محمد سرحان
شهر رمضان في تايلاند له مذاق خاص تتعدد مظاهر الاحتفاء به، فهناك من يقيم احتفالا لاستقبال الشهر الفضيل في نهاية شهر شعبان، وآخرون يستقبلون رمضان بالخروج إلى المتنزهات؛ كتوديع لشهر شعبان واستعدادا نفسياً حتى تتجدد لاستقبال شهر رمضان، وفور الإعلان عن دخول شهر رمضان من قبل مجلس شيخ الإسلام عبر الإذاعات والقنوات الفضائية يستقبل مسلمو تايلاند الشهر بالفرح والسعادة، ويطلق الأطفال الألعاب النارية تعبيرا عن فرحهم، وتبدأ مراسم العبادة بإقامة صلاة التراويح في جميع المساجد ( والتي تتجاوز أعدادها 3000 مسجد).
في السابق قبل ظهور الأذان في مكبرات الصوت، كانت تُقرع الطبول عند الإفطار، ويُعرف من يقوم بالضرب عليها بـ”البلّال” تشبيها بالصحابي الجليل سيدنا “بلال بن رباح” مؤذن الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم.
في الغالب ولا سيما في القرى لا يأكل المسلم الإفطار مع عائلته في بيته؛ بل يجتمع المسلمون في المسجد على مائدة الإفطار يتناولون التمر مع المشروبات، ثم يؤدون صلاة المغرب، على أن يكملوا إفطارهم بعد الصلاة، وتعد أشهر الأكلات على مائدة مسلمي تايلاند في رمضان طعام يسمى “سوب” وهو يشبه أكلة “الكوارع” في مصر.
إفطار الصائم
ومن العادات الجميلة في شهر رمضان أن الجمعيات والمؤسسات الخيرية والتعليمية تحدد يوما من أيام رمضان لمشروع إفطار الصائم، وتدعو أهل القرية وغيرهم للمشاركة في الإفطار الجماعي في أجواء إيمانية أخوية تتخللها التوجيهات والتوعيات الإسلامية قبل الإفطار.
بعد تناول الإفطار يستعد مسلمو تايلاند للذهاب إلى المسجد لأداء صلاة التراويح؛ فبعض المساجد تصلي عشرين ركعة وبعضها ثماني ركعات، كل حسب اجتهاده واستطاعته.
ويرتبط شهر رمضان المبارك في تايلاند بالقرآن الكريم؛ إذ يحرص سكانها على تعليم أبنائهم القرآن، ويعتنون بتحفيظه، وفي السابق كان يُحمل حَفَظة القرآن الكريم على الأكتاف، ويُطاف بهم في شوارع المدينة في مظاهرات حاشدة حافلة احتفاء بهم وتشجيعاً لأمثالهم.
يمثل الإسلام في تايلاند –الواقعة جنوب شرق آسيا- حضورا ملحوظا بنسبة تصل إلى نحو 12% من عدد سكان المملكة الذين يفوق عددهم 66 مليون نسمة، إلا أن النسبة الكبرى من المسلمين تتركز بالمنطقة الجنوبية في محافظاتها الخمس (فطاني، وجالا، وناراتيوات، وستول، وجزء من سونكلا)، ويشكلون نسبة 80% من مسلمي تايلاند، وهؤلاء أغلبهم من العرق الملايوي، كما أن المحافظات الجنوبية الأعلى مثل (فوكيت، وكرأبي، وفتلونج، وسوراتتاني، وغيرها)، وهي يقطنها نسبة لا بأس بها من المسلمين، بالإضافة إلى الوجود الإسلامي في المنطقة الوسطى (بانكوك وضواحيها) وهم نتاج التهجير القسري لمسلمي الجنوب ويشكلون نسبة 4% تقريبا.