إعداد: د. رمضان فوزي بديني (خاص بموقع مهارات الدعوة)
لقد خلق الله عز وجل الإنسان من قبضة طين ونفخة روح، وجعل لكل منهما احتياجاته ومتطلباته، وأنزل سبحانه وتعالى من الضوابط والمحددات والأحكام ما يحقق التوازن المطلوب بين كل منهما؛ بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر؛ فبعث في كل أمة رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. فهو سبحانه الذي خلق وسوى، وقدر وهدى، وعلم ما فيه صلاح البشرية ونجاتها، يقول سبحانه: {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك: 14).
وبعلمه سبحانه وتعالى بمن خلق ولطفه بهم أمرهم بإقامة القسط بمعناه العام والشامل الذي يتمثل في علاقة الإنسان بنفسه وعلاقته بربه وعلاقته بمن حوله من الخلق؛ فهذه دوائر ثلاث إذا نحج الإنسان في إقامة القسط فيها تحقق الأمن والسلم المجتمعي الذي هو أحد مقاصد الشرائع السماوية، يقول عز من قائل سبحانه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} (الحديد: 25).
فقد اجتمعت الرسالات السماوية كلها على تحقيق هذا الأمر، كما يقول سيد قطب: “فكل الرسالات جاءت لتقر في الأرض وفي حياة الناس ميزانا ثابتا ترجع إليه البشرية، لتقويم الأعمال والأحداث والأشياء والرجال، وتقيم عليه حياتها في مأمن من اضطراب الأهواء واختلاف الأمزجة، وتصادم المصالح والمنافع.. ميزانا لا يحابي أحدا لأنه يزن بالحق الإلهي للجميع، ولا يحيف على أحد لأن الله رب الجميع” (في ظلال القرآن: 6/3494، سيد قطب، دار الشروق القاهرة).
وقد خُتمت هذه الرسالات جميعا بالرسالة الخالدة التي تنزلت على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فجاءت أهدافها ومقاصدها كلها بما فيه خير الدنيا والآخرة لمن تمسك بها وحرص على تطبيق أحكامها الشاملة في مختلف مناحي الحياة، ويصور ابن القيم هذه الأهداف بكلمة رائعة معبرة إذ يقول: “إنّ الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدْل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدْل إلى الجَوْر، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث؛ فليست من الشريعة، وإن أُدخلت فيها بالتأويل.
فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله -صلى الله عليه وسلم- أتمّ دلالة وأصدقها، وهو نوره الذي أبصر به المبصرون، وهُداه الذي اهتدى به المهتدون، وشفاؤه التام الذي به دواء كل عليل، وطريقه المستقيم الذي من استقام عليه فقد استقام على سواء السبيل” (أعلام الموقعين عن رب العالمين: 3/2).
فالحاجة إلى الدين والشريعة حاجة حتمية، وليست كماليات ترفية، ولا مجرد تحسينات جمالية كما قد يظن البعض.. إنها كالماء والغذاء والهواء بالنسبة للإنسان على امتداد الزمان والمكان وعلى تنوع احتياجاته ومتطلباته الروحية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية، وهو ما نتناوله في هذا الملف..
حاجة فطرية وروحية
مقال بعنوان حاجة البشرية للدين والشريعة.. حاجة فطرية وروحية يتحدث فيه الكاتب د.رمضان فوزي بديني عن حاجة البشرية منذ بدء الخليقة وبحثها الدائم عن الدين، وأن هذه حاجة فطرية وروحية للبشر في كل الأزمان والعصور
حاجة اجتماعية
يعد هذا الموضوع حاجة البشرية للدين والشريعة.. حاجة اجتماعية (2 / 5) أحد حلقات سلسلة حاجة البشرية للدين والشريعة، وفيه توضيح لأهمية الدين في الحفظ الأمن والسلم المجتمعيين، وعرض للجانب الاجتماعي في الإسلام
حاجة سياسية
حاجة البشرية للدين والشريعة.. حاجة سياسية حلقة في سلسلة حاجة البشرية للدين والشريعة، يتناول أهمية العلاقة بين الدين والسياسة وحتميتها لتستقيم الحياة كما أرادها الله تعالى
حاجة اقتصادية
موضوع حاجة البشرية للدين والشريعة.. حاجة اقتصادية حلقة من سلسلة حاجة لابشرية للدين والشريعة، يعرض لدور الدين وأهميته لضبط الاقتصاد الذي هو عماد حياة الناس
حاجة علمية
الحلقة الأخيرة من سلسلة حاجة البشرية للدين والشريعة؛ حيث يعرض لأهمية الدين لضبط وترشيد الطفرة العلمية والتكنولوجية التي تجتاح العالم