الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

رئيس “أنباء الروهنجيا”: هناك مخطط بورمي لإنهاء الوجود الإسلامي بأراكان

هاني صلاح

أكد الناشط السياسي والإعلامي “عطا الله نور الإسلام”، رئيس وكالة أنباء الروهنجيا، أن: “مسلمي الروهنجيا” في إقليم “أراكان” الواقع في غرب دولة ميانمار (بورما سابقاً)، الذين يشكلون أكثر من 90% من إجمالي مسلمي البلاد؛ يواجهون منذ عام 1948م مخططاً بورمياً/بوذياً يستهدف إنهاء تواجدهم

رئيس وكالة أنباء الروهنجيا

التاريخي في المنطقة التي تعد موطنهم الأصلي منذ قرون طويلة حيث كانوا يمثلون ما نسبته 100% من سكانها قبل احتلال المستعمر البورمي البوذي لها في فترة تاريخية سابقة.

وأكد نور الإسلام، وهو كذلك المتحدث الرسمي للتحالف الوطني الروهنجي، بأن: هذا “المخطط” يواصله حالياً الحكم البوذي العسكري الذي سيطر على مقاليد الأمور في البلاد عقب قيامه بانقلاب عسكري في عام 1962م.

وفي ظل صمت عالمي “مريب”، وغياب دور إسلامي “مستمر”؛ تتواصل الانتهاكات البورمية بحق الروهنجيا حتى صنفتهم منظمة الأمم المتحدة بأنهم “أشد الأقليات العرقية اضطهاداً في العالم بأثره”..!

جاء ذلك في سياق حوار: (مسلمو الروهنجيا.. والمخطط البورمي لإنهاء وجودهم في أراكان)، وهو الحوار الأول عن بورما، والعاشر في سلسلة “حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك”، التي تأتي في سياق برنامج للتعريف بواقع الإسلام والمسلمون حول العالم.

وقد أجري الحوار على الفيسبوك في شهر أغسطس 2014م..

وإلى الحوار..

 

السؤال الأول.. من: هاني صلاح ـ منسق الحوار.. حول التعريف بالدولة:

نود من سيادتكم:

إلقاء الضوء على دولة بورما.. أهميتها.. علاقاتها بالعالم الإسلامي.. ما هي الأعراق التي يتكون منها الشعب البورمي.. بحيث يمكننا فهم الواقع/البيئة التي يحيا فيها مسلمو بورما/الروهنجيا، وفهم ما يجري هناك.. مع الشكر والتقدير

دولة “بورما” أو “اتحاد ميانمار” من أكبر دول جنوب شرق آسيا، وتعتبر قبلة البوذية في العصر الحديث لوجود أكبر المعابد البوذية بها؛ حيث يحج إليها البوذيون سنوياً من جميع أنحاء العالم.

وتربط بورما مع بعض الدول الإسلامية بعلاقات تجارية، وبخاصة الدول الإسلامية التي تقع في منطقة جنوب شرق آسيا، مثل ماليزيا وإندونيسيا إضافة إلى بنجلاديش الدولة المجاورة لبورما.

كما تتألف بورما من عرقيات كثيرة تتجاوز مائة وأربعين عرقية، جلها عرقيات تدين بالديانة البوذية عدا خمس عرقيات منها عرقية الروهنجيا.

وبورما دولة دينية متعصبة، حيث إن للمرجعية الدينية قبول لدى الشعب والحكومة، وهؤلاء الرهبان يحملون عداءً كبيراً ضد المسلمين بسبب إقبال كبير من أتباع الديانة البوذية على الإسلام ودخولهم فيه؛ لذا هم يريدون استئصال كل ما هو مسلم، وسن قوانين لمنع ارتباط أي فرد بوذي بأي مسلم.

وفي هذا الخضم المتلاطم من العرقيات والقوميات؛ يعيش مسلمو الروهنجيا في ولاية تسمى “أراكان”، وهي محاذية لجمهورية بنجلاديش الإسلامية.

 

السؤال الثاني: من منسق الحوار ـ هاني صلاح.. حول التعريف بـ”مسلمي بورما”

من هم مسلمو بورما/ميانمار؟.. ولماذا دائماً نسمع اسم “مسلمي الروهنجيا”؟.. فما الفرق بين مسلمي بورما ومسلمي الروهنجيا؟

أولاً.. وصل الإسلام إلى بورما (ميانمار) في القرن الثاني الهجري في عهد الخليفة هارون الرشيد عن طريق التجار العرب الذين قدموا من حضرموت، حيث وصلوا إلى ولاية أراكان ونشروا الإسلام هناك فدخل سكانها “الروهنجيا” في الإسلام، وبدأوا في نشر الإسلام في بقية المناطق المجاورة، فدخل كثير من الناس من عرقيات أخرى إلى الإسلام، سواء من البورمان، والكامي، والشان، والسرتي.. الخ

وفي عام 1784م احتلت بورما مملكة أراكان وصيرتها ولاية من ولاياتها، فأطلق على جميع المسلمين في بورما “مسلمي بورما”، وبعد نيل بورما استقلالها من بريطانيا عام 1948م؛ بدأ التمييز العنصري ضد الروهنجيا، وتم نزع جنسياتهم وحرمانهم من الحقوق المدينة، مع احتفاظ بقية المسلمين في بورما بمواطنتهم وكافة حقوقهم المدينة، ومن هنا بدأ اسم مسلمي “الروهنجيا” يبرز ككتلة مستقلة عن مسلمي بورما، بعد أن كان يشملهم في السابق مسمّى مسلمي بورما.

وبعد قرار حكومة بورما (ميانمار) نزع مواطنة “الروهنجيا” عام 1982م بحجة دخولهم إلى البلاد بطرق غير شرعية!؛ مارست العصابات البوذية والمرجعية الدينية والبوذية وبدعم من الحكومات البورمية المتعاقبة صنوفاً من الأذى والظلم والاضطهادات ضد مسلمي “الروهنجيا” دون غيرهم من مسلمي بورما، فظهرت قضيتهم في السطح، وبدأت المنظمات الإنسانية وبعض وسائل الإعلام تبرز معاناة هذه العرقية، وتعرف العالم عليهم وعن جوانب من معاناتهم المستمرة حتى يومنا هذا.

وأما بقية المسلمين في بورما فظلوا في أمن وأمان يتمتعون بحقوق المواطنة وبقية الحقوق المدينة إلى يومنا هذا؛ إلا بعض الاعتداءات التي وقعت عليهم في العامين الماضيين.

وهذا هو الفرق بين مسلمي بورما، ومسلمي الروهنجيا.

 

السؤال الثالث: من منسق الحوار ـ هاني صلاح ـ حول المشكلة الرئيسية لمسلمي بورما:

لماذا تم نزع مواطنة “الروهنجيا” دون غيرهم؟ ولماذا وصفوا بأنهم مهاجرون غير شرعيين؟ ولماذا يتم اضطهادهم دون غيرهم من مسلمي البلاد؟

بعد استقلال بورما عام 1948م، تم إبعاد مسلمي الروهنجيا من المشاركة في الحكم وإدارة البلاد، وعندها شعر القادة الروهنجيون والمتعلمون منهم على وجه الخصوص بأن قادة الاستقلال (البوذيين) يخططون لإنهاء وجود الروهنجيا (المسلمين) في البلاد؛ بدأوا في النضال السياسي ضد الحكومة البورمية (البوذية)، وعندها اشتد غضب الحكومة البورمية عليهم، ولكنها رغبت في التفاوض مع الروهنجيين.

ولكن الانقلاب العسكري الذي وقع في بورما عام 1962م قضى على كل المفاوضات التي تجرى بين الحكومة البورمية والقادة الروهنجيين، حتى أصدر الانقلاب العسكري قانون نزع المواطنة عام 1982م من الشعب الروهنجي، متهمين أنهم مهاجرين غير شرعيين قدموا من بنجلاديش.

واستند قادة الانقلاب في قرار نزع المواطنة على قرب المنطقة الجغرافية بين أراكان وبنجلاديش، وأيضاً التشابه الموجود بين أكثرية الشعب الروهنجي وسكان المناطق الشرفية لبنجلاديش، (أي دون الاستناد للقوانين أو للحقائق التاريخية المتفق عليها).

وعلى ضوء هذا الاتهامات قامت الحكومة العسكرية في بورما بحملات تهجير قسري إلى خارج الحدود، كما حرضت ودعمت الحركات البوذية المتطرفة بالقيام بحملات ضد الروهنجيين، مستندين على أن بورما للبوذيين فقط ولا يمكن أن يعيش فيه مسلم “بنغالي” على حد زعمهم.

 

السؤال الرابع.. من: هناء صلاح ـ أبو ظبي:

لقد برزت قضية بورما في السنوات الأخيرة في وسائل الإعلام المختلفة..

فما التطور الذي حدث بالنسبة لأوضاع المسلمين هناك، هل اختلف وضعهم بعد وجود هذا النشاط الإعلامي عن ذي قبل؟ وكيف كان هذا؟

منذ نشوء قضية مسلمي الروهنجيا في بورما عام 1942م، نشط العديد من الجهات الروهنجية وغير الروهنجية في الدفاع عن قضيتهم، حتى تم تعريف الأمم المتحدة بالقضية، وتم عقد العديد من الجلسات في مجلس حقوق الإنسان في جنيف للنظر في القضية، وإصدار العديد من القرارات الدولية بمطالبة الحكومة البورمية بحسن التعامل مع الروهنجيا، وضرورة اعتبارهم مواطنين، مع حفظ حقوقهم وحرياتهم الدينية والمدينة؛ إلا أن حكومة بورما ترفض كل هذه القرارات، ولا تعير لها أي اهتمام، بسبب أن قرارات مجلس حقوق الإنسان في جنيف غير ملزمة للدول والحكومات.

ولكن بعد اندلاع الأزمة الأخيرة في عام 2012م برز النشاط الإعلامي كثيراً، وخاصة في البلدان العربية، واهتم العديد من وسائل الإعلام العربية بالقضية.

وبالرغم من هذا الحراك الإعلامي وتعرف المجتمع العربي بفصول القضية؛ إلا أن شيئاً لم يتغير في أرض الواقع، فمازال هناك قتل واضطهاد واعتداءات، ومازالت الحكومة تمارس التهجير القسري بطرق مباشرة أو غير مباشرة، ولعل السبب يعود إلى عدم تحرك الحكومات الإسلامية والعربية كما يجب.

 

السؤال الخامس.. من: محمد سرحان – مراسل (علامات أونلاين):

كيف ترون دور مسلمي الروهنجيا في بلدان المهجر تجاه قضية بلادهم؟

إن مسلمي الروهنجيا في بلاد المهجر يبذلون جهوداً طيبة في سبيل الدفاع عن قضيتهم، فهناك منظمات سياسية روهنجية تتواصل مع الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق اللاجئين وبعض الدول والحكومات، وأيضاً هناك حراك إعلامي عبر وسائل إعلامية روهنجية كوكالة أنباء الروهنجيا وغيرها، تحاول إيصال الأخبار والأحداث من أرض الحدث إلى وسائل الإعلام العالمية.

ولكن.. تبقى جهود واهتمام الروهنجيين في بلاد المهجر ضعيفاً إزاء قضيتهم، مقارنة بحجم القضية والمسؤولية الملقاة على عواتقهم، فهناك أجيال ولدت في بلاد المهجر تناست القضية، ولا يلتفت أكثرهم إلى قضيتهم بالقدر المطلوب، وجل طموحات هؤلاء هو اكتساب مواطنة البلدان التي ولدوا وعاشوا وتربوا فيها، والله المستعان.

 

السؤال السادس.. من: محمد سرحان – مراسل (علامات أونلاين):

ما الواجب العملي العاجل الذي يمكن أن يقدمه المسلمون حول العالم وخاصة الدعاة والإعلاميين لإخوانهم من مسلمي بورما عامة والروهنجيا خاصة؟

إن الواجب على الأمة كبير، وإن المسؤولية عليها عظيمة، وإن هذه المسؤولية يتحملها الجميع من أفراد الأمة، وإن مسؤولية العلماء والحكام والإعلاميين وذوي الحل والعقل أعظم وأكبر، لأن الله عز وجل سيسألهم عما فعلوا وقدموا للأمة مقابل ما وهبهم من صلاحيات، وإن الأمة فرطت في الدفاع عن حقوق المسلمين، ونصرة الأمة عامة والشعب الروهنجي خاصة واجب شرعي وهي اليوم أوجب.

وإن العالم يستطيع أن يبث في الأمة روح الاهتمام والدفاع عن قضايا المسلمين، وإن الحاكم يستطيع أن يستخدم نفوذ حكومته لرفع الظلم عن المظلومين في بورما، وإن الإعلامي المسلم يستطيع أن ينشر أخبارهم ويبث قصص مآسيهم والظلم الواقع عليهم ليعرفها للعالم بمختلف اللغات وعبر مختلف الوسائل.

وبإمكان الدول الإسلامية والعربية عقد اتفاقات تجارية مع بورما مقابل إرجاع الحقوق للروهنجيين، والسماح بإيصال المساعدات الغذائية والطبية لهم، وفتح الحدود لزيارة الوفود الطبية والإغاثية للمناطق المنكوبة وخاصة في أراكان.

 

السؤال السابع.. من: محمد سرحان – مراسل (علامات أونلاين):

نرجو من ضيفنا الكريم إطلالة على وضع المرأة الروهنجية المسلمة والانتهاكات الواقعة بحقها سواء من جانب الدولة أو من جانب الجماعات البوذية المتطرفة؟ وهل اتخذت سلطة الدولة إجراءات بحق الفتاة والمرأة المسلمة للحد من نسبة الإنجاب؟

المرأة الروهنجية في أراكان أو في بعض مخيمات اللاجئين في بعض الدول المجاورة تعيش في أسوأ الظروف، بل في ظروف مأساوية، فهناك انتهاكات لأعراض النساء المسلمات الروهنجيات بالاعتداء عليهن جنسياً، وهناك اقتياد للكثير منهم إلى ثكنات الجيش للعمل كخادمات ونساء ليل، وهناك بيع وشراء لهن في داخل بورما أو في خارجها، بل إن البعض منهم تم تزويجهن قسراً بأصحاب الديانات الهندوسية أو البوذية في بعض دول المهجر، بل تم بيع أعداد منهن لأصحاب الأندية الليلية في تلك الدول، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

والحكومة البورمية لا تألوا هذا الأمر أي اهتمام، لأنها وبكل بساطة تعتبر الإنسان الروهنجي ذكراً كان أو أنثى عنصراً لا قيمة له، ولا حق له في العيش بكرامة أو بآدمية في داخل بورما، بل ترغب في إنهاء وجودهم من البلاد بأي طريقة كانت.

 

السؤال الثامن.. من: منسق الحوار ـ هاني صلاح:

 ما مدى مشاركة مسلمي بورما في العملية السياسية في البلاد؟

المشاركة السياسية لمسلمي بورما مقيدة ومحدودة بإطار معين، فبإمكان مسلمي بورما إنشاء أحزاب سياسية والمشاركة في الانتخابات المحلية والبلدية والبرلمانية، وما عدا ذلك فليس لهم حق في خوض الانتخابات فيه، مثل الترشح لرئاسة الجمهورية، أو رئاسة الحكومة أو المشاركة في الوزارة، ومع ذلك يحصل هناك تزييف وتزوير في الانتخابات، فدائماً يتم إعلان عن فوز الأحزاب البوذية وهزيمة الأحزاب الإسلامية وبخاصة في المقاعد البرلمانية.
ويشترك في هذه الأمور جميع العرقيات المسلمة بما فيها العرقية الروهنجية المضطهدة، وهذه من المفارقات الغريبة في البلاد، إذ كيف يعتبرون الروهنجيا مهاجرين غير شرعيين وغير مواطنين ثم يسمحون لهم بخوض غمار العملية السياسية ولو بشكل جزئي!

السؤال التاسع: من منسق الحوار ـ هاني صلاح

حول الحراك الدستوري الجاري في البلاد وطلب المعارضة بتعديل الدستور.. هل يحقق هذا التعديل مطالب مسلمي الروهنجيا، وهل هناك إمكانية لذلك في ظل صمت المجتمع الدولي عما يحدث من انتهاكات؟

المعارضة البورمية بزعامة “أونغ سان سوتشي” تطالب بتعديل بعض بنود الدستور بحيث يتم السماح لها بالترشح لرئاسة البلاد، وأيضاً فرض قيود على ميزانية الدولة التي تذهب ثلثها للجيش، وفرض رقابة محاسبية على الميزانية المالية التي تخصص للجيش.
وليس في تلك التعديلات أي مطالبة بمساواة الحقوق بين العرقيات وخاصة عرقية الروهنجيا، لكن الروهنجيا يتأملون أن ينعكس هذا التعديل للدستور إيجابياً على قضيتهم بطريقة غير مباشرة، حيث إن فوز “سوتشي” في الانتخابات الرئاسية يعد انتصارا للديموقراطية، وبالتالي يتوقع الشعب الروهنجي الحصول على حقوقهم المسلوبة في عهد الرئيس الحالي الذي خرج من عباءة الجيش.
ولعل بورما تحتاج إلى وضع دستور جديد، يكفل حقوق كل العرقيات وكل أفراد الشعب، وإلغاء مواد وقوانين جائرة من الدستور الحالي، وعلى رأس تلك القوانين قانون المواطنة الذي أصدره الجيش عام 1982م، وبموجبه اعتبر الروهنجيا مهاجرين غير شرعيين.

السؤال العاشر: من منسق الحوار ـ هاني صلاح

ما  الوضع الإنساني لمسلمي الروهنجيا سواء في مناطقهم السكنية، أو في مناطق النازحين داخليا في بورما، وأيضاً في مخيمات اللاجئين بدول الجوار؟ وكيف يمكن مساعدتهم من قبل المنظمات الخيرية الإنسانية الإسلامية؟

الوضع الإنساني في داخل أراكان خطير جداً؛ فحكومة بورما تفرض حصاراً على الولاية منذ عشرات السنين، واشتد هذا الحصار بعد اندلاع أزمة عام 2012م، مع طرد المنظمات الإنسانية والإغاثية والطبية التي كانت موجودة هناك التي كانت تقدم بعض المساعدات للروهنجيا، إلا مساعدات قليلة تصل للمتضررين.
ولعل الأمر يعتبر أشد خطورة في مخيمات النازحين الداخليين، في كل من “أكياب” و”منغدو”، حيث لا ماء نظيف، ولا مكان لقضاء الحاجة، فضلاً عن وجود المستوصفات والمراكز الصحية أو المدارس والله المستعان.
والأمر لا يختلف كثيراً في مخيمات اللاجئين في بعض الدول المجاورة، فهناك مئات الآلاف في بنجلاديش يعيشون في عشش وصنادق لا تقيهم من مياه الأمطار ولا من حرارة الشمس.
وأنا أعتبر أن المنظمات الخيرية الإنسانية وبخاصة الإسلامية مقصرة في حق الروهنجيا، ولم تقم حتى بجزء من واجبها تجاه هؤلاء البشر، سواء في داخل البلاد أو في مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة، إذ كان الواجب عليهم كبير، في ظل تعاطف الشعوب الإسلامية واستعدادها لتقديم المساعدة والدعم.

السؤال الحادي عشر: يسري الخطيب، كاتب وشاعر، ومسئول قسم “ثقافة وفكر” في جريدة “الأمة” الإلكترونية:

متى تصبح “الروهنجيا” مثل حماس، وتفرض الواقع على الأرض بالقوة؟

هذا السؤال مهم جداً، ونحتاج إلى محاضرة كاملة للإجابة عليه، ولكن في الجملة أقول:

إن كل شعب أو كل أمة تتعرض للقتل والاضطهاد والظلم والاعتداء؛ فلها الحق في الدفاع عن نفسها ومقاومة العدوان، وهذا الحق مكفول بقوانين الأمم المتحدة ودساتير العالم.

وأعتقد أن الشعب الروهنجي لن يصمت طويلاً أمام هذه الاعتداءات اليومية والمتكررة، وأمام انتهاك الأعراض، وسلب للممتلكات، وتهجيرهم قسرياً من الديار والوطن، بل يجب عليهم أن يتحركوا ويقاوموا بما يستطيعون، وبإذن الله سيجدون دعماً لموقفهم من جميع الدول والشعوب في العالم، ويجب عليهم أن يتذكروا أن ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة.

السؤال الثاني عشر: الأخت حبيبة من الجزائر، طالبة في الدراسات العليا

كيف تقيمون تغطية الإعلام سواء العربي أو الدولي لقضية ومعاناة مسلمي الروهنجيا في بورما؟ خاصة أن هناك صمتا دوليا تجاه التجاوزات التي تحصل في حق  مسلمي الروهينجا. وكيف ترى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي كفضاء إعلامي بديل للتعريف بمسلمي الروهينجا ومساندة قضيتهم؟

وسائل الإعلام العربية والدولية مقصرة جداً تجاه قضية مسلمي بورما الروهنجيا خاصة مقابل حجم المأساة والمعاناة الموجودة على أرض الواقع، فهناك قتل جماعي حصل، واعتقالات تعسفية جماعية ترتكب، وقتل على الهوية، واغتصاب للنساء، وإغلاق للمساجد والمدارس، واضطهاد وظلم، ومع ذلك التغطية لا تتجاوز نشر أخبار متفرقة عن القضية.

وكان من المفترض أن توفد وسائل الإعلام العالمية والعربية بعثات إلى بورما، وتستخدم نفوذها وإمكاناتها لإعطاء القضية حقها من التغطية ونقل الوقائع الحقيقية والموثقة للعالم.

ولولا أن تهيأ للنشطاء الروهنجيين شبكات التواصل الاجتماعي؛ لما تعرف العالم على جوانب كبيرة من المأساة، ولما استطعنا إخراج الصور أو الأخبار أو روايات شهود العيان من أرض الواقع.

 

السؤال الثالث عشر: روعة قاسم، صحفية لبنانية مقيمة في تونس، ورئيسة قسم الشؤون العربية والدولية في صحيفة المغرب:

هل تعتبرون أن العالم الإسلامي أنصف قضيتكم؟ وما المطلوب من أجل رد الاعتبار لكم؟

العالم الإسلامي مطالب بحمل هم القضية وتبنيها على وجه الحقيقة، وبالتالي العمل على رفع قضايا ضد حكومة بورما في المحاكم الدولية، وطلب عقد جلسات في مجلس الأمن لمناقشة القضية وإصدار قرار أممي لحل هذه المعضلة التاريخية، وهذا كله لم يحصل حتى الآن، لذا أؤكد أن العالم الإسلامي لم ينصف قضيتنا، بل لم يؤد الواجب الذي عليه.
والمطلوب مع ما ذكرت أعلاه؛ رفع طلب للجهات الدولية للمطالبة في الفصل في قضية عرقية الروهنجيا، وتحديد مرجعيتهم وأصولهم التي طالما تنكرها حكومة بورما، مع المطالبة بإنشاء لجنة دولية بها أعضاء دوليين في علم التاريخ والاجتماع وعلم “السوسيلوچيا” الذي يدرس المجتمعات والقوانين التي تحكم تطوره وتغير لمعرفة موقع نشوء الشعب الروهنجي في القرون السابقة، وتحديد ما إذا كانوا من أراكان أم لا..!

السؤال الرابع عشر: الأخت مريم:

هل من مساعدات تصل إلى بورما؟

هناك بعض المساعدات تصل إلى بورما عن طريق بعض المنظمات الإنسانية في العالم، وهيئة الإغاثة الإنسانية التركية  (IHH)ولكنها لا تغطي خمسة في المائة من الاحتياج الكبير، فهناك ما يقرب من مائتي ألف نازح يعيشون في مخيمات سيئة للغاية، وهناك مئات الآلاف يعيشون في القرى والبلدات، والذين تضرروا بفعل الاعتداءات ولم يستطيعوا جمع المحصول الزراعي، ولا يملكون المال لشراء الطعام، أو دفع نفقة العلاج.
فالوضع الإنساني والصحي في أراكان خطير جداً بمعنى الكلمة، ويجب على العالم تدارك الوضع قبل استفحال الأمر وتطوره إلى وضع مأساوي.

السؤال الخامس عشر: محمد هاجر ـ مصر

لم لا تكون هناك منظمة تتحرك على مستوى العالم، ويكون لها جناح مسلح يدفع عن الأرض والعرض؟

ذكرت في مقابلات سابقة في موقع اﻷمة وغيرها أننا في بورما نحتاج إلى أمرين أساسيين:
اﻷول: جمع كلمة مسلمي بورما جميعا تحت مظلة واحدة وذلك بتأسيس جمعية مسلمي بورما، ويكون في هذه الجمعية ممثلون من كل عرقية مسلمة بمن فيهم الروهنجيا ﻹظهار الصوت اﻹسلامي الواحد في البلاد.
الثاني: إنشاء كيان تحالفي سياسي خاص بمسلمي الروهنجيا يجمع رؤساء العمل في مختلف المجالات ووفق شراكات تحالفية دون إقصاء ﻷحد.
ولا بد على الدول اﻹسلامية الرائدة أن تسعى لتحقيق هذين اﻷمرين حتى يكون للتيار اﻹسلامي صوت في بورما، وللروهنجيا كلمة قوية في الساحة المحلية هناك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المصدر: مدونة (الإسلام والمسلمون في العالم).

مواضيع ذات صلة