افتُتح أمس الخميس مسجد كامبريدج، في إنجلترا، الذي يتميز بكونه أول مسجد صديق للبيئة في أوروبا، وذلك بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال أردوغان أثناء افتتاحه المسجد: “إن استهداف المساجد وقتل المدنيين بوحشية، مؤشر على أن ناقوس الخطر يدق من أجل القيم الإنسانية”.
وأوضح أنه من غير الممكن ربط الإرهاب بالإسلام ولا يمكن تلطيخ سمعة الإسلام بسبب خروج إرهابي من بين المسلمين، مضيفا أنه لا يمكن بأي حال أن يكون المسلم إرهابيا، وأن استخدام البعض عبارة “الإرهاب الاسلامي” غير مقبول بالمرة.
وأشار الرئيس التركي إلى أن العنصرية والتمييز ومعاداة الإسلام تنتشر مثل نبتة اللبلاب السامة في دول كانت مهدا للديمقراطية لسنوات طويلة.
الفكرة والبداية
وقد بدأت عملية إنشاء المسجد عام 2008 عندما تقدم الطلاب المسلمون بالمدينة بطلب إلى تيموثي وينتر، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة كامبريدج من أجل بناء مسجد بعد أن أصبحت المساجد الأربعة بالمدينة -والتي كانت عبارة عن كنائس أو منازل- لا تستوعب أعداد المصلين.
ومن ثم تم شراء الأرض اللازمة للمسجد بمبادرة من وينتر الذي أصبح اسمه عبد الحكيم مراد عقب اعتناقه الإسلام وهو في سن السابعة عشرة.
شارك في التبرعات لدعم المشروع نحو 10 آلاف شخص ومؤسسة، بينها صندوق قطر الوطني، إلا أن القسم الأكبر من الدعم جاء من المؤسسات التركية. كما شارك بالمشروع المغني البريطاني الشهير يوسف إسلام.
وقد روعي في تصميم المسجد مفهوم العمارة والفن الإسلاميين، وعكس نمط حياة النبي-صلى الله عليه وسلم-، كما راعى الحفاظ على البيئة.
ونًظمت مسابقة تراعي تلك المعايير وتم اختيار تصميم المسجد ويتكون من حديقة ومدخل ذي أعمدة وباحة المسجد ومكان للوضوء ومكان لتغسيل الموتى.
وقد انتهى القسم الأكبر من أعمال بناء المسجد في أبريل 2019 ويتسع لألف شخص، وفي الوقت نفسه جرى مراعاة العادات الإسلامية أثناء تصميم حديقته، كما اهتُم بأن يكون المسجد صديقاً للبيئة.
واستخدم في بناء المسجد مستلزمات طبيعية مثل الأخشاب والرخام كما يتميز بخاصية “صفر بصمة كربونية”.
تخزين الأمطار وتوليد الكهرباء
علي هوس، إمام المسجد، تحدث عن أهم الخصائص التي يتميز بها، قائلا: إنه تم تصميم نظام يتيح تخزين الأمطار التي تهطل على المسجد، ثم نقلها من سطح إلى الحديقة لري الشتلات والأشجار المزروعة بها، واستخدامها أيضاً في حمامات المسجد لتحقيق الاستفادة القصوى من مياه الأمطار التي تهبط بغزارة في إنجلترا.
وأضاف أنه تم تركيب لوحات طاقة شمسية فوق سطح المسجد لتوليد الكهرباء، مشيراً إلى أن 30 بالمئة من احتياج المسجد من الكهرباء يتم توليدها من هذه اللوحات وتصل هذه النسبة إلى 40 بالمئة في فصل الصيف مما يساهم في تقليل نفقات المسجد على الكهرباء.
وأشار هوس إلى وجود مضخات حرارية فوق سطح المسجد تقوم بنقل الهواء الساخن إلى خزانات كبيرة تستخدم في تسخين المياه، ثم تستخدم هذه المياه في الوضوء وتسخين أرضية المسجد عبر تمريرها من أنابيب أسفل السجاد المفروش في الأرضية.
تنقية الهواء
كما يوجد بالمسجد مستشعرات تعمل في حال نقص كمية الأوكسجين أو ارتفاع درجة الحرارة داخل المسجد، وتقوم بسحب الهواء الساخن المخزن ثم يُضخ في شكل هواء نظيف من خلال فتحات موجودة بجدران المسجد.
ولفت إلى عدم وجود نوافذ بجدران المسجد قائلاً إن أحد أسباب ذلك هو الرغبة في عدم تشتيت انتباه المصلين إضافة إلى وجود فتحات في قبة بسقف المسجد تتيح دخول ضوء الشمس مباشرة.
وأوضح إمام المسجد أن هناك اهتماماً كبيراً بالمسجد، وأن بعض الناس يأتون من مدن أخرى فقط لرؤية المسجد والصلاة به، علاوة على اهتمام غير المسلمين برؤيته.
وأشار إلى أن قائمة الانتظار للراغبين في الزيارة قد وصلت إلى ألفي شخص أغلبهم من غير المسلمين الراغبين في التعرف على مميزات المسجد، مضيفاً أنهم يتعرفون في الوقت نفسه على الإسلام ويتلقون معلومات عن الإسلام.
وتابع: هذا المشروع يمكن أن يساهم ويشارك به الجميع باسم الحق والخير.
وأشار إلى مساهمة أسماء بارزة في المشروع مثل المغني البريطاني يوسف إسلام، والشيخ عبد الحكيم مراد، والدكتور سليم أرغون من رئاسة الشؤون الدينية، ومتحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن.
وتم تعيين إمامين للمسجد أحدهما تركي والآخر من البوسنة والهرسك.
وأكد هوس أن المسجد لا يخدم مواطني دولة معينة بل كل المسلمين من أنحاء العالم كافة فهو مسجد للأمة.