القائمة الرئيسية
 الانفصام الدعوي (2 /5).. مع النفس

أساليب دعوة نصارى العرب

سارة بنت عبدالرحمن الفارس

الدعوة إلى الله سبحانه بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، من أفضل الأساليب في الدعوة إلى الله لا سيما مع النصارى العرب لكونهم

ادع إلى سبيل ربك بالحكمة

ادع إلى سبيل ربك بالحكمة

من أهل الكتاب، ولديهم علم وخبر لكنه محرف، خلافاً لأهل الديانات الأخرى من الجهال وعبدة الأوثان.

 ثم إن لغتهم العربية تسهل الطرق لدعوتهم وجدالهم؛ لأن القرآن نزل باللسان العربي وفيه جميع الحجج والبراهين التي تصحح أفكارهم ومعتقداتهم وتزيل شبههم، وشكوكهم، وتجيب على تساؤلاتهم.

  وهذه الأساليب تفتقر إلى وسائل ملائمة لإيصالها للمدعو لينتفع بها.

فعندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا -رضي الله عنه- إلى اليمن أخبره عن حال المدعوين الذين سيوجه لهم الدعوة، وأنهم أهل كتاب فيقول الحافظ ابن حجر رحمه الله مبيناً حكمة ذلك “هي كالتوطئة للوصية لتستجمع همته عليها لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة، فلا تكون العناية في مخاطبتهم كمخاطبة الجهال من عبدة الأوثان”(1).

وأمره أن يعرض الدعوة عليهم بالتدرج ؛لأنه لو طالبهم بالجميع في أول مرة لم يؤمن النفرة ، ولما لهم من مكانة بين سائر المدعوين فقد أمر الله بدعوتهم بالرفق واللين والمجادلة بالتي هي أحسن كما قال تعالى: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [سورة النحل: 125].

 فالداعي قبل أن يبدأ بدعوته ويوجهها إلى النصارى العرب وغيرهم عليه أن يسأل عن حال المدعو هل هو من الحيارى الذين يحترمون الدين ويقدسون الرب، ولكن لا تزال لديهم شبهات وشهوات، أم هل هذا المدعو قسيس يتطلب له طالب علم له دراية بالكتاب والسنة وبدين النصارى وجوانب الانحراف والاختلاف والاتفاق؟ وكيف يناقش هذا المدعو ويقيم عليه الحجة(2).

وإن معرفة الداعي لأحوال المدعوين يقتضي منه أن ينزلهم منازلهم فإن ذلك من الأمور الهامة التي يجب على الداعي أن يراعيها ويتنبه إليها ويحرص على تطبيقها وتنفيذها مع المدعوين، ويعاملهم بناء على أقدارهم ويخاطبهم على قدر عقولهم وأفهامهم لتأليف قلوبهم وجذب نفوسهم إلى الإسلام(3).

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يراعي أحوال المدعوين وينزلهم منازلهم، ويتمثل ذلك في إرساله للرسل والكتب إلى كسرى(4) وقيصر(5) والنجاشي(6) يدعوهم إلى الإسلام كما ذكر البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنه إلى قيصر: “من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم”، كذلك جاء في كتابه -صلى الله عليه وسلم- إلى المقوقس: “من محمد بن عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط”(7). فهذا مما يدل على حرص النبي  -صلى الله عليه وسلم- على إنزال الناس منازلهم مراعاة لأقدارهم لتأليفهم إلى الدين الإسلامي(8).

 فهذه من أساليب الحكمة في الدعوة التي ينبغي للداعي أن يراعيها:

الموعظة الحسنة: للموعظة الحسنة أهمية بالغة في الدعوة إلى الله تعالى، فقد أمر الله تعالى بها في كتابه الكريم، وحث عليها، فقال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [سورة النحل: 125]. وذلك لما للموعظة من تأثير بالغ في النفوس(9).

والموعظة في اللغة: هي النصح والتذكير بالعواقب(10) .

 وفي الاصطلاح: نصح وتذكير مقترن بتخويف وترقيق(11).

والدعوة إلى الله بالموعظة الحسنة تكون بأسلوبي الترغيب والترهيب.

 والترغيب: هو كل ما يرغب المدعو للإذعان، وقبول الدعوة، والثبات مع الحق، وهو الحث على فعل الطاعات وتأدية الواجبات.

 والأصل في الترغيب: أن يكون في طلب مرضاة الله ومغفرته, وجزيل أجره في الدارين.

 والترهيب: هو كل ما يخيف المدعو من عدم الثبات على الحق والإذعان له، وعدم اتباع أوامر الله.

 والأصل في الترهيب: يكون بالتخويف من عاقبة السيئات لأنها مجلبة لغضب الله.

 ويكون الترغيب بعدة أساليب منها:

الوعد بالثواب العاجل في الدنيا، والمؤجل في الآخرة كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [سورة المائدة: 65]، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم} [سورة المائدة: 66].

 وهذا الأسلوب تمثل في دعوة النبي – صلى الله عليه وسلم – للنصارى وغيرهم، وذلك حينما كتب كتاباً للمقوقس ملك مصر قال فيه عليه الصلاة والسلام: “أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين”(12).

 ومن الأساليب – أيضاً – التي ترغب في الدخول في الإسلام تذكيرهم بنعم الله عليهم، وقد خاطبهم الله تعالى بذلك فقال جل وعلا: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ..} وقوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [سورة البقرة:  40, 47].

 وهكذا ينبغي للداعي أن يستفيد من منهج القرآن الكريم والسنة المطهرة في ترغيب النصارى في الإسلام لعلهم يفرحون ويستبشرون بهذا الأجر, فيكون ذلك حافزاً ودافعاً لدخولهم الإسلام، وإن لم يثمر معهم هذا الأسلوب فعلى الداعي أن ينتقل بحكمته إلى أسلوب الترهيب والتخويف وهذا منهج القرآن الكريم مع النصارى وغيرهم.

فقد أنّبهم على عدم إسلامهم ووبخهم فقال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ} [سورة آل عمران: 70]، ثم هددهم وحذرهم من شدة عذابه فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً} [سورة النساء: 47].

 وقد خاطب الله سبحانه النصارى مهدداً لهم على لسان عيسى – عليه السلام – فقال: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [سورة المائدة: 72].

 وقال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُوا ثَلاَثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً} [سورة النساء: 171].

 وقد استعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أسلوب الترهيب معهم فقال -صلى الله عليه وسلم-: “والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار”.

إذاً فالموعظة الحسنة من الأساليب الجيدة في التأثير على النصارى العرب وغيرهم، فلابد للداعي أن يستفيد منها في تبليغ دعوته.

ومن وسائل الترغيب والترهيب -أيضاً- ما يعرض لهم من الأمثلة والشواهد التاريخية التي جرت فيها سنة الله في الثواب والعقاب، ويذكر لهم قصص الأمم السابقة، وما جرى لهم أو عليهم، كقصص بني إسرائيل مع رسلهم، وما جرى للذين آمنوا بهم من نصرة الله لهم وما جرى على الذين كفروا وكذبوا رسلهم، وأجرموا، وأفسدوا في الأرض من عذاب مهلك لهم، ومن تدمير لمساكنهم وبلدانهم وممتلكاتهم(13).

 ويرغبهم بما يعرض عليهم من مشاهد يوم القيامة بما فيها من جنات ونعيم لمن أسلم وحسن إسلامه، ويرهبهم بذكر ما فيها من عذاب شديد للذين أنكروا وكفروا برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

فعلى الداعي أن يستفيد من هذا الأسلوب لا سيما وأن القرآن الكريم مليء بالآيات التي تخاطب النصارى في هذا الشأن.

وعلى الداعي أن يراعي الحكمة في استخدام أسلوب الموعظة، بأن تكون هذه الموعظة موافقة لكتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فتكون موعظة حسنة في موضوعها وأسلوبها وطريقة عرضها، وتكون موعظة بليغة مؤثرة كما روى العرباض بن سارية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها الدموع….” (المستدرك على الصحيحين، كتاب العلم)؛ فالموعظة البليغة هي التي تؤثر في القلوب.

وعلى الداعي أن يتحين الوقت المناسب، ويقتصد في الموعظة ويجتنب الإطالة كي لا ينفروا، وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يتخول أصحابه بالموعظة(14), فكثرة المواعظ مملة تضعف تأثيرها في القلوب.

المجادلة بالتي هي أحسن

 إن لم تنفع الموعظة الحسنة، ولم تؤثر في المدعو وترده إلى الحق، قد يكون لديه شبهة وشك يحتاج إلى تجلية وإيضاح وتفنيد بالجدال والنقاش والحوار، قال تعالى {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [سورة النحل: 125].

 والجدال هو أحد الطرق المستخدمة في الدعوة إلى الله لإقناع المدعو, وإزالة الشبهة، وإقامة الحجج والبراهين على صحة الدعوة، وبطلان ما سواها، وهو لا يكون إلا عند الحاجة، كوجود المعارض بالشبهة والصاد بالباطل عن سبيل الله، أما الحكمة والموعظة الحسنة فمشروعيتها قائمة دائمة(15).

 والجدل في اللغة: هو مقابلة الحجة بالحجة، والمجادلة: المخاصمة والمناظرة(16).

 والمجادلة بالتي هي أحسن هي المناظرة التي يبتغى فيها الوصول إلى الحق بطريق صحيح(17).

 والمناظرة مشروعة بالكتاب والسنة, ففي القرآن الكريم ذكر لبعض مناظرات الأنبياء مع أقوامهم، كنوح وإبراهيم وموسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وكذلك الثناء من الله على من أوتي الحجة واستطاع افحام قومه كما قال الله عز وجل عن إبراهيم – عليه السلام – {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ…} ] سورة الأنعام: 83].

 وفي السنة النبوية ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه ناظر وفدا من نصارى نجران بالقرآن الكريم، فأفحمهم ثم عرض عليهم من الآيات التي تتضمن ردود مقنعة عن هذه التساؤلات حول عيسى – عليه السلام -, وتفنيد لشبههم عن الإسلام، ودفع لحججهم الباطلة، مما جعل أبا حارثة وهو أغزر نصارى نجران علماً يسّر إلى أحد رفاقه بقناعته بالذي دعاهم إليه محمد عليه السلام(18).

 قال ابن القيم – رحمه الله- في فقه قصة وفد نجران: “وفيها جواز مجادلة أهل الكتاب ومناظرتهم بل استحباب ذلك بل وجوبه إذا اضطرت مصلحة من إسلام من يرجى إسلامه منهم وإقامة الحجج عليهم”(19).

وللمناظرة والمجادلة ضوابط وآداب لا بد أن يراعيها الداعي منها:

 1/ أن يكون الموضوع مما يجوز أن تجري المناظرة فيه شرعاً وعقلاً, فلا تجوز المجادلة في ذات الله تعالى، وأسمائه وصفاته ولا يجوز الجدال في آيات الله وضرب بعضها ببعض، ولا فيما غيّبت عنا وليس لنا سبيل إلى معرفته والعلم به.

 2/ تقديم النقل ونصوصه على العقل وظنونه.

 3/ أن يكون الموضوع المتجادل فيه معلوماً ومحدداً لدى المتجادلين؛ فلا ينبغي الجدال فيما يُجهل أو ما كان متشعباً غير محدداً.

4/ أن يكون الهدف من المناظرة إظهار الحق ودفع الباطل.

 ولابد أن يكون لدى الداعي اطلاع على كتب النصارى ومعرفة أفكارهم ومعتقداتهم، ليقف على ما عندهم من شبه وأفكار ومعتقدات، فيفندها ويبطلها بما لديه من حجج وبراهين ثابتة بأسلوب المجادلة بالحسنى.

 وعليه أن يتحلى بالأخلاق الإسلامية العالية في أثناء الجدال من القول المهذب واحترام الآخرين، وعدم الطعن في الأشخاص أو لمزهم والاستهزاء بهم، ولا يبادر إلى مهاجمة أتباع الديانات والعقائد في بداية الأمر، ويتجنب تخطئة المناقش وتسفيه آرائه لأول وهلة، وليكن متلطفاً ليناً رقيقاً في الخطاب، فالجدال مشروط بأن يكون بالتي هي أحسن(20).

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: “أي من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب”(21).

  وعلى الداعي  أن يركز على القضايا التي اهتم بها القرآن الكريم في دعوة النصارى فمنها على سبيل المثال:

 إقامة الأدلة لأهل الكتاب على صدق النبي –صلى الله عليه وسلم-.

وتشتمل على ما يلي:

 1/ تنبيههم إلى ما يجدونه في كتبهم من صفة النبي –صلى الله عليه وسلم- وأن علماءهم يعرفون أمره معرفة تامة. كما يعرف أحدهم ولده قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ} [سورة الأعراف: 157]، وقوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ} [سورة البقرة:  146], وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ} [سورة الشعراء: 197].

2/ تنبيههم إلى أن محمدا –صلى الله عليه وسلم- الذي يدعوهم إلى الإسلام إنما هو الذي بشَّر به عيسى ابن مريم – عليه السلام – جاء ذلك واضحاً في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} ]سورة الصف:6].

 3/ إخبارهم بأن القرآن الكريم وهو المعجزة العظمى لمحمد –صلى الله عليه وسلم- مصدق لما سبقه من الكتب السماوية، ومهيمن عليها قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [سورة المائدة: 48].

 4/ إقامة الحجة عليهم من طرق الاستشهاد بمؤمني أهل الكتاب، وتصديقهم ما جاء به الرسول –صلى الله عليه وسلم-, وشهادتهم أن ما أنزل عليه هو الحق كما جاء ذلك في قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ} [سورة آل عمران:  199].

  دعوتهم وإرشادهم إلى أن دعوة محمد – صلى الله عليه وسلم – موافقة في الأصول إلى ما دعا إليه الأنبياء السابقون كما قال تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} [سورة الشورى: 13].

 5/ قطع الحجة عليهم بإرسال خاتم الرسل إليهم بشيراً ونذيراً قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة المائدة: 19].

 وبهذه المواجهة الحاسمة لا تعود لهم حجة من الحجج في أن محمداً –صلى الله عليه وسلم- لم يرسل إليهم(22).

 فالمناظرة مع النصارى كانت ولا تزال من أبرز المناظرات التي تحدث في مجال الدعوة، إما دفعاً لشبهة يثيرونها على الإسلام ونبيه –عليه السلام- أو إظهاراً لفساد قول عندهم مما حرفوه، وأدخلوه على دين المسيح كالقول بألوهيته وصلبه وغير ذلك وهي أفضل أشكال الحوار المطلوب في هذا العصر(23).

———-

(1) فتح الباري (3358-359).

(2) كيف تدعو نصرانيا، عبدالله علوان، ط2 (دار السلام: القاهرة، 1406هـ) ص(149).

(3) انظر: كيف يدعو الداعية ص(154).

(4) كسرى، لقب كل ملك من ملوك الفرس.

(5) قيصر، لقب من ملك الروم.

(6) النجاشي، لقب لكل من ملك الحبشة انظر: مسلم شرح النووي (12330).

(7) انظر: زاد المعاد،(3691).

(8) انظر: مراعاة أحوال المخاطبين، ص(115116).

(9) انظر: وسائل الدعوة (65,63).

(10) لسان العرب (764).

(11) انظر: وسائل الدعوة، ص(65).

(12) انظر: هداية الحيارى، ص(63).

(13) انظر: منهج الداعية في دعوته لغير المسلمين، ص(71-72).

(14) البخاري، باب جعل لأهل العلم أياماً معلومة، رقم 70 (129).

(15) انظر: دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، ص(237).

(16) لسان العرب(11105).

(17) أسلوب المناظرة في دعوة النصارى إلى الإسلام، د. إبراهيم اللحيدان رسالة علمية غير مطبوعة مقدمة لنيل درجة الدكتوراة (114).

(18) انظر: كيف انتشر الإسلام، مؤيد الكيلاني، بدون طبعة (دار الكتاب العربي: بيروت، بدون تاريخ ص(118).

(19) زاد المعاد، ابن القيم الجوزية، تحقيق: شعيب وعبدالقادر الأرناؤوط، ط15(مؤسسة الرسالة، بيروت، 1407هـ) ص(639).

(20) انظر: وسائل الدعوة، ص(99,91) والموجز،(28).

(21) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ط2(دار القلم: بيروت، بدون تاريخ)،(2511).

(22) انظر: أصناف المدعوين وكيفية دعوتهم، د.حمود الرحيلي، ط1(دار العاصمة: الرياض،1414هـ) ص(38-50).

(23) انظر: أسلوب المناظرة في دعوة النصارى العرب،(73).

 ——–

المصدر: موقع دعوتها (بتصرف).

مواضيع ذات صلة