الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

الحج مدرسة الأخلاق الشاملة والآداب الرفيعة

السيد طـه

الحج مدرسة للتربية على الأخلاق الفاضلة من الحلم والعفو والصفح والتسامح الإيثار والرحمة والتعاون والإحسان والبذل والكرم والجود.

الحج مدرسة الأخلاق

الحج مدرسة للتربية على الأخلاق الفاضلة

فهي رحلة تسفر عن أخلاق الرجال وتسهم إسهامًا عظيمًا في تعديل السلوك السيئ إلى الحسن، فكم من حاج عاد من رحلة حجه بوجه غير الذي ذهب به.

ففي الحج أخلاق حسنة وقيم عالية وآداب رفيعة، حيث يتأدب الإنسان مع الكون من حوله، كيف؟

أدب مع الحجر فيقبل.

أدب مع الشجر فلا يقطع.

وأدب مع الطير فلا يروع.

وأدب مع الصيد فلا يقتل.

وأدب مع المكان فلا يلحد فيه أو يظلم.

وأدب مع الإنسان فلا يسب أو يشتم، {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: 25]..

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ﴾ [البقرة:197].

والحج يثمر التقوى والتقوى القاسم المشترك مع كل العبادات وهي أعظم الأخلاق، وجماع مكارم الخير….

التقوى خير زاد: {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ﴾ [البقرة 197]..

وهي خير لباس: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف: 26].

وهي خير ميراث: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً﴾ [مريم: 63].

وهي خير تركة لمن بعدك: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً﴾ [النساء: 9].

فالحج مدرسة تربوية شاملة يتعلم فيها الحاج أمور كثيرة منها:

1ـ التربية على التوحيد قولًا وعملًا.

2ـ التربية العملية على الرضا والانكسار:ـ

ويظهر هذا من خلال لفظ الحمد في التلبية، ويتكرر بتكرارها، “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”.

فيأتي العبد المصاب بمصيبة والفقير والمريض والغريب والمبتلى، وكلهم يحمدون الله وكأنهم أغنياء وأصحاء وأقوياء. ويتربى علي الرضا والانكسار لله تعالي فحين يلبس الحجاج ملابس بسيطة، يستبدل الغنى الفاخر الثمن من الثياب بثوبين لا زينة ولا زخرفة فيهما كما يقف أمام الله سبحانه وتعالى متجرداً من كل مظاهر الحياة الدنيا الزائلة يتذكر يوم لقاء الله، وهذا يطهر النفس البشرية من الكبرياء والعظمة والغرور والتفاخر بالأنساب والألقاب، كما يعود النفس البشرية على التواضع حتى لا يبغى أحد على أحد ولا يفخر أحد متذكرين قول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13 ].

فيعيش المسلم راضيا قانعا، فيكفي من اللباس ما يستر العورة، ومن النوم ما يطرد الكسل والعجز، ومن الأكل ما يقيم الصلب، فيرضي المسلم بما قسم الله وقدر، فيصل المسلم إلي معني عظيم وهو أن أمور الدنيا ليس لها عند الله اعتبار بحد ذاتها، فالناس متساوون في اللباس والأعمال.

 التربية على تذكر الموت

الحاج يمرّ بأكثر من موقف يذكره بيوم القيامة، وذلك بلبس الكفن، فيتذكر المؤمن تلك النهاية، ويشعر بها فتؤثر على قلبه وأعماله، إن ملابس الحج بالنسبة للرجال تذكر الناس جميعاً بيوم القيامة؛ فلباس الحج يكون فيه عري نسبي للرجال، فأنت تكشف كتفك في الحج؛ لكي يذكرك بالعري الكامل يوم القيامة؛ ولكي تتذكر الصورة التي ستكون عليها يوم الحساب. روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يحشر الناس يوم القيامة حفاةً عراةً غرلاً، قلت: يا رسول الله! النساء والرجال جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال -صلى الله عليه وسلم-: يا عائشة! الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض”.

وبعد أن يذهب الحاج إلى الحج يعيش في جو أشبه ما يكون بيوم القيامة، فالحاج والحاجة يحسان بهذا الجو، والأمة كلها تحس معهم بهذا الجو، وينسى الناس كلهم الدنيا تماماً، فلا يوجد الآن إلا عبادة وطاعة واستغفار ودعاء ورجاء لله عز وجل، الناس جميعاً في الحج وقوف وفي زحام شديد، وكلهم واقفون في مكان واحد، وهكذا يحشر الناس في مكان واحد يوم القيامة، إذ ينادي عليهم المنادي: هلموا إلى ربكم -يا رب سلّم- فيقوم كل الناس لرب العالمين، قال تعالى: يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا [طه: 108].

فكل الناس وقوف في الحج وكل الناس وقوف يوم القيامة، قال تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: 24]. والناس في الحج في حر وعرق شديدين، وكذلك يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً، جاء في البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم)، يا لطيف! يا رب سلم! والأمر لا يقتصر على ساعة أو ساعتين، بل إن الأمر شاق، والسفر طويل، كما أن الحج هو العبادة الوحيدة التي يتفرغ لها المسلم أياماً متتالية. وكذلك يوم القيامة يوم طويل، قال تعالى: إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا [الإنسان: 10].

فالأمة كلها تعيش يوم القيامة كل سنة مرة، كما أن الأمة كلها ستعيش يوم القيامة الحقيقي بعد ذلك، فيا ترى لو أن الأمة تذكرت يوم القيامة بالصورة هذه، سيصير حالها بأي صورة؟ وسيصير وضعها بأي شكل؟ الآن بعدما رأينا العلاقة بين الحج ويوم القيامة نستطيع أن نفهم لماذا الله سبحانه وتعالى بدأ سورة الحج بالتذكير بيوم القيامة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:1-2]، فالقرآن ليس فيه شيء عشوائي أبداً، كل كلمة فيه لها معنى، قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].

فهذا أكبر دليل علي العلاقة الوثيقة بين الحج ويوم القيامة، ولأن معظم الفساد والمعاصي التي تحدث في الأرض إنما تحدث بسبب نسيان يوم القيامة.. يوم الحساب الذي يُحاسَب فيه كل إنسان على ما قدّم في دنياه، منذ أولى لحظات التكليف إلى لحظة الموت، والله عز وجل يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26]..

فنسيان يوم الحساب كارثة عظيمة، ومصيبة كبيرة، ولو تذكّر الناس هذا اليوم لوُجِد “الحل” لكل المشاكل التي تعاني منها البشرية؛ ولذا كان أول ما ذكّر به النبي صلى الله عليه وسلم، يوم أن بدأ الدعوة في مكة، هو هذا اليوم.. قال: “والله لتموتُنَّ كما تنامون، ولتبعثُنَّ كما تستيقظون، ولتحاسبنّ على ما تعملون، وإنها لجنّة أبدًا.. أو نار أبدًا”.

ذلك أن المرء إذا ظلّ متذكرًا ليوم القيامة، لبقي في باله أن هنالك يومًا سوف يُقدِّم فيه “كشف حساب” عن كل لحظة من لحظات عمره.. عن كل كلمة.. كل قرشٍ اكتسبه.. كل حركة، وكل سكَنة.. عن كل تعامل بينه وبين الناس.. وبينه وبين ربه سبحانه وتعالى.. فالحج صدمة كبرى تنبِّه الأمة كلها، توقظها من سباتها.. تذكِّرها بما كانت قد نسيته طويلاً.. وإذا تذكر المرء أنه محاسَب.. هل سيرتشي؟ هل سيظلم؟ هل سيسرق؟ هل سيعقّ والديه؟ هل سيتعدى على حقوق زوجته أو أولاده أو جيرانه… أو حتى من لم يعرفهم؟

قطعًا.. إن الإجابة بالنفي، وهكذا ندرك أن صلاح الأرض في تذكر يوم الحساب، فلنتذكر هذه الجملة جيدًا: صلاح الأرض -كل الأرض- في تذكر يوم الحساب.

تربية الضمير الحي اليقظ

يتربى المسلم على الإخلاص والصدق، اللذين هما رأس الأعمال القلبية، وبهما يقبل العمل عند الله، ويقع الموقع الحسن. مما يحمل المسلم الحاج على مراقبة الله العظيم مراقبة ذاتية داخلية من قبل النفس، ففي أعقاب الدخول في النُّسك يلتفت السياق القرآني إلى هذه الناحية التفاتة رائعة، فيقول الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ ولا جِدَالَ فِي الحَجِّ ومَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)) [ البقرة: 197]، فكل خير وكل قربة وكل عبادة…فإن الله به عليم، وعليه يجازي، وبه يرفع المؤمن عنده درجات، وهو طريق تحلية النفس وتزكيتها وتطهيرها بعد تخليتها من الرفث و الفسوق والجدال..

فمن بداية الحج إلى تمامه والمسلم يراقب الله تعالى ويلزم التقوى؛ فيكون قصده لله وحجه وحبه ورجاؤه وخوفه وذله ودعاؤه وتضرعه كله لله تعالى، فإذا لبس إحرامه جعل من ذاته رقيبًا ينبهه ويذكره علم الله واطلاعه فلا يقترب من محظورات الإحرام، وإن وقع منه خطأ فإنه يكفر عن هذا المحظور بما ورد والله أعلم به، وإن كان في الطواف ووقع شيء من الزحام مع هذه الألوف من الرجال والنساء فيراقب بصره عن رؤية ما لا يحل له وينأَ بنفسه عن الحرام ويحفظ قلبه وسمعه وبصره ولسانه في الحج حفاظًا على نسكه وطمعًا في قبول عبادته، وهكذا في كل مناسك الحج، وفي ذلك كما لا يخفى تربية للنفس وارتقاء بها وتزكية وتطهير لها.

والإقبال على الله تعالى بهذه الهيئة النظيفة، وهذه الصورة المشرقة الوضيئة، والتقلب في هذه المناسك والرياض، يمحو من النفوس آثار الذنوب وظلمتها، ويدخلها في حياة جديدة لها فيها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.

ويكفي المسلم أن يشعر أن الله تعالى يعلم ما يفعله العبد من خير، ويطلع عليه ويجازي ويثيب، ليكون ذلك حافزاً له على الإكثار من الخير والاجتهاد فيه… فمن ذا الذي لا يريد أن يراه ربه تبارك وتعالى على أحسن صورة في العمل؟ ومن ذا الذي لا تتطلع نفسه وتتشوق إلى أن يعلم الله منه الخير كل الخير؟

فيصل بذلك إلى درجة الإحسان التي قال عنها النبي – صلى الله عليه وسلم: “الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”(4).

التربية على قهر النفس والوقوف عند الحدود

تربية للناس على قهر النفس عما تشتهي ما دام الشرع يحرمه، فالطيب وتغطية الرأس وجميع المحظورات يتركها المسلم مع شهوته لها لا لشيء إلا لأجل تحريم الشرع إياها. ويظهر هذا من خلال المواقيت وتحديدها بالمذكورة ووقت الرمي ووقت الانصراف من عرفة وغير ذلك.

فيتربى المسلم على التقيد بما قيده الشرع وحدده، فيقف عند حدود الله فلا يتعداها ولا يقربها {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (البقرة: 229) {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (البقرة: 187).

فهي للمجتمع طهرة من إثم المعصية، وكفارة عن عقابها الأخروي، وهي له ولغيره رادعة عن الوقوع في المعاصي، وهي ضمان وأمان للأمة على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وبإقامتها يصلح الكون، ويسود الأمن والعدل، وتحصل الطمأنينة.

قال الله تعالى {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا(125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127}  (سورة طه).

وعَن أَبي ثَعْلبةَ الْخُشَنِيِّ جُرثُومِ بنِ ناشر رضي اللهُ عَنْهُ عَن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: “إنَّ اللهَ تَعَالى فَرَضَ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلاَ تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْها”. (حديثٌ حسنٌ رواه الدار قطني وغيرُه).

تربية للأمة علي المتابعة للنبي صلي الله عليه وسلم

مدرسة الحج تربي الفرد والمجتمع المسلم على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فالحاج يربي نفسه على متابعة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في جميع شؤون الحياة فإن متابعة الحاج لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في مناسك الحج استجابة لقوله صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم» (مُتفق عليه).

وروي البخاري من حديث مالك بن حويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “صلوا كما رأيتموني أصلي”.

تربية للحاج أن يلتزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في جميع ما يأتي و ما يذر، وذلك هو بداية الانطلاقة للتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَ‌سُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْ‌جُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ‌} [الأحزاب 21].

فمدرسة الحج تربي المسلم على أن الخير له، والفلاح في العودة إلى هدي النبوة هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

وأمة الإسلام اليوم في أمس الحاجة إلى أن تعود إلى إرث النبي صلى الله عليه وسلم لتستعيد عزها ومجدها المفقود.

تربية عملية على فقه الاختلاف

ويظهر هذا من خلال ما يلي:

أ ـ اختلاف الناس في أنواع النسك.

ب ـ اختلاف الناس في أعمال يوم النحر.

ج ـ اختلاف الناس في الذكر حال الانصراف من منى إلى عرفة، “منا الملبي ومنا المكبر”.

د ـ اختلاف الناس حال الانصراف من مزدلفة إلى منى من حيث العجز وعدمه.

هـ ـ اختلاف الناس حال التعجل من مكة أو التأجيل.

و ـ اختلاف الناس حال التقصير أو الحلق، فكل هذه مواقف تربوية للناس على فقه التعامل مع الخلاف والمخالف، ولم ينقل لنا أن الصحابة دار بينهم نقاش واتهام في سبب اختيار نسك على آخر، ولو كان المختار نوعًا مفضولًا وليس فاضلًا.

______

* المصدر: موقع منارات (بتصرف).

مواضيع ذات صلة