حوار: موقع وزارة الأوقاف الكويتية
يجسد اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا نموذجا يحتذى في السعي الحثيث لتوحيد صفوف المسلمين، والمحافظة على هويتهم من خلال
مئات المؤسسات والمراكز الإسلامية التي يجمعها تحت مظلته في 28 دولة أوروبية، وقد جاء تأسيس الاتحاد عام 1989م في إطار جهود تطور العمل الإسلامي وتنظيمه وفق منهج الوسطية والاعتدال، ويمثل الاتحاد اليوم بما يحمله من مبادئ تجسد البعد الإنساني في الإسلام، رصيداً لا يستهان به على الساحة الأوروبية، ليصبح إضافة نوعية لهذه الحضارة التي طالما نهلت من معين الحضارة الإسلامية واستفادت من علومها لتبلغ بها عصر النور الأوروبي.
توطين الإسلام
رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا شكيب بن مخلوف أكد أن من أهم منجزات الاتحاد تبنيه فكرة توطين الإسلام، والعمل على الانتقال بالمسلمين من مجرد مهاجرين لا يملكون من أمرهم شيئاً إلى مواطنين لهم من الحقوق ما لأهل البلد وعليهم من الواجبات ما عليهم.
ويواجه مسلمو أوروبا في الوقت الراهن العديد من التحديات –كما يقول ابن مخلوف- منها تحديات عامة، كالتحدي التعليمي والتربوي للأجيال الصاعدة، وتحدي تعزيز الأسرة ودعمها، والتحدي الاقتصادي، والتحدي الإعلامي، وتحدي المشاركة الفاعلة للمسلمين في الحياة العامّة، وغير ذلك، وهناك في المقابل تحديات ملحّة، مثل تحدي الإسلاموفوبيا وأصوات الكراهية والتحريض على سبيل المثال.
مواجهة التحديات
وحول مواجهة هذه التحديات أوضح أن الاتحاد إلى تعزيز سبل التعاون على البرِّ والتقوى بين مسلمي أوروبا، تجمعات ومؤسسات وأفراد، بما يعين على النهوض بواقعهم، والقيام بالمسؤوليات المُلقاة على عاتقهم بمقتضى المواطنة، وخدمة الصالح العام للمجتمعات والبلدان الأوروبية، كما يسعى إلى التطوير المؤسسي، واستيعاب الشرائح الشابة، والتجديد القيادي، والمشاركة الفاعلة في الحوار المجتمعي العام، علاوة على تنمية الموارد المادية اللازمة للبرامج والنشاطات.
كما ينشغل الاتحاد بالعديد من الملفات الاجتماعية، مثل ملف الأسرة على سبيل المثال -والكلام لرئيس الاتحاد- كما ينشغل بقضايا ذات طابع حقوقي في البيئات الأوروبية، ولا شكّ أنّ التطورات الجارفة في العالم العربي تشغل مسلمي أوروبا أيضاً، ولكننا حريصون على ألا تتسبب الانشغالات الخارجية المتعلقة بقضايا الأمة، في انصراف المسلمين في هذه القارة عن النهوض بمسؤولياتهم والتزاماتهم أو الالتفات إلى واقعهم في البيئات الأوروبية ذاتها.
الأجيال المقبلة ومسؤولية الاتحاد
وأشار إلى أن الأجيال المقبلة تقع في صميم اهتمام الاتحاد، وأهمّ البرامج والنشاطات التي يقوم بها الاتحاد عادة ما يكون لأبناء المسلمين حصّة أساسية منها، وهذا يقتضي عملاً في شتى المجالات وليس في ميدان التربية والتعليم فحسب، بل في ميادين أخرى منها العمل الاجتماعي والمؤسسي. ومسلمو أوروبا إجمالاً يضعون رعاية الأجيال في بؤرة الاهتمام، وأنا في هذا المقام أشيد بحرص كثير من الآباء والأمهات على التنشئة الصالحة لأبنائهم والكدّ والتعب من أجل حياة أفضل لهم. ويؤكد الاتحاد من جانبه أهمية مضاعفة الجهود لرعاية احتياجات الأجيال المسلمة الصاعدة وما تتطلّبه من مشروعات وبرامج ومبادرات.
التصدي للتحريض
وعن دور الاتحاد في مواجهة سياسة التحريض ضد الإسلام والمسلمين بمعظم البلدان الأوروبية – كما يوضح ابن مخلوف- يتم التعامل مع هذه المعضلة في الانطلاق من رؤية تسعى إلى تصنيف هذه المشكلات على أنها مشكلة مجتمعية عامّة ولا تختص بالمسلمين وحدهم، وإننا نقوم بتعريف وقائع الكراهية والتحريض والعنصرية ليست على أنّ ضحيتها هم المسلمون بالأساس، وإنما الضحية الأولى هي القيم العامّة المشتركة في المجتمع؛ كالسلم الاجتماعي، وحقوق الإنسان، والمساواة، وتكافؤ الفرص، ولا شك أن المجتمع ككل معني بمواجهة هذا التحدي؛ لأن الإساءة إلى الإسلام ومقدساته خطاب كراهية يثير الأحقاد والضغائن وينبغي على الجميع التصدي له، وأي وقائع تمييز وتفرقة هي انتقاص من الحريات والحقوق في المجتمع ، وبالتالي المسلمون شركاء المجتمع ومطالبون بالتضامن لمواجهتها، وبناء على هذه الرؤية نتصرّف، لأننا لا نريد أن يكون المسلمون بمثابة أقلية في مواجهة أغلبية، ونسعى لتحويل المسألة إلى شاغل لجميع الحكماء والعقلاء في المجتمع المدني والحياة السياسية والمستوى الإعلامي والثقافي والديني.
والاتحاد دائم التحذير من ظاهرة التحريض ضد المسلمين في حمّى المنافسات الانتخابية، عبر حملات ومواقف وتصريحات تثير الأحقاد وتفتقر إلى المسؤولية، والتنبيه إلى الالتزامات المُلقاة على عاتق المسؤولين والقيادات السياسية في الدول الأوروبية، في التصدِّي لهذه الظاهرة، واحترام التنوّع الديني والثقافي، وتشجيع ثقافة الوفاق. ويرى الاتحاد أنّ على الأطراف المجتمعية تعزيز التضامن والتفاهم المتبادل، لصيانة القيم الإنسانية والمبادئ الدستورية، بما يتطلبه ذلك من شجاعة في مواجهة التحريض الذي يشقّ صفوف المجتمعات لأهداف رخيصة.
التعصب والتمييز
وبشأن حالة التعصب السائدة في المجتمع الأوروبي ضد بعض المظاهر الإسلامية كالحجاب وتشييد المآذن.. ذكر أن الاتحاد أصدر مواقف واضحة في هذا الشأن، وحذّر من العنصرية الانتقائية التي تجعل ضحيتها فئة بعينها في المجتمع. وأصدرنا بيانات ومذكرات وعقدنا ندوات وورش عمل، ورفعنا صوتنا في مواجهة مواقف التمييز. وهناك تحرّكات متعددة في المجتمع المدني وعلى المستوى الحقوقي. وعموما أستطيع القول: إنّ أي مظالم يتم التعامل معها بوسائل الضغط المدني المعروفة، ونحن هنا نتحدث عن حالات وقعت في بلدان محددة وليس في معظم بلدان أوروبا.
وفقنا الله لصالح القول والعمل، وفي الختام لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة الداعية الإسلامي/ شكيب بن مخلوف لما تفضل به علينا من علمه الوفير راجين المولى تبارك وتعالى له دوام الصحة والعافية، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.