الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

الحمد: الكاميرون تتعمد التعتيم على أعداد المسلمين في الدولة

أجرى الحوار: هاني صلاح – إسماعيل إبراهيم – بكر العطار

خريطة الكاميرون

دخل الإسلام الكاميرون مع عروض التجارة القادمة من الشمال

أكد الشيخ “خليل الحمد” عضو جمعية تبليغ الإسلام بالكاميرون، أن المسلمين في الكاميرون يمثلون نسبة تتراوح بين 45% و50% من نسبة السكان الكاميرونيين، مؤكدا أن أغلبيتهم في شمال الكاميرون.
وأضاف في حواره مع فريق الأقليات بالأمة عبر سكايب (في 14 مايو 2014م)، إلى أن المسلمين يواجهون عدة تحديات أبرزها نشاط جمعيات التنصير هناك.
وأشار إلى أن لاجئي أفريقيا الوسطى في الكاميرون يواجهون معاناة شديدة بسبب نقص الخدمات المقدمة لهم.
وإلى نص الحوار…

* نود أن نعرف نبذة تاريخية عن الإسلام في الكاميرون؟
– تشير روايات تاريخية كثيرة إلى أن الإسلام وصل أولاً إلى الكاميرون من الشمال، وذلك مع عروضها التجارية، كما تشير روايات أخرى إلى أن الإسلام دخل إلى الكاميرون ثانية عن طريق الغرب، قادمًا من نيجيريا، بجهود الممالك الإسلامية المتعاقبة في غرب إفريقيا في تلك الحقبة، بدءًا بمملكة “مأسينا”، ثم مملكة “تمبكتو”، ثم مملكة “غانا” الثانية، إلى مملكة “برنو” وانتهاء بمملكة “صوكتو”، التي بسطت نفوذها إلى كل المناطق الشمالية لجمهورية الكاميرون الحالية، ولما أعلن الشيخ عثمان بن فودي – رحمه الله – جهاده التجديدي في خلافته الإسلامية بشمال نيجيريا، هرع كل السلاطين المسلمين الذين كوّنوا سلطانتهم في شمال الكاميرون إلى مبايعة الشيخ عثمان فورًا ربما كان ذلك حفاظًا على ملكها، وخوفًا من الزحف الإسلامي الجديد الذي يحارب كل البدع والخرافات، وآثار الوثنية التي لم يتخلص منها هؤلاء السلاطين، على الرغم من دخولهم الإسلام منذ زمن بعيد، قبل قيام الخلافة الصوكتوية.
هكذا استمرت الحال على تبعية هذه الجهة الشمالية الكبرى لدولة الكاميرون لخلافة “صوكتو”، حتى جاء الاستعمار الألماني، ثم الفرنسي في القرن التاسع عشر الميلادي على سواحل الكاميرون غربًا، ثم توغل حتى وصل إلى الشمال، فواجه مقاومة سرشة من قبل هؤلاء السلاطين، إلا أنها لم تدم طويلًا لعجزها أمام ترسانة الأسلحة النارية التي كان يمتلكها المستعمر، وما يمتلكونه هم من الأسلحة البيضاء التقليدية من رماح وسهام، فاضطروا إلى الاستسلام، واستمر الوضع على ذلك إلى أن حصل الكاميرون على استقلاله النظري عام 1960م.

* ما هي نسبة المسلمين بالكاميرون؟
– أما إذا أتينا إلى نسبة المسلمين من بين السكان، فنجد مصادر تشير إلى أن نسبتهم تتراوح بين 45 و50% من جميع السكان الذين يبلغ تعدادهم سبعة عشر مليونًا ونصف مليون نسمة تقريبا، والنسبة الباقية يتقاسمها الكاثوليك والبروتستانت والوثنيون، كما تشير إحصاءات أخرى إلى أن نسبتهم أقل بكثير مما ذكر أعلاه، فترى بين 18 إلى 25%، والله أعلم، لأن الإحصاءات الحقيقية يصعب الحصول عليها، لأن الدولة تتعمد التعتيم والإخفاء، ولا تعتمد في نتائج إحصاءاتها بناء على الانتماء الديني.
وبناء على هذه المعلومات، فإن واقع المسلمين لا يزال بخير، مع وجود كثير من الضعف، والتخاذل، وانعدام روح التضامن، والتكاتف، وتصاعد النعرات الإقليمية والجهوية بين المسلمين – وربما القبلية – مما ينذر بناقوس الخطر في المستقبل، نسأل الله السلامة والعافية.

* كيف حال العلاقة بين المسلمين وغيرهم بالكاميرون؟
– أما فيما يتعلق بعلاقة المسلمين بغيرهم في الكاميرون، فهناك جو من التعايش السلمي والتسامح، وهو الجو الذي يخيم على البيئة الكاميرونية، على أنه لم يمنع ذلك من حدوث بعض المناوشات والمواجهات الدموية في بعض المناطق، وهذه المواجهات لا ترقى إلى درجة ظاهرة العداء بين المسلمين وغيرهم، وعليه فإن المجتمع الكاميروني -مسلمهم وغير مسلمهم- يتقبلون ويعترفون بممارسات المسلمين الدينية والاجتماعية والثقافية، ونجد الثقافة الإسلامية هي السائدة في المناطق الشمالية من “زيّ، وطرق عيش، وحفلات زواج”، سواء أكان ذلك في أوساط من دخل في الإسلام جديداً أم كان في أوساط غير المسلمين. وعلى المستوى الرسمي نجد “زي المسلمين” معترفًا به رسميًا في الحفلات التي تقيمها الحكومة، وفي الأعياد الإسلامية، يحتم البروتوكول الحكومي على حاكم المنطقة أن يحضر، ويشارك المسلمين في صلاة العيد إذا كان مسلمًا، وإن كان غير مسلم، يجب عليه الحضور والجلوس مع موكبه خارج مصلى العيد، حتى ينتهي المسلمون من الصلاة، فيخرج إليه السلطان التقليدي المسلم أو عمدة القرية التقليدي، ليسلم عليه الحاكم، ويهنئه بهذه المناسبة – نيابة عن رئيس الدولة – وللأمة الإسلامية، وربما يُطلب من إمام العيد أن يدعو الله عزّ وجلّ أن يديم الأمن والرخاء والاستقرار، وأن يرفع عن البلاد البلاء، وهذا الطلب يكون صادرًا من حكومة الدولة أحيانًا، وندرك هنا محاولة سياسة الحكومة الكاميرونية لدمج أحوال المسلمين، وحتى طقوسهم الدينية إلى سياسة الدولة العامة، وأنهم جزء لا يتجزأ من كيان الدولة.

* هل للمسلمين تواجد في المناصب الحكومية بالدولة الكاميرونية؟
– للمسلمين وجود في كافة أماكن صنع القرار في الدولة من البرلمان أو الوزارات، على أن هذا الوجود بهذه الصورة لا يرضي كثيراً من الناس، بسبب ضعف تأثير المسلمين في اتخاذ القرارات، وللتهميش المتعمد من قبل سلطات الدولة للمسئولين المسلمين، أو المحسوبين على الإسلام، فمارست الدولة عليهم سياسة فرق تسد، لتخاذهم فيما بينهم، وسيطرة أطماعهم الشخصية على المصالح العامة للأمة الإسلامية.

* ما الدور الذي يقوم به المسلمون الذين وصلوا للمناصب في الدولة؟
– العناصر المسلمة التي وصلت إلى مناصب عالية في الدولة، تفتقر إلى الوعي الديني، وإلى علم شريعة الإسلام، ومقاصد الإسلام السمحة، حتى يستطيعوا استغلال هذه المناصب لمصلحة الإسلام والمسلمين ولمصلحة الوطن، فيتركوا استغلالها لمصالحهم الخاصة، أو لأسرهم فقط، وهذا الاستغلال الرخيص نابع عن جهلهم بشمولية الإسلام، وأنه دين ودولة ونظام حياة وعبادة وعمل وإيمان وكفاح، وليس دين الرهبنة والشعوذة والكهانة والسحر – كما هو الواقع الحالي عندهم.

* ما هي أكثر المشاكل التي تواجه المسلمين في الكاميرون؟
– رغم ما يتمتع به المسلمون في الكاميرون من حريات سياسية، وبعض الحريات الدينية، إلا إنهم يعانون من تزايد الفقر المدقع بينهم، شأنهم شأن سكان البلاد جميعا، وهو الأمر الذي يعطي الفرصة لحملات التنصير التي تستغل العمل والإغاثي والفقر المدقع لنشر المسيحية، التي لم تفلح رغم ذلك في إيقاف انتشار الإسلام، بين صفوف أهالي الكاميرون المتعطشين للهداية.
وإلى جانب الفقر المدقع، فإن المسلمين يعانون من هيمنة الثقافة الإنجليزية والفرنسية على البلاد، التي لا يتكلم معظم أهلها سوى بهاتين اللغتين، وتنحسر فيها اللغة العربية التي لا يتكلمها سوى 4 % من السكان.
ولا يتوقف الأمر على الفقر والثقافة، فإن تفشي الجهل والأمية هو الأخطر بين صفوف المسلمين، خصوصا الأمية الدينية والجهل بتعاليم الإسلام، وتقطع الصلة بالعالم الإسلامي وضعف الروابط مع الدول والمؤسسات الإسلامية.
غير أن هناك فرصة ذهبية أمام الدعوة الإسلامية في تلك البلاد، التي يسودها مناخ جيد من الحرية والدينية، ويشجع على ذلك النتائج المذهلة التي حققتها بعض المؤسسات الدعوية هناك.

* ما الأسباب التي أدت إلي توقف المد الإسلامي في المنطقة؟
– وجود المستعمر جعل امتداد الإسلام بطيئًا جدًا نحو الجنوب والغرب والشرق، وعرقلته المد الإسلامي، ومصاحبته للمنصر الذي اتخذ سياسة التفريق والتأليب على المسلمين وسيلة لتحقيق أهدافه التنصيرية، فأصبحت صورة المسلم والإسلام غير جيدة في أوساط القبائل التي لم تدخل الإسلام قبل مجيء المستعمر.
والسبب الثاني ربما هو جهل كثير من هؤلاء السلاطين بمقاصد الشريعة الإسلامية، لأن كثيرًا منهم من عوام الناس الذين لا يتمتعون بمعرفة الشريعة الإسلامية، وكذلك قلة العلماء في مجتمعاتهم الذين يرسمون لهم الطرق الصحيحة لنصر دين الله تعالى، إلى غير ذلك من أسباب التخلف التي كان يعاني منها شعوب هذه المنطقة في ذلك الوقت.

* ماذا عن اللاجئين من أفريقيا الوسطى في الكاميرون أحوالهم وأعدادهم؟ وما هي التحديات التي تواجههم؟
– تم تكوين اتحاد المنظمات والجمعيات الإسلامية الكاميرونية من أجل إغاثة اللاجئين من إفريقيا الوسطى، ومن ثم تكوين فريقين لزيارة ميدانية الفريق الأول إلى “غاروا بلاي” والفريق ثاني إلى “كينزو”وذلك لكثرة اللاجئين في المنطقتين.
وأكد محافظ “غاروا بولاي” عن أن الحالة سيئة للغاية حوالي 12000 آلاف لاجئ في المدينة 2000 تقريبا في موقع الاستقبال 6000 في موقع النهائي حوالي4000 في البيوت مع الأهالي
وتعمل الجمعية الثقافية الإسلامية بمدينة “غاروا بولاي”، وكذلك “الصليب الأحمر” و منظمة “حاش سي آر”.
وأكد المحافظ أن الاحتياجات الآنية الغذاء الأدوية الخيام، ويقول: في النهاية ليس هناك وقت للحديث كما أبدى المحافظ استعداه التام للتعاون وتوفير الإجراءات الإدارية اللازمة.
كما استقبل فريق الاتحاد أيضا سلطان المسلمين وذكر السلطان أن هناك جهودا بذلت من قبل المجتمع وأن الظروف صعبة جدا والمشكلة أكبر من طاقتهم.
أما في مدينة “كينزوا” فأعرب المحافظ عن أن الوضع محزن جدا 20000 لاجئ في القرية ومن دول مختلفة في 4 خيام فقط والأغلبية أطفال ونساء أرامل وكبار السن
أخذت منظمة “حاش سي أير” 1001 فقط والباقي منتشر هكذا في القرية، وأبدى المحافظ استعداده التام على التعاون والتسهيلات الإدارية، مؤكدا أن الحالة سيئة وعاجلة.
اللاجئون في مدينة “غاروبولاي” يقيمون في ملاعب الكرة، وفور وصول الشاحنات يوميا من النازحين في ملعب كرة القدم هناك شرطة في الموقع تقوم بتفتيشهم ومن ثم يوجهون إلى مواقع التسجيل الذي تشرف عليه منظمة “حاش سي أير “بينما في مدينة “كينزو” لا يوجد هذا التنظيم.
المدينة تضم حوالي 20000نسمة في الموقع وصلوا من 7مدن مختلفة الأغلبية أطفال السن أقل من 10ومن ثم النساء والرجال كبار السن، وهناك حمامات مقابل 20000شخص، و9 مخيمات بحجم 9مم وواحد 30م ومكتبين لتسجيل اللاجئين، وبئر واحد قريب من الموقع وخزان ماء، وتقدم لهم وجبة واحدة يوميا مقدمة من الجمعية الإسلامية والثقافية بمدينة “غاروا بولاي”.
أغلبية اللاجئين في المساجد والشوارع وتحت الأشجار، إلا أن هناك بعض البيوت مثل بيت عبد الله رماد في مدينة “كينزو” والذي استقبل أكثر من 500 شخص في منزله، يقول قي البداية كنت أذبح بقرة يوميا ولكن بعد أيام ما استطعت أن أواصل لكثرة اللاجئين.
والمخيمات التي تقع تحت إشراف الأمم المتحدة يقومون بتوزيع الأناجيل علي اللاجئين في نوع من التنصير العلني التي تتعرض له الدولة من قبل جمعيات التنصير.
——
* المصدر: موقع الأمة.

مواضيع ذات صلة