القائمة الرئيسية
 الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

محمد علي كلاي.. من حلبة الملاكمة إلى حلبة الدعوة

هاني ضوَّه:

حالة من الحزن سيطرت على المسلمين في الولايات المتحدة والعالم أجمع عقب وفاة الملاكم الأسطورة والداعية الأمريكي محمد علي كلاي فجر السبت (4 /6 /2016) عن عمر ناهز 74 عامًا.

كلاي

استمرت رحلة هدايته عدة سنوات

وُلِدَ كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور -محمد علي كلاي- في 17 يناير 1942 في مدينة لويزفيل بولاية كينتاكي الأمريكية، لأسرة فقيرة، وعانى مع أسرته من سياسة التفرقة العنصرية التي كانت سائدة في هذه الفترة.

كانت بدايته في عالم الملاكمة عام 1954م، وحقق الكثير من البطولات الكبيرة، واستمر متربعًا على عرش البطولات حتى بعد اعتزاله فكان صاحب أسرع الضربات القاضية.

هكذا اهتديت

وفي أوج مجده وانتصاراته أعلن كاسيوس كلاي إسلامه في عام 1975م، واختار لنفسه اسم محمد علي كلاي، وكان يميل إلى التصوف الصحيح وأعلن محمد على كلاى أنه صوفي في عام 2005.

وللملاكم محمد علي كلاي تسعة أبناء وبنات هم: مريم، ورشيدة، وجميلة، وهناء، وليلى، وخليلة، وميا، ومحمد جونيور، وأسعد.

ويحكي محمد علي كلاي قصة إسلامه، وكيف أعلنه فيقول:

“لم أكد أبلغ العشرين من عمري حتى تمكنت من تحقيق بطولة الوزن الثقيل في دورة ولم تمض سنوات قليلة حتى تمكنت من انتزاع بطولة العالم للمحترفين من شرير الحلبة (وني ليستون) في واحدة من أقصر مباريات الملاكمة، إذ لم تستغرق سوى ثوان معدودة، توجت بعدها بطلا للعالم.. وبين ضجيج هتافات المعجبين، وبريق فلاشات آلات التصوير، وقفت لأعلن أمام ملايين الشهود -الذين تحلقوا حول الحلبة وأمام أجهزة التلفاز- إسلامي، مرددًا: “أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله”، وغيرت اسمي إلى “محمد علي كلاي”، لأبدأ -وسط دهشة المشاهدين- معركة أخرى مع الباطل، الذي أزعجه أن أعلن إسلامي بهذه السهولة والبساطة”.

ويضيف قائلًا: “إن اتجاهي نحو الإسلام كان أمرا طبيعيًا يتفق مع الفطرة، فطرة الله التي فطر الناس عليها، وقد استغرق رجوعي إلى فطرة الحق سنوات من التفكير الممعن، كانت بدايته عام 1960م حين اصطحبني صديق مسلم إلى المسجد لأسمع شرحًا عن الإسلام، إذ أحسست وأنا أنصت للشيخ بنداء الحقيقة ينبعث في داخلي حانيًا قويًا، وصاح صائح في أعماقي يدعوني إلى تلمس الحقيقة، حقيقة الله والدين والخلق”.

رحلة شاقة

ويتابع: “لقد استغرقت رحلتي الإيمانية سنوات من المقارنة بين الإسلام والمسيحية، وكانت رحلة شاقة، فالكل من حولي ما بين مثبط ومضلل، والمجتمع نفسه مجتمع يشيع فيه الفساد، ويختلط فيه الباطل بالحق، ثم إن الدعاية الكنسية تصور المسلمين في صورة همج، وترجـع أسباب تخلفهم إلى الإسلام، إلا أني- وقد هداني الله ونور بصيرتي – عمدت إلى التمييز بين واقع المسلمين اليوم، وحقيقة الإسلام الخالدة، إذ وجدت في الإسلام دينا يحقق السعادة للبشر جميعا، ولا يميز بين لون وجنس وعرق، فالكل متساو أمام الله – عز وجل -، أفضلهم عند ربهم أتقاهم، فادركت أني أمام حقيقة ربانية لا يمكن أن تصدر عن بشر.

كلاي والجيش الأمريكي

ومن أهم الأحداث في حياة الأسطورة محمد علي، رفضه الخدمة في الجيش الأمريكي، ومعارضته الحرب ضد فيتنام.

واعتبر محمد علي أن “هذه الحرب ضد تعاليم القرآن”. كما أعلن في العام 1966، وقد سوّغ موقفه بالقول: “لن أحاربهم -قاصدا فيت كونج الجيش الشيوعى في فيتنام- فهم لم يلقبوني بالزنجي”، في إشارة إلى تعرضه للتمييز العنصري في الولايات المتحدة بسبب لون بشرته.

وكان محمد علي كلاي يعاني من مرض مرض الباركينسون (الشلل الرعاش) منذ أكثر من 30 عاماً وفي الأعوام الأخيرة كان ظهوره نادراً.

مركز محمد علي

في عام 2005م أنشأ محمد علي كلاي مركزًا في مسقط رأسه لويزفيل باسم مركز محمد علي، حيث يعرض فيه حاليًا مقتنيات تذكارية، كما يعمل المركز كمنظمة غير ربحية على نشر أفكار السلام، والرخاء الاجتماعي، ومساعدة المحتاجين، والقيم النبيلة التي يؤمن بها محمد علي كلاي.

يتضمن مركز محمد علي كلاي قسمًا خاصًّا بــالتعليم يهدف إلى تشجيع التفوّق. وقال محمد علي كلاي في بيان تأسيس المركز: “أريد مكانًا يحض الأشخاص على أن يعطوا أفضل ما عندهم في أيِّ مجالٍ يختارونه”.

وأضاف: “أراد أنصاري أن يبنوا مُتحفًا ليكرِّس إنجازاتي، ولكنني أردت أكثر من مجرد مبنى يضم ذكرياتي؛ فلطالما تحدّيت الحدود في حياتي. أنا رجل عادي عمل بجهد لتطوير الموهبة التي وهبني الله إياها”. وقد كُلِّف المركز 75 مليون دولار أمريكي، ورُفِعَت عليه أعلام 141 دولة أسهم أطفالها في أعمال المركز.

ومنذ أن بدأ محمد علي كلاي مسيرة العمل الخيري سافر إلى بلدان كثيرة لتقديم المساعدات الطبية للأطفال والفقراء، ومن بين البلدان التي زارها: المغرب، وساحل العاج، وإندونيسيا، والمكسيك، وغيرها.

ولا يقتصر نشاط مؤسسته الخيرية على الخارج، بل تكثِّف جهودها لمساعدة التجمعات الفقيرة داخل الولايات المتحدة، خصوصًا بين الأميركيين الأفارقة الذين يحظى بحبهم واحترامهم.

وقد أعلنت زوجة محمد علي كلاي أن المركز الذي أقيم باسمه في مسقط رأسه يُشكِّل ذروة حـلم زوجها الطويل والكبير، وقالت: “شعرنا أن دائرة في حياتنا قد اكتملت”.

____

* المصدر: موقع مصراوي.

مواضيع ذات صلة