القائمة الرئيسية
 الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

دعوة المرأة المسلمة وتحصينها ضرورة واقعية

د. هند بنت مصطفى شريفي

دعوة المراة المسلمة ضرورة يفرضها الواقع الحالي على الدعاة إلى الله، وتحصينها ضد العديد من التيارات الوافدة والأفكار المؤثرة؛ فالمرأة المسلمة تقع -في كثير من المجتمعات الإسلامية- تحت تأثير عدة متغيرات، منها ما يأتي:

المرأة المسلمة والدعوة

تحديات العصر تجعل دعوة المرأة ضرورة

1)) المؤثرات العالمية في عصر الانفتاح، ذلك أن “الطابع العالمي للتفجر المعرفي، وثورة وسائل المواصلات والاتصال والإعلام والطباعة والنشر، قد فتح الأبواب بين الثقافات المختلفة، ونتيجة لذلك صارت المرأة في كل أقطار العالم -بما في ذلك العالم الإسلامي- تتأثر بهذه العالمية الثقافية والأساليب التي تتفاعل مع هذه الثقافات بأشكال تختلط فيها الإيجابيات بالسلبيات، دون معيار ضابط”[1].

2)) الهجمة الشرسة -التي تؤيدها القوى العالمية- على المرأة، وكثرة الهرج والمرج في قضيتها، وما يتبع ذلك من مؤتمرات عالمية وقرارات وتوصيات لاقتلاعها من مبادئ دينها وقيمه، ثم المناداة بخروجها من بيتها ومخالطتها للرجال وتحريرها -كما يزعمون- من هيمنة الرجل والمجتمع والتقاليد، مستغلين فيها بعض العادات والتقاليد المنتشرة في بعض بلاد المسلمين، والتي ليست من الإسلام في شيء، لمهاجمة الإسلام وثوابته من خلالها، وإثارة الشبهات بين صفوف رجاله ونسائه[2].

3)) الثقافات الوافدة المؤثرة على المرأة، وما ينتج عنها من بلبلة فكرية وانبهار بالغرب ولهث لتقليده، مع إبراز المرأة الغربية نموذجا تحتذي به الفتاة المسلمة في حياتها الاجتماعية والأخلاقية، وفي شئونها الخاصة.

4)) تعاظم تأثير وسائل الاتصال الجماهيري (وسائل الإعلام)، حيث لم يعد دورها مجرد المساهمة في التنشئة الاجتماعية، بل أصبحت عاملا رئيسا في تكوين الأفكار والقيم والمبادئ.

لقد تضاءل أثر مصادر المعلومات وطرق التلقي التقليدية الأخرى أمام طوفان الرسائل الإعلامية التي استخدمت أعظم ما توصل إليه العقل البشري من تقنيات الاتصال ووسائل التأثير لغزو العقول والعواطف، بل وحتى الغرائز، لترويج قيم الفكر المنحرف ونشر الرذيلة في المجتمعات المسلمة وغيرها، مما أدى إلى اختلال الموازين الشرعية والخلقية[3].

5)) التقدم العلمي في مجال التكنولوجيا الصناعية، وهو نعمة ورقي وحضارة عند استثماره في تعمير الأرض وتحقيق غاية الاستخلاف فيها، ومن انعكاسات آثار هذا التقدم على الأفراد والمجتمعات بروز (وقت الفراغ) كظاهرة اجتماعية، حيث أسهمت الاختراعات العلمية الحديثة والتطور الآلي إلى اختصار الوقت والجهد، وازدياد وقت الفراغ، وهي ظاهرة لها جوانب إيجابية وجوانب سلبية، فمن إيجابياتها: تأدية العديد من الوظائف التربوية والاجتماعية والثقافية والإصلاحية والاقتصادية، وذلك عند الإعداد المسبق والتوجيه الحسن لاختيار الأنشطة الملائمة لوقت الفراغ، ومن سلبياتها أن وقت الفراغ يصبح تربة صالحة لاستنبات الجريمة والانحراف إذا لم يوجه الوجهة الصالحة، كما أثبتت الدراسات هذا الأمر[4].

هذه بعض المتغيرات التي تعيشها الفتاة المسلمة في واقعها، وتتأثر بها وتشكل شخصيتها، وخطر هذه الأمور يستلزم قيام جهات عديدة بمسؤوليتها الإصلاحية، والعمل على تحصين الفتاة المسلمة علميًّا وفكريًّا، وخلقيًّا وعمليًّا.

——

[1] أصول تربية المرأة المسلمة المعاصرة: حفصة حسن ص 22.

[2] ينظر: ثقافة المسلمة بناء وأداء: د. عبدالرحمن بن زيد الزنيدي ص 17-23 دار الفضيلة للنشر والتوزيع، الرياض، ط:1، 1420هـ/1999م. وأساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة: د. بشر بن فهد البشر ص 34-53 دار المسلم، الرياض ط:1، 1415هـ/1994م. والمرأة المسلمة ومسؤولياتها في الواقع المعاصر: أ. د. فالح بن محمد الصغير ص 9-13، دار إشبيليا للنشر والتوزيع، الرياض، ط:1 ، 1424هـ/2003م.

[3] ينظر: كيف تؤثر وسائل الإعلام، دراسة في النظريات والأساليب: د. محمد بن عبدالرحمن الحضيف ص 34، مكتبة العبيكان، الرياض ط:2، 1419هـ/1998م. والمرأة المسلمة ومسؤولياتها في الواقع المعاصر: د. فالح الصغير ص 69.

[4] ينظر: وقت الفراغ وشغله في مدينة الرياض: عبدالعزيز بن حمود الشثري ص 167-175 من مطبوعات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط:1 ، 1422هـ/2001م.

—-

المصدر: الألوكة.

مواضيع ذات صلة