الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

الأخت الداعية وفن الإلقاء

د. هند مصطفى شريفي

على الداعية مراعاة عناصر الكلمة والمحاضرة الجيدة

تتعلق الوسائل الدعوية القولية أساسًا بالإلقاء أو (الخطابة)، وهو: فن مخاطبة الجماهير بطريقة إلقائية، لإقناعهم بهدف سام، ودفعهم واستمالتهم لتحقيق هذا الهدف.

وهي من الوسائل البارزة من وسائل الدعوة وبها بدأ النبي – صلى الله عليه وسلم – نذارته لأهل مكة، حين أمره الله تعالى أن يصدع بالدعوة فخطب على الصفا (فهتف: يا صباحاه. فقالوا: من هذا؟ فاجتمعوا إليه، فقال: “أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟” قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: “فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد”.

ومن خلال خطبه وأقواله – صلى الله عليه وسلم- تستنبط الداعية مقومات وخصائص الوسائل القولية الناجحة، والتي منها:

1- مراعاة الكلام لمقتضى الحال، حيث تتوسّم الداعية حال السامعات، لتعرف مبلغ طاقتهنّ وقدر استحقاقهنّ وإقبالهنّ على الانتفاع، لتعطيهنّ ما يتحملن، وتمسك عما لا يطقن، وتوجز إذا خشيت الملالة والانصراف.

2- التفاعل الصادق المخلص أثناء الإلقاء، فإن هذا مما يثير المشاعر النفسية عند المدعوات، ويلفت أنظارهنّ، ويجذب انتباههنّ، إضافة إلى المشاركة الوجدانية بين الداعية والمدعوات، وبيان تأثرها بكل ما تتحدث به إليهنّ.

وقد ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا خطب وأنذر بيوم القيامة احمرّ وجهه وعلا صوته كأنه منذر جيش، وأنه “كان إذا خطب، احمرّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم مساكم”، وهذه الهيئة الخطابية تدل على صدقه – صلى الله عليه وسلم وابتعاده عن التصنع والتكلّف.

3- الوضوح، وهذا يعني اختيار الألفاظ المفهومة والعبارات السهلة، مع مراعاة مستوى السامعات الثقافي، وتفصيل المجمل من الكلام وتوضيحه، فيكون حديثها واضحا بينا، ولا تنتقل من فكرة أو من عنصر إلى آخر، إلا وهي متأكدة من استيعاب الطالبات له ما أمكن، مع مراعاة الفروق الفردية في القدرة على الاستيعاب، وذلك بأن تنوع في طرق العرض، وأساليب الكلام، لتوضيح مقصدها كالتكرار والتأني في الكلام، ومراعاة حسن النطق، وتجويد الكلمات والحروف.

4- مراعاة عناصر الكلمة والمحاضرة الجيدة، مثل تقسيم الموضوع إلى عناصر وأفكار رئيسة، والبدء بالمقدمة الملائمة التي تهيئ أذهان الطالبات وتحمسهنّ لسماعها، ثم تذكر صلب الموضوع وتستوفي عناصره، ثم تنهي بالخاتمة الملائمة.

5- استعمال العوامل الموقظة لعقول السامعات، والمثيرة لحماسهنّ واهتمامهنّ؛ كتوجيه الأسئلة لهنّ لإشعارهنّ بأهمية الموضوع.

6- استخدام الأساليب البلاغية بشكل يتناسب مع الموضوع، كاستخدام القسم والتأكيد والتكرار والمقابلة وغيرها.

الأخت الداعية والدعوة الطلابية

ومن أهم الوسائل الدعوية القولية المستخدمة في دعوة طالبات المرحلة الثانوية ما يأتي:

أ) الإحاطة الجيدة من المعلمة الداعية بالموضوع وكل ما أُثير حوله من آراء ومناقشات.

ب) الاعتماد فيها على الحجة والبرهان والإقناع العقلي، والبعد عن تهييج العواطف وإثارتها، مع استخدام الألفاظ الفصيحة الدقيقة الواضحة، والبعد عن الألفاظ والأفكار المبهمة المضللة، وكذلك التقليل من الإنشاء والمحسنات اللفظية والعبارات الرنانة.

ج) التدقيق في اختيار موضوعها، بحيث يكون مما يلائم احتياجات الطالبات في حاضرهنّ ومستقبلهنّ، ويتناسب مع مستوى تفكيرهنّ، وظروفهنّ الاجتماعية والثقافية.

د) الدقة في النقل من الكتاب والسنة، وكذلك ما ينسب إلى الآخرين من نصوص وآراء.

هـ) سعة صدر الداعية ورحابته أثناء حوارها ومناقشتها للأسئلة والمداخلات التي تثيرها الطالبات، فإن هذا مما يكسبها ثقة الطالبات وتقديرهنّ.

—–

* المصدر: يا له من دين.

مواضيع ذات صلة