موقع مهارات الدعوة ـ خاص ـ هاني صلاح
“ما يحدث من غزو فكري للنخبة المثقفة، لا سيما السياسية، جعل النظرة للنموذج الغربي على أنه النموذج الأمثل في شتى ميادين الحياة تهيمن على صانعي القرار في النيجر”..
بهذه الكلمات الواضحة، لفت د. محمد الخير إبراهيم جيرو.. نائب رئيس جامعة الوفاق الدولية بالنيجر، إلى أكبر تحد يهدد الهوية الإسلامية لشعب النيجر الذي تصل نسبة الإسلام فيه إلى نحو 99%”.
جاء ذلك في سياق حوار: الإسلام والمسلمون في النيجر، وهو الحوار الأول عن النيجر، والثاني والأربعين في سلسلة “حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك”، التي تأتي في سياق برنامج للتعريف بواقع الإسلام والمسلمين حول العالم.
وقد أجري الحوار على الفيسبوك في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر 2018م.
وإلى الحوار…
مقدمة
د. محمد الخير إبراهيم جيرو.. نائب رئيس جامعة الوفاق الدولية بالنيجر…
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ونجدد شكرنا لكم لقبولكم دعوتنا للتحاور مع الجمهور الناطق بالعربية على موقع الفيسبوك والمهتم بالتعرف على واقع المسلمين حول العالم..
وفي ذات الوقت نجدد شكرنا لزملائنا الصحفيين المشاركين معنا في إثراء هذا الحوار بأسئلتهم القيمة، ولتفضلهم بنشره على مواقعهم الإلكترونية..
- وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أفضل الرسل وعلى آله وصحابته أجمعين وعلى كل من اهتدى بهديه إلى يوم الحساب.
في البداية أود أن أقدم خالص شكري وجزيله إلى جميع مواقع التواصل الاجتماعي المنشئة لهذا البرنامج والمهتمة بها. وأخصك بالذكر السيد هاني صلاح مقدم البرنامج، فأشكركم أولا على الجهود التي تبذلونها لخدمة الإسلام والمسلمين عن طريق نشر الثقافة الإسلامية في كافة أنحاء العالم المعمورة، ثم أشكركم على اختياري لأكون ضيف برنامجكم اليوم؛ وذلك لأحظى بفرصة ثمينة ألا وهي أن أكون حامل راية من رايات الإسلام إلى العالم عن طريق تقديم ما يمكن تقديمه عن شعب مسلم أفريقي لا يختلف عن غيره من بقية الشعوب المسلمة في العالم في تطبيق شعائره الدينية، وإن اختلف عنها ففي ثقافته الاجتماعية والسياسية والدينية..
فأسأل المولى الجليل أن يجزيكم خير الجزاء.
المشاركة الأولى.. من: هاني صلاح ـ منسق الحوار ـ وتتضمن ثلاثة أسئلة تعريفية بالحوار (أرقام: 1/2/3):
اعتدنا في كافة حواراتنا أن نطرح مداخلة تمهيدية من ثلاثة محاور للتعريف بالدولة والمسلمين فيها، وضيف الحوار.. كالتالي..
1 ـ المحور الأول: التعريف بدولة النيجر وشعبها
1 ـ بدايةً أستاذنا.. هناك معلومات كثيرة منشورة على شبكة الإنترنت.. ولكننا لا نريد في هذا الحوار النقل عن الإنترنت؛ بل نحب ونفضل أن نسمع منكم مباشرةً ومن خلال تواجدكم في هذه الدولة، وبناء على وجهة نظركم ورؤيتكم لها:
أ ـ نود نبذة مختصرة عن أهمية النيجر كدولة.
ـ بداية يشكل المسلمون في النيجر نسبة 99% من مجموع سكانها، وهو ما يصعب وجوده حتى في الدول العربية الإسلامية، وتكاد تكون هي الدولة الوحيدة من بين الدول الأفريقية السوداء التي لها هذه النسبة، ولعل مرد ذلك هو دخول الإسلام فيها مبكراً وذلك منذ القرن الأول الهجري على يد القائد العربي الجليل عقبة بن نافع رضي الله عنه إلى جانب استعداد قبائلها لقبول الإسلام عند ظهوره لما رأوا فيه من مبادئ وتعاليم سليمة تتناسب مع الطبائع والسلوكيات الطبيعية للبشرية بصفة عامة ومع أخلاقهم وأعرافهم بصفة خاصة.
فالنيجر دولة إفريقية ذات أهمية كبيرة ثقافياً وسياسياً واقتصادياً..
ـ فمثلا من حيث الثقافة: تعتبر بوابة دخول الإسلام في غرب إفريقيا؛ الأمر الذي أدى إلى ازدهار الإسلام والثقافة الإسلامية فيها أكثر من غيرها من دول المنطقة. وكلنا نعرف مدى أهمية الحضارة الإسلامية والدور الذي لعبته ماضياً وتلعبه حاضراً في بناء الحضارة الإنسانية مما أعطتها مكانتها في العالم.
ـ أما من حيث السياسة: فإن النيجر تعتبر من الدول الأفريقية الأكثر توتراً في انتقالها الديمقراطي، وقد أدى هذا التوتر إلى اهتمام كبار المحللين السياسيين والدارسين والباحثين بها أكثر من غيرها في المنطقة.
ـ وعن الجانب الاقتصادي: لعلها هي الدولة الوحيدة التي رتبت من بين الدول الثلاثة الأولى أكثر إنتاجا لليورانيوم في العالم. وفي نفس الوقت هي من بين إحدى أفقر دول العالم. وذلك أمر مدهش جدا كثيرا ما يضرب به مثالا في التحليل السياسي!.
ب ـ وماذا عن الخريطة العرقية التي يتكون منها شعب النيجر؟
ـ النيجر تتميز بخريطتها العرقية عن غيرها من الدول الأفريقية، من حيث قلة عدد قبائلها، وبكونها تتكون من قبائل تعتبر من أكبر قبائل غرب أفريقيا إلى جانب تميزها بوجود قبائل عربية فيها. وشعبها ينتمي إلى تسع سلالات عرقية كبيرة، هي:
1 ـ الهوسا: تقطن في الجزء المركزي من جنوب البلاد، وتتفرع عن مجموعة لها امتداد في نيجيريا، ومناطق سكناها آهلة بالسكان وهي تختص بالزراعة والتجارة.
2 ـ زرما: تسكن في الجزء الغربي من البلاد، وتتمركز حول نهر النيجر، وتصل مناطق سكناها إلى مالي وبوركينا وبنين ونيجيريا، وتشتغل بالزراعة ومناطقها آهلة بالسكان.
3 ـ الفلاته: توجد في جميع مناطق النيجر الآهلة ما عدا مناطق الشمال الغربي وهي جماعات من الرحال ويختصون بتربية المواشي.
4 ـ الطوارق: في مناطق شرق النيجر، وهم موجودون كأقلية في معظم البلاد الأخرى، ويعتمدون على الرعي.
5 ـ الكانوري: وتمثل القسط الشرقي من مجموعة سكان النيجر، ولها سلالات في نيجيريا وهم فلاحون.
6 ـ العرب: ويتمركزون وسط النيجر، وهم رعاة وصلوا هنالك منذ قرون، ولعبوا دوراً سياسياً بارزاً في تاريخ برنو ولا يزالون يعلبون هذا الدور في سياسة النيجر الراهنة.
7 ـ التوبو: في وسط النيجر وهم فلاحون.
8 ـ الغرمانتش: وهي قبلية تتمركز في غرب النيجر، ولها سلالات في بوركينا وهم فلاحون.
9 ـ بودوما: قبيلة منحدرة من سكان صاو المشهورة من حوض تشاد، وتعتمد على الصيد والرعي.
ج ـ كذلك نرجو إلقاء الضوء على أهميتها الإقليمية بين دول المنطقة.
ـ النيجر تقع في موقع استراتيجي من حيث كونها تعتبر همزة الوصل بين دول الشمال والغرب انطلاقاً من الصحراء الكبرى من جانب، ومن جانب آخر من حيث كونها هي الحد الفاصل بين أفريقيا السوداء والدول العربية أو قل فوق ذلك إن شئت من حيث أن أحد طرفيها هو بوابة العبور إلى أوروبا من جانب وطرفها الآخر هو بوابة دخول إلى دول غرب أفريقيا، إلى جانب أنها تحتل المرتبة الأولى من حيث المساحة من بين دول غرب أفريقيا، فإن أهميتها من حيث دول المنطقة تظهر جلية جدا. وقد أصبحت في الفترات الأخيرة هي اللاعب الرئيس لسياسات بعض دول غرب أفريقيا وبعض الدول العربية في المنطقة. فكان اعتماد معظمها في حل أزماتها عليها.
د ـ وما مدى أهميتها بالنسبة لدول العالم الإسلامي والعربي وعلاقتها بهم؟
تظهر أهمية النيجر بالنسبة لدول العالم الإسلامي والعربي في كونها تتقاسم حدوداً مع ثلاث دول عربية (ليبيا والجزائر وتشاد) وكونها تمثل دولة مسلمة أو كون شعبها أكثر أسلمة في المنطقة، وفي كونها تضم في أراضيها قبائل عربية، مما يجعل صعوبة التفريق بين ثقافات قبائلها غير العربية وبين الثقافة العربية، إلى جانب كونها عضوة مؤسسة لمنظمة التعاون الإسلامي، إضافة إلى كونها إحدى أكبر الدول المسلمة الإفريقية جنوب الصحراء من حيث نسبة عدد المسلمين فيها، فنظرا إلى كل هذه العوامل المذكورة والأخرى التي لا يسمح الظرف لذكرها فإنها عقدت علاقات تعاون مع الدول العربية والإسلامية منذ عهود قديمة، ولا تزال إلى هذا اليوم على صلة متينة معها، ولعلكم تذكرون موقف حكومتها الصريح في أزمة قطر الأخيرة ما أدى إلى عدة مظاهرات من نقاباتها للدفاع عن حقوق الإنسان وعدة مداخلات من بعض الكبار السياسيين فيها.
2 ـ المحور الثاني: التعريف بمسلمي النيجر
برجاء التكرم بإلقاء الضوء على مسلمي النيجر من خلال توضيح:
أ ـ الخريطة العرقية لمسلمي النيجر
ـ لتوضيح الخريطة العرقية لمسلمي النيجر يجب الإشارة إلى أن جميع قبائل النيجر المذكورة أعلاه مسلمة إلا نسب قليلة من قبائل مثل الهوسا وزرما والغرمانتشي، ونسبة غير المسلم في هذه الأخيرة أكثر ارتفاعا.
إلا أن ذلك لم يمنع من وجود تحديات كبيرة وخطيرة أمام الإسلام ودارسي اللغة العربية في الدولة، إذ تلعب التيارات المسيحية التنصيرية التي أصبحت نشطة جدا في هذه السنوات الأخيرة أدوارا كبيرة جدا في زعزعة عقائد الناس إلى جانب العراقيل التي يضعونها هم والمؤسسات الغربية أمام الإسلام والمهتمين به، هذا إلى جانب الدور غير الإيجابي في نشر الثقافة الإسلامية الذي يلعبه المسلم النيجري المثقف بالثقافة الغربية وهم طبعا الأكثرية في الدولة وبيده زمام أمور الدولة والذي هو الآخر أيضا يساعد في كثير من الأمور على هيمنة الثقافة الغربية مما سيؤدي إلى وجود أناس أو قل إن صح التعبير إلى وجود أسر مسلمة بمجرد المسمى دون المعنى من جميع هذه القبائل بمعنى هو أمر قد ينطبق على جميع الخرائط العرقية النيجرية، واليوم عندنا نماذج كثيرة لمثل هذا في النيجر.
وهذا يعتبر أكبر تحدٍّ يواجه الإسلام قريبا في معظم هذه الدول المستعمرة. وفي هذا الصدد يجب التذكير بما ذكرناه في أخر فقرة أ من هذا المحور.
ب ـ الخريطة الجغرافية لمناطق تواجدهم في النيجر
ـ يتواجد المسلمون في جميع مناطق النيجر الآهلة، وذلك لكون الأغلبية الساحقة من سكانها مسلمة؛ وليست فيها منطقة مختصة لغير مسلم. والمنطقة الوحيدة التي يكثر فيها وجود غير المسلمين هي المنطقة الغربية الواقعة على حدود النيجر وبوركينا فاسو حيث توجد قبيلة – أشرنا إليها آنفا – يكثر فيها غير المسلم. وفي هذا الصدد يجب التذكير عما ذكرناه في آخر فقرة أ من هذا المحور.
ج ـ الخريطة الاجتماعية للمسلمين: الوضع التعليمي والوظيفي والاقتصادي..
ـ كون الأغلبية الساحقة من سكان النيجر مسلمة يجعل المسلمين فيها هم الذين يحتلون المرتبة الأولى علميا وسياسيا واقتصاديا في النيجر، فمعظم مسؤولي الدولة مسلمون ويصعب -إن لم يكن مستحيلا -أن يتولى إحدى مسؤوليات الدولة الكبيرة غير المسلم.
د ـ الخريطة الدينية للمسلمين: سنة أم شيعة.. وأبرز مؤسساتهم..
ـ الأغلبية الساحقة من مسلمي النيجر من السنة، ومعظم المؤسسات الدينية تابعة لهم لاسيما مؤسسات مثل: الجمعية الإسلامية النيجرية، التي تعتبر دار القضاء في النيجر، والمجلس الأعلى الإسلامي، الذي يعتبر الجهة الممثلة للقضايا الإسلامية الكبرى رسميا في الدولة، وكذلك إدارة الشؤون الدينية التابعة لوزارة الداخلية واللامركزية والأمن العام والشؤون الدينية والتي ترجع إليها جميع القضايا الدينية في الدولة رسميا.
وذلك إلى جانب المؤسسات التعليمية الأساسية والمتوسطة والجامعات العربية الإسلامية الموجودة في النيجر، والتي يبلغ عددها اليوم سبع جامعات عربية إسلامية، كلها يرأسها مسلمون من السنة.
إلا أن ذلك لم يمنع وجودا طفيفا للشيعة والأحمدية والبهائية في النيجر والتي تتبعها بعض مؤسسات كبيرة في الدولة مثل جامعة المصطفى العالمية التابعة لجمهورية الإيران الإسلامية، وبعض مؤسسات طبية تابعة لها وللأحمدية.
3 ـ المحور الثالث: التعريف بضيف الحوار من النيجر
دكتور محمد.. نرجو التعريف بكم لجمهورنا قبل البدء في الحوار، من خلال:
أ ـ تعريف إنساني واجتماعي ووظيفي ودعوي..
ـ أشكرك مجددا يا سيدي الفاضل الأخ الكريم هاني صلاح، على منحي فرصة التعريف بشخصيتي ومكوناتها الرئيسية للإتاحة لجمهور القراء في جميع أنحاء العالم فرصة التعرف علي..
اسمي محمد الخير إبراهيم جيرو نيجري الجنسية، وأنا متزوج ولي أربعة أبناء، ثلاثة ذكور وبنت واحدة.
وتتكون مكونات شخصيتي من مرحلتين رئيستين:
ـ الأولى: مرحلة التعليم التقليدي (الكتاتيب):
حيث بدأت فيها تعليمي الديني منذ نعومة أظفاري في المركز العلمي لوالدي الشيخ الحاج إبراهيم جيرو الذي ختمت القرآن الكريم على يده وأنا ابن ثماني سنواتٍ، ثم لقنني مبادئ العلوم الشرعية على المذهب المالكي. وقد خرجت عدة مرات طلبا للعلم مع وفود تلامذة الكتاتيب ومعلميهم في رحلاتهم العلمية وأنا عندئذ ما بين السابع والحادي عشر من عمري عنده أرسلني والدي إلى المدارس النظامية الحديثة.
ـ الثانية: مرحلة التعليم النظامي الحديث:
التحقت فيها بالمدارس النظامية الحديثة، فدرست فيها إلى أن اجتازت المرحلة الثانوية، ثم التحقت بعدها بكلية الدعوة الإسلامية بطرابلس – ليبيا التي درست فيها إلى أن أخذت فيها درجة الدكتوراه السلك الثالث بتقدير عام ممتاز مع التوصية بطباعة الرسالة وذلك تحت إشراف أستاذي الفاضل البروفيسور محمد بن طاهر أحد أبرز مكونات شخصيتي.
طبعا إلى جانب دراساتي في إدارة الموارد البشرية في أحد المعاهد التعليمية العالية في النيجر والعلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية وعدة حقائب في دورات تدريبية من عدة مؤسسات عالمية.
ب ـ ما أهم المهام التي تقومون بها حالياً؟
أهم المهام والمسؤوليات التي أقوم بها اليوم تتمثل في أنني:
ـ أعمل حالياً مديراً عاماً لمكتب جيرو العالمي للترجمة والتجارة والمفاوضة.
ـ وأعمل رئيسا لمجلس إدارة جامعة الوفاق الدولية.
ـ كما أعمل نائبا لرئيس جامعة الوفاق الدولية.
ـ إلى جانب كوني أستاذا محاضرا.
ج ـ وما أبرز المسئوليات التي قمتم بها سابقاً؟
تتمثل أبرز المهام والمسؤوليات التي تقلدتها في الماضي في أنني:
ـ أمين عام رابطة المثقفين الأفارقة للتنمية والتقدم بطرابلس – ليبيا عام 2007 – 2008م.
ـ خادم وطني (موظف) بوزارة الخارجية/إدارة الترجمة، ما بين 2010 – 2012م.
ـ مدير عام مركز أم عبد الرحمن للتدريب المهني (الخياطة وتعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية) بنيامي – النيجر، ما بين 2011 – 2013م.
ـ متعاقد مع الحكومة النيجرية لتعليم اللغة العربية الحية في المعاهد الفرنسية بنيامي ما بين 2013 – 2015م.
ـ مسؤول مكلف بالإعلام لاتحاد الباحثين باللغة العربية في النيجر، ما بين 2012 – 2014م.
ـ أمين عام لتجمع الجمعيات والمنظمات الإسلامية للوحدة والتنمية في النيجر ما بين 2011 – 2014م.
ـ أمين عام منظمة التضامن للتنمية في النيجر، منذ التأسيس 2009م.
ـ مدرس بعض مواد اللغة العربية في جامعة الحاج محمود كعت العالمية للعلوم والتربية واللغات في النيجر منذ التأسيس 2013م حتى عام 2017م.
ـ أمين عام ومديرا لمجلس الإدارة في جامعة الحاج محمود كعت العالمية للعلوم والتربية واللغات في النيجر من التأسيس 2013م حتى يوليو عام 2017م.
ـ رئيسا لجامعة الوفاق الدولية من يوليو عام 2017م إلى فبراير عام 2018م.
المشاركة الثانية.. من: محمد محمود، وتتضمن سؤالا واحدا (رقم: 4):
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد فضيلة الدكتور يسرني هذا البرنامج غاية السرور؛ وأغتنم الفرصة سائلاً سؤال من شقين اثنين:
4 ـ ما وضعية الإسلام والمسلمين حاليا في هذه البلاد؟ وهل للمدارس غير العربية يد في غزو الإسلام هناك، وكيف ذلك؟.. مع فائق التحية والاحترام.
ـ أخي الكريم محمد محمود، وددنا لو ذكرت لنا دولتك والعمل الذي تقوم به لنتمكن من التعرف عليك لأهمية التعارف..
ثم أشكرك على اهتمامك الكبير بموضوع حوارنا هذا وعلى اهتمامك بأمر الإسلام والمسلمين في بلدي النيجر..
ـ ففي ما يخص الشطر الأول من سؤالك:
لو أنك رجعت التنويه الذي في فقرة (أ) من المحور الأول لحوارنا هذا، وإلى كذلك فقرات (أ، وب، وج) من المحور الثاني للحوار؛ لوجدت أن الإسلام في هذا البلد على أحسن حال؛ إذ يعتنقه الأغلبية الساحقة من الشعب، وثقافة الإسلام ولغته العربية في هذه السنوات الأخيرة في ازدهار كبير جداً ليس في النيجر؛ فحسب بل في منطقة غرب أفريقيا كلها، ويرجع ذلك إلى الشباب المتخرجين من الجامعات العربية في العقد الأخير من هذا القرن الماضي، والذين عملوا ولا يزالون يعملون بطاقات عالية جدا لتطوير اللغة العربية ونشر ثقافته من خلال حركة علمية قوية انضلعت على أيديهم وتمثلت في تأسيس وافتتاح مؤسسات تعليمية في شتى مستويات كان المستوى العالي (الجامعات والمعاهد العليا) منها أكثر فعالية.
ـ أما عن الشطر الثاني من سؤالك:
وهو هل للمدارس غير العربية يد في غزو الإسلام؟ فالجواب طبعا نعم، أما عن كيف يتم ذلك؟ فأقول لك:
هناك عدة مدراس ابتدائية وإعدادية وثانوية حتى إن لم نسمها تنصيرية -وهي طبعا تنصيرية- فكونها تابعة لمؤسسات تنصيرية بشكل مباشر، حيث بعضها تحمل أسماء تيارات تنصيرية، يجعلها تلعب دورا فعالا في غزو الإسلام وبشكل واضح جداً..
فالدارس مثلا في هذه المدارس يتدرب على تطبيق التعاليم المسيحية قولا وفعلا، وهو في المرحلة الابتدائية أو الروضة، فهو بهذا الشكل يربى تربية مسيحية وينشأ تنشئة مسيحية قوية، وعليها يربى إلى أن يصل سن الرشد أي مرحلة الانتقال من الثانوية إلى الجامعة، وفي بعض المرات هذه المدارس تمول الدارس لمواصلة دراسته الجامعية أو تساعده على الحصول على منحة دراسية لمواصلة الدراسة، أو تساعده على اختيار أرقى الجامعات الغربية والمواصلة فيها.
فهؤلاء مثلا وهم طبعا أبناء المسلمين، وهم يرسلون أبناءهم فيها ادعاء أنها أفضل المدارس في الدولة من حيث التكوين، فهم تجدهم يتخرجون من الجامعة وهم مسيحيون أو لادينيون، ولعل أفضلهم حالا من يبقى مسلما بمجرد المسمى دون المعنى.
فنحن نرى أنه ليس هناك غزو أخطر من هذا النوع، إذ يركز على فئة معينة، النجاح فيها أضمن؛ ألا وهي الناشئة، وعلى وسيلة معينة هي أكثر تأثيرا من غيرها وهي التعليم، وعلى استراتيجية معينة كانت ولا تزال أسهل وسيلة لإقناع الآباء على الإقبال إليهم هي الجودة والإتقان، وطبعا من الصعب أن يفشل الدارس في هذه المدارس في تكوين شخصيته وبناء مستقبله الوظيفي، وإن كان في الحقيقة هو فاشلا في جملة حياته إذ من يفقد هويته فقد كل شيء لأنه لا يصلح لأي منفعة لشعبه ودولته أيضا.
المشاركة الثالثة.. السؤال الخامس.. من: محمد سرحان – صحفي مهتم بالأقليات المسلمة، وتتضمن سؤالين (5-6):
5 ـ كيف يمكن لنا كمتابعين ومهتمين بواقع المسلمين في النيجر متابعة المعلومة عن المسلمين هناك من مصادرها الصحيحة.. هل تنصحنا بقنوات أو مصادر معينة موثوق فيها لمتابعة والتعرف أكثر على واقع المسلمين في النيجر؟
طبعا يمكنكم متابعة واقع المسلمين في النيجر عن طريق بعض الوسائل الإعلامية؛ لعل من أبرزها إذاعة الساحل المرئية والصوتية التي لها نشرات أسبوعية وبرامج ثقافية باللغة العربية، وكذلك قناة بونفيراي (Bonferey)، وهي أيضا لها نشرات وبرامج باللغة العربية وقناة لاباري (labari) وبعض الصحف والمجلات الصادرة باللغة العربية مثل صحيفة الاتحاد وصحيفة توماس (toumastchannel) وإذاعة الأمة على يوتيوب (Al oumma)، إضافة إلى بعض الصفحات على فيسبوك، سيما صفحات الجامعات العربية الإسلامية وصفحات بعض الشخصيات البارزة الناطقة باللغة العربية.
لكن في رأيي يكون التنسيق مع أحد الإعلاميين النيجريين مثل الدكتور حبيب بوري وهو مسؤول برنامج عربي على إذاعة الساحل والسيد زبير صالح أو السيد حسين محمن أو السيد سيدي هيبة الله، وكلهم من مقدمي البرامج على قناة بونفيراي باللغة العربية، أو مع السيد بشير شئت عيسى مدير إذاعة الأمة، والتواصل المستمر معهم آو مع أحدهم يكون أفضل وسيلة وأكثر ضمانا للحصول على الأخبار الصحيحة والفورية في النيجر ومتابعة واقع الإسلام والمسلمين فيها.
6 ـ ما أبرز التحديات التي تواجه مسلمي النيجر؟
شكرا جزيلا يا سيدي الفاضل محمد سرحان على طرح هذا السؤال المهم، وعلى اهتمامك بمتابعة موضوع حوارنا رغم كثرة انشغالاتك.
ففيما يخص أبرز التحديات التي تواجه المسلمين فأنا شخصيا أرى أنها تتمثل في ثلاثة تحديات كبرى وهي طبعا لا تختلف بكثير عن التحديات الأخرى التي تواجه الإسلام والمسلمين في بقية العالم، والتي لا تخرج عن المضايقات بالتهويل والتهديد والكبح، والغزو الفكري بمختلف أنواعه ومستوياته.
ولكن.. ما يحدث من غزو فكري للنخبة المثقفة لاسيما السياسية جعل النظرة للنموذج الغربي على أنه النموذج الأمثل في شتى ميادين الحياة تهيمن على صانعي القرار في النيجر، مما يتهدد الهوية الإسلامية لهذا الشعب الذي تصل فيه نسبة الإسلام بين سكانه لنحو 99%.
وقد ذكرت أحد هذه التحديات في الحوار حينما تحدثت عن الخريطة العرقية لمسلمي النيجر في فقرة (أ) من المحور الثاني، حيث أشرنا إلى الدور غير الإيجابي الذي يلعبه المسلم النيجري المثقف بالثقافة الغربية في نشر الإسلام وثقافته في النيجر والذي ذكرت في تفاصيل تلك الفقرة أنه يعتبر من أكبر التحديات التي ستواجه الإسلام قريبا في المنطقة بجملتها، حيث سيؤدي آثاره إلى وجود أسر مسلمة بالمسمى دون المعنى، وهو في الحقيقة نتيجة ما يحدث من غزو فكري للنخبة المثقفة سيما السياسية حيث يلاحظ اقتناعه بقبول تعاليم الغرب على أنها هي النموذج الأمثل في شتى ميادين الحياة، وهو الذي يجب أن يضرب به المثال، ويسعى إلى العمل لتطبيقه في الدولة، ومحاولة تصوير أن كل من لا يسير على هذا النظام يعتبر متخلفا في المجتمع يجب الحذر منه، بل في بعض الحالات يعتبر العدو الأكبر للأنظمة القائمة في الدولة لذا يجب أن يحارب بكل ما تملكه الدولة والمجتمع من قوة، وقد يؤدي ذلك إلى سجن أئمة وخطباء وكبار دعاة ممن لهم رأي في بعض القضايا السياسية التي تلمس الدين ويحاول التحامل عليها بدون حكمة ولا موعظة حسنة.
وهذا التحدي ليس إلا ثمرة من ثمار التحدي الثاني، والذي ذكرناه في أجوبتنا على إحدى المشاركات وهي المشاركة الثانية من الحوار، وذلك في الجواب على دور المدارس غير العربية في غزو الإسلام حيث أشرنا إلى الدور الخطير الذي تلعبه هذه المدارس في محو الثقافة الإسلامية من عقول الناشئة وغرس الثقافة الغربية في أذهانهم. وفي هذه المسألة تمت الإشارة إلى تركيز المدارس التنصيرية على تنشئة الناشئة تنشئة تتناسب مع أهدافهم ورغباتهم لذا يركزون على التعليم في المراحل الأساسية حيث يمكن النقش على الحجر. فعند إعادة إلقاء النظر على هذه النقاط سيتضح أكثر هذان التحديان اللذان يواجهان الإسلام في النيجر في هذين الجانبين.
أما التحدي الثالث فهو ما نلاحظه اليوم من غزو فكري وثقافي يتم عبر القنوات الفضائية والإذاعات عن طريق عن طريق الأفلام والمسلسلات وبعض البرامج والحوارات المدعى بالتثقيفية معظمها هدامة لكونها تهدف إلى أهداف معينة لعل أبرزها محاولة تلقين الناس بالثقافة الغربية الزائفة التي لم تعد اليوم صالحة حتى للرجل الغربي. ويقصدون من ورائها التذويب والدمج والتخلي عن القيم والمبادئ والتعاليم الحسنة.
والإسلام، بهذا الشكل سيصبح إسلاما يطير بجناحين، أحدهما جناح الدمج والتخلي عن القيم، والآخر جناح المظهر لا غير كما نرى عند البعض اليوم.