د. رمضان فوزي بديني (خاص بموقع مهارات الدعوة)
نتابع بمزيد من الأسى والألم حلقة من حلقات الاضطهاد والقتل والتنكيل الذي يعاني منه إخواننا في أفريقيا الوسطى، على أساس ديني وعرقي؛ وهو ما
يمثل وصمة عار في جبين البشرية كلها في هذا الوقت الذي ظننا أننا تجاوزنا مثل هذه الحروب؛ التي تتنافى مع كل القوانين والأعراف الدينية والقومية، ومواثيق حقوق الإنسان، وما يزيد الأمر أسى هو هذا التجاهل الدولي التام لما يحدث، وكأن هؤلاء ليسوا بشرا لهم حقوق الاختيار والاعتقاد.
وإذا كان هذا موقف العالم الغربي وغير المسلم؛ فمن العار أن يكون هو أيضا موقف العالم الإسلامي، وفي مقدمته العلماء والدعاة والوعاظ؛ فنحن أمة الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كما أخبر الرسول الكريم صلوات ربي وتسليماته عليه؛ فليس لنا حجة أمام الله تعالى في تقاعسنا وتقاعدنا عن نصرة إخواننا الذين يبادون ويحرقون وتقطع أعضاؤهم وهم أحياء، خاصة مع تعدد وتنوع أساليب النصرة؛ فلم يعد الأمر مقصورا على النصرة في صورتها التقليدية بحمل السلاح ودفع المعتدين..
ففي عصر العولمة والحوكمة لن نعدم من الوسائل ما ننصر به إخواننا، وهنا يأتي العبء على الدعاة بصورة خاصة؛ لما لهم من تأثير في الأمة، وصوت مسموع في أرجاء العالم الإسلامي.
وبصورة مباشرة هذه بعض الوسائل والطرق التي يجب على الدعاة القيام بها نصرة لإخوانهم في أفريقيا الوسطى، وكل المضطهدين من المسلمين في أنحاء العالم الذين اتسعت رقعتهم وزادت أعدادهم في الفترة الأخيرة:
أولا- على الدعاة أن يستنهضوا الأمة من كبوتها لتقوم بدورها المنشود واللائق بها من خلال تركيزهم على معاني الخيرية ومعالم النهوض الحضاري، وفي سبيل ذلك عليهم أن يحسنوا فقه الأولويات، وتطوير خطابهم بما يتناسب مع التحديات التي تواجه الأمة.
ثانيا- على الدعاة أن يركزوا على خطاب الجسد الواحد، بحيث يحيون في الأمة روح الأخوة العامة التي تتجاوز الحدود والأقطار والحواجز؛ بحيث يشعر المسلم بألم أخيه مهما تباعدت الديار وتناءت الأوطان.
ثالثا- على الدعاة تفعيل ما يحدث في أفريقيا الوسطى ومثيلاتها ووضعه في المكان المناسب مع جسامة الحدث بين الأحداث والكوارث التي تحل بالأمة كلها؛ فلا ننشغل بمشكلة سياسية في دولة معا عن أحداث قتل وحرق وتدمير تحدث في دول أخرى.
رابعا- تنويع أساليب الخطاب عن القضية من خلال ما يتاح من إمكانات ووسائل؛ فيستثمر في ذلك الإنترنت والفضائيات والخطب المباشرة وغيرها من وسائل.
خامسا- يمكن للدعاة عمل حملات ضغط على الحكومات والمسئولين الرسميين ليقوموا بدورهم في نصرة هؤلاء المضطهدين.
سادسا- يجب مخاطبة مراكز وجمعيات حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم ووضعهم أمام مسئولياتهم ليقوموا بدورهم تجاه هذه الأزمة.
سابعا- عمل حملات ضغط ورأي عام في الدول الغربية خاصة الداعمة للحرب على المسلمين لإحراج حكوماتهم أمام شعوبهم؛ ليخففوا من دعمهم للمجرمين..
ثامنا- يمكن تفعيل المقاطعة الاقتصادية للدول الداعمة للحرب على مسلمي أفريقيا الوسطى.
تاسعا- تحريك دعاوي قضائية في المحاكم الدولية المعنية بمحاكمة مجرمي الحرب.
عاشرا- استثمار ما يحدث لتوضيح الفرق بين ديننا الإسلامي القائم على العدل والتسامح وقبول الآخر واحتوائه، وإظهار آداب الإسلام وقيمه وآدابه في الحروب التي كانت تنهى عن قطع شجرة أو قتل حيوان، فضلا عن قتل إنسان غير محارب، وبين ما يحدث الآن تجاه المسلمين من أصحاب الديانات الأخرى التي يتقرب بعضهم لربه ويترقى بين رجال دينه بمثل هذه الممارسات اللاإنسانية.
وفي النهاية..
فهذه بعض الاقتراحات التي ألهمني الله بها أضعها بين يدي إخواني الدعاة، وهي قابلة للإضافة والتعديل حسب ظروف كل داعية ومكانه وبيئته، سائلا الله تعالى أن يستخدمنا لنصرة دينه، وألا يستبدل بنا، وأن يعيننا على نصرة إخواننا وحقن دمائهم إنه ولي ذلك والقادر عليه..