تحقيق: أمينة سلامة
ما هي الرقابة الذاتية؟ وما مدى حاجة الداعية للرقابة الذاتية؟ وكيف نؤصل مبدأ الرقابة الذاتية في نفس الداعية؟ وما أهمية الرقابة الذاتية وآثارها؟ وهل تختلف درجات الرقابة الذاتية عند الدعاة؟ وما أثر الرقابة الذاتية على المسيرة الدعوية؟ وهل يطبق دعاتنا مبدأ الرقابة الذاتية في أعمالهم أم أنهم بحاجة إلى رقيب؟ وما عواقب ترك الداعية للرقابة الذاتية؟ حزمة من التساؤلات حملنها إلى بعض الدعاة والمختصين يطرحها دعوتها عليهم في سياق هذا التحقيق :-
علاج القلوب
بداية عرف “أ. مازن النجار” الداعية والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بغزة الرقابة الذاتية بأنها: الوازع الديني لتوجيه سلوك الشخص فالأساس في الداعية أن يكون مراقبا ومحاسبا لنفسه قبل أن يظهر للناس؛ فجل العلماء كانوا لا يؤدون الدعوة إلى الله حتى يطبقوها على أنفسهم.
مبيناً أن الداعية المبتدئ بحاجة إلى جهد كبير حتى يرسخ لديه مفهوم الرقابة الذاتية؛ لأنه ربما يتعرض لبعض النزوات والشهوات التي قد تطيح به؛ وذلك لقلة الخبرة لديه؛ فهو بحاجة إلى جهد كبير لتنمية قدراته؛ فعليه أن يقرأ الكتب الروحانية والدعوية التي فيها علاج للقلوب.
وحول اختلاف درجات الرقابة عند الدعاة نوه “النجار” أنه من الطبيعي اختلاف درجات الرقابة عند الدعاة، مؤكداً أنه إذا لم يجتهد الإنسان بين الفترة والأخرى فربما تتراجع طاقته؛ لأن الإيمان يزيد وينقص فهو يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، مبيناً أن الإنسان إذا داوم على طاعة من الطاعات فإن ذلك يفتح له خيراً كثيراً، في حين أنه إذا تعرض لمعصية وقبل بها فربما تكون طريقه لاستمراء المعاصي.
نداء للمؤمنين
وعن أثر الرقابة في حياة الدعاة بين أن الرقابة تجعل من الداعية قدوة حقيقة للمسلم، فكلما كان الإنسان مراقبا لذاته ونفسه ترسخ فيه الوازع الحقيقي، وقال: “الداعية بقدر ما أعطى لنفسه من الرقابة والمحاسبة بقدر ما كان نعم القدوة للآخرين، فإذا أرادت أن تكون إمامي فكن أمامي”.
وأشار”النجار” إلى أنه فيما يتعلق بالتطبيق فإن الأمر يتفاوت من شخص لآخر، معلقاً على واقعنا الحالي بقوله: إننا قد نجد كثيراً من الدعاة أو بعضهم يخالف سلوكهم ما يدعون الناس إليه، وللأسف هذا ما يلتمسه الناس من خلال معاملاتهم مع الداعية، وذلك له تأثير كبير بين الناس، شارحاً أن السلوك الخطأ للداعية ربما يكون مدعاة لتنفير الناس من دعوته.
وعلى الصعيد ذاته أوضح أن نداءات القرآن الكريم الموجه للمؤمنين إنما هي تذكير للمسلم حتى يعي خطورة الموقف الذي يعيشه، ومن هذه النداءات قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (النور: 30)، منوهاً إلى أن هذه النداءات تزكية للنفس ورقابة للإنسان، وقال: من يكون بجانب الإنسان إذا أطلق العنان لبصره؟ إلا أن يكون إيمان الإنسان الذي يوجهه لما فيه خير ونفع لنفسه وللآخرين، ودليل ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6)، مبيناً أن قضية الوقاية تحتاج إلى تدريب وممارسة.
قمة العبادة
وأكد أن الإنسان لا بد أن يعي أن الله عز وجل مطلع على سمعه وفؤاده وبصره، وهذه الوسائل الثلاث التي جعلها الله للإنسان من خلقه ليستقبل منها المعلومات وذكر قوله تعالى {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل:78)، منوها أن شكر الله على نعمه ينبع من ممارسة المسلم للرقابة؛ فقمة العبادة أن تشكر الله سبحانه وتعالى لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (سورة البقرة: 172).
وقال النجار: “هناك العديد من الأوامر والقيم التي يجب أن يمارسها الأبناء، ويتدربوا عليها حتى نغرس فيهم الرقابة الذاتية”، داعيا الآباء إلى الالتفاف إليها وعدم الغفلة عنها؛ فالرقابة الذاتية ثقافة لا بد من زراعتها في الجيل الجديد الملتف حول الحلقة القرآنية المؤمن بالصحوة الإسلامية.
هذا ونصح النجار نفسه والدعاة جميعاً ألا يظهر الداعية سلوكا مخالفا لما يقوله للناس، وأن يطابق قوله عمله اتباعاً لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ} (الصف: 3)، موضحاً أن الرقابة الذاتية في الإسلام هي حقيقة التقوى، وقد وردت الكثير من الآيات والأحاديث التي تدعو إلى التقوى، منها قول رسول صلى الله عليه وسلم وهو يشرح معنى الإحسان “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك” (حديث صحيح).
وقال: “على الداعية أن يصدق مع الله عز وجل ومع النبي صلى الله عليه وسلم ومع المؤمنين، ومعنى الصدق هنا أن تصدق في قولك وفعلك؛ لذلك لا بد للداعية أن يتحلى بأحلى الصفات حتى ينتشر بين الناس”.
عالم بأسرارها
بدوره أكد الأستاذ بجامعة الأزهر د. حسين شحاتة في مقال نشر على صفحات الإنترنت أن “الرقابة الذاتية أسمى أنواع الرقابة فعالية، ويقصد بها أن يراقب الفرد نفسه بنفسه قبل القدوم على عمل معين”، ومدلولها في الإسلام أن الفرد المسلم يخشى الله سبحانه وتعالى في كل تصرفاته وحركاته وسلوكه وهواجسه على دوام الأوقات، ويوقن تماماً أن الله مطلع على ما يخفى وما يعلن ودليل ذلك في كتاب الله قوله: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (غافر: 19)، وقوله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} (العلق: 14)، إن النفس البشرية التي توقن بأن الله تعالى مطلع عليها، عالم بأسرارها، رقيب على أعمالها، تقوم بمراقبة نفسها ذاتياً، وتقارن بين ما تنوى القيام به وما يجب القيام به في ضوء ما شرعه الله تعالى، فإذا ما تأكد المسلم واطمأن إلى شرعية ذلك يقوم بتنفيذ ما ينوي القيام به، قاصداً بذلك رضاء الله ذاكراً قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162)، وبذلك تتحقق الرقابة الذاتية التي تمنع الفرد المسلم من الوقوع فيما يغضب الله تعالى، متحكماً في نفسه الأمارة بالسوء، ومسيطراً على هواه، متذكراً قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} (البقرة: 235). ويعلمنا رسول الله كيف تكون الرقابة الذاتية، فيقول صلى الله عليه وسلم: “اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك” (حديث صحيح)، ويفهم من هذا الحديث أن المسلم عليه أن يتذكر الله تعالى، ويستحضر عظمته سبحانه وتعالى، ويوقن أنه سوف يحاسب أمامه يوم القيامة، ففي ذلك خير وقاء له من الوقوع في الزلات والشبهات واتباع هوى النفس.
مقومات الرقابة
وتناول شحاتة بالشرح مقومات الرقابة الذاتية المتمثلة بالقلب الطاهر النظيف المتصل بالله، مصداقاً لقول الله سبحانه وتعالى: {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ} (المجادلة: 22). وعلى العكس نجد الكافر قلبه مريضا وفي ريب؛ فلا يعبأ ولا يخشع لذكر الله، يصدق فيه قول الله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} (الأعراف: 179).
وتتطلب الرقابة الذاتية التذكر الدائم أن الله تعالى يراقب تصرفات العبد، وهو أقرب إليه من حبل الوريد، وأن هناك ملائكة تسجل عليه تصرفاته وسكناته مصداقاً لقوله سبحانه: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} (الانفطار: 10-12).
كما أن من الرقابة الذاتية معرفة أحكام الدين حتى يتمكن المرء من مقارنة ما ينوي القيام به مع شرع الله، فلا يضل الطريق وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، وعليه أن يسأل أهل الذكر إن ارتاب في أمر، ولذلك أمر سبحانه المسلمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى يقدموا النصيحة والتوجيه للآخرين، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران: 104).
التناصح والتوجيه
في حين نوه أ. نبيل بن جعفر الفيصل في مقال نشر على الشبكة العنكبوتية أن أبرز ما يتسم به المسلم الرقابة الذاتية على نفسه، فهي تشمل كافة شئون الحياة الفردية والجماعية، حيث يعلم أنه خلق لعبادة الله وحده، وبالتالي فإن جميع أفعاله -إدارية أو دعوية- مقياس لمدى طاعته لأوامر الله، ثم محاسبة نفسه قبل أن يحاسبه خالقه، يقول تعالى: {إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (سورة النساء: 1).
والمسلم كذلك مطالب برقابة أخيه المسلم بالتناصح والتوجيه يقول تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ} (سورة التوبة: 71).
وإن كان ترتيب الرقابة في النظرية الإدارية فـي النهاية، إلا أني أعتقد أن عنصر الرقابة هو العنصر الأول والملازم للعملية من بدايـة التخطيط وأثناء التنظيـم والتوجيه وانتهاء بالتأكد من تحقيق الهدف المطلوب. وبذلك يعي الإداري المسلم مدى نجاح دعوته المستمدة من الكتاب والسنة بتوفيق الله كسمة يجب أن يتميز فيها عن غيره.
كيف تحاسب نفسك؟
من جهته أوضح المستشار الاجتماعي “بندر العمري” أن الرقابة الذاتية هي: “كيف تحاسب نفسك بنفسك دون رقيب ولا حسيب؟”؛ فتجد مثلًا شخصًا يمنع نفسه من أن يرتكب خطأً، أو يقول ضميري يمنعني، وشخصًا آخر ارتكب خطأً فيقول ضميري أنبني.
ويضيف “العمري” أن الرقابة الذاتية هي سر من أسرار النجاح؛ لأن الشخص دون أن يدفع من الخارج هو من ذات نفسه يبادر ويقوم بالعمل ليس إرضاءً للناس ولكن إرضاءً لله عز وجل، مبينًا أن الإخلاص في أي عمل نقوم به مرتبط بالرقابة الذاتية، إذ إن أعلى مراتب الإيمان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، مضيفًا أن الرقابة الذاتية إذا توفرت في الإنسان فإنه لا يحتاج لرقيب أو حسيب.
مقام الرقابة
على الصعيد ذاته عرفت أ. مروة شحادة -إخصائية نفسية من غزة- مبدأ الرقابة الذاتية بأنه أعلى درجات الإيمان، وهو زاد الداعية الذي يتزود به كي يصل إلى هدفه الذي يعتمد على تقوى الله تعالى لقوله عز وجل {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} (سورة البقرة: 197)، مؤكدة أن الداعية هو الأحوج إلى تطبيق وترسيخ مبدأ الرقابة الذاتية؛ فكيف يمكن للداعية أن يؤثر في الناس ويستقطبهم إن لم يكن قدوة حسنة لهم؟ فالذي يدعو إلى مكارم الأخلاق وأخلاقه سيئة لن تكون دعوته مستجابة، ولن يلقى إلا الصد والإعراض، والذي يحض الناس على التضحية والبذل والعطاء وهو شحيح لن يلقى آذانا صاغية من الناس.
ولتأصيل مبدأ الرقابة الذاتية في نفوس الدعاة قالت شحادة: “إن ميزان النجاح في السير إلى الله هو الوصول إلى مقام الإحسان، وأعلى مقامات الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه”، وإذا أردت أن تعرف تقصيراً من كمالك فابحث في قلبك؛ فذلك الميزان الذي لا يخطئ، فإن وجدت في قلبك مراقبة فأنت تسير في الاتجاه الصحيح، ومن علامات صحة القلب أن يستشعر المسلم صفات الله عز وجل، وهذا هو مقام الرقابة الذاتية، منوهة أنه لا يمكن للقلب أن يصل إلى مستوى الشفافية إلا بكثرة الذكر والتأمل والاستغفار.
وعن اختلاف درجات الرقابة عند الدعاة أشارت إلى أنه بالفعل هناك تفاوت، لكن لا بد أن يتمتع كل داعية ولو بالحد الأدنى من الرقابة الذاتية على النفس، مبينة أن عدم توفر الحد الأدنى من الرقابة الذاتية قد تجعل الداعية عديم الفائدة، ويتسبب بالضرر للإسلام.
علاقة جذرية
وعن أثر الرقابة ذكرت “شحادة” أن الرقابة الذاتية هي إحساس العنصر البشري -وبالأخص الداعية- أنه مكلف بأداء العمل ومؤتمن عليه من غير حاجته لمسئول يذكره بمسؤوليته؛ فالداعية الذي يطبق مبدأ الرقابة الذاتية على نفسه فإن نفسه تستقيم ويكون مثالا للقدوة الحسنة، وبالتالي العلاقة بين نجاح المسيرة الدعوية وتطبيق الرقابة الذاتية علاقة جذرية؛ لأنه لا نجاح بدون قدرة على المراقبة الذاتية، والدعوة غنية بالدعاة القادرين على اجتذاب الناس إلى الإسلام، وهي الدعوة التي يصبح حظها من النجاح وتحقيق أهدافها قويا إلى جانب أن تكون متوفرة لها كافة الجوانب الأخرى.
هذا ونصحت الجميع بأن يكون التطبيق على أرض الواقع في سلوكياتهم وأفعالهم مع الناس وفي أخلاقهم الإسلامية، فلا بد أن تكون الرقابة حقيقة ثابتة نمشي بها على الأرض؛ فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قرآنا يمشي على الأرض.
مفاتيح القلوب
في الإطار ذاته أشارت إلى العواقب فقالت: “إذا كان الداعية لا يعاقب نفسه ولا يحاسبها فإن ذلك ينعكس على سلوكه”، فالدعوة الفقيرة بالدعاة القادرين على مراقبة أنفسهم واستيعاب مَن حولهم تكون دعوة عقيمة محدودة الانتشار، وترسم آثارا سلبية على المجتمع، إلى أن يقيض الله رجالا تتوافر لديهم أسباب الرقابة والتأثير على الناس، فيستبدل بها دعوة أخرى لا تكون مثلها، وتلك سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا، وصدق الله إذا يقول: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ} (يس: 68).
وختمت “شحادة “حديثها مبينة أن كل إنسان مسلم حين يتبع الرقابة الذاتية فإنه يحسن من نفسه وسلوكياته وأخلاقه، فالداعية الذي لا يملك من المفاتيح ما يفتح القلوب والعقول لن يتمكن من اجتذاب أصحابها لدعوته، منوهة أن الرقابة الذاتية عند الداعية تنمي لديه خصالا وأخلاقيات حسنة مثل الصبر والحلم والرزق والتيسير وخفض الجناح وطلاقة الوجه وطيب الكلام والكرم والإنفاق على الناس وخدمة الآخرين وقضاء حوائجهم، في حال وجود كل هذه الخصال عند كل داعية فإنه سيصبح لدينا مجتمع قوي متماسك، ولديه ثقة بالدعاة، وتتجلى عنده القدوة الحسنة، كما يتولد لدى الإنسان المسلم الشعور بالأمان، فكل هذه الأخلاقيات لا يمكن أن يحصل عليها الداعية دون أن يكون مبدأ الرقابة متأصلا في نفسه؛ فإن الداعية الذي ينمي مبدأ الرقابة الذاتية في نفسه بالتأكيد سيكون داعية يجتذب الناس العامة إلى تطبيق شرع الله عز وجل في المجتمع بأكمله.
وهمست في أذن كل داعية قائلة: “التزمي بتقوى الله سبحانه وتعالى لكونكِ القدوة الحسنة للناس جميعا؛ لأنه إذا نفر الناس من دعوة الله عز وجل فأنتِ المحاسبة أمام الله”، مؤكدة أن التنفير سببه عدم تطبيق مبدأ الرقابة الذاتية، وعدم محاسبة النفس ومراعاة الناس، وعدم الأخذ بمبدأ الرفق واللين مع الناس.
المصدر: موقع دعوتها.