وبعد أن تحدثنا في الحلقة الأولى عن: الخطابة في الإسلام، وهل يمكن تعلّم الإلقاء، وتعرّفنا على صفات الخطيب المتميز، وما قد نحتاج إليه قبل الإلقاء وعرّجنا على الجمهور إذا وصل إلى عدد محدد فهو جمهور صغير وله طرق التعامل معه، وكذلك الجمهور الكبير، وما يجب أن نقدم له، وختمنا ذلك بأهمية وجود هدف إلقائي وتعلّمنا طريقة عملية في كتابته.. ها نحن اليوم نكمل في قضية التحضير وما يتعلق بها..
أمور مهمة في اختيار الموضوع
1- قبل أن تبدأ في اختيار الموضوع أو كتابته.. صلِّ ركعتين وادعُ الله أن يوفقك وأن يختار لك ما فيه الخير؛ فبيده التوفيق أولاً وآخرا.
2- أن يكون موضوعك مناسباً للتحدث فيه وكذلك مناسباً للحضور.
3- الإبداع والخروج عن المألوف مطلب مهم في كل موضوع يطرح.
4- عندما يكون موضوعك مصحوباً بروح التفاؤل يكون قبوله أحرى ويثير النفوس للعمل؛ فروح التشاؤم تفرضها علينا ظروف هذا الزمن.
5- قبل أن تبدأ في عملية التحضير قم ببعض التمارين الرياضية ثم اجلس في مكان مناسب وتخلص من جميع ما يلهيك، ثم ابدأ بالله مستعينا.
6-حاول أن تضع وقت البداية في التحضير وذلك بالقراءة في الموضوع وجمع الشواهد ووضع العناصر وتصنيفها وترتيبها وكذلك وقت النهاية من التحضير بحيث يصبح الموضوع جاهزاً.
في ذلك الوقت فإن لم تنته فيه لاستطرادات الموضوع وحاجته إلى البحث الأطول والأكثر فإنك إن شاء الله وان اضطررت لزيادة الوقت لإضافات فسيكون انتهاؤك قريبا مما حددته مسبقاً لأن هذا من تجربة كثير من الناس أنهم لاينجزون إذا تركوا الوقت لأنفسهم مفتوحاً .
العنوان الجذاب
بعد تحديدك للموضوع الذي تود التحدث عنه.. يجب أن تختار له عنواناً مناسباً وجذاباً وحتى يكون العنوان جذاباً تعلّم هذه الأسرار في اختيار عنوانك:
1- اختر عنواناً تحدد من خلاله الفكرة الرئيسية للموضوع دون إبراز الفرعيات.
2- الأسلوب الاستفاهمي يجلب التشويق دائماً مثل: (كيف تحضر موضوعاً).
3- حاول أن لا يزيد عدد كلمات العنوان عن ( ثلاث كلمات ).
4- استخدم الأعداد في عنوانك فهي تجعله أكثر جمالاً مثل: (( خماسية النجاح)) وأخبرك بسرّ آخر في اختيار الأعداد وهو أن الأعداد الفردية هي أكثر جاذبية واستثارة للسامعين.
5- اجعل العنوان هو آخر ما تكبته فاختياره أسهل آنذاك.
6- ابتعد عن العنوان الذي يكون مكروراً ومشهوراً واجعل فيه إبداعاً وحداثة .
مرحلة الإعداد
تحضير الموضوع : تذكر هذه القاعدة : حدد الموضوع – حلل الجمهور – حدد الهدف – أبدع أفكاراً ..
1- اجمع المراجع واعرف ماهي الكتب التي تساعدك في تحضير موضوعك.
2- اقرأ وتمعن.. ثم انتق.. وحتى تجيد الانتقاء لا تترك الدرر التي تلقاها في طيات الكتب أو في الدوريات مثل الجرائد اليومية والمجلات.. بل أجمعها واقتبس منها واجعل لها عنواناً.
3- رتب العناوين والمعلومات التي تريد طرحها.
4- سجل ملاحظتك الشخصية ووجهة نظرك ولا تعتمد فقد على آراء الآخرين وأفكارهم بل تذكر أن لك عقل مثلهم ويمكن أن تضيف وتعدل.
5- الاستشهاد يعطي الموضوع قوة والاستشهاد يكون بـ ( القرآن الكريم – السنة –القصص – الشعر – أقوال وحكم – إحصائيات – وغيرها).
6- ابحث بجد عن آخر المعلومات وأحدث الإحصاءات ولا تعتمد على ما حضرته قبل عدة سنين.
7- من المسودة الأولى: اكتب كل الموضوع ولا تدقق ثم اطبعه على الكمبيوتر ليسهل تصحيح الأخطاء إن وجدت.
8- التعديل: أضف.. ألغ.. عدل.. ثم أعد الترتيب.
9- التدقيق: دقق اللغة وصحح الأخطاء اللغوية.
10- المراجعة النهائية: ألق نظرة نهائية، وتأكد أن كل شيء في مكانه الصحيح.
11- الاختصار النهائي: تأكد من طول الموضوع وأنه مناسب للوقت واختصر إن لزم الأمر.
12- والآن تكون قد وصلت إلى مرحلة كتابة الموضوع ، وإليك بعض النصائح :-
أ. حاول دائماً إذا كتبت أو حضرت موضوعاً أن تكتب جملاً كاملة ولا تكتفي بالترميز.
ب. اكتب فكرة واحدة لكل نقطة فرعية ثم لخصها بحيث لا تزيد عن سطر واحد.
ج. تذكر وأنت تكتب كل جملة أنها: (ترتبط بالهدف.. أنها شيقة وممتعة.. وأنها ذات علاقة بالمستمعين.. وأنها جملة قصيرة).
د. تلطف وليكن كلامك مؤدباً ومراعياً لجميع الحضور.
هـ .أن تكون كلماتك سهلة ومعروفة. اعلم أن كل صفحة مكتوبة بالكامل تأخذ في المتوسط 3-4 دقائق عند الإلقاء.
و . وفي كتابتك النهائية للموضوع على أوراقك الخاصة راعِ التالي:
– اكتب بخط كبير.
– اترك فراغاً مناسباً بين السطور.
– راجع الإملاء والقواعد النحوية.
– لا تنسَ ترقيم الصفحات.
– لا تدبس الأوراق ليسهل تحريكها أثناء الإلقاء.
– ضع أوراقك في ملف حتى تبقى نظيفة ومرتبة.
– الأفضل ألا تكتب المقدمة والخاتمة إلا بعد الانتهاء التام من الإعداد، وحاول في مقدمتك أن تجذب الانتباه وتذكر هدفك ثم تعط فكرة عامة عن موضوعك، وأما في الخاتمة فلخص ما ذكرته خلال كلامك وذكرهم بالأشياء العملية التي خلصت إليها حتى تبقى راسخة في أذهانهم.
– ضع نقطة رئيسية لكل 15 دقيقة.
– اربط حديثك بالموضوع الرئيسي.
– اكتب هدفك ولا تفترض أنك تعرفه.
– لا تحاول تغطية كل الموضوع . الغ الممل أو البديهي واختصر المقدمات.
– تذكر.. أن الخطبة جيدة التنظيم هي نتاج عقل منظم.
– لا تكتب أي كلمة إلا فستضطر إلى قراءتها.
– حدد هدفك قبل جمع المعلومات.
– حضر .. وحضر .. وحضر .. القاعدة : (10 ساعات تحضير لكل ساعة حديث).
– وبعد انتهائك من التحضير تأكد من التالي:
* اطبع الموضوع راجع طباعته وتأكد من خلوه من الأخطاء اللغوية والإملائية ووجود الفقرات والفواصل في أماكنها المناسبة.
* راجع مرة أو مرتين وثلاث ولا تمل وتأكد من تغطية الموضوع.
* قدر الوقت بحيث لا يتجاوز المدة الكلية للحديث.
* وأخيراً .. تأكد من المضمون – التنظيم – الأسلوب- اللغة – القواعد النحوية.
أشكال التحضير
وهنا يترتب على شكل التحضير طريقة الإلقاء ولذا دائماً نقول ونكرر تحضير وإعداد الموضوع أمر مرتبط تماماً بالإلقاء وطبيعته.
1- القراءة فقط: بحيث يكون الموضوع معدًّا ليقرأ كاملاً، وهنا يكفي أن أذكر كلاما نفيسا للدكتور (محمود عمارة) حيث يقول: “إن خطيب الورقة في وادٍ والمستمعون في وادٍ، إنه يسير مع أفكاره المنقوشة لا مع أفكار مستمعيه”. إضافة إلى مافيها من ملل للقارئ والمستمعين ولكن لا بأس بها في بداية الأمر وخاصة إذا كان المتحدث جديداً على الإلقاء حتى يتدرب ويتمرس ثم ينتقل إلى مستوى أعلى.
2- نقاط رئيسية: بحيث لا يكتب الملقي جميع ما يريد أن يقوله بالتفصيل ولكن يضع أهمها فيكتفي بالعناوين العامة ويدون ما قد يحتاج إلى نصه أو قد يصعب حفظه من آيات وأحاديث وأبيات شعرية ومقولات وإحصاءات وأرقام فهذه الطريقة تجعله يتفاعل أكثر مع موضوعه ومع أعين الجماهير. ويطرح ما يحتاجه من أمامه لا أن يطرح ما هو مكتوب في ورقته (ولعل هذه الطريقة هي أفضل الثلاث).
3- استعياب كامل الموضوع: إلماماً تاماً بفرعياته وشواهده وتدرجه وهذا يجعل الطرح أقوى وذلك مع التأكيد على الاستيعاب الكامل بحيث لا يخل بأي شيء منه وهذا يكون نتاج قراءة وإطلاع مكثف على الموضوع وإلقائه أكثر من مرة مما يجعله محفوظاً للملقي.
وموعدنا مع الحلقة الثالثة وانتظر فيها: أهمية التدرب قبل الإلقاء، وكذلك انتظروا فيها مهارات وفنون إلقائية (ما هي الوقفات السحرية – نبرات الصوت ارتفاعًا وانخفاضاً… إلخ) وغيرها من الفنون الخفية والمهارات العملية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
________
* المصدر: منابر الدعوة.