الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

الإسلام والمسلمون في صربيا (حوار)

أدار الحوار: أ. هاني صلاح*

بكير سليم ماكيتش

الرئيس السابق لجمعية العلماء في صربيا

“الحقبة الشيوعية كانت تحدياً جديدا للمسلمين في صربيا ودول البلقان بشكل عام وتغلبوا عليها بمواصلة التعلم سرا في البيوت ونقل المعرفة من جيل إلى آخر وهنا برز دور الأئمة بعلمهم المتواضع وإيمانهم العميق برسالتهم وكذلك دور المرأة المسلمة التي اهتمت بتنشئة الجيل الجديد وغرس المبادئ الإسلامية منذ الصغر”..

هذا ما أكده بكير سليم ماكيتش -الرئيس السابق لجمعية العلماء في صربيا، والمدرس السابق بكلية الدراسات الإسلامية في إقليم السنجق الإسلامي- في سياق رده على أسئلة المشاركين في حوار: (الإسلام والمسلمون في صربيا)،  ضمن سلسلة الحوارات الأسبوعية التي يجريها موقع “مرصد الأقليات المسلمة” بشأن الأحداث والمستجدات التي تتعلق بالأقليات المسلمة في العالم لإلقاء الضوء على واقع المسلمين وأبرز التحديات التي تواجههم.

وإلى نص الحوار:

 

المشاركة الأولى من: د.نضال الحيح ، نائب مفتي منطقة حوض الفولكا، في مدينة سراتوف، في روسيا:

* هل يوجد مشيخات للمسلمين على غرار ما هو موجود في ألبانيا؟ وما هو الدور المنوط بها؟ وهل هي الجهة الوحيدة التي تمثل المسلمين؟

– حسب المعلومات لدينا فإنه يوجد مشيخة واحدة تمثل المسلمين في ألبانيا، وكذلك منظمات غير حكومية ذات طابع إسلامي، لها نشاط في هذا المجال. أما بالنسبة للمسلمين في صربيا فهناك مشيختان تمثلان المسلمين  فيها في المجال الديني.

 

المشاركة الثانية.. من: أحمد التلاوي ـ باحث مصري في التنمية السياسية ـ وتتضمن ثلاثة أسئلة:

1 ـ كيف حال التعايش في صربيا بعد الحرب الأهلية؟

– أثرت الحرب سلبياً على التعايش بين فئات المجتمع، وأثرت في التعامل فيما بينها. ولكن بمرور الوقت بدأت العلاقات تدريجياً بالتحسن. ويمكن القول بأن التعايش في صربيا أصبح بمستوى لا بأس به .

2 ـ كيف يقوم المسلمون في الوقت الراهن بتسيير أمورهم مع الدولة؟

– من الناحية المدنية فإن المسلمين في صربيا مندمجون في مؤسسات الدولة ومتساوون في الحقوق كسائر المواطنين، إلا التفرقة في بعض المجالات مثل التوظيف. أما من الناحية الدينية فإن المشيختين تقومان بدورهما في تسيير الأمور الدينية.

3 ـ هل هناك دور للمؤسسات الإسلامية الكبرى كالأزهر والتعاون الإسلامي ودول كالسعودية، في دعمكم؟

  • دور هذه المؤسسات الإسلامية الكبرى يتمثل في المنح التعليمية للعلوم الدينية، أما في المجالات الأخرى فالدعم ضئيل.

 

المشاركة الثالثة.. من: شادي الأيوبي ـ صحفي لبناني مقيم في اليونان.

* ما موقف الدولة الصربية من المشيختين الإسلاميتين؟ وهل تتدخل في الموضوع؟

الدولة الصربية تتعاون وتتعامل مع كلتا المشيختين الإسلاميتين وتساعد كلتيهما ولكن لا تتدخل في الموضوع. ويمكن القول بأن النزاع بين المسلمين يصب في مصلحة الدولة التي أعطت رخصة العمل لكلتيهما، ولكن دون تسجيلهما كمؤسسات رسمية في الدولة.

 

المشاركة الرابعة.. من: د.عمرو سلام ـ دكتور بالجامعة الإسلامية في ماليزيا ـ وتتضمن ثلاثة أسئلة:

1 ـ ترى ما السبب الرئيس في الخلاف بين العاملين في الحقل الإسلامي في صربيا وما رأيكم الشخصي للخروج منه؟

– السبب الرئيس في الخلاف بين العاملين في الحقل الإسلامي هو خلط الدين بالسياسة، ورغبة بعض الأحزاب السياسية عند المسلمين في السيطرة على المؤسسة الدينية؛ للفوز في الانتخابات، وكذلك عدم الوعي للمسؤولين في المشيخة الإسلامية للدور الحقيقي لهذه المؤسسة عند المسلمين، وإقحامها في المجال السياسي والولاء لبعض الأحزاب السياسية.

2 ـ كيف ترى دور العلماء للخروج من أزمة الخلاف القائمة الآن؟

– دور العلماء يجب أن يكون دور أساسي في الوساطة بين المسؤولين وتقريب وجهات النظر بينهم على أساس الحوار والشورى. وقد تم تكوين مبادرة للصلح وبذلت ولا تزال تبذل جهدا في التقريب بينهم، ولكن للأسف الشديد هذا الجهد لقي مقاومة من الطرفين واتهامات بأن هذه المبادرة تريد أن تكون البديل عنهما.

3 ـ برأيك.. ما هو الدور الذي يمكننا القيام به كمتخصصين في الدراسات الإسلامية حتى نكون في عون إخواننا في صربيا؟

– المشاكل بين المسلمين هنا والجهات المتنازعة بشكل عام لا بد أن يتم حلها، والصلح بينهم عن طريق الحوار والإقناع وتقريب وجهات النظر وألا تنحاز لطرف واحد مقابل الآخر، وهذا ما نتوقعه من الجهات الخارجية ذات الطابع الإسلامي.

 

المشاركة الخامسة.. من: وليد خطاب -إعلامي مقيم في قطر- وتتضمن سؤالين:

1 ـ كيف استطاع المسلمون في صربيا أن يحافظوا على إسلامهم خلال الحقبة الشيوعية (فترة الاضطهاد)، لتكون عبرة للمضطهدين الآن؟

بعد انتهاء الحكم التركي حدثت أزمة كبيرة للمسلمين في هذه المنطقة، وبالرغم من ذلك استطاعوا أن يحافظوا على هويتهم، وتعلموا كيفية التمسك بدينهم في أصعب الظروف.

الحقبة الشيوعية كانت تحدياً جديدا للمسلمين في صربيا ودول البلقان بشكل عام، وتغلبوا عليها بمواصلة التعلم سرا في البيوت، ونقل المعرفة من جيل إلى آخر، وهنا برز دور الأئمة بعلمهم المتواضع وإيمانهم العميق برسالتهم، وكذلك دور المرأة المسلمة التي اهتمت بتنشئة الجيل الجديد وغرس المبادئ الإسلامية منذ الصغر.

2 ـ وهل هناك حرية في نشر تعاليم الإسلام الآن؟

نعم هناك نوع من الحرية في عمل المؤسسات الدينية.

 

المشاركة السادسة.. من: محمد سرحان – مراسل موقع “علامات أون لاين” في إسطنبول ـ وتتضمن ثلاثة أسئلة:

1 ـ ماذا عن الخريطة العرقية والجغرافية والاجتماعية للمسلمين في صربيا؟

يتواجد المسلمون في جنوب صربيا: في مدن وقرى خاصة بهم مثل نوفي بازار وتوتين وسينيتسا حيث الأغلبية المسلمة. وكذلك في مناطق أخرى: بنسب لا بأس بها مثل بريابولى وبريبوي. وكذلك في مدن ذات أغلبية البانية مثل وادي بريشيفو. وأيضاً ينتشرون بنسب ضئيلة في جميع أنحاء صربيا.

2 ـ كيف يتعايش المسلمون في صربيا في ظل تسارع وتيرة الإسلاموفوبيا بالغرب؟

يمكن القول بأنه ازداد الحديث في الإعلام عن الإسلاموفوبيا؛ وهو ما انعكس سلبيا على المسلمين، وزاد من قلقهم.

3 ـ وهل يعانون نوعا من الإقصاء بشكل أو بآخر في التعليم أو التوظيف أو ما يتعلق بحقوقهم كمواطنين؟

يمكن القول بأن الإقصاء يحدث في مجال التوظيف في مؤسسات الدولة المحلية؛ حيث توجد الأغلبية والأقلية المسلمة مثل المحاكم والمؤسسات الأمنية والصحية وغيرها حيث يعمل فيها الأغلبية الكبرى من غير المسلمين.

 

المشاركة السابعة.. من: هاني صلاح ـ منسق الحوار ـ وتتضمن سؤالين في الشأن السياسي والاقتصادي:

1 ـ هل يشارك مسلمو صربيا في العملية السياسية في البلاد؟.. وما هي الأحزاب التي تمثلهم؟.. وهل تعمل هذه الأحزاب لصالح المسلمين فعلاً أم أن أجندتها تنحصر فقط في تحقيق مكاسب سياسية خاصة بها؟

نعم يشارك المسلمون في صربيا في العملية السياسية في البلاد، ولهم أحزاب تمثلهم، وأحياناً الصراع السياسي بين هذه الأحزاب يصنع مشاكل كبيرة للمسلمين، ومن هذه المشاكل التي حدثت إنشاء مشيختين للمسلمين. التفرقة بين هذه الأحزاب والسعي لتحقيق مكاسب خاصة بها يضعف موقف المسلمين بشكل عام ولا يحقق النتائج المرجوة .

2 ـ ما هو الوضع الاقتصادي لمسلمي صربيا؟.. وهل هناك فرص للاستثمار من قبل الشركات العربية والإسلامية في مناطق المسلمين؟ وما هي رسالتكم أو نصيحتكم لرجال الأعمال العرب للقيام باستثمار ناجح سواء للمسلمين في صربيا أو للدولة الصربية نفسها بحيث لا تضع أي عقبات أو عوائق أمام حضور الاستثمار العربي الإسلامي هناك؟

– الوضع الاقتصادي للمسلمين في صربيا سيئ للغاية، وهناك فرص جيدة للاستثمار من قبل الشركات المختلفة، والعائق الأساسي لذلك هو عدم ربط المناطق المختلفة بشبكة حديثة للنقل وعدم وجود مطارات والوسائل الحديثة لتسهيل النقل.

ندعو رجال الأعمال للقيام باستثمارات في مجال تربية الحيوانات والزراعة ومنتجات الغذاء والمنسوجات والسياحة؛ حيث إن هذه المناطق كانت معروفة سابقاً بتصدير اللحوم ومنتجات الألبان للدول الإسلامية .

 

المشاركة الثامنة.. من: سمير حلوانى ـ ناشط اجتماعي في العمل الخيري من السعودية:

* كيف يمكن لنا في الندوة العالمية أو هيئة الإغاثة في السعودية دعم التعاون مع المسلمين في صربيا؟. وخاصة أن لدي تواصلا مع مشيخة مقاطعة برشيفا الشيخ جمال الذين حساني.

– المساعدة من الجهات الإسلامية يمكن أن تتمثل في المجالات التالية:

1- من الناحية السياسية: محاولة الضغط على الحكومات التي تتبع لها هذه الجهات الإسلامية لتقوم بدورها في الضغط على الحكومة الصربية لتساهم في توحيد المسلمين في صربيا تحت مظلة دينية واحدة.

2- المشروع الدعوي:

– تنظيم الندوات للأساتذة في الكليات الإسلامية والمدارس الإسلامية والأئمة والدعاة… إلخ.

– تنظيم الاجتماعات الشبابية من خلال السياحة الدينية لرسالة الدعوة.

– تنظيم الندوات العلمية بمشاركة العلماء البارزين من العالم الإسلامي لمناقشة وإيجاد الحلول لمشاكل المسلمين في صربيا.

3- من الناحية الاقتصادية: السنجق منطقة فقيرة جدا حيث تبلغ نسبة البطالة فيها أكثر من 60% ونحن نعلم أن هذا ليس ضمن مجال اختصاصكم ولكن من الجيد محاولة تشجيع المستثمرين من العالم الإسلامي للاستثمار في السنجق وصربيا.

دوركم الإيجابي في رأينا يجب أن يكون من خلال التعاون مع المبادرة القائمة في السنجق لتوحيد المسلمين فيها، ونعتقد أن هذا هو الطريق الوحيد والسليم الذي سيؤدي إلى النجاح؛ لأن مساعدة أي جهة من الجهات المتنازعة دون الأخرى يزيد من التفرقة بينهما.

أما عن جمال الدين حساني فهو الممثل للأقلية الألبانية في وادي بريشيفووليس له دور في السنجق ونقترح عليكم تعيين شخص رئيس للندوة من السنجق لأن السنجق هي أكبر تجمع للمسلمين البوشناق في صربيا.

وأخيراً ننوه إلى أن صربيا هي البلد الوحيد في البلقان الذي لم تصله الاستثمارات على العكس من البلدان المجاورة.

* رئيس تحرير مرصد الأقليات المسلمة.

** المصدر: مرصد الأقليات المسلمة.

مواضيع ذات صلة