خالد شمت – برلين
قال رئيس مجلس الهجرة الألماني البروفيسور فيرنر شيفاور: إن الأوضاع السلبية الناشئة عن الاستقطاب الحاد الذي أفرزته حركة وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب “بيغيدا” وتداعيات الهجوم على أسبوعية شارلي إيبدو الفرنسية، تحمل في طياتها فرصة لتطور نوعي يمكن حدوثه في علاقة مسلمي ألمانيا بمحيطهم غير المسلم.
وقال شيفاور -بمقابلة خاصة مع الجزيرة نت-: إن تصدي شرائح واسعة من الألمان غير المسلمين أسبوعيا في الشوارع لمظاهرات بيغيدا يشجع على حدوث هذا التطور المجتمعي الإيجابي، ما لم يقم “متطرفون إسلاميون بتنفيذ اعتداءات داخل البلاد ستكون لها تداعيات وخيمة”.
وأشار إلى أن الاستقطاب الحاد الموجود بين حركة بيغيدا ومعارضيها أوجد فرصتين إيجابيتين، “الأولى هي تطوير الألمان المشاركين بمظاهرات بيغيدا لعلاقة أفضل مع الإسلام، والثانية تراجع التمييز ضد الإسلام إلى حدود ضيقة لأنه يظل للأسف قائما لأجل غير معروف”.
اعتداءات وحظر
وفي المقابل لفت الأكاديمي الألماني البارز إلى احتمال لجوء أحد الألمان -الذين أوصلتهم حركة بيغيدا إلى مستويات مرتفعة من التحريض- للقيام بأعمال عنف ضد المسلمين أو الأجانب خاصة بمدينة دريسدن الواقعة شرقي البلاد حيث تنظم بيغيدا مظاهراتها الأسبوعية.
ورأى شيفاور -الذي يعد أبرز الخبراء المتخصصين في الأوضاع الحقوقية للأقلية الألمانية المسلمة المقدرة بأكثر من 4.3 ملايين نسمة- أن “بيغيدا يمكن أن تحصل على دعم شعبي كبير إذا نفذ الإسلاميون المتطرفون اعتداءات بألمانيا، أو إذا واصلت السلطات حظرها لمظاهرات هذه الحركة بدريسدن”.
وقال: إن التهديدات المنسوبة “لإسلاميين متطرفين” على الإنترنت ضد الحركة المعادية للإسلام والأجانب استغلتها بيغيدا في تبرير مظاهراتها، ونوه إلى أن قبول السياسيين بمبادرات هذه الحركة لدمجها في المجتمع سيكون خطأ كبيرا.
وشدد على أن “قبول السياسة الألمانية بادعاءات بيغيدا الخرافية حول أسلمة المجتمع سيكون جرما يتكرر للمرة الثانية بتاريخ ألمانيا، لأنه سيجعل أقلية دينية سببا للمشكلات”.
واعتبر أن القبول بهذا الادعاء الخاطئ يتسبب في مشكلة سياسية، ويخلق للمرة الثانية صورة “لدين عدو” وهو ما سيؤدي -حسب قوله- إلى عنف محتمل.
وذكر رئيس مجلس الهجرة الألماني أن التقارير الإعلامية عن بيغيدا وخطر “الإرهاب” المحتمل والدراسات المنشورة عن خوف الألمان من الإسلام ساهمت بدور كبير في انتشار أجواء الخوف الحالية بالمجتمع.
ميركل والإسلام
وقال: إن وجود الرافضين للإسلام من أنصار بيغيدا بشرقي البلاد، حيث لا يعيش سوى أعداد بسيطة من المسلمين، يدلل على أن هؤلاء الأشخاص بنوا تصورهم عن الإسلام من التقارير الإعلامية السلبية عنه.
وانتقد شيفاور معارضة دوائر بالحزب المسيحي الألماني الحاكم اعتبار رئيسته المستشارة أنجيلا ميركل أن الإسلام جزء من ألمانيا، وذكر أن هذا الموقف عكس وجود خرق يتسع داخل الحزب الحاكم بشأن الإسلام، ورأى أن ميركل اتخذت بهذا الإعلان موقفا شجاعا بمخالفة موقف حزبها المتمسك بصورة محافظة قديمة تجاه الإسلام.
واعتبر أن موقف ميركل جاء في سياق طبيعي لأن الأعداد المتزايدة من المسلمين الألمان والمهاجرين تدلل على أن الإسلام يمثل واقعا في البلاد وجزءا من المجتمع، وأشار إلى أن مواقف الحزب المسيحي جعلت شرائح من المجتمع الألماني تنظر للإسلام بوصفه دينا غريبا ولأتباعه بوصفهم مختلفين عن مواطني البلاد.
وحذر من أن عدم تجاوز ثنائية “نحن الألمان وأنتم الأجانب أو المسلمون” يكرر واقع الاستقطاب الذي أوجدته حركة بيغيدا، ويهدم كل جهود الاندماج، ويصعب التعاون المجتمعي المطلوب في مواجهة “الإرهاب”، وخلص إلى ضرورة تطوير الانتماء لألمانيا من الكلام إلى ثقافة جديدة تقوم على الاعتراف والاحترام المتبادل بين كافة فئات المجتمع.
—–
المصدر: موقع الجزيرة.نت.