السيد شحتة
بدون وقت، وبدون جهد، يمكنك أن تقوم بتحصيل ملايين الحسنات يوميا، والانضمام إلى قطار الدعاة إلى الله – عز وجل – وذلك من خلال استثمار
المواقف الحياتية التي تمر بآلاف منها كل لحظة، وتوصيل أحد المعاني الإيمانية أو المعلومات الإسلامية إلى الآخرين.
بشهادة الكثيرين؛ فإن المواقف العملية أكثر تأثيرا في سلوكيات الناس من ملايين الخطب والكتب التي يقومون بقراءتها، وهو ما يعني أن كلمة واحدة منك، قد تكون سببا في تحويل مسار حياة أحد الأشخاص بنسبة 100%؛ لتنقله من ظلام المعصية إلى نور الطاعة.
فكر في كل لحظة أن هناك -دائما إلى جوارك- روحا مسلمة في حاجة إلى من يأخذ بيدها إلى شاطئ الأمان في رحاب الإسلام، وذلك قبل أن ينقضي بها العمر، وتلقى الله – عز وجلّ – ولم تقدم سوى التقصير في جنب الله.
بشهادة كافة العلماء؛ فإن الدعوة إلى الله – عز وجل- في الوقت الراهن فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وبالتالي فإن حملك راية الدعوة ليس عملا ترفيا يمكنك أن تقوم به في وقت فراغك فقط أو حينما تقرر أن تفعل هذا .
لا أمتلك مهارات تؤهلني للعمل الدعوي، فأنا لا أستطيع الخطابة كما لا أجيد الوعظ والإرشاد، كما أن المعلومات التي لدي في مجالي العقيدة والفقة قليلة للغاية، وبالتالي فإنني لا أستطيع رغم إيماني بفريضة العمل الدعوي أن أمارسه؛ هذه هي بعض الحجج التي يرفعها البعض.
في حين يقول آخرون: إنّ المشكلة الرئيسة التي تحول دون قيامهم بممارسة أي عمل من الأعمال الدعوية: هو ضيق الوقت، والانشغال الحياتي، وهو مالا يعطيهم أية فرصة لتخصيص جزء من وقتهم للعمل الدعوي. والواقع أن الأعذار السابقة ليست كافية على الإطلاق، كي تحول بين أصحابها وبين العمل الدعوي؛ فهناك حلّ سحري لا يستغرق وقتا أو جهدا، ولا يتطلب امتلاك قدرة كبيرة على الخطابة والتأثير في الناس وهو الدعوة بالمواقف.
المعاني الدعوية
في أي مكان وفي أي زمان يمكنك أن تقوم بالدعوة إلى الله -عز وجلّ- بسهولة ويسر، وذلك من خلال توظيف مواقف الحياة اليومية، في توصيل أحد المعاني الدعوية البسيطة إلى قلوب الآخرين، حيث يكون تأثيرها أكبر كثيرا مما تتخيل.
كثيرون انتقلوا إلى طريق الله – عز وجل – بعدما ظلوا لسنوات طويلة، يعيشون كالأموات في ظلمة المعصية، ولم يكن السبب الرئيس الذي أدّى لانقلاب حياتهم بهذه الطريقة رأسا على عقب، سوى كلمة أو عبارة سمعوها في إحدى المرات من أحد الأشخاص، الذين لم يكن لهم بهم سابق معرفة من قبل.
الابتسامة أحد الأسلحة الرئيسة، التي يجب أن ترفعها شعارا لك في المواقف الدعوية، حيث تعد الابتسامة كما يقول خبراء التنمية البشرية، أحد أبرز وسائل كسب القلوب، ولذلك يجب على الدوام، أن تتذكر أن الابتسامة المرسومة على وجهك، علاوة على أنها صدقة، فإنها في الوقت نفسه وسيلة دعوية بالغة الأهمية، حيث تعطي الآخرين صورة إيجابية للملتزم الحق، وأنه ليس عبوسا أو غاضبا على حياته، كما يحاول البعض أن يصوّر ويبقى الأثر الأساسي للبسمة، هي أنها تجعل لكلامك وحركاتك تأثير السحر على الآخرين.
احمل في حقيبتك أو في جيبك على الدوام بعض المطويات أو الكتيبات الصغيرة، والتي يفضل أن تكون مرتبطة بأحد الأحداث أو المناسبات الإسلامية، وقم بإعطائها كهدايا للناس الذي تقابلهم سواء بصورة مستمرة أو لمرة واحدة في أي مكان من الأماكن، وأعطها لهم وأنت تنظر عليهم، والابتسامة تعلو وجهك، وقل لهم في عبارة موجزة يسعدني أن تقبلوا هديتي البسيطة، ولا تنسونا من دعائكم، وإياك أن توصل إليهم رسالة أنك لم تقم بإعطائهم هذه الهدية سوى لشعورك أنهم مقصرون أو مذنبون في حق الله – عز وجل – فهذا الأمر قد يجعلهم يشعرون بالصدود أو النفور منك، خاصة إذا كان هؤلاء الأشخاص ممن لم يسبق لك رؤيتهم من قبل، وهو ما يعني أن الاحتمال الغالب، أنهم سوف يهملون هديتك، ولا يقومون بقراءتها على أقلّ تقدير، وربما يصل بهم الأمر إلى أن يقوموا بتمزيقها أو إلقائها في الطريق !
العون والمساعدة
شريط الكاسيت أحد الوسائل المهمة جدا في توظيف المواقف الدعوية؛ ولذلك جرّب أن تحمل في حقيبتك مجموعة من شرائط الكاسيت الإسلامية، والتي يجب أن يتم انتقاؤها بعناية شديدة لتكون حول موضوعات عصرية ولخطباء متميزين، وبكلمات رقيقة وعبارات مهذبة مع سائق السيارة التي تركبها، يمكن أن تقنعه بتشغيل الشريط، خاصة إذا كان في إحدى وسائل المواصلات العامة، ليستفيد منه الآخرون، ويمكنك أن تقوم بالأمر نفسه في سيارتك الخاصة، عندما يكون برفقتك فيها آخرون، حيث يقوم الشريط بتوصيل عدد كبير من المعاني التي تريد إيصالها إليهم.
كن في خدمة الآخرين على الدوام، فتقديم العون والمساعدة من أسرع الوسائل في الوصول إلى قلوب الآخرين، ولذلك اجعل شعارك دوما، أن تكون ممن اختصهم الله – عز وجل – بقضاء حوائج الناس، فتوصيلة بسيطة لأحد الأشخاص بسيارتك الخاصة، أو قيامك بإنجاز عمل ما له يقع بدائرة اهتماماتك أو عملك يساعدك بسهولة ويسر، أن تصل إلى إقناعه ببعض المعاني الدعوية أو الإسلامية التي تريد إيصالها إليه.
لا تترك مناسبة دون أن تقوم باستغلالها لتوصيل أحد المعاني الدعوية، ففي العزاء احرص على إظهار تعاطفك مع الآخرين، حتى لو لم تكن صلتك بهم قوية، واحرص أيضا على أن تتواصل معهم بعد ذلك، وأن تعرض عليهم تقديم العون والمساعدة لهم، وفي الفرح كن بجوارهم وافرح لفرحهم؛ وهو ما يضمن لك أن تمارس العمل الدعوي من خلال مواقف حياتك اليومية في ظل انشغالاتك الحياتية التي تستغرق جزءا كبيرا من وقتك.
—-
المصدر: موقع صيد الفوائد