القائمة الرئيسية
 الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

تفعيل الدور الدعوي للمرأة في الحج

د. قذلة بنت محمد القحطاني

المرأة في الحج

عدد الداعيات بالحج لا يتناسب مع عدد الحاجات

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وحبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين ….. وبعد

لا شك أن موسم الحج مناسبة عظيمة، ومجال خصب للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا كانت جميع مؤسسات الدولة الصحية والأمنية وغيرها تستنفر جهودها وطاقاتها في هذه المناسبة، فحري بأهل الدعوة والإصلاح أن يبذلوا غاية ما يستطيعون، ويعملوا جاهدين على استغلال كل دقيقة بل كل ثانية تتاح لهم في دعوة المسلمين الذين جاءوا من كل فج عميق ليشهدوا  منافع لهم، ولا أعظم من تعليمهم دينهم ودعواتهم إلى الله، وتبصيرهم بما يشاع بينهم من البدع وتحذيرهم من الشرك، في هذا العصر الذي تكالبت فيه قوى البشر لحرب الإسلام، وسلخ هوية المسلم من خلال غزو فكري، وحرب إعلامية شرسة، لاسيما على المرأة المسلمة.

وقبل بيان تفعيل الدور الدعوي للمرأة في الحج لا بد أن أضع بين يدي الدعاة وطلبة العلم والأخوات الداعيات عدة أمور هامة ومنها:-

* ما سبق بيانه من أن الحج فرصة دعوية عظيمة وهي موسمية لا تكرر في العام إلا مرة واحدة، وأني لأعجب من تقصيرنا في استغلاله، ولو أن مثل هذه المناسبة أتيحت لبعض أهل البدع لرأينا ما يفعلون، فلله نشكو عجز المؤمن وجلد المنافق كما ورد نحو هذه  العبارة عن عمر رضي الله عنه .

* إن دعوة المرأة في الحج لم تستغل إلا في السنوات الأخيرة وعلى نطاق ضيق في بعض الحملات، أما دعوة الوافدات من الدول العربية والإسلامية فللأسف لا تكاد تذكر إلا في جهود شخصية لبعض الداعيات وبعض مكاتب الدعوة والإرشاد.

* إن صورة الإسلام قد شوهت في كثير من بلاد المسلمين، بل وإن قضايا المرأة الحقيقية قد أهملت، وأصبحت الماسونية ترفع شعاراتها وتنادي بما تريد على أنه قضية للمرأة؛ ولذا وجب أن تبرز محاسن هذا الدين وأن تجلى الصورة الحقيقية للإسلام، وأن تُعرَّف المرأة  المسلمة بمكانتها التي شرفها بها الإسلام .

* أن من يقوم بدور الدعوة في أوساط النساء هن قلة من الداعيات لا يتناسب عددهن مع هذه الأفواج الهائلة من الحجيج وهذا يستدعي رفع الهمة وبذل أقصى الجهد احتساباً في الأجر، والتغلب على المعوقات وتحمل شيء من الجهد والتعب.. فما هي إلا أيام معدودات تعد نوعا من الجهاد، وكذلك يجب أن تتضافر الجهود وأن يقوم كل مسلم ومسلمة بدوره في الدعوة إلى الله والتبليغ عن رسوله صلى الله عليه وسلم، ولو بآية واحدة .. والدعوة الفردية مجالها واسع وخصب وهي واجب الجميع .

* إن موسم الحج يضم جميع الطوائف والفرق؛ ولذا فلا بد من الأخذ بالاعتبار أن هناك الرافضة والصوفية والمعتزلة والأشاعرة.. وغيرهم من الفرق.. فليكن هذا اللقاء فرصة لنشر مذهب أهل السنة والجماعة.. وتحذير الأمة من خطورة الافتراق والإبداع في دين الله.

* إن كثيرا من الحجاج كانت رحلة الحج نقطة تحول جذري في حياتهم، وكان ذلك بسبب داعية عاشوا معها هذه الأيام الروحانية فغذي أرواحهم وعمق فيهم الإيمان بالله فعادوا من الحج بحال أخرى من الاستقامة والهداية، ولله الحمد.

ومن هنا فأوصي بضرورة ما يلي:

1- الإخلاص لله تعالى:

وهو حقيقة الدين، ومضمون دعوة الرسل، وهو أساس الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة  “قيل لحمدون بن أحمد: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام، ونجاة النفوس ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفوس وطلب الدنيا ورضا الخلق ” أ.هـ

قال ابن عقيل “كان أبو إسحاق الفيروزبادي لا يخرج  شيئاً إلى فقير، إلا أحضر النية، ولا يتكلم في مسألة إلا قدم الاستعانة بالله والإخلاص والقصد في نصرة الحق دون التزيين والتحسين للخلق، ولا يصنف مسألة إلا بعد أن يصلي ركعتين فلا حرج أن شاع اسمه واشتهرت تصانيفه شرقاً و غرباً، هذه بركات الإخلاص” أ.هـ

2- كسب القلوب بحسن الخلق:

والبشاشة والصبر على المدعوين وإظهار المحبة لهم والدعاء لهم، ومراعاة أحوالهم ليتم من خلالها تقديم ما يناسبهم وما يحتاجون إليه.

3- التركيز على العقيدة:

وذلك بأسلوب سهل ميسر، وربط القلوب بخالقها جل وعلا، وتعميق محبة الله تعالى بالنفوس من خلال التذكير بنعمة وآلائه.. وكذلك استغلال مناسك الحج وربطها بقضية التسليم والانقياد لأوامر الله تعالى، واستغلال أيضا القضايا الخاصة التي يعيشونها ويمارسونها لتقرير مسائل العقيدة كالمحبة والخوف والفقر وغير ذلك.

4- الحذر من الفتيا والقول على الله بلا علم:

فمن سئل عن شيء لا يعلمه فليقل (الله أعلم) وليست الدعوة إلى الله تعني أن يصبح الشخص مفتيا.

5- وضوح اللغة وعدم استخدام العامية بقدر المستطاع:

فاللغة العربية إذا تحدث بها الداعية فهم منه الجميع، بخلاف اللهجات التي لا يفهمها إلا أصحابها.

6- وضع خطة مدروسة من قبل المؤسسات الدعوية:

يشارك في وضعها العلماء وطلبة العلم يسير عليها الدعاة، وتشتمل على خطة للدعوة في الداخل والدعوة في مخيمات الدول العربية والإسلامية، وتقويمها باستمرار .. مع التطوير المستمر وتلافي الأخطاء وجوانب الخلل.

وأختم بذكر هذه الاقتراحات وهي عامة للرجال والنساء ومنها:

* إقامة دورات مكثفة لمن يشارك في الدعوة في الحج قبل موعد الحج بوقت كاف.. مع ضرورة إعداد دعاة وداعيات من الدول العربية والإسلامية ليشاركوا في دعوة أهل بلدهم، خصوصاً إذا كانت الدول من الدول الإسلامية غير الناطقة بالعربية.

* ضرورة تواجد الدعاة والداعيات في مكة المكرمة قبل الحج بوقت كاف وذلك للتنظيم والتنسيق، والقيام بجولات للحجاج القادمين من الخارج في أماكن إقامتهم، وشرح المناسك لهم وغير ذلك من الأمور الهامة، خصوصاً وهذه الأوقات مناسبة وهي لا تستغل والحجاج تقريباً لا يوجد ما يشغلهم فيها.. مما قد تكون فرصة لهدر الوقت في الأحاديث واللغو وربما التسوق والتجول في شوارع مكة، وهذا ما يلاحظ من جلوسهم المستمر في الشوارع وعند الأبواب، وللأسف ربما تكون هناك شاشات عرض للقنوات في هذه الأماكن، وهذا شيء يحزن أن يهدر وقت الحاج بمثل هذا الضياع، وأن تلاحقهم أجهزة الفساد إلى هذه المواقع.

* الاستعداد التام واستنفار الهمم لتوزيع أكبر قدر من المصاحف وكتب التوحيد والتفسير والفقه… إلخ، ومهما كانت الجهود المبذولة فهي لا تزال قليل بالنسبة لأعداد الحجاج ؛ ولذا نرى تهافتهم على الكتب وفرحهم بها بشكل يثلج الصدر.

* استغلال فرص التعرف في هذا الموسم، وضرورة التواصل معهم بعد الحج خصوصاً مع المتميزين وذوي القدرات سواء في الداخل أو الخارج، واحتوائهم في أيام الحج بدروس إيمانية وعلمية خاصة.

* يقترح لكل حملة الاجتماع بالحجاج قبل السفر بيوم أو يومين، وحثهم على الإخلاص والتقوى، وشرح صفة الحج بشكل تفصيلي مع استعمال وسائل العرض ومحاولة رفع الهمة للقيام بالحج على أفضل وجه وحفظ الجوارح لا سيما والحاج في هذه الفترة حريص على السماع، ومعرفة ما سيواجه في هذه الرحلة خصوصاً إذا كان يحج لأول مرة.

* أن تقوم الحملات بالترتيب للبرامج وإعداد المسابقات الهادفة وإعداد الملصقات والأشرطة، وحبذا لو تعد حقيبة دعوية يعطاها الحاج عند التسجيل.

وإني لأهمس لأصحاب الحملات ألا يبخلوا بالبذل في هذا الجانب .. فهو إن شاء الله سر بركتهم ونجاحهم مهما كلفهم من المال فهو لا يساوي شيئاً مع الأجور العظيمة التي حصلوها.. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “ولأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم”.

* استغلال الأوقات المناسبة للحجاج.

* توزيع المهام والمسئوليات داخل المخيم، ووضع رئيس للفريق لمتابعة العمل وتنظيم الدروس والمحاضرات، واستضافة الدعاة والعلماء أصحاب الشأن والتأثير في القلوب.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل في السر والعلن،، آمين.

_______

* المصدر: موقع الكاتبة الشخصي.

مواضيع ذات صلة