القائمة الرئيسية
 الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس
أكاديمية سبيلي Sabeeli Academy

مندوب “تحرير مورو الإسلامية”: 4 تحديات رئيسة تواجه مستقبل بانجسامورو

خاص لـ(مهارات الدعوة) ـ هاني صلاح

أكد عبدالوهاب علماء كويلان” –مندوب جبهة تحرير مورو الإسلامية بالقاهرة، وعضو هيئة الدعوة بالجبهة- أن هناك 4 تحديات رئيسة تواجه مستقبل الكيان السياسي الجديد المزمع إنشاؤه في المناطق ذات الغالبية المسلمة بجنوب الفلبين، المعروف باسم “بانجسامورو.

وأضاف كويلان في حوراه مع موقع “مهارات الدعوة” أن التحديات الأربع تتمثل في “ضعف الميزانية المالية”، و”قلة الكوادر المتعلمة والمدربة”، و”وجود جماعات مسلحة خارج عملية السلام”، و”غياب الأمن وانتشار الجريمة”..

و”بانجسامورو”.. هو كيان سياسي جديد لمسلمي جنوب الفلبين يتم التحضير لإنشائه حالياً، ويتمتع بصلاحيات أوسع من الحكم الذاتي وأقل من صلاحيات الدولة. ويعد ثمرة تفاوض طويلة على مدار عشرين عاماً.. وذلك بعد أكثر من أربعة عقود متصلة من الصراع المسلح مع الحكومة الفلبينية.

وإلى نص الحوار:

ـ مرت عملية السلام في جنوب الفلبين بمراحل طويلة الأمد.. فهل لكم أن تعطونا نبذة مختصرة عن هذه المراحل منذ انطلاقها وحتى يومنا الحالي؟

ـ المفاوضات بين جبهة تحرير مورو الإسلامية، والحكومة الفلبينية مرت بعدة مراحل، على النحو الآتي:

1 ـ المرحلة الأولى: بدأت عام ١٩٩٨م، في عهد الرئيسة الفلبينية “غلوريا مكافاغال”، وأثمرت عن الاتفاق المسمى بـ:(MOA ID)، والتي نصت علي إعطاء الحكم الذاتي للمسلمين في مناطقهم بجنوب البلاد، واعترف هذا الاتفاق بهوية مسلمي الفلبين الخاصة، وأنهم يمثلون كيانا مستقلا، ويعتبرون شعبا آخر غير الشعب الفلبيني، حيث يسمي بـ(شعب مورو).

ولكن في الدقائق الأخيرة وقبل توقيع الاتفاق في كوالالمبور عاصمة ماليزيا؛ تراجعت حكومة الفلبين عن توقيع هذه الاتفاقية بدعوى أنها غير دستورية، وذلك بناء على قرار صدر من المحكمة العليا؛ وهو ما أسفر عن اندلاع الحرب مجدداً بين الجانبين.

وبعد نحو أسبوع من اندلاع القتال ألحت حكومة الفلبين على حكومة ماليزيا بلعب دور الوساطة مرة أخرى بين الجبهة والحكومة بهدف الرجوع من جديد إلى طاولة التفاوض؛ ولكن دون أن يسفر عن اتفاقيات محددة في تلك الفترة.

2 ـ المرحلة الثانية: كانت في عهد الرئيس “نينوي إكينو الثالث”، وأثمرت عن اتفاقيتين، هما:

أ ـ الاتفاق الإطاري: التي تم فيه تحديد البنود التي يتم التفاوض فيها، وهي كل البنود التي شملتها الاتفاقية في عهد الرئيسة غلوريا، وتم زيادة بعض البنود في صالح المسلمين.

ب ـ الاتفاقية النهائية: وفي عام ٢٠٠٨م تم توقيع الاتفاقية النهائية، التي نصت على منح المسلمين حكما ذاتيا يتمتع بصلاحية واسعة، وتم الاتفاق على تقاسم الثروات سواء أكانت ثروات طبيعية أم ثروات معدنية. وكانت النسبة في الثروات الطبيعية ٧٥٪ للمسلمين، و٢٥٪ لحكومة الفلبين، بينما في الثروات المعدنية كانت النسبة ٦٠٪ للمسلمين، و٤٠٪ لحكومة الفلبين، لكن هاتين الاتفاقيتين لم يتم تنفيذهما بسبب تعنت حكومة الفلبين حتى انتهى حكم الرئيس إكينو.

ثم جاء الرئيس الحالي “رودريغو دوتيرتي”، ودعا إلى المفاوضات مع جبهة تحرير مورو الإسلامية، لكن الجبهة أبت المفاوضات الجديدة، واشترطت أن تكون المفاوضات حول تنفيذ الاتفاقيات الأولى، ورضخت الحكومة الفلبينية لمطالب الجبهة، ولكن بتغيير بعض ما جاء في بنود هذه الاتفاقيات، وتم الاتفاق على هذا المبدأ.

وبالفعل، تم تغيير تقسيم بعض الثروات، وهي الثروة المعدنية حيث أصبحت ٥٠٪ للمسلمين و٥٠٪ لحكومة الفلبين، كما تم تغيير مسألة أن تكون الشرطة تابعة لشرطة الحكومة المركزية؛ حيث نصت الاتفاقية الأولى على أن الشرطة مستقلة وقوامها اثنا عشر ألف شرطي.

ـ ماذا بعد نجاح الاستفتاء على تأسيس “بانجسامورو”؟

ـ بعد نجاح الاستفتاء الذي أجري في 21 يناير، في أغلب المناطق التي يشملها الحكم الذاتي، خاصة مدينة كوتاباتو، التي وجدت معارضة من عمدة المدينة؛ لكن الحمد لله فازت فيها بـ(نعم) بأغلبية ساحقة؛ وبقي الاستفتاء في ست بلديات في محافظة لاناو الجنوبي، و٦٧ قري قريبة من منطقة الحكم الذاتي أو ملاصقة لها، وأملنا كبير في انضمام تلك المناطق إن شاء الله للكيان السياسي الجديد المسمى بـ(بانجسامورو).

والآن.. حكومة بانجسامورو في أتم الجهوزية للعمل فور انتهاء هذه الإجراءات الانتخابية؛ ومن بين العدد الإجمالي للبرلمان البالغ ٨٠ عضواً؛ تم تعيين ٤١ عضوا للبرلمان من جبهة تحرير مورو الإسلامية، بالإضافة إلى ٣٩ عضوا من مختلف أطياف الشعب، وهكذا أصبحت الأغلبية للجبهة. وقد تم توزيع مقاعد الـ39 بالتساوي بين شرائح الشعب المختلفة بين المسلمين والمسيحيين، وكذلك بين السكان من القبائل المختلفة ومن أعضاء حكومة الفلبين.

كما تم الاستعداد لكل ما يلزم الحكومة الانتقالية بإذن الله، وكان من المفترض أن تبدأ الحكومة يوم 12 أو 14 من فبراير الحالي، ومعروف أن شكل الحكومة وزاري، وسوف يرأس الحكومة الانتقالية رئيس جبهة تحرير مورو الإسلامية الحاج مراد إبراهيم حفظه الله ورعاه..

ومدة الحكومة الانتقالية ثلاث سنوات، تركز خلالها على تنفيذ المشروعات التنمية الاجتماعية، وتطوير البنية التحتية، وبناء المطارات، والميناء البحري، إلى غير ذلك من تطوير التعليم ومكافحة الفقر ومحاربة الفساد السياسي التي تفشت في كل مناطق المسلمين.

ـ ما أبرز التحديات والعقبات التي تواجهكم في المرحلة المقبلة من أجل بناء وتأسيس كيانكم السياسي الجديد؟

ـ من أبرز التحديات التي تواجه تأسيس كياننا السياسي الجديد:

خريطة الكيان السياسي الجديد

1 ـ ضعف الميزانية المالية: وهو ما يمكن أن يعيق كل السبل في تنفيذ المشروعات الأساسية للحكومة الانتقالية؛ فعلى الرغم من أن الاتفاق على تحديد هذه الميزانية في المفاوضات -والتي قدرت بنحو (٦٠ -70) بليون بالعملة المحلية بيزو (الدولار الواحد يساوي ٥٣ بيزو)- فإن الإجراءات التي تتخذ في تنفيذها يمكن أن تتأخر.

2 ـ إشكالية توظيف أعضاء الجبهة: فهناك تخوف سواء من جانب مؤيدي الجبهة، أو من قبل موظفي إدارات الحكم الذاتي السابق؛ فمن ناحية أعضاء الجبهة يرجع السبب في كون غالبيتهم غير متعلمين أو بأسلوب آخر لم ينتهوا من دراستهم الجامعية نظراً لظروف الحرب السابقة، والأمر يحتاج لسنوات من أجل إعدادهم.

بينما من جانب موظفي الحكومة السابقة القدامى يتخوفون من فقدان وظائفهم؛ إذا تم توظيف العاملين الجدد، وهؤلاء أغلبهم من المسلمين، ووضع وموقف كلا الطرفين ينعكس على الحكومة القادمة سلبياً.

3 ـ نزع سلاح الجماعات المسلحة الأخرى: هناك جماعات مسلحة يجب على الحكومة نزع أسلحتها لينتشر الأمن والاستقرار في ربوع منطقة بانجسامورو الجديدة، وتجد جبهة مورو صعوبات في تنفيذ هذه المهمة، وتحتاج إلى وقت كاف؛ حيث تميل بعض تلك الجماعات للتشدد في الرأي، وفي أغلب الأحيان تكون لهم مطالب تعجز الحكومة عن قبولها وهذه أصعب التحديات في رأيي..

4 ـ تحديات مجتمعية: هناك عدة تحديات مجتمعية أفرزتها عقود من الحرب، وتوقف التنمية، من بينها:

أ ـ معالجة الفقر: حيث تصل نسبة الفقر ٦٥٪ من شعب مورو البالغ أكثر من عشرة ملايين نسمة.

ب ـ معالجة الأمية: وتبلغ نسبتها في مناطق المسلمين في جنوب الفلبين لنحو ٧٥٪  من تعدادهم، وأرى أن هذه المشكلة في حاجة لسنوات من العمل الجاد المتواصل للقضاء عليها.

ج ـ محاربة الجريمة وتحقيق الأمن: وهذه تحديات أخرى تتعلق بالأمن، وتتمثل في محاربة الجريمة، خاصة جريمة المخدرات، وقطاع الطرق، وهذه أقل خطورة من سابقتها بحيث لو استقرت الحكومة فسوف تستطيع إيجاد حلول لها بإذن الله.

ـ في ختام حوارنا.. ما رسالتكم للعالم الإسلامي؟ وماذا تحتاجون منه لدعمكم في مرحلة تأسيس وبناء “بانجسامورو”؟

ـ نناشد الدول العربية والإسلامية الوقوف مع حكومة بانجسامورو الجديدة سواء بالدعم المعنوي أو الدعم المادي، وتمويل المشروعات الأساسية، ولا سيما من الناحية التعليمية، ومساعدتنا في تأهيل الكوادر البشرية وإعدادهم؛ ليكونوا قادرين على إدارة مؤسسات الحكم الجديد.

كما نحتاج إلى الاستثمارات لفتح مجالات عمل للشباب والكسب الحلال، ولإبعادهم عن الانخراط في الجريمة عن الفساد الأخلاقي..

ومن المهم هنا التأكيد على أن وقفة العالم الإسلامي تساعدنا وتساعدهم كذلك؛ فبلادنا غنية بالثروات المعدنية والطبيعية، وتحتاج فقط لاستخراجها واستثمارها، وفتح مجالات الإنتاج والتصنيع حتى تصل حكومتنا الجديدة لبر الأمان ومرحلة الاستقرار.

وأختم: “الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه”، ونحن على يقين بأن الدول العربية الإسلامية لن يتركونا فريسة للمجرمين.. تعالوا إلى جنبنا وإلى حكومتنا الوليدة، وخذوا بأيدينا إلى الأمام لنكون دولة قوية غنية بثرواتها.

مواضيع ذات صلة