الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

جمعة نيوزيلاندا الأولى بعد الجريمة.. إسلامية بامتياز

ما تزال تداعيات الحادث الإجرامي  الذي تعرض له مسجدان في نيوزيلاندا الجمعة قبل الماضية مستمرة، خاصة في موطن الجريمة نيوزيلاندا؛ حيث شهد أمس (الجمعة الأولى بعد الاعتداءات) عدة مظاهر تعبر عن تعاطف كبير من النيوزيلنديين ورئيسة وزرائهم مع المسلمين؛ حيث يمكن وصف اليوم بأنه يوم إسلامي في تاريخ نيوزيلاندا.

ويمكن استعراض أبرز مظاهر التعاطف النيوزيلاندي مع المسلمين أمس الجمعة فيما يلي:

بث الأذان في التليفزيون والإذاعة

للمرة الأولى في تاريخه البلاد قام التليفزيون والإذاعة الوطنيان في نيوزيلندا بإذاعة أذان صلاة الجمعة بالتزامن مع مراسم تشييع وتأبين ضحايا “مجزرة المسجدين” الإرهابية، التي أسفرت عن مقتل 50 شخصا.

أقيمت الصلاة في ساحة “هاغلي بارك” مقابل مسجد النور في مدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية، أحد المسجدين اللذين تعرضا للهجوم الإرهابي، وحضرتها رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن.

وبعد رفع الأذان في جميع أنحاء نيوزيلندا عبر التليفزيون والإذاعة الوطنيين، تأبينا لضحايا الاعتداء الإرهابي، تم الوقوف دقيقتي صمت في جميع المؤسسات والتجمعات. وقدر الحشد الذي حضر الصلاة بنحو 20 ألفا، بينهم الآلاف من غير المسلمين الذين حرصوا على التواجد كنوع من التضامن مع المسلمين في مصابهم الأليم.

وفي خطبة الجمعة قال خطيب مسجد النور، جمال فودة -وهو أحد الناجين من المجزرة- إنّ “دماء ضحايا الاعتداء الإرهابي لن تذهب هدرا، بل من خلالهم سيرى العالم جمال الإسلام وجمال وحدتنا.

وشكر النيوزيلنديين على دعمهم لمسلمي البلاد في تلك اللحظات الصعبة.

وقال فودة: “لقد حاول الإرهابي تمزيق أمتنا بأيديولوجيته الشريرة، لكن على النقيض، أظهرنا للعالم أن نيوزيلندا غير قابلة للانقسام”.

وأضاف: “نحن محبطون لكننا لم نكسر.. نحن على قيد الحياة.. نحن معا.. نحن مصممون على عدم السماح لأي شخص بتقسيمنا”.

وتابع: “مجزرة المسجدين نتيجة خطاب الكراهية الذي يقوده بعض الزعماء السياسيين، وعلى العالم وضع حد لخطابات الكراهية تلك وسياسة الخوف المرضي من الإسلام (الإسلاموفوبيا).

ومضى قائلا: “الإسلاموفوبيا تقتل، وتم استخدامها بوحشية في جميع أنحاء العالم، فهي حملة تهدف إلى التأثير على الناس وجعلهم يشعرون بالخوف من المسلمين”.

رئيسة الوزراء

أما جاسيندا أرديرن –رئيسة الوزراء النيوزيلاندية- فخاطبت المسلمين وواستهم، مفتتحة كلامها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.

وأضافت أن نيوزيلندا حزينة معكم.. نحن واحد.

انتشار الحجاب

أما المظهر الإسلامي الأبرز أيضا فتمثل في ارتداء غير مسلمات الحجاب تضامنا مع المسلمين ؛ حيث ارتدت نساء نيوزيلنديات غير مسلمات الحجاب تضامنا مع المسلمين. وذلك استجابة لدعوة من منظمات المجتمع المدني لتنفيذ حملة ارتداء الحجاب، في ذكرى مرور أسبوع على مجزرة “المسجدين” الاليمة.

والتقت وسائل اعلام نيوزيلندية نساء شاركن بالحملة؛ حيث أبدين دعمهن للنساء المسلمات. وقالت إحدى المشاركات لموقع  TVNZ المحلي: “لا داعي للشعور بالخوف من ارتداء الحجاب في الخارج؛ لأن الجميع مرحب بهم في نيوزيلندا”.

ومن جهتها أبدت المتحدثة باسم مجلس النساء المسلمات رضاها عن الحملة، وأفادت بأنها طريقة مؤثرة ومعبرة لإظهار تضامن المجتمع معهم، بحسب الموقع.

وكان من بين المشاركات في الحملة شرطيات وإعلاميات وناشطات ظهرن وهن يرتدين الحجاب.

النعي

صفحات النعي

أما الصحف المحلية فخصصت صفحات كاملة نعت فيها جميع الضحايا بأسمائهم، وتضمنت دعوة إلى حداد وطني. وقالت صحيفة “نيوزيلند هيرالد” بصفحتها الأولى: “دعوة إلى الصلاة.. في الوحدة قوة”.

وكانت وقفات التأبين والحداد قد استمرت حتى وقت متأخر من مساء الخميس بجميع أنحاء نيوزيلندا، بينما جهز متطوعون جثامين الضحايا لتشييعها بعد صلاة الجمعة.

ووسط هذا التعاطف الشعبي والرسمي، ارتفع حجم التبرعات المقدمة للمصابين وذوي الضحايا إلى أكثر من سبعة ملايين دولار أميركي.

يذكر أنه في يوم الجمعة قبل الماضية استهدف هجوم دموي مسجدين بـ”كرايست تشيرتش” النيوزيلندية، قتل فيه 50 شخصا أثناء تأديتهم الصلاة، وأصيب نحو 50 آخرين.

وقد تمكنت السلطات من توقيف المنفذ، وهو أسترالي النسية يدعى بيرنتون هاريسون تارانت، ومثل أمام المحكمة السبت الماضي، ووجهت إليه اتهامات بـ”القتل العمد”.

 

مواضيع ذات صلة