القائمة الرئيسية
 الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

فن الحوار في الإسلام

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد..

يعدّ الحوار من أهم وسائل التفاهم بين بني البشر، فهو ضرورة سياسية واجتماعية وأخلاقية، بل يعد من أهم وسائل الدعوة إلى الله، وقد ركز القرآن الكريم في كثير من الآيات على لغة الحوار، وكذلك السنة النبوية المشرفة، وأصبح علمًا مستقلا يدرّس في الجامعات، ومن ثم فعلى الدعاة وشباب الصحوة الإسلامية الذين يحملون هم الدعوة أن يتقنوا فن الحوار لأنه من أهم وسائل التغيير ومن أجل الوصول إلى قلوب الناس وجذبها نحو الفضيلة للمساهمة في بناء مجتمع حضاري يسوده الود والحب والوئام.

خطورة الموضوع

لقد اختلف السلف الصالح رضوان الله عليهم، لكن اختلافهم في الرأي لم يكن سببا لافتراقهم، انهم اختلفوا لكنهم لم يتفرقوا، لأن وحدة القلوب كانت أكبر من أن ينال منها شيء، إنهم تخلصوا من العلل النفسية وإن أصيب بعضهم بخطأ الجوارح.

وكان الرجل الذي بشر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة بطلعته عليهم وأخبرهم أنه من أهل الجنة، هو الذي استكنهوا أمره وعمله فتبين أنه لا ينام وفي قلبه غل على مسلم …

أما نحن اليوم فمصيبتنا في نفوسنا وقلوبنا، لذلك فإن معظم مظاهر التوحد والدعوة إليه والانتصار له إنما هي عبارة عن مخادعة للنفس، ومظاهر خارجية قد لا نختلف فيها كثيرًا عن غيرنا.

قاعدة للإمام النووي

الأمر المجمع عليه لا خلاف فيه.. والأمر غير المجمع عليه لا إنكار فيه.

قواعد الحوار وأصوله

  • تحديد موضوع الحوار.
  • مناقشة الأصل قبل الفرع.
  • الاتفاق على أصل يُرْجَع إليه.

وصايا للحوار الجيد

  • رتب أفكارك.
  • كن حسن الإلقاء.
  • تخصص وتعلّم.
  • الفهم قبل العلم، والوعي قبل السعي.
  • تواضع مع من تحاوره وتناقشه.

عناصر اللقاء

  1. مفهوم الحوار والمحاورة.
  2. الاختلاف سنّة كونيّة وطبيعة بشريّة.
  3. الحوار والخلاف وصور من أدب العلماء عند الخلاف.
  4. أدب الصحابة عند الاختلاف في أمر ما.
  5. آداب المسلم عند الحوار.
  6. مواصفات الحوار الإيجابيّ.
أولا: مفهوم الحوار والمحاورة:

هي المراجعة والحديث بين طرفين بأسلوب هادئ بعيد عن الخصومة والتعصب.

ثانيًا- الاختلاف سنة كونية:

يقول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم: 22]، فهذا اختلاف ظاهر في حياة الناس حسب ما خلق الله تعالى، وهناك اختلاف في الآراء والعقول والأفكار، يقول تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118].

وهذا الخلاف واقع للفروق الفردية بين الناس.

يحكي الإمام الغزالي:

أنّ “جماعة من العميان سمعوا أنه حمل إلى البلدة حيوان عجيب يسمى الفيل، وما كانوا قط شاهدوا صورته ولا سمعوا اسمه، فقالوا: لا بد لنا من مشاهدته ومعرفته باللمس الذي نقدر عليه فطلبوه، فلما وصلوا إليه لمسوه، فوقع يد بعض العميان على رجليه، ووقع يد بعضهم على نابه، ووقع يد بعضهم على أذنه، فقالوا: قد عرفنا.

انصرفوا سألهم بقية العميان فاختلفت أجوبتهم، فقال الذي لمس الرجل: إن الفيل ما هو إلا مثل أسطوانة خشنة الظاهر، إلا أنه ألين منها.

وقال الذي لمس الناب: ليس كما يقول بل هو صلب لا لين فيه ،وأملس لا خشونة فيه، وليس في غلظ الأسطوانة أصلا بل هو مثل عمود.

وقال الذي لمس الأذن: لعمري هو لين، وفيه خشونة، فصدق أحدهما فيه، ولكن قال: ما هو مثل عمود ولا هو مثل أسطوانة، وإنما هو مثل جلد عريض غليظ.

فكل واحد من هؤلاء صدق من وجه إذ أخبر كل واحد عما أصابه من معرفة الفيل، ولم يخرج واحد في خبره عن وصف الفيل، ولكنهم بحملتهم قصروا عن الإحاطة بكنه صورة الفيل.

فاستبصر بهذا المثال واعتبر به” (إحياء علوم الدين).

___

المصدر: موقع منارات.

مواضيع ذات صلة