مهارات الدعوة ـ خاص ـ هاني صلاح
تم، أمس الثلاثاء (23 أكتوبر) التوقيع على أول ميثاق للتعايش السلمي بين فئات المجتمع في مدينة زباروجيا الأوكرانية، بحضور محافظ المدينة والعمدة رئيس البلدية وممثلي المؤسسات والطوائف الدينية المختلفة، وقد مثّل المسلمين في حفل التوقيع الشيخ محمد ماموتوف -إمام المركز الثقافي الإسلامي (الإيمان)، التابع لاتحاد المنظمات الاجتماعية “الرائد” في أوكرانيا-، وفقاً لصفحة المركز الرسمية على موقع فيسبوك.
وحسب مراقبين فإن الدافع وراء هذا الأمر هو استشعار أجواء محتملة قد تؤثر على ترابط النسيج المجتمعي للمواطنين الأوكران من مختلف العرقيات والأديان، قبيل الانتخابات السياسية القادمة؛ وهو ما دفع المسئولين في مدينة زباروجيا إلى دعوة كافة ممثلي الأعراق والأديان للاتفاق على ميثاق للتعايش السلمي بين الجميع.
لم يتخلف أحد
وحول دلالة توقيع الميثاق في هذا التوقيت، أوضح د.حمزة عيسى، عضو قسم الدعوة والتعريف باتحاد (الرائد) في تصريحات خاصة لـ(مهارات الدعوة).. أن “ازدياد حدة التوتر قبيل الانتخابات التي ستجري في أوكرانيا، وتصاعد التراشق بين الأحزاب المتنافسة، وخشية المسئولين من استغلال البعض للانتخابات في تنفيذ عمليات تخريب وضعضعة السلم المجتمعي بإثارة نعرات عرقية، والتشجيع على الفوضى.. كل هذا دفع بالمسئولين في المدينة للدعوة إلى اجتماع موسع لمجلس الطوائف والأديان بمحافظة زابروجيا من أجل الاتفاق على ميثاق موحد يحقق التعايش السلمي لجميع المواطنين”.
ولفت إلى أنه: “لم تتخلف أي جهة عن الاستجابة للدعوة والتوقيع على الميثاق نظراً لاستشعارهم حساسية المرحلة وما يحيط بهم من مخاطر، خاصة أن محافظة زابروجيا تعتبر من المحافظات التي لها حدود مع محافظة دانيتسك ومناطق الصراع الدائر منذ عام 2014م في شرق البلاد بين الانفصاليين المواليين لروسيا والحكومة الأوكرانية الرافضة لانفصال هذه المحافظات الشرقية”.
وأشار د.حمزة عيسى -الذي شغل في السابق منصب رئيس مكتب الدونباص (شرق أوكرانيا) في اتحاد الرائد- إلى أن “هذه الوثيقة التي تم توقيعها سيتم إرسالها -أو هي بالأحرى موجهة- إلى رؤساء وأعضاء الأحزاب السياسية، والجمعيات الدينية، وإدارات الجامعات والمعاهد، ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك إدارات الشرطة والجيش في المحافظة؛ حيث تطالبهم جميعاً بضرورة الحفاظ على التعايش السلمي بين فئات المجتمع وطوائفه المختلفة، والابتعاد عن كل ما يهدد هذا التعايش، وتفويت الفرصة على المتربصين”.
مسلمو إقليم الدونباص
يُشار إلى أن إقليم الدونباص في شرق أوكرانيا يسكنه قرابة ٩ ملايين شخص، والأقلية المسلمة يصل عددهم إلى نحو 70 ألف نسمة، ومعظمهم من قومية التتار (تتار كازان) وقد جاؤوا إلى الإقليم من الوطن الأم/ جمهورية تتارستان (داخل روسيا حالياً) في القرن الماضي؛ وذلك للعمل في مناجم الفحم والحديد، وأثناء الفترة السوفيتية وحكم الشيوعيين تعرضوا للاضطهاد، وتم قتل عدد كبير من الأئمة ورجال الدين، وهدمت جميع المساجد؛ ولذلك تعرضت هويتهم للذوبان والنسيان.
ومع تفكك الاتحاد السوڤيتي واستقلال أوكرانيا وغيرها من الجمهوريات بدأت جهود دعوية مكثفة لإحياء هويتهم الإسلامية وإحياء الروح الدينية بينهم. وذلك ببناء أكثر من ١٣ مسجدا، وتنظيم عشرات الدورات والمخيمات التثقيفية لجميع شرائح المجتمع (رجال، نساء، شباب، أطفال) وتعمل المراكز الإسلامية الثقافية والجمعيات الخيرية تحت مظلة اتحاد الرائد في أوكرانيا.