الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

المنهج الحسي في الدعوة النبوية وتطبيقاته

إعداد د. رمضان فوزي بديني (خاص بموقع مهارات الدعوة)

تحدثنا فيما سبق عن نوعين من المناهج التي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته، وهما المنهج العاطفي، والمنهج العقلي.

وفي هذه الحلقة نتحدث عن نوع آخر من المناج الدعوية، وهو المنهج الحسي أو التجريبي.

تعريفه

هو النظام الدعوي الذي يرتكز على الحواس، ويعتمد على المشاهدات والتجارب.

أبرز أساليبه

1- لفت الحس إلى التعرف على المحسوسات، للوصول عن طريقها إلى القناعات.

2- أسلوب التعليم التطبيقي على وجه يشاهد المدعو كيفية التطبيق.

3- القدوة العملية في تعليم الأخلاق والسلوك.

4- تغير المنكر باليد.

5- تأييد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام بالمعجزات الحسية والخوارق.

6- أسلوب “التمثيل المسرحي”.

مواطن استعمالاته

1- في تعليم الأمور التطبيقية العملية والدعوة إليها.

2- يستخدم في دعوة العلماء والمتخصصين في العلوم التطبيقية.

3- يستخدم في دعوة المتجاهلين للسنن الكونية.

من خصائص المنهج الحسي

1- سرعة تأثيره لاعتماده على المحسوسات.

2- عمق تأثيره في النفوس البشرية.

3- سعة دائرة، لاشتراك الناس جميعا.

4- يحتاج في استخدامه إلى خبرة واختصاص([1]).

تطبيقات نبوية في المنهج التجريبي

استخدم النبي صلى الله عليه وسلم المنهج التجريبي الحسي في دعوته ومن هذه المواقف:

  • أسلوب التعليم التطبيقي في تطبيق الأوامر الشرعية:

كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه الصحابة للصلاة؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم “صلوا كما رأيتموني أصلي”([2]). وكذلك في مناسك الحج قال صلى الله عليه وسلم “لتأخذوا عني مناسككم فإني؛ لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه”([3]).

  • أسلوب التطبيق العملي لسلوك الحسن:

وقد أثنى القرآن الكريم على خلق النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4).

وجاء في حديث طويل في قصة سعد بن هشام بن عامر حين قدم المدينة، وأتى عائشة رضي الله عنها يسألها عن بعض المسائل، فقال: “فَقُلتُ: يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ أَنبئِينِي عَن خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؟”.
قَالَت: أَلَستَ تَقرَأُ القُرآنَ؟
قُلتُ: بَلَى.
قَالَت: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ القُرآنَ.
قَالَ: فَهَمَمْتُ أَن أَقُومَ وَلَا أَسأَلَ أَحَدًا عَن شَيْءٍ حَتَّى أَمُوتَ…الخ”[4].
قال النووي رحمه الله تعالى:
” معناه: العمل به، والوقوف عند حدوده، والتأدب بآدابه، والاعتبار بأمثاله وقصصه، وتدبره، وحسن تلاوته “([5]).

  • الأسلوب العملي في تغيير المنكر:

من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ” (أخرجه مسلم، رقم 186).

فالتغيير باليد هو أقوى درجات الإنكار، كما أخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.

__________

(1)    المدخل إلى علم الدعوة: 198 وما بعدها (بتصرف).

[2] ـ أخرجه البخاري، حديث رقم 802.

[3] ـ أخرجه مسلم، حديث رقم 1297.

[4] ـ رواه مسلم (746)

[5] ـ”شرح مسلم” (3/268)

مواضيع ذات صلة