّةُ أعظم، ويَجِب على المراكز الإسلاميَّة في تلك البلاد تولِيَةُ وتوظيفُ الأصلَحِ والأنفَع؛ لأنَّه يَعْكس الإسلام من خلال تعامله وخلقه، والناس في تلك البلاد ينظرون إلى الإسلام من خلال الواعظ والخطيب، وقد اهتدى الكثيرُ -بفضل الله- بِما كان يتحلَّى به الخُطَباء من خُلقٍ إسلامي رفيع، وتعامُلٍ قائم على أساس الرَّحمة والحلم والعلم.
وصلَّى الله على محمَّد وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
** المصدر: موقع الألوكة (بتصرف).