القائمة الرئيسية
 الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

الهندوسية – دراسة مقارنة (1)

الباحث: عمرو عبد المولى

إله

تعد الإلهة الأنثى من أهم معبودات الهنود الأولين

يبدو للناظر في خرائط الهند أن تلك البلاد واسعة الرقعة متباينة في أجوائها ومناخها، واقتضى هذا التباين في الأجواء الطبيعية اختلاف سكانها في أجسامهم وطبائعهم، وأيضاً في عقائدهم وطقوسهم الدينية, ولذلك لم تجد شعوب الهند في الكون المادي أو عالم الطبيعة ما يروي ظمأ عقولهم وأرواحهم، واعتبروا أن مظاهر العالم المادي كلها خداعة ومضللة، وتهافتت نفوسهم إلى الخلاص من هذا العالم الخداع، لذلك جاهدوا وبحثوا عن الحقائق الثابتة التي تضمن لهم إشباعًا باقيًا خالدًا في العالم العقلي والروحي، والإنسان الهندي بطبيعته شغوف بالروحانيات، مائل إلى الزهد.

ولقد أظهرت الكشوف العلمية أن تلك البلاد كان يسكنها بعض الأقوام قبل مجيء القبائل “الآرية” إليها، وأنهم السكان الأصليون لبلاد الهند, ويطلق عليهم اسم الشعب “الدارفيدي”, فماذا كانت عبادتهم وديانتهم؟

ديانة الهنود قبل قدوم “الآريين”: إن التاريخ لا يشير إشارة واضحة لهذه الديانة، ولذلك تناقضت أقوال العلماء وتضاربت حول هذه الديانة، وكل ما يٌقال في هذا الصدد إنما هو من قبيل الترجيح والظن، لذلك يجب الحذر والتروي عند قبول كل ما يُقال عن هذه الديانة، وتتلخص أهم معبودات هؤلاء:

الإلهة الأنثى: تُعتبر من أهم معبودات الهنود الأولين، فمعظم الأدوات التي اكتُشفت، والتي تُعبّر عن العقائد والديانات عند الهنود القدماء تضم الآلهة الأنثى بأعْداد كثيرة، ولذلك نجد الآلهة مزينة بالحلي الجميلة، أو في بعض الأحيان تحمل أطفالًا في بطنها أو تُرضعهم، واعتقد هؤلاء القوم بقدرة الآلهة الأنثى على التصرف في شؤون الإنسان والحيوان بالرضا أو بالسخط فمن قدسهنَّ وقدم لهنَّ القرابين رضين عنه وأحيط برعايتهنَّ، ومن لم يفعل ذلك سخطن عليه وأهلكن ماشيته، ومن لا يقدم القرابين والضحايا يكن معرضاً هو وحيواناته للدمار.

آلهة الفروج: وقد وجدت بعض الأحجار التي تشير إلى تقديس الفروج، حيث قدسها “الهنود” اعتقاداً منهم بأنها رمز للحياة والخصوبة في الكائنات، ووجدت بعض الآثار التي تُشير إلى أنهم قدسوا أيضًا إلهًا بقرن وثلاثة وجوه جالسًا واضعًا رجلا له على الأرض، كأنه في عبادة ويرافقه جميع الوحوش. وهذا الإله يشبه الإله “سيف” عند الهنود “الآريين” مما يدل على تأثر “الآريين” بديانات السكان الأصليين.

ومثلما عرضنا نبذه عن آلهة السكان الأصليين نُقدم أيضًا عرضًا موجزًا لطبيعة الآلهة التي كان يؤمن بها “الآريون” عند زحفهم وسيطرتهم على بلاد “الهند”، ومن الجدير بالذكر هنا أن معظم آلهة الآريين كانت ذُكورًا، فهناك الإله “آجني “: رمز لقوة النار “، والإله “إندرا” : رمز القوة والشجاعة وهازم الأعداء، و”فاك ” إلهة الاتصال، و”فارونا”، و”بارجانيا”، و”فايو” و”سوما”، وكانوا ماهرين في وضع الألحان والترانيم والأناشيد التي يتم ترديدها عند تقديم القرابين لهذه الآلهة، وهي أقرب إلى الفكر الفلسفي .

وفي عام 2000 قبل الميلاد على أرجح الأقوال-حسب “همايون كبير” في كتابه التراث الهندي- غزا “الآريون” بلاد الهند واستقروا فيها وأصبحوا هم المسيطرون عليها، واستولوا على مقاليد الحكم لآنهم كانوا أكثر قوة وأعلم بصناعة آلات الحرب، وجلب هؤلاء معهم آلهتهم وديانتهم-عرضنها سلفًا-، وحاربوا السكان الأصليين وحاولوا التخلص من جميع آثارهم الدينية والعقائدية بشتى الوسائل، لكنهم لم يستطيعوا، بل أنهم أدخلوا كثيرًا من ألهتهم في صميم عقائدهم الدينية وصبغوها بالصبغة “الآرية”، ولذلك قالوا :إن أساس الهندوسية عقائد “الآريين” بعد أن تطورت بسبب اختلاط “الآريين” وهم في طريقهم البطيء إلى الهند بشعوب كثيرة وبخاصة الإيرانيين، ثم تأثرت تلك العقائد بعد احتلال “الآريين” للهند بسبب الاتصال والامتزاج بأفكار السكان الأصليين، وبفلسفات وأفكار وفدت من اليونان ومصر وبابل والصين في مراحل متباعدة من التاريخ، وكونوا نظام الطبقات، وبدأ “الآريون” يشتغلون بالتصنيف والتآليف، واخترعوا وابتدعوا أنواعًا من العبادات والعقائد والأناشيد، ومن هنا تشكلت وتكونت ما يُعرف باسم الهندوسية أو الديانة الهندوسية، وأُلفت في تلك الفترة الكتب الهندوسية المقدسة .

وبالتالي تعددت المعبودات والمعتقدات في بلاد الهند حتى أطلق عليها اسم “أرض الآلهة “، لا يتفوق عليها في تعدد الآلهة وسعة الخيال وخصوبته في تصوير المعبودات إلا بلاد “الفراعنة” حتى قيل: إن الهند عرفت جميع أنواع العقائد والفلسفات تقريبًا . ويقول “مولانا محمد عبد السلام الرامبوري: ” كانت الأمة الهندية مُتسامحة في كل ما يُعرض عليها من الأفكار والمعتقدات تكثر عندها الآراء والابتكارات، وكان الناس حيارى, وأفكارهم مُتباينة، فشت فيهم الرهبانية، وسرت فيهم الباطنية، وقامت حلقات الفكر في مختلف نواحي القطر يتزعمها العرفاء والعلماء، وعمّت الرّياضات الشّاقة المتعبة من أجل حصول السيطرة على القوى الكونية، وانتشر التبتل في الكهوف للمراقبات النفسية، والانقطاع في الغابات لإتعاب الأبدان لترقي لدرجة الروحانية – وفي الصفحات التالية سنحاول بعون الله وتوفيقه تصوير أهم الخطوط الرئيسة لهذه الديانة .

تطور الفكر الهندوسي : يمكن أن نعرض نبذة عن تطور الفكري الهندوسي كما يعرضه كتاب “الويدا” أو “فيدا” وهو كتاب الهندوس المقدس، وهي كلمة سنسكريتية ومعناها الحكمة أو المعرفة.

المرحلة الأولى : وتشتمل على الآتي:

1- مرحلة انتشار الأفكار البدائية وعبادة قوى الطبيعة، سواء في ذلك ما أتى به “الآريون”، أو ما كان نابعًا من البيئة الهندية، ويبدأ ذلك من القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وفي “الويدا” معلومات مفيدة عن هذه المرحلة.

2- مرحلة تدوين “الويدا” وتأويلها على أيدي “البراهمة”: ويُسمَّى هذا التأويل “البراهمانات “، وتبدأ هذه المرحلة من القرن الثامن قبل الميلاد، حيث ظهر في هذا العصر جماعة من أهل العلم والنظر، واهتموا بالشؤون الدينية، وفكروا في عقائدهم، فأدى بهم أو ببعضهم هذا التفكير إلى اعتناق آراء مغايرة للعقائد الموروثة، وتكوّن مذهب هو البرهمة –أي الهندوس –، وقام البراهمة بهذا التأويل لخدمتهم، وليجعلوا امتيازاتهم مقدسة، وليمنعوا الامتزاج والاتصال بينهم وبين السكان الأصليين، وواضعوا نظام الطبقات وأنشأوا الطقوس واستحدثوا عقيدة الثالوث الهندي البرهمي وهم “برهما” ” وفشنو” “وسيفا”، وبسطوا نفوذهم على الشعب لإبقائه على حال من الجهل والغفلة وليتوصلوا إلى تسلم زمامه، والاستعلاء عليه, حيث وضعوا أنفسهم في المرتبة العليا من السلم الاجتماعي الطبقي، وجعلوا باقي الطبقات دونهم- طبقة الكهنة والعلماء – رجال الحرب وحماة الأوطان – الزراع والتجار – أرباب الحرف والمهن الدنيئة وهم المنبوذون -، ويعتبر دور الكهنة أحد الأسباب الرئيسية في مسخ العقائد وتغييرها، والانحراف بالبشرية من عبادة الواحد الأحد إلى تأليه الكهنة والوسطاء, فأنشأوا الامتيازات والاختصاصات ووضعوا نظام الطبقات، وزعموا أنهم متفردون في معرفة الحقائق العلوية، وستروا الحقائق عن الشعب، فجنحوا إلى تعدد الآلهة وعبادة الأشخاص والتماثيل والحيوانات.

3- مرحلة تلخيص “الويدا” في أسفار مُقدسة تسمى “الأوبانيشادات” وهي مرحلة تبدأ من القرن السادس قبل الميلاد، وتستمر إلى ما بعد الميلاد بعدة قرون.

وسوف نتحدث عن نظام الطبقات -بإذن الله – في بحثنا عن الديانة الهندوسية . المرحلة الثانية : عصر الإلحاد في زعمهم، حيث ظهرت الديانة الجينية والديانة البوذية . المرحلة الثالثة : وهو عصر عودة النصر “للويدا” وانتصارها على الإلحاد, ولكن مع التوسع في شروح الويدات وبيان الخصائص الدينية والاجتماعية، ومن أهم هذه الشروح قوانين “منو” التي وضعت منذ القرن الثالث قبل الميلاد، وبقوانين” منو” هذه تتضح الهندوسية وتستقر معالمها .

المؤسس والتعريف

مؤسس الهندوسية : ليس هناك مؤسس للهندوسية يمكن الرجوع إليه كمصدر لتعاليمها وأحكامها، ولكنها مثل الأديان الوثنية تَتطور مع السنين، وفي مضمونها آراء فلسفية غامضة باطنية.

التعريف : الهندوسية موضوع واسع، ومفهوم مُحير، ذلك لأنها انتشرت خلال ما يُقارب من ثلاث آلاف سنة وتعتنقه اليوم مئات الملايين، فضلًا على أنها تشتمل على كثير من العبادات والفرق التي تقترب قليلًا أو كثيرًا من الاندماج في تراث بالغ القدم، وعلى حين أن المفاهيم والممارسات العملية التي يرعاها هذا التراث القديم تؤثر في هذه العبادات والفرق وتضفي عليها طابعاً هندوسيًا مميزًا، فإن هذا التراث القديم ذاته هو الحصيلة النهائية لمؤثرات داخلية وخارجية، بحيث استوعبت في داخله جميع الآلهة المحلية، وآلهة القبائل، والكثير من الطقوس والفلسفات، ولا ننسى الدور الكبير والهائل للآريين في تشكيل الهندوسية وهو واضح جلي في معظم الحالات، وهي الدين العام الذي حوى غالبية الهنود أو جميعهم، وإذا تمردوا عليه أحيانًا أو تمرد بعضهم عاد المتمردون بعد وقت قصير أو طويل إلى رحابه، بل من الصعب أن يُطلق على الهندوسية دينًا بالمعنى الشائع، فالهندوسية أشمل وأعمق من الدين، إنها صفة لملامح المجتمع الهندي، ونظامه الطبقي، إنها خليط يشمل الأمور المقدسة والأمور الدنيوية معًا، إذ لا يوجد في الفكر الهندي حد فاصل بين الاثنين، إنها الاتجاهات الروحية والخُلقية والقانونية، وهي إلى جانب ذلك مبادئ وقيود وعادات توجه الحياة الهندية وتسيطر عليها.

وإذا ركزنا انتباهنا على هذا التراث القديم، ولا سيما الأمناء عليه، وهم الكهنة والعلماء البراهمة، ومؤلفاتهم الغزيرة، لأصبح لدينا تعريفات ومفاهيم متعددة للهندوسية، نقدم عرضًا لها

1-الهندوسية: ويطلق عليها “البرهمية” أو “الهندوكية”، يعتنقها معظم أهل الهند، وهي مجموعة من العقائد والعادات والتقاليد التي تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر، وتضم القيم الروحية والخلقية إلى جانب المبادئ القانونية والتنظيمية متخذة عدة آلهة بحسب الأعمال المتعلقة بها، فلكل منطقة إله، ولكل عمل أو ظاهرة إله.

2- الهندوسية: أسلوب في الحياة أكثر مما هي مجموعة من العقائد، وتاريخها يوضح استيعابها لشتى المعتقدات والفرائض والسنن، وليست لها صيغ محدودة المعالم، لذا تشمل من العقائد ما يهبط إلى عبادة الأحجار والأشجار، وما يرتفع إلى التجريدات الفلسفية الدقيقة.

3- الهندوسية :هي دين ذو طبيعة إثنية وعرقية -أي عقيدة ودين لمجموعة بشرية بعينها مثلها مثل اليهودية، ولم يبذل الهندوس أي مجهود لدعوة غيرهم لدينهم.

ودارت مكاتبات بين عالم هندي وزعيم مسيحي عن الهندوسية، فيقول : تسألني أن أُقدّم لك وصفًا للهندوسية وأخشى أني سأُخيب أملك فيّ، فالهندوسية ليست دينًا واحدًا، ولا عقيدة واحدة، ولا إيمانًا واحدًا، إنها خليط من كل الأديان، وكل العقائد التي اكتسحت البلاد على مدى أجيال التاريخ .

وتشمل كل الأطوار التي مرت بها الغرائز الدينية والأفكار الفلسفية، فهي ليست مقتصرة على الدين بالمعني الذي نفهمه، ذلك لأنها ضمت تحت جناحيها كل الممارسات والطقوس الدينية، وشبة الدينية، والاجتماعية، التي عرفها الهنود. فتعدد الآلهة، والوحدانية، إنكار وجود الله، هذه كلها أينعت وازدهرت تحت ظلال الهندوسية ولا تزال أوضاعها قائمة في الهندسية، وعبادة الشياطين، وعبادة الأبطال، وعبادة الأسلاف، وعبادة الأشياء الحية والجمادات وعبادة القوى الطبيعية، وعبادة الله، هذه العبادات كلها نُسجت في لحمة الهندوسية وسداها، وهي تُقدم غذاء لكل الأذواق والمشارب، وكل أطوار الترقي. هنا دمامة الهندوسية وجمالها، وضعفها وقوتها، إنها تشتمل على أرقى العبادات، وأدنى وأحط العبادات، إنها تحتضن أرقى الآراء الفلسفية، وأسخف وأحقر المذاهب العقلية الدينية، وأقوى العوامل تأثيرًا في الهندوسيين هو نظام الطبقات، الثالوث الهندوسي، الفكرة بأن العالم وهم ومخادع ومُضلل، ويؤمنون بتناسخ الأرواح وانطلاق النفس واندماجها في الكائن الأسمى.

من هو الهندوسي؟

الحكومة الهندية تُعرف الهندوسي : بأنه الشخص الهندي الذي ليس مسلمًا ولا مسيحيًا ولا زرادشتيًا ولا يهوديًا، وتستبعد أيضًا البوذي والجيني والسيخي.

ويُحسب الهندوسي “هندوسيًا” متى ولد في طبقة من الطبقات المعينية، وحافظ على تقاليدها وقواعدها، ويؤمن بنظام الطبقات، ويحترم أسفار “الفيدا”، ويوقر “البراهمة “، ويُقدس البقرة ويؤمن بالتناسخ والحلول .

والهندوسي إذا كان مثقفًا مُتعلمًا فهو يُنكر تعدد الآلهة، وإن كان وطنيًا، ومن رجال أحزاب الإصلاح، ويرتاب كثيرًا في نظام الطبقات، وإذا كان “برهميًا” فهو يحفظ الطقوس القديمة ويعبد الإله “سفا”، أو “فشنو”، ويدرس المذاهب الفلسفية الهندوسية، وإن كان قرويًا عاديًا فإنه يعبد “راما”، أو “كرشنا”، أو “القرود” . والهندوسي هو الذي يؤدي أعماله، ويراعي شرائع الطبقة التي ينتمي إليها، في روح مُتجردة لا تبالي ولا تكترث بشيء، بل تحتقر كل شيء .

الكتب الهندوسية المقدسة: وكما اشتهرت الهند بكثرة الأديان والآلهة التي تضارع في كثرتها لغات الهند أو تقترب منها، ولما كانت الهندوسية أشهر هذه الأديان وأوسعها انتشارًا، اشتهرت أيضا بكثرة كُتبهم المقدسة، ولا يُعرف من هو مؤلفهم، ولا الزمن التي ظهرت أو كُتبت فيه، وللهندوسية عدد هائل من الكتب المقدسة عسيرة الفهم، وقد أُلفت كتب كثيرة لشرحها، وأخرى لاختصار تلك الشروح، وكلها مُقدسة، وإليك عرض لأسماء هذه الكتب :

1-الفيدا : وهي كلمة سنسكريتية معناها الحكمة والمعرفة، وتُصور حياة “الآريين”، ومدارج ارتقاء الحياة العقلية من السذاجة إلى الشعور الفلسفي، وفيه أدعية تنتهي بالشك والارتياب, وهي تتألف من أربعة كتب هي :أ- رج لافيدا أو راجا فندا – الفيدا الملكية – وترجع إلى 3000 سنة قبل الميلاد، وفيها ذكر لآلهة الهندوس المتعددة.ب- يجور فيدا : ويتلوها الرهبان عند تقديم القرابين. ج- سم فيدا : ينشدون أناشيده أثناء إقامة الصلوات والأدعية. د- أثروا فيدا :وهو عبارة عن مقالات من الرقى والتمائم لدفع السحر والتوهم والخرافة والأساطير والشياطين، وكل واحد من هذه الفيدات يشتمل على أربعة أجزاء هي :– سمْهتا : تمثل مذهب الفطرة، وأدعيته، كان يُقدمها سكان الهند الأقدمين لآلهتهم قبل زحف “الآريين”. –البراهمن: يُقدمها البراهمة للمقيمين في بلادهم مُبينة أنواع القرابين. -آرانياك : وهي الصلوات والأدعية، التي يتقدم بها الشيخ أثناء إقامتهم في الكهوف، والمغاور، وبين الأحراش والغابات.-آبانيشادات : وهي الأسرار والمشاهدات النفسية للعرفاء من الصوفية .

2-قوانيين منو: وضعت في القرن الثالث قبل الميلاد في العصر الويدي الثاني، عصر انتصار الهندوسية على الإلحاد الذي تمثل في الجينية والبوذية، وهذه القوانين عبارة عن شرح للويدات الهندوسية ومبادئها وأسسها.

3- كتب أخرى :

-مهابهارتا: ملحمة هندية تشبه الإلياذة والأوديسة عند اليونان, كتبت سنة 950 قبل الميلاد، وهي تصف حربًا بين أمراء من الأسر المالكة، وقد اشتركت الآلهة في هذه الحرب -كيتا : تصف حربًا بين أمراء من أسرة ملكية واحدة، ويُنسب إلى “كرشنا” فيها نظرات فلسفية واجتماعية.

–يوجا واسستها : تحتوي على أربعة وستين ألف بيتٍ، أُلفت بداية من القرن السادس عبر مرحلة طويلة على أيدي مجموعة من الناس، فيها أمور فلسفية ولاهوتية.

–رامايانا :يهتم هذا الكتاب بالأفكار السياسية والدستورية وفيه خطب لملك اسمه “راما” – بُرَنُ : ويشمل القصص والأساطير القديمة.

طبيعة الآلهة عند الهندوس

أما عن طبيعة الآلهة عند الهندوس، يذكر “ول ديورانت” في قصة الحضارة: أنها تزدحم بها مقبرة العظماء في الهند، ولو أحصينا الآلهة لاقتضى ذلك مائة مجلدٍ، فبعضها أقرب إلى الملائكة، وهو ما قد نسميه نحن “الشياطين”، وطائفة منهم أجرام سماوية مثل: الشمس، والنجوم، وطائفة منهم تمائم، وكثير منها حيوانات الحقل أو طيور السماء، فالهندي لا يرى فرقاً كبيرًا بين الحيوان والإنسان, لذلك عبد الأشجار، والصخور، والجبال، ومجاري المياه، والثعابين, والنار، والضوء، والريح، وكما عبد كل ما حوته الطبيعة، معتقداً أنها مسكن الأرواح، و تدل الكشوف على أن “الثور “قد نال مكانًا بارزًا بين تلك الآلهة، وكان لهم بعض الرموز الدينية التي وجدت منقوشة على الأدوات المعدنية، وكل هذه الصنوف الإلهية قد نسجت خيوطها في شبكة واحدة لا نهاية لها.

تعتقد الهندوسية أن الحَلق تم بواسطة “براهما”، وأنه خلق الرجل والمرأة، واجتمع الزوجان وكان البشر، وأول البشر كان “منو “، ومن هنا بدأت قصة الخَلق كما يعتقدها الهندوس.

التثليث الهندوسي

“براهما” : الخالق الموجود للعالم.

“فشنو”: هو الحافظ.

“سيفا”: هو المهلك المدمر.

ولقد انتقلت فكرة التثليث من الفكر الهندوسي إلى الفكر النصراني، كما انتقلت فكرة التناسخ والحلول ووحدة الوجود إلى بعض المتصوفة، وكذلك ظهرت عند “الإسماعيلية” وعند الفرق الضالة “كالأحمدية “.

عبادة الرجل الهندوسي

إن الرجل الهندوسي في بلاد الهند يدين بتعدد الآلهة، ويختار من بينها إلهًا شفعيًا له، يضع صورته أو رمزه في بيته، ويردد اسمه في الشفق والغسق، وبإكبار وتقدير، وفي الوقت نفسه يُكرم كل الآلهة التي يظنها فوق الطبيعة، وأمام هذا العدد الهائل من الآلهة ينتقل القروي من مزار إلى مزار حسب حاجته، فإذا أراد قضاء حاجة أو إزالة صعوبة، ذهب يعبد “الفيل بن سيفا”. وإذا أراد قوة بدنية لعمل ثقيل، مضى يعبد الإله “القرد”، وفي حالة موت أبيه، يمضي لعبادة الإله “راما”، وإذا رغب في صيانة نفسه من الأمراض الوبائية، أو السلامة في رحلة، أو التمتع بحظ سعيد، مضى إلى آلهة أخرى.

ولا تقتصر عبادته على المزارات المتفرقة لمقار الآلهة، أو تماثيلها في داره، بل يعبد الآلهة في أي مكان، وقد يرى الحجارة المستديرة المجلوبة من قاع النهر المقدس، والموضوعة على جوانب الطرق رموزًا للإله “سيفا”، وفي الأشجار المزدانة بالأصباغ القرمزية رمزاً للخصب والنماء، وفي الكهوف المظلمة رمزًا لإله الموت، وهكذا . ولا يكتفي الهندي العادي بهذا كله، بل تتوَق نفسه إلى الحج لزيارة الأماكن المقدسة، حيث يلتمس البركة والخير.

والحق أن ملايين الهندوس يجدون في الحج تضرعاً دينيا تغتبط به نفوسهم وتقرّ به عيونهم، وقد تكون هذه الأماكن المقدسة بقاعًا ًفوق الجبال أو في السهول، حيث توجد صخور نسجت حولها أساطير عجائب الأرواح، وخرافات الأقدمين، كذلك يعتبر الهندوس بعض أنهارهم مُقدسة، حيث توجد مواقع معينة، وهياكل بطول مجاري تلك الأنهار يقف الهندوسي أمامها خاشعًا متعبدًا، متأثرًا بقصص الأقدمين وأساطير التاريخ، ومن عاداتهم أن يرموا الأزهار في تلك الأنهار، ويستحموا بمائها المطهر، ويحملوا بعضًا من هذه المياه في أوعية، ليتناول منها الموتى عند انطلاقهم، أو استعمالها للشفاء من بعض الأمراض، وأقدس أنهارهم نهر “الغانج “.

وترجع قدسيته إلى أسطورة تقول: إنه ينبع من أقدام الإله “فشنا” في السماء، ويسقط على رأس “سيفا”، ثم يخرج من شعر رأسه، ومدينة “بنارس” مدينة مُقدسة عند الهنود، وهي أهم مكان يتجه إليه الحجاج لغسل خطاياهم وذنوبهم، وحين يرون الهيكل من بعيد ينبطحون على الأرض، ويهيلون تراب الأرض على رؤوسهم علامة الاستسلام الروحي، ثم يتقدمون فرحين للاستحمام في النهر، ويعودون إلى ديارهم واثقين أن كل ذنوبهم قد غُسلت، وإذا قدّر لأحدهم أن يموت في تلك البقعة بعد التطهير، فإن هذا فضل عظيم تغدقه عليه الآلهة، إذ ينطلق إلى حياة الغبطة والهناء في فردوس الإله “سيفا “.

العدد والانتشار

يبلغ عدد الهندوس في كافة أنحاء العالم: ٨٢٠ مليون، أغلبهم يوجد في الهند : ٧٨٤ مليون، بنغلادش: ١٣٫٤ مليوناً، نيبال: ٢٠ مليوناً، إندونيسيا: ٤٫٣ مليون، سري لانكا: ٢٫٨ مليون، باكستان: ٢٫٦ مليون. وأما في فيجي وغويانا ومورشيس وسورينام وترينداد وتوباجو، يمارس أكثر من ٢٠% من شعوبها الديانة الهندوسيّة. كما يعيش عدد كبير من الهندوس في القارة الإفريقية وماينمار والمملكة المتحدة، وبالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا: يُقّدر العدد بـ١٫٢ إلى ١٫٥ مليون.

ففي الولايات المتحدة الأمريكية بعض المنظمات الهندوسية مثل: (إرسالية راماكرشنا، جمعية فدانتا، إرسالية روما كرشنا، جمعية شري أوروبندو، حركة ساتيا ساي بابا، وجمعية سيفاناندا يوغا الدولية.

بذلك نكون قد عرضنا موجزًا عن المعالم الأساسية لما يعرف بالديانة الهندسية، وكان هدفنا من وراء ذلك أن يتعرف القارئ عليها، وعلى عناصرها، ويكون متابعًا معنا فيما سوف نتناوله بالشرح البسيط لما أوجزناه في هذه المقدمة في دراستنا وبحثنا عن هذه الديانة راجيًا من الله تبارك وتعالى القبول والتوفيق .

المصادر :

الهند القديمة :الدكتور محمد الندوي ص 44

الفلسفة الشرقية :ص 91 موسوعة العقيدة والأديان: 127- 129-132

أديان العالم حبيب سعيد: 70-87

فلسفة الهند القديمة :ص 85 86

أديان الهند الكبرى:ص 33إلى 38,37- 73

الإسلام والأديان دارسة مقارنة: ص 41-44

الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب : ص 724-725-726

المعتقدات الدينية لدى الشعوب :ص 107ألى 128

مقارنة الأديان : ص 228-229

معتقدات آسيوية : 157

موسوعة الأديان الحية: 55

تاريخ المعتقدات والأديان : ص 3

موسوعة الأديان السماوية والوضعية : ص 115.

—–

المصدر: مجلة البشرى.

مواضيع ذات صلة