الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

العلاقة المتوترة بين الإسلام والغرب

عمر بن إدريس الرماش

إن علاقة الشرق (الإسلام) بالغرب المسيحي كانت في مختلف العصور التاريخية ولا تزال إلى يومنا هذا تتسم بالتوتر والصراع والحقد وسوء الفهم

مرت العلاقة بين الإسلام والغرب بمحطات متعددة

مرت العلاقة بين الإسلام والغرب بمحطات متعددة

على مختلف الأصعدة والمستويات، وغياب حوار وتفاهم حقيقيين.

ومن تجليات ذلك الشعور العدائي والحملات العسكرية والحروب الصليبية ضد العالمين العربي والإسلامي، والمغالطات والافتراءات ضد الإسلام وأهله والقرآن والسنّة، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم وبيته والصحابة والسلف الصالح، وكذلك التشكيكات التي حامت حول التراث والفكر الإسلاميين واجتهادات وعطاءات العلماء والفقهاء والمثقفين والكتاب والمفكرين العرب والمسلمين القدامى والمحدثين.

الحملات العسكرية والحروب الصليبية

لقد شن الغرب المسيحي (أوروبا) حملات عسكرية عديدة على العالمين العربي والإسلامي، تعرف بالحروب الصليبية وذلك عبر مختلف العصور التاريخية، ولا سيما في العصور الوسطى، التي خلفت آلاف القتلى والجرحى في صفوف المسلمين، وعادة ما تنعت هذه العصور بعصور الظلام والخراب والتخلف، وقد عملت الحروب الصليبية على زرع روح العداوة والبغضاء والكراهية بين المسيحيين الغربيين والمسلمين، وحال دون حصول أي حوار أو تفاهم أو تقارب بين الجانبين، وقد عملت الكنيسة المسيحية على تأجيج نار الصراع والحرب بين الطرفين لفترة طويلة من الزمن تمتد لقرون عديدة.

المغالطات والافتراءات المتعددة

لقد وجه الغرب المسيحي -ولا سيما المستشرقون- العديد من الطعون والتهم والمغالطات والافتراءات والأكاذيب إلى الإسلام، وأهله، ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم، والسنة النبوية، والصحابة، والسلف الصالح، وذلك من أجل الطعن والتجريح والتشكيك والتشويه، وبالتالي ثني الغربيين عن الاطلاع على الإسلام، ومحاولة دراسته وفهمه واعتناقه.

التشكيك حول التراث والفكر الإسلاميين

لقد عمل الغرب على التشكيك في التراث والفكر الإسلاميين، والطعن في اجتهادات العلماء والمفكرين المسلمين، وفي المقابل عمد إلى التنويه بالفكر الغربي وأهميته في تحقيق النهضة الحضارية للغرب، فهذه الافتراءات والتهم رسخت في الذهنية الغربية صورا سوداء وقاتمة، منعت كل تواصل أو تفاهم أو حوار بين الشرق والغرب منذ زمان إلى اليوم.

المدرسة الاستشرافية الحاقدة

قام المستشرقون الغربيون بدراسة الشرق والإسلام، وأطلعوا الغرب على الثقافة الإسلامية من منطلق غربي استشراقي؛ وهو ما جعل صورة الإسلام تتسم بالتشويه والتزوير، كما أن الدراسات الاستشراقية كانت وما زالت متعصبة وحاقدة وغير منصفة، وبما هي عليه من مستوى أكاديمي عال ظلت في متناول المثقفين والمفكرين ذوي المستوى العالي فقط.

دور الكنيسة ووسائل الإعلام في تشويه صورة الإسلام

إن الإنسان المسيحي العادي الذي يشكل السواد الأعظم من الغربيين يكون فكره وعلمه عن الإسلام من مصادر أخرى مثل الكنيسة والسينما ووسائل الإعلام المختلفة، ولا سيما القنوات التلفزيونية وهي جميعها تقدم الأفكار المضللة والمعلومات الخطأ والصور المغلوطة والمشوهة عن العرب والمسلمين، وتعمل على ترسيخها في الذهنية الغربية.

السينما الغربية وتزييف الحقائق

لقد عمدت إلى تشويه صورة الإسلام وأهله من خلال ما تقدمه من أفلام وأشرطة سينمائية لا تعكس الواقع الحقيقي الذي يعيشه المسلمون؛ فالشريط السينمائي يختزل حياة العرب والمسلمين في صورة ذلك الإنسان الماجن المتهالك على اللذات والشهوات وشرب الخمر وتعاطي المخدرات، أو في صورة العري الذي يعيش في الغابات على السطو والسرقة.

اللقطات السياحية المزورة والمغلوطة

اللقطات المبثوثة على القنوات التلفزيونية تركز على مظاهر الشعوذة والخرافة والسحر والغناء والرقص والفلكلور والحماقات التي تلتبس بالدين وهو منها بريء، فهذه الصور المغلوطة والمشوهة عن الإسلام وأهله تجعل الإنسان الغربي ينفر من الإسلام، ويعرض عنه، ويكرهه، بل ويعمد إلى محاربته ومواجهته بكل الطرائق والوسائل.

———-

**  المصدر: مجلة الفرقان، بتصرف يسير.

مواضيع ذات صلة