د. رمضان فوزي بديني (خاص بموقع مهارات الدعوة)
الداعية الذي وقف نفسه على الدعوة بمفهومها العام لا بد له من تكوين شرعي متوازن ومتكامل؛ حتى ينجح في أداء مهمته.
لا شك أن علم الدعوة هو أحد العلوم الشرعية؛ بل هو واسطة العقد بين هذه العلوم؛ حيث إنه يعد النافذة التي تنفذ منها هذه العلوم إلى الناس؛ فكل من يتعلم علما شرعيا معني بتوصليه وتبليغه للناس، وهذا في حد ذاته هو لب الدعوة وصلبها.
ومن هذا العلوم والتخصصات التي لا يسع الداعية الجهل بها:
علوم القرآن الكريم
القرآن الكريم للداعية كالهواء والماء للكائن الحي، لا يمكنه أن يعيش ويسير في طريقه إلا باصطحابه في حله وترحاله؛ من أنواره يستضيء في ظلمات الطريق، ومن قصصه يستمد العزم واليقين، ومن إشعاعاته تنفتح مدارك عقله وتسمو آفاق نفسه، ومن دروسه تتربى شخصيته الفريدة المتميزة تربية شاملة متكاملة؛ ولذا فعلى الداعية معايشة كتاب الله تعالى تلاوة وحفظا وتدبرا وتطبيقا، مع الحرص على تعلم أحكام التجويد والتلاوة، وأخذ فكرة عن ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، ومصاحبة كتاب تفسير لمطالعة ما يشكل عليه من آياته.
علوم السنة النبوية
السنة هي ما أُثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة خَلْقية أو خُلقية، أو سيرة. وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- هو سيد الدعاة وإمامهم فلا بد للداعية من أن يكون ملما بسيرته العطرة، حافظا لبعض أحاديثه، مقتفيا أثرهن من خلال الاطلاع على أمهات كتب الحديث المعتمدة والموثوقة.
علم العقيدة (أو علم الإيمان)
وهو علم يبحث في أسماء الله وصفاته، ويُقيم الأدلة على وجوده ووحدانيته -سبحانه وتعالى، ويوضِّح أركان الإيمان ودعائمه، ويدرس الفِرَق الإسلامية دراسة مقارنة.
لذا فلا بد للداعية أن يحيط بأركان الإيمان وحقيقته ومسائله ونواقضه، وما لا يسع أن يجهله من مسائل الاعتقاد.
علم الفقه
الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المستمدة من أدلتها التفصيلية.
فالدعوة الواعية المتحصنة بالفقه قادرة على تحقيق مرضاة الله تعالى، والحذر من المتربصين بالدعوة… فالفقيه الداعية جمع الله له صفات أهل الفقه وأهل الدعوة؛ فآتاه الله مع العلم شرف تحمل مسؤولية نشره وتبليغه؛ فصفاته نتاج تفاعل فقهي دعوي؛ فهو يصحح للناس عقيدتهم وينشر فيهم العلم والفقه، ويضبط لهم نصوص الشرع ويحققها، ويرفع عن أعينهم غشاوة الجهل والتقليد الأعمى([1]).
علوم اللغة
من العلوم التي يجب على الداعية إتقانها علم اللغة بفروعها المختلفة؛ لأنه العلم الذي به يوصل فكرته بصورة آمنة لا لبس فيها؛ فاللغة العربية بفروعها وعلومها المختلفة هي سلاح الداعية، ووسيلة التواصل بينه وبين المدعوين؛ ولذا يجب أن تكون سليمة وصحيحة بما يضمن سلامة الفكرة وسلاستها في الأداء؛ فعليه أن يدرس علم النحو ليضبط جملته، وعلم الصرف ليضبط كلمته، وعلم البلاغة ليحسن التعبير عن فكرته، ويسمى علم اللغة “علم الآلة” أي آلة توصيل العلوم؛ ولذا تم تقديمه على باقي العلوم.
[1]– العلاقة بين الفقه والدعوة: 295، مفيد خالد عيد، مكتبة دار البيان، دار ابن حزم.