الشيخ: علي الحذيفي (إمام وخطيب المسجد النبوي)
الخطبة الأولى
الحمد لله الرحمن الرحيم، الحليم العليم، العزيز الحكيم، أحمدُ ربي وأشكُره، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليُ العظيم، وأشهد أن نبيَنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه ذو الخُلُق الكريم، اللهم صلِ وسلِم وبارِك على عبدك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبه ذوي النَهج القَويم.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعُوه، واحذَروا عِقابَه فلا تعصُوه.
أيها المسلمون:
اعلموا أن الإسلام جاء لتحقيق غايةٍ عظيمةٍ، وجاء ليقوم بمُهمَةٍ جسيمةٍ، ألا وهي: القيامُ بحق الله تعالى وحقوق الخلق؛ لقول لله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَ اللَهَ لَا يُحِبُ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36].
وما سِوى هذه الغاية من عُمران الأرض، وتشريع الحُدود، وكفِ الظلم، ونحو ذلك؛ فهو تابعٌ للغاية الكُبرى التي هي الوفاءُ بحق الله وحقوق الخلق، ووسيلةٌ إليها، وسيلةٌ إلى هذه الغاية وتمهيدٌ إليها.
والخُلُق الحسنُ أساسُ القِيام بحقِ الله وحقوق الخلق، والخُلُق الحسن بالإيمان أصلُ الوفاء بحقِ الله وحقِ العباد، وبذلك تُرفعُ الدرجات، وتُكفَرُ السيئات.
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: سمعتُ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «إن المُؤمنَ ليُدرِك بحُسن خُلُقه درجةَ الصائِم القائِم»؛ رواه أبو داود.
وعن أبي الدرداء – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «ما من شيءٍ أثقلَ في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حُسن الخُلُق، وإن الله يُبغِضُ الفاحِشَ البَذِيءَ»؛ رواه الترمذي، وقال: “حديثٌ حسنٌ صحيحٌ”.
فالخُلُق الحسنُ جِماعُ الخير كلِه، والخُلُق الحسنُ هو كل صفةٍ حميدةٍ في الشرع والعقل السليم.
وقال بعض أهل العلم: “الخُلُق بذلُ الخير، وكفُ الشر”، ويقال: “الخُلُق الحسن بذلُ النَدى، وكفُ الأذى”. والقولُ الجامعُ للخُلُق الحسن هو: كل ما أمرَ الله به وجوبًا أو استِحبابًا، وتركُ كل ما نهى الله عنه.
والخُلُق الحسنُ: كالتقوى، والإخلاص، والصبر، والحِلم، والأناة، والحياء، والعِفَة، والغَيْرة، وبرِ الوالدَين، وصِلة الأرحام، والرحمة، وإغاثة الملهوف، والشجاعة، والكرم، والصدق، وسلامة الصدر، والرفق، والوفاء، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحُسْن الجوار، والتواضع، والتحمُل، والسماحة، ومُجانَبة المكر، والغدر، والخيانة، والخديعة، والفواحش والمنكرات، وخبائث المشروبات، وخبائث المآكل، والكذب، والبهتان، والشُح، والبخل، والجبن، والرياء، والكِبْر، والعُجْب، والظلم والعدوان، والحقد والغِل، والحَسَد، والبُعْد عن التُهَم، ونحو ذلك.
والخُلُق الحسن ينفعُ المؤمنَ في الدنيا والآخرة، ويرفع درجتَه عند ربه، وينتفع بالخُلُق الحسن البرُ والفاجرُ، وأما الكافرُ فإنما ينفعه خُلُقه في الدنيا ويُثِيبه الله عليه في العاجلة، وأما الآخرة فليس له فيها نصيب؛ لأنه لا يُؤمنُ بالله واليوم الآخر.
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: يا رسول الله! أرأيتَ عبد الله بن جدعان؛ فإنه كان يقرِي الضيف، ويكسب المعدوم، ويُعِينُ على نوائب الدهر، أينفعه ذلك؟ فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «لا ينفعُه ذلك؛ إنه لم يقل يومًا: ربِ اغفر لي خطيئتي يوم الدين».
وقد أمَرَ الله تعالى في كتابه العظيم بكل خُلُقٍ كريم، ونَهَى عن كل خُلُق ذمِيم، وجاءَت السنة النبوية كذلك آمِرَةً بكل خَصلةٍ حميدةٍ، ناهيةً عن كل خصلةٍ خبيثةٍ، والآياتُ في هذا المعنى كثيرةٌ جدًا، الآياتُ كثيرةٌ جدًا.
وحسبُنا في ذلك مِثل: قول الله تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}[الأنعام: 151]، وقال تعالى:{الَذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَرَاءِ وَالضَرَاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَاسِ وَاللَهُ يُحِبُ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران: 134]، وقال تعالى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: 199]، وقال تعالى:{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَا بِاللَهِ}[النحل: 127]، وقال – عز وجل -:{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَيِئَةُ ادْفَعْ بِالَتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَهُ وَلِيٌ حَمِيمٌ}[فصلت: 34].
ومثلُ قول الله – تبارك وتعالى -: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 215]، وقال – عز وجل -: {تِلْكَ الدَارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَقِينَ} [القصص: 83].
ومثلُ قول الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَحْمَنِ الَذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِهِمْ سُجَدًا وَقِيَامًا (64) وَالَذِينَ يَقُولُونَ رَبَنَا اصْرِفْ عَنَا عَذَابَ جَهَنَمَ إِنَ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًا وَمُقَامًا (66) وَالَذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَفْسَ الَتِي حَرَمَ اللَهُ إِلَا بِالْحَقِ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 63- 68]، وقال تعالى: {يَا أَيُهَا الَذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وقال – عز وجل -: {وَمَا آتَاكُمُ الرَسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].
وفي الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «أنا زعيمٌ ببيتٍ في أعلى الجنة لمن حسَنَ خُلُقَه»؛ رواه أبو داود بإسنادٍ صحيحٍ من حديث أبي أمامة – رضي الله عنه -.
وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «ألا أُخبِرُكم بمن يَحرُم على النار، أو بمن تحرُم عليه النار؟ تحرُم على كل قريبٍ هيِنٍ ليِنٍ سهلٍ»؛ رواه الترمذي، وقال: “حديثٌ حسن”.
وعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «إن الرِفقَ لا يكون في شيء إلا زَانَه، ولا يُنزَع من شيء إلا شَانَه»؛ رواه مسلم.
وعن النَوَاس بن سَمْعَان – رضي الله عنه – قال: سألتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن البِرِ والإثمِ، فقال: «البِرُ حُسنُ الخُلُق، والإثمُ ما حَاكَ في صدرِك وكرهتَ أن يطَلِع عليه الناس»؛ رواه مسلم.
الخُلُق الحسنُ بركةٌ على صاحبه وعلى مُجتمعه، وخيرٌ ونَمَاءٌ، ورفعةٌ عند الله، وسَنَاءٌ ومحبةٌ في قلوب الخلق، وطمأنينةٌ وانشراحٌ في الصدور، وتيسيرٌ في الأمور، وذِكرٌ حَسنٌ في الدنيا، وحسنُ عاقبة في الأخرى.
وسوءُ الخُلُق شُؤْمٌ ومحقُ بركةٍ في الأعمار، وبُغْضٌ في الخلق، وظُلمةٌ في القلوب، وشقاءٌ عاجلٌ، وشرٌ آجِل.
أيها المسلمون:
اقتَدوا بالسلف الصالح الذين اتَصَفوا بمكارم الأخلاق، وشهِد لهم بذلك العليمُ الخلاَق في مثل قوله الله تعالى: {مُحَمَدٌ رَسُولُ اللَهِ وَالَذِينَ مَعَهُ أَشِدَاءُ عَلَى الْكُفَارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَعًا سُجَدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُجُودِ} [الفتح: 29]، وقوله – تبارك تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَهِ} [آل عمران: 110].
فهم خيرُ الناس للناس، وقولُه تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَلُوا تَبْدِيلا} [الأحزاب: 23]
فكلُ واحدٍ من الصحابة – رضي الله عنهم – أمةٌ وحده في مكارم الأخلاق، والبُعْد عن سَفَاسِفِ الأمور، يُعلَم هذا من تفصيل سِيَرِهم وأحوالهم.
والمَثَلُ الأعلى في كل خُلُقٍ كريم، وفي كل وصفٍ حميدٍ عظيمٍ: سيدُ البشر سيدُنا محمد – صلى الله عليه وسلم -، فهو القدوة التامة في كل شيء، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]؛ فقد أدَبه ربُه فأحسنَ تأديبَه.
واعتنى – صلى الله عليه وسلم – أعظمَ عنايةٍ بتربية الأمة على كل خُلُق حميدٍ وفعلٍ رشيد؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إنما بُعِثتُ لأُتمِمَ صالحَ الأخلاق»؛ رواه أحمد.
وأثنَى الله على نبيِه – عليه الصلاة والسلام – أفضل الثناء، ثناءً يتردَد في سمع الوجود، ويتلُوه الملأُ الأعلى والمؤمنون من الجن والإنس، ولا تُنْسِيه سرمديَةُ الزمان، قال الله تعالى: {وَإِنَكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، وكفَى بالله شهيدًا.
عن عائشة – رضي الله عنها – أنها سُئِلَت عن خُلُق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالت: “كان خُلُقه القرآن”.
قال ابن كثير – رحمه الله -: “صار امتثالُ القرآن أمرًا ونهيًا سجِيَةً له، وخُلُقًا تطبَعه، وتركَ طبعَه الجِبليُ، فمهما أمره القرآن فعله، ومهما نهاه عنه تركه، هذا مع ما جَبَله الله عليه من الخُلُق العظيم من الحياء، والكرم، والشجاعة، والصفح، والحلم، وكل خُلُقٍ جميل”. اهـ.
وحتى قبل البعثة لم يجِدوا عليه سَقطةً ولا عيبًا يُذم به – مع كثرة أعدائه، وتوافُر دواعِيهم وحرصهم -.
ولما فجِأَه الوحي قال لخديجة – رضي الله عنها -: «لقد خشِيتُ على نفسي». فقالت: “كلا والله، لا يُخزِيك الله أبدًا؛ إنك لتَصِل الرَحِم، وتصدُق الحديث، وتحمِلُ الكَلَ، وتقرِي الضيف، وتُعينُ على نوائب الحق”؛ رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة – رضي الله عنها -.
فهذا بعضُ خُلُقه الكريم قبل البعثة، فأتمَ الله عليه النعمة والخُلُقَ العظيم بعد البعثة.
فتأسوْا – معشر المسلمين – بنبيِكم – صلى الله عليه وسلم – في التمسُك بدينه القيِم، والعمل بشريعته الغرَاء، والتخلُق بأخلاقِه الكريمةِ، بقدر ما يُوفِقكم الله لذلك، واحمِلوا أنفسكم على منهجه مخلصين لله، مُتَبِعين لسنته غير مُبتدِعين في دينه، قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُونَ اللَهَ فَاتَبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31].
واعلموا – عباد الله – أن المُدَاراةَ من الخُلُق الحسن، والمُدَاهَنةَ من الخُلُق المذموم؛ فالمُدَاراة هي دفعُ الشر بالقول الحسن أو الفعل الحسن، وتبليغ الحق بأسلم وسيلة، وتكون في بعض الأحوال. والمُدَاهنة هي السكوتُ عن الحق، أو الموافقةُ في المعصية.
قال الله تعالى: {يَا أَيُهَا الَذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإياكم بما فيه الآيات والذكر الحكيم، ونفَعَنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمسلمين، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وليُ المتقين، أحاط بكل شيء علمًا، ووسِعَ كل شيء رحمةً وحلمًا، أحمده – سبحانه – على نعمه التي لا تُحصَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماءُ الحُسْنى، وأشهد أن نبيِنا وسيِدنا محمدًا عبدُه ورسولُه المصطفى، اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه الأتقياء.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى كما أمر، وابتعِدوا عما نهى عنه وزَجَر؛ فقد أمركم الله بقوله: {إِنَ اللَهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَكُمْ تَذَكَرُونَ} [النحل: 90].
وهذه آيةٌ جامعةٌ لكل خُلُقٍ كريمٍ، ناهيةٌ عن كل خُلُقٍ ذميمٍ.
وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اتَقِ الله حيثما كنت، وأتبِعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ الناس بخُلُقٍ حسنٍ»؛ رواه الترمذي.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: سُئِل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن أكثر ما يُدخل الناسَ الجنة، قال: «تقوى الله، وحُسنُ الخُلُق»، وسُئِل عن أكثر ما يُدخل الناسَ النار، فقال: «الفمُ، والفَرْجُ»؛ رواه الترمذي، وقال: “حديثٌ حسنٌ صحيح”.
فتمسَكوا بأخلاق دينكم، وحافِظوا على هدي نبيِكم محمد – صلى الله عليه وسلم – تفوزوا بخيرَي الدنيا والآخرة.
عباد الله:
{إِنَ اللَهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُونَ عَلَى النَبِيِ يَا أَيُهَا الَذِينَ آمَنُوا صَلُوا عَلَيْهِ وَسَلِمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: «من صلَى عليَ صلاةً واحدةً صلَى الله عليه بها عشرًا».
فصلُوا وسلِموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.
اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وسلِم تسليمًا كثيرًا.
اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، اللهم وارضَ عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنا معهم بمنِك وكرمِك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَ الإسلام والمسلمين، اللهم أذِلَ الكفر والكافرين، اللهم أبطِل مكرَ أعداء الإسلام يا رب العالمين، اللهم أبطِل خِطط أعداء الإسلام التي يكيدُون بها للإسلام والمسلمين يا رب العالمين.
اللهم اكفِ المُسلمين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اكفِ المُسلمين شرورَ أنفسهم، وسيئات أعمالهم، واكفِهم شرَ أعدائِهم يا رب العالمين.
اللهم ألِف بين قلوب المسلمين، وأصلِح ذات بينهم، واهدِهم سُبُل السلام، وأخرِجهم من الظلمات إلى النور برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَ الإسلام والمسلمين، وأذِلَ الكفر والكافرين يا رب العالمين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم ارفع عن المسلمين البلاء، اللهم ارفع عنهم الكربَ يا رب العالمين، اللهم ارفع عن المسلمين الكربَ والشدائد والكُرُبات، اللهم ارفع عن المسلمين في الشام ما نزلَ بهم يا رب العالمين، اللهم ارفع عن المسلمين في الشام ما نزلَ بهم من الكرْب والشدائِد والعظائِم يا رب العالمين.
اللهم واجعل الدائِرة على من ظلمَهم يا رب العالمين.
اللهم يا ذا الجلال والإكرام كُن بالمسلمين رؤوفًا رحيمًا، اللهم أحسِن عاقِبَتهم، اللهم أطعِم جائِعَهم، اللهم واكسُ عارِيَهم يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.
اللهم آمِنَا في أوطاننا، وأصلِح اللهم ولاة أمورنا، اللهم وفِق وليَ أمرِنا خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، اللهم وفِقه لهداك واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين، اللهم وفِقه وأعِنه على كل خيرٍ لشعبه ووطنه والمسلمين، اللهم انصُر به دينَك، وأعلِ به كلمتَك، واجمع به كلمة المسلمين يا رب العالمين، اللهم وفِق نائِبَيه لما تحبُ وترضى، اللهم وفِقهما لهُداك، واجعَل عملَهما في رِضاك يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.
اللهم أعِذْنا من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، اللهم أعِذْنا من شرِ كل ذي شرٍ يا رب العالمين.
اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا يا رب العالمين، اللهم اشفِ مرضانا، وانصُرنا على من عادانا، يا أركم الأكرمين، ويا رب العالمين.
اللهم اشرَح صُدورَنا، ويسِر أمورَنا.
اللهم إنا نسألُك الجنة وما قرَب إليها من قولٍ أو عملٍ، ونعوذُ بك من النار وما قرَب إليها من قولٍ وعملٍ.
اللهم أعِذنا وذريَاتنا من إبليس وذريَته وشياطينِه وجنوده، اللهم أعِذ المُسلمين من الشيطان الرجيم وذريَته يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.
رَبَنَا آتِنَا فِي الدُنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَارِ[البقرة: 201].
عباد الله:
إ{ِنَ اللَهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَكُمْ تَذَكَرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَ اللَهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 90، 91].
اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدْكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
—————————
المصدر: موقع السكينة.