القائمة الرئيسية
 الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

الإرث النبوي على سلم أولويات دار القرآن بقطاع غزة

تحقيق أمينة سعيد (خاص بموقع مهارات الدعوة)

أكثر من 20 سنة مرت على تشييد دار القرآن الكريم والسنة في قطاع غزة بفلسطين، وهو صرح قرآني سخر كل طاقاته وإمكانياته لخدمة كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، من خلال مؤسسة ربانية خيرية تخصصت في تحفيظ كتاب الله

تكريم بعض خريجات الدار

وتعليم تلاوته وترتيله بقراءات متنوعة وروايات متعددة، وركزت على تدريس السنة النبوية وتحفيظها ونشرها، فخصصت دائرة خاصة للاعتناء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

ولا شك أن السنة النبوية لها عظيم المكانة؛ إذ هي الأصل الثاني من أصول التشريع الإسلامي، وقد عرف السلف الصالح من الصحابة والتابعين مكانتها وعظيم شأنها حق المعرفة، فتجدهم رحلوا من أجلها وحفظوها واستنبطوا منها الأحكام الكثيرة في جميع أمور دينهم ودنياهم، وعظموها أيما تعظيم، فتناقلت الأجيال هذا الإرث النبوي العظيم.

وحرصا منها على المشاركة في الحفاظ على هذا الإرث الشريف عملت دار القرآن الكريم والسنة بقطاع غزة على تأهيل كوادر لنشر هذا السنة النبوية في جميع مناطق قطاع غزة من الشمال حتى الجنوب.

ومساهمة منه في التعريف بهذا الصرح العظيم يسعى موقع “مهارات الدعوة” إلى تسليط الضوء على دائرة من دوائر السنة المتعددة في قطاع غزة التابعة لدار القرآن الكريم والسنة، ألا وهي “دائرة السنة النبوية الشريفة في المنطقة الوسطى”، من خلال هذا التحقيق الذي يكشف فيه جوانب مهمة عن محفظات السنة وكيفية إعدادهن.

الإقبال تزايد

بداية أكدت أ. سميرة الحافي مديرة فرع الوسطى في دار القرآن الكريم والسنة أن الهدف من دائرة السنة تعريف المسلمين بالسنة المطهرة وعلومها، مبينة أنه بموازاة العناية بالقرآن يتم التركيز في الدار على تعليم السنة النبوية في جميع المراكز من خلال تقديم برامج متكاملة لحفظ وتعليم الحديث الشريف وعلومه، فقد التحق بالمراكز الممتدة على طول قطاع غزة العديد من الطالبات الراغبات في حفظ السنة النبوية الشريفة وقد تزايد الإقبال في الفترة الأخيرة على جميع المراكز، وهذا من شأنه أن يدلل على الصحوة من قبل الأهل لإرسال أبناءهم لتلقي العلوم الشرعية وبذلك يتخرجون وهم يجمعون بين القرآن والسنة النبوية الشريفة.

وأضافت أن فرع الوسطى حصل على المرتبة الأولى في حفظ “حصن الفتاة المسلمة وحفظ المائة النسوية في إنفاذ الوصية”، وحصل على المرتبة الثانية في دورة الحافظة الجيدة، والمركز الرابع حسب متوسط إنجاز الاختبارات.

وأوضحت الحافي أن معلمة السنة تحتاج إلى ميزات وخصائص معينة حتى تكون معلمة ناجحة وقدوة لطالباتها؛ لأن العملية التعلمية شاقة، وتحتاج إلى صبر وقوة تحمل عالية، فعلى محفظة السنة أن تكون على قدر المسؤولية التي وكلت إليها، وأن تكون عطوفة ولينه ومحبة لدعوتها، وأن تكون قدوة حسنة ممتثلة لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن تتقن مقررات السنة، وأن تحفظ ما يناسب المرحلة التي تدرسها وأن تكون على قدر من العلم الشرعي اضافة إلى ضرورة اجتياز اختبار القبول الذي يجرى لها من قبل الإدارة .

ولفتت الحافي أن غالبية محفظات السنة اللواتي يعملن بالدائرة لا يتقاضين أجراً مقابل هذا العمل، ورغم ذلك تجدهن أكثر إثماراً، معتبرة هذا الشيء جيدا، ولكن قد تكون المحفظة بحاجة إلى المادة لتسهيل مهامها؛ فهي تحتاج إما لمواصلات أو تصوير أوراق وغيرها من الأشياء المتعلقة بالعمل، راجية أن تتحسن الأحوال ويكون هناك دعم مالي ليستمر النشاط.

بدورها أشارت مشرفة السنة أ. سحر سمور أن الهدف من إنشاء دائرة السنة النبوية نشر السنة النبوية في المجتمع والحد من الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس، خاصة فئة الفتيات والنساء، بالإضافة إلى التذكير بالمواسم والأيام الفاضلة والتعريف بالأجور الواردة فيها، إلى جانب التواصل مع المنتسبات لدار القرآن الكريم في التحفيظ أو المنتدى أو السنة أو القراءات والمجتمع المحلي، مشيرة إلى أن رفع الكفاءة العلمية والأداء للمشرفات والمحفظات أحد مهام دائرة السنة، بالإضافة لتأهل كادر لتحفيظ كتب المقررات وعقد دورات في شرح الأحاديث.

وأشارت إلى أن المكسب الحقيقي هو عندما تنجح في غرس بذرة الإبداع في نفوس محفظات السنة وتوفر لهن بيئة موائمة للرقي بالأداء الإبداعي من خلال جو التفاعل، وتشجيع التنافس ودفع المحفظة إلى آفاق واسعة من العطاء والتفكير الابداعي، وإطلاق الطاقات الإبداعية لمحفظات السنة لكسر الجمود والرتابة مؤكدة أن هذا نهجهم في قسم السنة.

هدية عظيمة

من جانبها اعتبرت أ. آلاء عبد المنعم إبراهيم -محفظة بدار القرآن الكريم والسنة والتفسير بغزة- أن عملها كمحفظة في دائرة السنة بالدار هدية عظيمة من الله عز وجل تعجز عن التعبير عن سعادتها بها، مؤكدة أنها أعظم وأغلى من الجواهر والذهب.

وقالت خلال حديثها معنا: “شاء قدر الله عز وجل بعدما أنهيت دراستي الجامعية من كلية الدعوة الإسلامية أن يسوق لي وسائله ويجعلني داعية للإسلام، وأن أحمل هم الدعوة الإسلامية، ونشرها وأرتقي بها، وأن يجعلني محفظة قرآن كريم وسنة نبوية وتفسير، مع دار القرآن الكريم والسنة والتفسير بقطاع غزة، قسم الطالبات، حيث اندمجت معهن وبدأت بالعمل”.

وأشارت إلى أن درب الدعوة الى الله شرف لا يناله إلا من يحبه الله؛ فما هي إلا استعمال من الله أراده لعبده لينال بذلك شرف التأسي بالأنبياء والسير على نهج الصالحين والتمتع بحلاوة القرب منه سبحانه وتعالى، ناصحة نفسها وأخواتها في الدعوة بالمثابرة وشد الهمة لنشر دعوة الله عز وجل وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وأضافت أن الهدف من عملها بالدعوة تعريف الطالبات بالسنة النبوية الشريفة وعلومها، وربط المجتمع كله بالسنة النبوية الصحيحة، مؤكدة أن الدور الملقى على عاتق المحفظة هو نشر سنته بالكلمة الطبية والابتسامة والمجادلة بالحسنى والترغيب بأوامر الله عز وجل، والنهي عن المنكر، مستغلة جميع وسائل الاتصال والتواصل للصول إلى المجتمع الداخلي والخارجي.

وكشفت آلاء عن سر من الأسرار التي غيرت شخصيتها كمحفظة في قسم السنة النبوية، وهو أن هذا الطريق المشرف جعلها تراقب الله في السر والعلن، وتحتسب عملها لوجه الله ولا تزكي نفسها، وتعمل جاهدة على تطبيق السنة النبوية في جميع مناحي حياتها، منوهة بأنها لا تستطيع أن تنشر الدعوة وتأمر بتطبيقها وفي ذات الوقت لا تعمل بها.

وأوضحت أن جمال هذا القسم العظيم بدار السنة بغزة، أن فيه أخوات داعيات يحملن هم الدعوة الإسلامية ويثابرن ويجاهدن من أجل الارتقاء بالقسم، مع العلم أن كل داعية لديها مسؤوليات خاصة بها، وعلى الرغم من ذلك تجدهن كخلية النحل وكلهن يد واحدة يعملن من أجل نشر دعوة الله تعالى، ويجاهدن لإعلاء راية السنة النبوية الشريفة.

الكلمة الطيبة

هذا ووجهت رسالة لجميع الداعيات وزهرات وأميرات الإسلام قالت فيها: بادروا وجاهدوا اصنعوا وغيروا ولا تتقاعسوا ولا تيأسوا ولا تهنوا؛ فنحن بطريق يحتاج مثابرة، ويحتاج قوة إيمانية مؤثرة على النفوس الضعيفة، وقدموا ما بوسعكم لنشر الوعي ونشر الدين الإسلامي الحنيف بالكلمة الطيبة.

وأكدت أن الكلمة الطيبة صدقة جارية تغير شخصا، والشخص يغير أسرة، والأسرة تصنع أفرادا مؤمنة بالدعوة، ومنها يأتي جيل ومجتمع متفهم مسلم يسير على خطى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وذكرت أنها تطمح إلى أن يكون هناك فريق “ملتقى دعوي سني”، من أهدافه إحياء سنة المصطفى العدنان صلى الله عليه وسلم، وتشجيع الناس للبدء بتطبيق السنة النبوية، ومعرفة الأحاديث الصحيحة من الضعيفة، خاصة مما يتم نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تطبيق ومعرفة “السنن المنسية”، وأخذ التربية الصحيحة من بيت النبوة والتعرف على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم عامة.

وأوضحت أن فكرة العمل أن يقام ملتقى سني في كل شهر مرة واحدة، بمكان معين، مع تنسيق مع الجهة التي سوف يقام بها الملتقى، بالإضافة لتوزيع مطويات عن الموضوع المختار، مشيرة إلى أنه سيتم قريباً العمل على المشروع بعد أخذ الموافقة.

جهل البعض

بدورها أكدت أم محمد من محفظات السنة بالدائرة أنها تعمل منذ 9 سنوات في هذا المجال، وانخرطت في مجال السنة عن محبة واقتناع، وذكرت أنها تسعى لنشر السنة النبوية في المساجد والمراكز والمؤسسات من خلال الالتقاء بالطالبات، وتسخير كل الوسائل لخدمة الدعوة إلى الله.

وأضافت أن من الكتب التي يتم تدريسها للطالبات: حصن الفتاة، وأخلاق الفتاة المسلمة، وصفة الصلاة، موضحة أن أهم ما يتم التركيز عليه تعليم الفتيات صغيرات السن كيفية الوضوء والصلاة، وكل ما يخص الفتاة المسلمة وغرس القيم والأخلاق النبيلة، وتعليمهن ضوابط الاختلاط بين الأهل والأقارب، وربط الطالبات بالصوم، وذلك كله بأسلوب متدرج وواضح.

على الصعيد ذاته أعربت عن أسفها من جهل بعض الأهالي بقيمة حفظ الفتاة المسلمة للسنة الرسول صلى الله عليه وسلم اعتقادا منهم أن الحفظ ارتبط فقط بالقرآن، موجهة كلمة للأهالي بضرورة حث الفتاة على التعرف على سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتدارس سيرته العطرة، وحفظ أحاديثه الشريفة، داعية الله أن يصبرها ويثبتها ويساندها في طريق الخير.

كسب القلوب

هذا وشاركتها الرأي المحفظة بشرى أبو الروس مبينة أن سبب محبتها للسير في الدعوة وجود المشرفة المميزة المثابرة على رأس عملها وذلك من شأنه أن يشجع الشخص على المضي قدما في طريق الدعوة؛ فهي قدوة حسنة لمن تريد خوض العمل الدعوي لأن القدوة الحسنة تعطي الآخرين قناعة بأن بلوغ هذه الفضائل من الأمور الممكنة.

هذا وذكرت بشرى أنها قرأت وحفظت الكثير من المقررات، منها حصن الفتاة المسلمة، والشمائل المحمدية، والمنتخب، وغيرها من الكتب لكي تكون قادرة على العطاء، والتحقت بالعديد من الدورات لصقل شخصيتها الدعوية.

وعن تعاملها مع المدعوات بينت أنه على الداعية الناجحة أن تتصف باللين والرفق والتلطف مع المدعوات؛ لاستمالتهن وإقناعهن وكسب قلوبهن، والابتعاد عن أسلوب العنف والغلظة والشدة؛ لأن واقع الحياة أثبت فشله وعدم جدواه، وعليها مخاطبة المدعوات على قدر عقولهن، وترغيبهن بالسنة بالمعاملة الحسنة، وأن تؤمن إيمانا عميقا بأهمية المهمة التي رشحت لها؛ فهي من أجل وأعظم المهام؛ حيث إنها مهمة الأنبياء ووظيفته.

تغير جذري

وأضافت أبو الروس أن الاهتمام بالسنة وتدريسها غير من شخصيتها تغييراً جذرياً، حيث أصبحت شخصية متفائلة وسعيدة وانتقل هذا الأثر إلى الأسرة والأقارب، وذكرت أن خلاصة القول أن التمسك بالسنة وتطبيقها  يؤثر إيجابياً على شخصية الإنسان، ويساعده على النجاح واتخاذ القرارات الصائبة؛ فمعرفة سيرته العطرة طريق للإبداع والقيادة والسعادة والنجاح.

وختمت بالتوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يثبتها على هذا الطريق، داعية الفتاة المسلمة صغيرة كانت أم كبيرة إلى السير على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم، مؤكدة أنه لن يتم النصر للأمة الاسلامية إلا بتطبيق سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

مواضيع ذات صلة