عبد الله بن سليمان العبدالله
يعيش المسلم فرحة العيد، ويأنس بلذته، ويحمد الله -تعالى- أن من عليه بإتمام صيام الشهر، وأنعم عليه بقيامه.
ويأتي العيد ليسبل على القلب بهجة وسعدا، وتلتقي أفئدة، وتتلاقى أرواح على خير وطاعة.
وحيث إن القلوب لم تزل تتمتع بنعيم النشاط في الطاعة، وتتقلب في رياض رياحين العبادة، ولم تزل مقبلة نحو الخير، مدبرة عن الشر.
لما كان ذلك كله انطلق القلم خاطا نقاط تميز ليوم العيد، وناثرا أحرفا لتصبح ساعات العيد مما لا ينسى.
الكثيرون من الناس يقضون أيام العيد بلعب ولهو، فتتصرم ساعاتهم، وتنقضي أيامهم على غير منفعة تجنى، ولا فائدة تنال.
وحتى لا يضيع يوم العيد سدى، هذه أفكار مقترحات لاستغلاله:
أولا: الثقافيات
ويمكن أن يستغل يوم العيد بأنواع من الثقافة العائدة بالنفع على من يحضرها، وهذه إشارة إلى بعض أنواعها:
الأول: الفوائد:
وهي فوائد تطرح على من يحضر، خفيفة، سهلة، وهي على محور المشاركة من الجميع فيها، والأنسب أن تكون في صورة بطاقات (كروت) يتنوع المكتوب فيها على ما يلي:
1- سؤال.
2- فائدة عامة.
3- حكم شرعي.
4- في ظلال آية.
5- قبس من السنة.
6- رجل عظيم.
وتكون موزعة على كل من يحضر اللقاء والاجتماع.
الثاني: كلمة العيد:
بأن تكون الكلمة مخصصة ليوم العيد، ويكون الحديث فيها عن اليوم وما يتعلق به من أحكام، على ألا تتجاوز المدة (15) دقيقة.
الثالث: المسابقات:
للمسابقات إحساس مرهف في النفوس، ولها إقبال منقطع النظير، إذ هي قد جمعت بين المتعة والفائدة.
وإشغال يوم العيد -أو أيامه- بمسابقات نافعة خير وبر.
والمسابقات صور كثيرة، منها:
1- المسابقة العائلية، وتكون موجهة إلى عائلة وأسرة لا أن تكون موجهة لأفراد، والفائدة فيها ثنتان:
الأولى: المشاركة من جميع أفراد الأسرة.
الثانية: التنافس بين الأسر.
ولا يمنع أن تكون المسابقة فيها نوع من الطول، لإكثار التنافس وتقويته.
2- المسابقة الرجالية، وهي التي تكون موجهة للرجال دون النساء، ويراعى فيها أن تكون الأسئلة مما يهم شأن الرجال أكثر.
3- المسابقة النسائية، وهي كسابقتها.
4- المسابقة الطفلية، وتكون أسئلتها سهلة ميسورة، تهتم بجانب التربية وحسن الخلق والتعامل.
5- مسابقة الخدم، فتوجه لهم مسابقة فيها: تصوير لحقيقة الإسلام، وتعليم لشريعته، ولا بد من التنبه لأمر وهو: أن مسابقاتهم تكون على كتاب أو شريط ليس إلا.
وبعد هذا التقسيم لأجناس المتسابقين، نبين أنواع المسابقة، وهي:
1- المسابقات الشرعية، وهي التي تكون فيها أسئلة عن: القرآن، السنة، الفقه، التوحيد….
2- المسابقات الثقافية، وتكون في الأمور العامة كـ: من أول من صنع كذا، والألغاز، وغيرهما.
3- المسابقة الكتابية، فيختار كتاب وتجعل عليه أسئلة.
4- المسابقة السمعية، تتعلق بالشريط المسموع.
ومن الأفكار المتعلقة بالمسابقات:
1- أن تكون المسابقة على صورة بطاقات (كروت) بحجم اليد.
2- أن يكون المتسابقون فريقين، أو أفرادا.
3- أن تكون مسابقات فورية، أو مسابقات لها وقت تنتهي فيه.
الرابع: اللقاءات:
في بعض الأسر رجال يشار إليهم بأصابع الاحترام والتقدير، وينظر إليهم بعين التقدير، وذلك لاشتهارهم بـ: علم، أو منصب، أو وجاهة.
ولا ريب أن مثل هؤلاء قد محصتهم السنون، وأخرجتهم التجارب فاستغلالهم مكسب كبير جدا.
وهذه هي فكرة اللقاءات، فيعقد لقاء مع أحد أولئك، ويكون كأي لقاء.
الخامس: الكتاب:
وأعني به: توزيع كتاب أو نشرة فيها تبيان لبعض ما يقع فيه الناس، أو فيها بيان لأحكام العيد (الفطر أو الأضحى).
السادس: الشريط:
ولا يجهل أحد منفعة الشريط، وعظيم فائدته، ويراعى في انتقاء الشريط كونه مناسبا للفهوم، مخاطبا الواقع الذي يعيشه الناس.
ثانيا: الرياضات
الرياضة متعة مباحة في شرع الله –تعالى-، ولا تكون محرمة إلا بأحد أمور ثلاثة:
الأول: أن يكون الدافع لها شيئا محرما، كـ: قمار.
الثاني: أن يكون مصاحبا لها ما هو حرام، كـ: آلة لهو، أو قد ضيعت واجبا.
الثالث: أن تؤدي إلى حرام، كـ: قطيعة، وسباب.
وما عدا ذلك فلا بأس به بناء على الأصل.
فاستغلال أيام العيد بأنواع من الرياضات الباعثة في النفس روحا وأنسا مطلب جميل، وعمل مبارك إن شاء الله.
والرياضات أنواع كثيرة جدا، والمقصود استغلالها مع التوجيه نحو الأصوب، فتكون ترفيها مع إفادة.
وجميل أن يكون هناك توجيه لطيف من خلال الرياضة، فإن بعض الأسر يكون فيها إظهار ألفاظ قبيحة اعتاد أهلها عليها فلا بأس من التوجيه اللطيف لهم.
والعناية بإقامة الرياضة في وقت لا يضيق معه وقت الصلاة، فلا يقام لها وقت قبيل الغروب فيترتب عليه تأخير الصلاة عن وقتها.
ثالثا: الاجتماعيات
لا يقوم أساس من الدعوة، والإصلاح إلا بتنظيم وتخطيط، وبهما يكون تحقيق الهدف، وبغيابهما يكون الفشل.
والمراد بالاجتماعيات: التنظيم للعمل الدعوي في العيد.
أي: تكليف أشخاص يقومون بترتيب المسابقات، وأخرين بتنسيق اللقاءات، وجماعة ثالثة في توفير الشريط أو الكتاب.
ومما يندرج هنا اختيار الأوقات المناسبة لكل نشاط.
وكذلك ما يتعلق بتوفير المال لأمور العمل الدعوي، فهو مهم وهو عصب العمل الدعوي، وبتوفيره يكون تحقيق أكبر قدر من العمل المقصود.
والجامع لجميع تلك المقترحات هو:
أولا: الحكمة في الطرح.
ثانيا: التجديد في الأسلوب.
ثالثا: مراعاة الزمان والمكان.
رابعا: الرفق في الطرح.
سدد الله الخطى، وبارك في الجهود، ووفق الجميع للمرضاة، وسلك بنا درب النجاة.
_______
* المصدر: صيد الفوائد.