كمال المصري
لقد تعودنا عادة أن تكون المعادلة ثنائية: «الصيف» × «الشباب»، ولكن لماذا لا نحاول أن نجعلها ثلاثية العناصر: «الصيف» × «الشباب» × «الدعوة»؟
فكلما يأتي الصيف تتكاثر الأفكار، وتتدافع الهوايات، ويبدأ الجميع ينفضون عن أجسادهم غبار الدراسة ليبدؤوا فصلاً جديدًا من الأنشطة والقراءات، بل حتى والنوم!!
فالصيف هو منطلق المبدعين، وغرس المثقفين، كما أنه ملجأ الكسولين.
أما الشباب فهم: أيامنا الآتية، وطاقاتنا المتفجرة، وصانعو الحضارة ؛ خيرًا كانت أو شرًّا، للأمام سارت أم للخلف.
فالشباب هم من يُمسك بمِقوَد الأمة، ويحرك دفَّتها، ويسيِّرها في أي اتجاه.
وثالثة الأثافي هي الدعوة؛ حياة كل مسلم، ورسالة كل مؤمن، ومصباح الهدى؛ حيث المسلم رجل أفرغ الله تعالى وجوده في الوجود الإنساني كله، فإذا الإنسانية تتحول به وتنمو، وإذا هو وجودٌ سارٍ فيها يهديها ويلهمها ويرشدها.
وليس يعني جعل المعادلة ثلاثية العناصر أن نهمل تمتعنا بالصيف، سواء تمتع الإبداع والتثقيف والحركة والنشاط، أو حتى تمتع الراحة والاستجمام؛ فلا معنى للصيف بغير ذلك، ولكن الأمل في أن نعيش كمسلمين نمارس إسلامنا، حيث لم نكن أملاً بعيدًا أو صعبًا؛ حيث نبدأ بالسلوك: حسن التصرف، طيب الأخلاق، السماحة، الودّ، فعل الخير، مساعدة كل الناس، الإيجابية… إلخ.
إن الأفعال أعلى صوتًا من الكلمات كما يقول المثل الإنجليزيّ: “Actions speak Louder Than Words”.
فلتكن أخلاقنا أعلى صوتًا من كل كلماتنا.
وبعد أن نُحسِن التصرف علينا أن نُحسِن الكلام أيضًا، فلا نخترق خلوة أحد، ولا نتدخل في خصوصية آخر، ولا نجعل أنفسنا ضيوفًا ثقالاً على ثالث، بل نجيد اختيار الوقت، ونتقن انتقاء الوسيلة، وللكلمة الطيبة – إن أحسنا ظروف قولها – فعل السحر في القلوب.
وليس أمر الدعوة قاصرًا على مكانٍ دون آخر، بل هي في كل مكان: في المصيف والنادي والشارع والبيت، ومع الوالدين والإخوة والأصدقاء والأهل والجيران والغرباء؛ فسلوك المسلم لا يتغير بتغير المكان أو الزمان أو الحال، نحن مسلمون في المسجد حين نصلي، كما نحن في بيوتنا في نظافتنا وترتيبنا وحسن أدبنا، كما نحن في النادي نمارس نشاطًا، كما نحن في المكتبة نقرأ، كما نحن على شاطئ البحر نستمتع بجمال الماء وحلاوة الرمال، سلوكنا واحد، أخلاقنا واحدة، لساننا الذاكر واحد، وكلمتنا الطيبة واحدة، ديننا واحد، وحياتنا واحدة.
إن استمتاع الشباب بالصيف شيءٌ مطلوبٌ ومهم، واستثماره لتكوين الثقافات وإطلاق الطاقات هو تحقيقٌ للغاية القصوى من وجوده، ولكن هلاَّ أعطينا الدعوة جانبًا من الاهتمام؛ حيث المسلم إنسان ممتدٌّ بمنافعه حول أمته كلها، وليس إنسانًا ضيقًا مجتمعًا حول نفسه؟
لو نجحنا في ربط هذه الثلاث معًا لحققنا لكلٍّ منها خير ما فيها: الاستمتاع والراحة، الثقافة والنشاط، الهداية والثواب.
لنجعلها إذن «3 × 3»..
المصدر: موقع إسلاميات.