د. عبد الرحمن العشماوي
من الإسلامِ ينبثق السلامُ *** ويُبنى من مبادئه النظامُ
وتشرَبُ نورَه الصافي قلوبٌ *** وينهَلُ من مكارمِهِ الكِرامُ
هو الغيثُ الذي يروي عُقولاً *** بأنقَى ما يجودُ به الغَمَامُ
هوَ النَّهرُ الذي يسقِي قلوبًا *** فينمو الحُبُّ فيها والوِئَامُ
هو الغصنُ الوَرِيفُ يَمُدُّ ظلاًّ *** يفيئنا إذا احْتَدَمَ الزِّحَامُ
لو التفتتْ إليهِ قلوبُ قَومِي *** لما أزرَى بأقصانا اللئَامُ
ولا عانَى من البَاغِي عِرَاق *** ولا عانتْ من الباغي شآمُ
ولا لعبتْ بِنَا رومُ وفُرْسٌ *** ولا أزرَى بعروتنا انفصَامُ
ولا انقطعتْ حِبَالُ القُدسِ عنَّا *** ولا ضاعتْ ولا انفلَتَ الزِّمَامُ
هو الإسلامُ فيضٌ من يَقينِ *** تطيبُ بهِ النفُوسُ ولا تُضَامُ
له في الهند تاريخ عظيم *** وفي السند البطولات الجسامُ
وفي أفريقيا السوداء هَديٌ *** وإيمان به يُمحى الأثامُ
له في تركيا أسوارُ مجدٍ *** تَهاوى دُونَ عزّتِها الطَّغامُ
غضبتُ لديننا من كل ثغرٍ *** يشوّهُه، وليس له لجامُ
غضبتُ لأمتي فيهَا رجالٌ *** على أبوابِ حَيْرتِهم أقاموا
لهم في منهج الإسلامِ نورٌ *** ويشغلهم عن النور الظلامُ
مضوا، لكنْ بِلاَ وعي فضلُّوا *** وفي بحر الهوى واللَّهوِ عَامُوا
ثقافتهم ثقافة سامِريٍّ *** له مالٌ وليسَ لهُ ذِمَامُ
غضبتُ لأمتي، فيها نِسَاءٌ *** سحائبهن في الدَّعوَى جَهَامُ
لهنَّ من الهُدَى ظلٌ ظليلٌ *** ويصرفهُنَّ في البيدِ القَتَامُ
غضبت لهن، لا رأيٌ حكيمٌ *** ولا فعلٌ يطيبُ ولا كلامُ
وهُنَّ مدارس الأجيال فيها *** معالم عزّ أمتِنَا تُقامُ
غضبتُ لقومنا، شُغِلُوا بِوَهْمٍ *** فضَاعوا في مسالِكِه وهَامُوا
تَساقَوْا من كؤوسِ الغَربِ حتَّى *** أصابَ عقولَهم منها السّقَامُ
وأشغلهُم صراعٌ مذهبيٌ *** تصيبُ ظهورَنَا منه السِّهَامُ
خِصامٌ فرَّق الأوطانَ حتَّى *** أراقَ دماءنَا هذا الخِصَامُ
غضبتُ لنَا، يجمعُنَا هُدَانَا *** وما زلنا يفرِّقُنَا انقسامُ
هو الإسلامُ، يمنحنَا كُنوزَاً *** من التقوى إذا كثر الحُطام
جميل أن نمد له جسورًا *** وأن يأوي لدوحته الحَمامُ
فهذا ديننا فجرٌ مبينٌ *** وهذي عندنا الهِمَمُ العِظَامُ
وهذا عندنا “حرم عظيم” *** و”كعبتنا” و”زمزم” و”المقامُ”
هو الإسلامُ، أشجارٌ وظلُ *** يطيب لمن تُفيّئُه المُقَامُ
هو البستانُ تعشَقهُ الروابي *** وتألفه البلابلُ واليَمَامُ
هو الأفقُ الفسيحُ فلا انطواءٌ *** يحاصِرُ مشرِقَيْهِ ولا انهزامُ
هو الإسلامُ منهجهُ سلامٌ *** على الدنيا، ومنْطِقُهُ سلامُ
__________
* المصدر: مجلة حراء.