تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما معبراً عن موقفه من حيادية الإنترنت، وطالب لجنة الاتصالات الفيدرالية باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الإنترنت حراً بعيداً عن سلطة جهة ما لتطبيق أي تقييد على موقع أو خدمة. لكن ماذا يعني حيادية الإنترنت؟ وهل علي أن أهتم بذلك؟.
تخيل أنك فتحت متصفح الإنترنت وأردت الدخول إلى غوغل للبحث عن شيء ما، وفجأة توجه المتصفح إلى محرك بحث آخر يدعى فروغل ! هذا المحرك أنشأته شركة الإنترنت التي تقدم الخدمة لك، وأرادت منك أن تستخدمه بدلاً من استخدام غوغل.
أو تخيل أنك فتحت يوتيوب لتشاهد فيلم وثائقي وظهر لك إعلان مدته 30 ثانية، الإعلان ليس مصدره يوتيوب بل شركة الإنترنت الخاصة بك، وهناك عبارة بخط صغير في الأسفل يقول إما عليك الانتظار لانتهاء الإعلان أو توجه إلى موقع الفيديو فيديوب الذي تملكه شركة الإنترنت الخاصة بك أيضاً.
أو تخيل أن تذهب شركة الإنترنت التي تقدم لك الخدمة إلى موقع يوتيوب ويقول له: هناك عشرات الملايين من مشتركينا يدخلون إلى موقعكم يومياً، إما أن تدفعوا لنا عشرة ملايين دولار شهرياً أو سنبطئ سرعة الاتصال الخاصة بهم عندما يدخلون إلى موقعكم بالتالي ستخسرون هؤلاء الزوار وبالتالي ينخفض دخلكم من الإعلانات. حينها سيرضخ يوتيوب ويدفع المبلغ المطلوب. وبالمناسبة هذا ما حصل بالفعل عندما فرضت شركة الإنترنت الأمريكية Comcast على خدمة الفيديو netflix ورضخت لمطالبها.
هذه بعض أشكال “تحيز الإنترنت”.. حتى لا تقع في هذا المأزق .. يجب أن يطبق مفهوم حيادية الإنترنت.
وكانت قد رفعت عدة دعاوى قضائية على شركات إنترنت لأنها حددت سرعة الاتصال و جعلتها أبطئ لبعض المستخدمين عندما يقومون بتحميل ملفات التورنت مثلاً وبذلك بضغط شركات الإنتاج السينمائي.
حسناً، لكن ماذا يريد أنصار حيادية الإنترنت؟ يريدون من لجنة الاتصالات الفيدرالية أن تفرض شروطها على شركات الإنترنت بحيث تقدم خدماتها بدون أي تمييز ولجميع المستخدمين بشكل حر ومفتوح وعادل. وحسب كلام أوباما أنه شبهها بالمرافق العامة كالغاز والكهرباء وليست كخدمة معلومات كما كانت سابقاً.
وبالتالي إن أصبحت الإنترنت كمنفعة عامة لجميع المشتركين، يمكن للجنة الاتصالات الفيدرالية أن تغرم الشركات التي تقوم بالتلاعب في الأولويات لقاء من يدفع أكثر. و المنطق العادل يقول لا يجوز على غوغل أن تعرض لك منتجات شركة في ترتيب أعلى من غيرها عندما تبحث في محرك بحث التسوق وذلك بعد تقاضيها مبالغ مالية لذلك.
ويقودنا هذا إلى مفهوم الأولوية المدفوعة، ولنفرض أنك تستخدم تويتر وفيس بوك، بالتالي يمكن لشركة الإنترنت الخاصة بك أن تذهب إلى تويتر وتطلب منها الدفع لقاء إعطائها ” الأولوية” في حركة البيانات والزيارات إلى موقعها بدلاً من فيس بوك. بالتالي ستلاحظ أنك أثناء استخدام تويتر يكون الإنترنت أسرع من استخدام فيس بوك حيث يتم تحميل الصفحات والتطبيقات بشكل أسرع، وبالنتيجة قد يؤدي هذا الأمر لتذمرك من بطئ فيس بوك بالتالي التخلي عن استخدامه والتوجه إلى تويتر.
لكن ما دام الأمر يتعلق بالدفع، فإن كلتا الشركتين –تويتر فيس بوك– يمكن أن تدفعا لقاء الحصول على الأولوية والسرعة الأعلى، وهنا يرى مبدأ حيادية الإنترنت حتى لا تستمر الحرب على مزودي الإنترنت بمحاباة موقع على آخر، يجب حظر هذه الممارسات نهائياً ومعاقبة الشركات التي تقوم بها.
أما معارضو حيادية الإنترنت فيرون أنه إذا لم تتمكن شركات الإنترنت من الحصول على مبالغ إضافية لقاء هذه الأولويات، فإنها لن تتمكن من الحصول على استثمارات وتمويل كافي لزيادة طاقة بنيتها التحتية وتحسين الشبكات ونوعية الاتصال بالتالي سيتضرر كافة المشتركين.
لكن لماذا يطلب أوباما من اللجنة تنفيذ حيادية الإنترنت؟ أليس هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية؟. نعم مع أنه الرئيس إلا أنه لا يملك السلطة والصلاحية على لجنة الاتصالات الفيدرالية فهي لجنة مستقلة وهنا يأتي أحد أوجه الاختلافات بين أمريكا والعالم العربي حول من يمكنه التحكم و إدارة الإنترنت في البلاد، هل تكون الحكومة؟ أم شركات الإنترنت؟ أم المستخدمين؟ أم جهة مستقلة تمثل مصالح الأطراف كلها؟.
وعلى ذكر العالم العربي أخبرتنا بعض المصادر أن بعض شركات الاتصالات الخليوية و شركات الإنترنت تمارس تواطؤ مشترك ضد موقع وخدمة سكايب تحديداً، حيث يلاحظ المستخدمين بطئ كبير أثناء تحميل متصفح سكايب من موقعه وذلك لأن خدمة سكايب تضر بشكل كبير بمصالح تلك الشركات.
في حين أن الدول العربية – بشكل عام – ليست لديها سياسة واضحة لقاء حجب المواقع فهي عادة ما تحجب أي موقع يتعارض معها و مفاهيم مثل ” حرية الإنترنت” و ” حرية التعبير ” و ” الإنترنت المفتوح ” لا تزيد عن كونها شعارات رنانة فقط تستخدمها أحياناً.
عربياً لايزال المستخدم بعيداً جداً عن ما يعرف بحيادية الإنترنت، فهو بالكاد يمكنه الاحتجاج – أحياناً – على سياسة ” الاستخدام العادل ” التي تطبقها بعض الشركات عندما يصل حجم تبادل بيانات المستخدم إلى حد كبير، لكنه لا يمكنه أن يصل إلى حل لحجب المواقع أو تقييد استخدامه ولازالت كثير من الدول العربية تنظر بها الشركات إلى المستخدمين وكأنها تمنّ عليهم بتوفير الخدمة لهم على الرغم من سوء التغطية والسرعة والانتشار و ارتفاع سعرها. ولازالت الدول العربية تدير الإنترنت عبر هيئات حكومية تخضع للأوامر الأمنية وكأن الإنترنت مؤسسة قطاع عام بيدهم ملكيتها و إدارتها وتحديد كيفية استخدامها والاستفادة منها.
وحتى نصل إلى ” حيادية الإنترنت ” .. استمتعوا بالبروكسيات و حلول VPN المجانية أو المدفوعة.
مراجع: ويكيبيديا – gawker – oatmeal