القائمة الرئيسية
 الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

الدعوة بالخدمة

فهد القرشي

مركز دعوي

لمراكز الدعوة دور مهم في خدمة الجاليات

يفد إلى هذه البلاد الكثير من الناس لحاجات مختلفة ويبقون هنا لمدد متفاوته. وهؤلاء الوافدون منهم المسلم ومنهم من هو غير ذلك، ومسلمهم قد يكون صحيح الإسلام وقد يكون غير ذلك. ولا شك أن مكاتب الدعوة وتوعية الجاليات تقوم بجهد مشكور لسد هذة الثغرة بدعوة غير المسلمين إلى الإسلام وتبصير المسلمين بأمور دينهم. فجزاهم الله عنا كل خير إذ قاموا بهذا الواجب الكفائي ورفعوا بعض الحرج عن الأمة.

والذي نريد أن نورده في هذه المقالة هو أمر يتعلق بالدعوة غير المباشرة، وتحبيب الوافدين في الدين منذ أول يوم يحطون رحالهم في بلاد المسلمين. ذلكم الأمر هو الدعوة بالخدمة. فلا يخفى على كل من تغرّب عن بلاده قسوة الأيام الأولى ومرارتها. كما لا يخفى عليه صعوبة تلك الأيام حتى يتعرف على أماكن الخدمات التي يحتاجها وكيفية توفيرها بيسر وسهولة. فمنذ وصول الوافد الى بلادنا وحتى تستقر أوضاعة المعيشية ثغرة ينبغي على الحصيفين من أهل الدعوة ألا يغفلوها وأن يحاولوا أن يلجوا من خلالها إلى قلوب أولئك الوافدين لرسم لوحة حسنة عن الاسلام وأهلة، فإن هذا الانطباع الأول له أثر بالغ على المغتربين وذويهم كما لا يخفى على كل ذي لب.

وحين ننظر على سبيل المثال في بعض البلاد السياحية ولاسيما الغربية منها نجد مكاتب متخصصة لدلالة السائحين على أماكن السياحة وكيفية الوصول إليها ومحاولة تيسير كل ما يحتاجه السائح رغبة في رضاه، لكن الحصيف يعلم أن الهدف الحقيقي من هذه الخدمات هو ما بعد الرضا وهو أن يبذل السائح ماله بسخاء هناك حتى يعود مرات وكرات.

روى مسلم في صحيحه عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أنَّ رجلًا سأل النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غنمًا بين جبلَينِ . فأعطاه إياه . فأتى قومَه فقال: أي قومُ أسلِموا. فواللهِ إنَّ محمدًا لِيعطي عطاءً ما يخافُ الفقرَ. فقال أنسٌ: إن كان الرجلُ ليسْلمُ ما يريدُ إلا الدنيا، فما يسلمُ حتى يكون الإسلامُ أحبَّ إليه من الدنيا وما عليها.

لقد بذل النبي صلى الله عليه مسلم ماله لهذا الرجل ولم يدعه إلى الاسلام، لكن هذا الموقف الحكيم منه صلى الله علية وسلم لم يأت بالرجل وحده لكنه أتى وقومه معه ليدخلوا في الأسلام طائعين. وفي قول أنس رضي الله عنه في آخر الحديث ما يدل دلالة صريحة على أن بذل الدنيا للبعض طريقة إلى الدخول في الاسلام ورسوخ قدمه فيه. هذا في حق غير المسلمين، أما المسلمون فقد كان حنو النبي صلى الله عليهم ولينه لهم سبب عظيم في بقائهم عليه وبذلهم له كما قال تعالى {فبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.

إننا معشر الدعاة إلى الله بحاجة ماسة لعرض هذا الدين على الناس بشكل مباشر وغير مباشر حتى يقبلوا عليه ويحبوه ويبذلوا له. إنني أذكر حين كنت في أمريكا أن بعض الكنائس خصصت خدمات تطوعية في أيام الدراسة الأولى لاستقبال الطلاب الجدد من بني جلدتهم ومن غيرهم لتعليمهم طريقة تسجيل المواد في الجامعة وماهية التخصصات المتوفرة وكيفية الحذف والإضافة وغير ذلك. وهذه خطوة أولى لاستدراج أولئك للكنيسة وتعريفهم بها وبدين النصارى المحرف.

إن فكرة الدعوة بالخدمة تقوم على استحداث مكاتب دعوية متخصصة أو أقسام في المكاتب الدعوية القائمة لبذل شيء من الجهد لخدمة الوافدين من المسلمين وغيرالمسلمين في أيامهم الاول وعند حاجتهم وتيسير بعض ما قد يلاقونه من عنت في بعض الدوائر الحكومية أو الصحية أو التعليمية أو الاسكان أو غيرها. كما أن الفكرة تقوم أيضا على بذل شيء من المال على سبيل القرض الحسن للمسلمين وغيرهم لمساعدتهم في تحمل أعباء العيش ومصاريف الحياة. إن غير المسلم حين يلمس أننا نقرضة لأجلٍ مسمى بلا فوائد ربوية سيلمس بلا شك سماحة الاسلام وسمو تعاليمة.

وفي الختام قد يكون شيء من هذا العمل قائم في بعض المكاتب والجهات على سبيل الاجتهاد والإمكان، لكننا نستحث الإخوة أن تكون أمثال هذه الأعمال جزءا أساسا من الهيكل التنظيمي للمؤسسة الخيرية حتى تكون نقلة نوعية في أدائنا الدعوي وحتى نعبّد الطريق الى قلوب غير المسلمين حتى نراهم يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا.

_____

المصدر: صيد الفوائد.

مواضيع ذات صلة