تركي محمد النصر
شبه القارة الهندية هي قسم كبير من القارة الآسيوية، تضم البلدان الواقعة على الصفيحة التكتونية الهندية، وهي: بنغلادش، بوتان، الهند، نيبال وباكستان. وتضم أيضا الجزر المتمركزة على الجرف القاري، وهي: سريلانكا، وجزر المالديف.
تقع شبه القارة الهندية في جنوب آسيا جنوب جبال هيمالايا وجبال الكاراكورام، وشرق جبال هندوكوش ومنطقة بلوشستان.
وتمتد جنوبا في المحيط الهندي بين بحر العرب في الجنوب الغربي وخليج البنغال. وتغطي مساحة تقدر بـحوالي 4.480.000 كم2، أي: ما يعادل 10 في المئة فقط من القارة الآسيوية، ومع ذلك فإن أكثر من 40 في المئة من سكان آسيا يعيشون فيها؛ حيث بلغ عدد سكانها حوالي: 1.600.000.000 نسمة، يتحدثون لغات كثيرة تفوق الألف لغة، أهمها: الهندية، أردو والبنغالية.
وتتمتع هذه البقعة من العالم بمعالم جغرافية كثيرة ومتنوعة، مثل الأنهار الجليدية والغابات المطيرة والصحارى والوديان والمراعي.
تشرفت شبه القارة الهندية بالإسلام في عهد الخلافة الراشدة، وكان لمالابار في ساحل شرق الهند، شرف السبق للتعرف على الإسلام واعتناقه حتى قبل دخول الجيوش الإسلامية.
ثم بدأ المسلمون يوجهون حملاتهم إلى شبه القارة الهندية في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وقد أرسل واليه على البحرين وعمان، عثمان بن أبي العاص الثقفي، جيشا إلى الهند، ونزلوا في تانه، ومنها إلى بروص وديبل من ناحية السند.
وفي عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فتح ربيع بن زياد الحارثي مناطق السند، وكان معه الإمام الحسن البصري، وقد أقاموا بها بضع سنوات.
وكذلك أرسل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الحارث بن مرة العبدي عام 38هـ قائدا على الحدود الشرقية فيما يلي بلوجستان، وكانت هناك مقاومة بينهم إلا أنها انتهت بانتصار المسلمين. وفي عهد الدولة الأموية فتحت السند وما جاورها من المناطق، الحدث الذي مثل نقطة تحول في تاريخ العلاقات الهندية العربية، إذ ظهرت في السند دولة إسلامية ذات جذور ثقافية(1).
أهل الحديث
ظلت شبه القارة الهندية تنعم بالحكم الإسلامي طيلة ثمانية قرون، صارت خلالها محط أنظار العلماء ومركزا للعلوم. ولم يخل عصر من التاريخ الإسلامي الطويل في الهند من العلماء الذين نشروا الحديث، عملا وتدريسا، فكانت نهضة عظيمة أثرت على باقي البلاد الإسلامية، فاقتدى بها غالب البلاد الإسلامية في طبع كتب الحديث والتفسير.
والجدير بالذكر أن أهل شبه القارة الهندية، منذ الفتح الإسلامي إلى أواخر القرن الرابع، كانوا عاملين بالكتاب والسنة على مذهب أهل الحديث، وقد شهد على ذلك الرحالة أبو القاسم المقدسي في كتابه «أحسن التقاسيم»، حين زار بلاد السند سنة 375 هـ قائلا:
“إن مذهب أكثرهم مذهب أصحاب الحديث، ولا تخلو القصبات من فقهاء على مذهب أبي حنيفة رحمه الله.. إنهم على طريقة مستقيمة ومذاهب محمودة، وصلاح وعفة، وقد أراحهم الله من العصبية والفتنة”(2).
ومن أشهر هؤلاء العلماء:
– الشيخ المحدث إسماعيل اللاهوري (ت 448هـ) الذي قدم من بخارى إلى لاهور سنة 395هـ قبل أن يفتحها المسلمون، فدعا الناس إلى الإسلام، وأسلم على يديه الآلاف، وهو من علماء القرن الخامس.
– ومن علماء القرن السادس نجد الشيخ أبا الحسن علي بن عمرو بن الحكم اللاهوري (ت 529هـ)، صاحب الجهود العلمية العظيمة في البلاد.
– ومنهم في القرن السابع: الإمام المحدث أبو الفضل رضي الدين الحسن ابن محمد الصغاني (ت 650هـ)، الذي كان من مشاهير محدثي الهند وأئمة اللغة العربية، وكان معروفا بعلمه وفضله، وله العديد من المؤلفات في الحديث واللغة والأدب.
– وفي القرن الثامن الهجري قدم بعض تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى شبه القارة الهندية من الشام، وقاموا بأمر الدعوة إلى الله تعالى، ونشروا علوم الشريعة، وزودوا المكتبة الإسلامية بما أتوا به من كتب الحديث من الشام ومصر، ومن أشهر هؤلاء: العلامة عبدالعزيز الأردبيلي، والعلامة عليم الدين الملتاني، والعلامة شمس الدين بن الحريري.
– وفي القرنين التاسع والعاشر، كان لتلاميذ العلامة ابن حجر العسقلاني (ت 852هـ)، وغيره من علماء هذه الفترة، دور كبير، حيث رحل هؤلاء التلاميذ إلى بلاد الحرمين والشام وتلقوا فيها العلوم الشرعية ورجعوا إلى بلادهم لينشروا العلم فيها.
– الإمام أحمد بن عبد الأحد السهرندي (ت 1034هـ).
– الشيخ عبدالحق المحدث الدهلوي (ت 1252هـ).
– العلامة الشيخ ولي الله الدهلوي (ت 1174هـ)، الذي كان له الأثر الكبير في نصرة العمل بالحديث على طريقة المحدثين.
– الشاه عبدالعزيز بن ولي الله الدهلوي (ت 1239هـ)، الذي سار على نهج والده في نصرة العمل بالحديث ضد الجمود الفقهي.
– الشاه إسماعيل بن عبدالغني الدهلوي (ت 1246هـ).
– العلامة حسن بن علي الحسيني الفتوجي (ت 1253هـ).
– العلامة محمد إسحاق المهاجر المكي (ت 1262هـ)، الذي انتهت إليه رياسة الحديث في عصره، وتخرج عليه كبار العلماء في شبه القارة الهندية، ومن أبرز تلاميذه:
– السيد نذير حسين المحدث الدهلوي (ت 1320هـ)، رائد الدعوة في الهند.
– الشيخ المحدث عبدالغني المجددي (ت 1296هـ)، شيخ الحنفية في الهند.
وبالجملة، فإن فضائل علماء الحديث في شبه القارة الهندية – بعد فضل الله – واضحة جلية في حفظ السنة النبوية، وقد أعطاهم العلامة محمد رشيد رضا بعض حقوقهم عندما وصفهم بقوله:
“ولولا عناية إخواننا علماء الهند بعلوم الحديث في هذا العصر؛ لقضي عليها بالزوال من أمصار الشرق، فقد ضعفت مصر والشام والعراق والحجاز منذ القرن العاشر للهجرة، حتى بلغت منتهى الضعف في أوائل هذا القرن الرابع عشر”(3).
العلاقات الثقافية العربية
الروابط بين جنوب جزيرة العرب والديار الهندية عموما كثيرة، منها: إطلالة شريط ساحلي طويل من سواحل كل هذين القطرين على بحر العرب، وهو يمثل الشريط الساحلي الجنوبي للجزيرة العربية، ومن الهند الساحل الغربي.
وكانت العلاقات التجارية والفتوحات الإسلامية أشبه ببذور ألقيت في تراب شبه القارة الهندية، وقد نمت وترعرعت فيما بعد حتى أصبحت تجود بثمارها في صورة العطاء الثقافي العلمي، وما إن ظهرت الدولة العباسية حتى نشطت الحركة العلمية والثقافية، وقويت حركة الترجمة، وكان أول كتاب ترجم إلى العربية في عهد المنصور هو كتاب «السدهانت».
ونقل يحيى البرمكي في بغداد أهم الكتب الطبية السنسكريتية إلى اللغة العربية، ومنها: كتاب «أسماء عقاقير الهند»، وكتاب «سيرك»، الذي نقله عبدالله بن علي إلى العربية ويعد نواة هذه العلاقة الثقافية.
ومن الطبيعي أن يسبب هذا التفاعل نشأة اللغة العربية وتطورها في ربوع الهند، وقد كانت العربية، متداولة ومفهومة في بلاد السند والمنصورة والملتان (4).
تلك الهجرات المتبادلة بين الطرفين أقر بفضلها كثير من الكتاب المنصفين، ومنهم الأستاذ محمود شيث خطاب، حيث وصفها في كتابه «قادة فتح السند» (ص146) بقوله: “حين ظهر الإسلام، ودخل العرب في دين الله أفواجا، كان منهم التجار والبحارة العرب.. حملوا معهم دينهم الجديد إلى البلاد التي كانوا يتعاملون معها.. وكانت الهند تئن حينئذ من التفرقة ونظام الطبقات القاسي الذي تقوم عليه دياناتهم، فكان التوحيد والمساواة نعمة جديدة يحلو لهم أن يسمعوها… فوجد الإسلام في الهند أرضا خصبة سهلة”.
ونظرا للأهمية التي لهذه المنطقة في قلوب العلماء وطلاب العلم؛ قام العديد منهم بإفراد ترجمات ومؤلفات عن علمائها، ومنها كتاب الأستاذ عبد النصير أحمد المليباري الشافعي، الذي ترجم فيه لعلماء الشافعية في الديار الهندية، وأسماه «تراجم علماء الشافعية في الديار الهندية». وقال في مقدمته حاكيا عن هذه البقعة الطيبة: «تركت في ملف تاريخها الآثار الخالدة، وأريقت في أرجائها وربوعها الدماء الزكية الغالية، والتي لم تكن لتذهب هدرا، فأنجبت أبطالا، هم محاسن الدنيا وزينة الحضارة ورجال تعتز بهم الأمة شرقا وغربا، تنوعت مواهبهم، وتعددت إسهاماتهم في إثراء الحضارة الإسلامية العالمية» (5).
تبادل علمي مع علماء نجد
لقد كانت – وما زالت – وشائج الصلة بين أهل السنة لا تعترف ببعد المسافات، ولا باختلاف الأعراف واللغات، ومن ذلك العلاقة المتميزة بين علماء نجد وإخوانهم في شبه القارة الهندية، والتي وصفها شيخ الحنابلة العلامة القاضي الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل الحنبلي النجدي، بقوله:
“علماء السنة في الهند، وإخوانهم في نجد، جمعت بينهم العقيدة الصافية والأخذ بالتمسك بالدليل، وتعددت الوسائل العلمية والثقافية بينهم، رغم بعد المسافات وصعوبة المواصلات، فمن ذلك الرحلة في طلب العلم، لما اشتهر علماء الهند بالاشتغال في الحديث، وتميزوا في ذلك: رحل إليهم عدد من علماء نجد، منهم شيخنا علي بن ناصر أبووادي عنيزة، ومنهم شيخ مشايخنا إسحاق بن عبدالرحمن آل الشيخ، وسعد بن حمد بن عتيق؛ فرحلوا من الرياض إلى محدث عصره شيخ مشايخنا العلامة نذير حسين وغيره.
ومن بعدهم شيخنا الشيخ عبدالله بن محمد القرعاوي، والشيخ عبدالله بن علي بن يابس، وجماعة آخرون، أخذوا الحديث عن الشيخ المحدث أحمد الله الدهلوي.
كما أخذ عدد كبير من علماء نجد على شيخنا المحدث عبدالحق الهاشمي لما ارتحل من الهند واستقر في مكة، منهم مشايخنا: الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز، والشيخ عبدالله بن حميد، كما أخذت عنه أيضا ولله الحمد.
وفي المقابل، أخذ عدد من علماء الهند عن علماء نجد، فأخذ العلامة عبدالرحمن السهارنفوري الأنصاري عن العلامة عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ.
وأخذ العلماء محمد بشير السهسواني وعبدالجبار الغزنوي وشمس الحق العظيم آبادي وغيرهم عن شيخ شيوخنا العلامة أحمد بن إبراهيم بن عيسى.
وفي آخر القرن الماضي رحل جماعة من أعيان مشايخ ودعاة الهند للدراسة في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، فاستفادوا من علماء المملكة، مثل الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ عبدالمحسن العباد، والشيخ حمد الأنصاري، وغيرهم.
وكان علماء أهل الحديث في الهند أول من طبع كتب أئمة الدعوة في نجد، وكثير من الكتب النجدية طبعت طبعاتها الأولى في الهند، مثل مجموعة التوحيد، وتاريخ ابن غنام، وديوان ابن سمحان، وغيرها”(6).
ولعل من ثمرات العلاقات المتميزة التي جمعت بين علماء شبه القارة الهندية وإخوانهم في شبه الجزيرة العربية؛ المجالس الحديثية التي أقامتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية في السنوات القليلة الماضية، وتمت خلالها قراءة عدد كبير من الكتب الحديثية وغيرها، ونقل علماء شبه القارة الهندية إسنادهم إلى خلق كثير من إخوانهم المسلمين في هذه البلاد، وقد استضافت الوزارة خلالها كوكبة من كبار العلماء المحدثين في شبه القارة الهندية، منهم:
– الشيخ المحدث أحمد بن علي السورتي الأجبوري رحمه الله.
– الشيخ المحدث ثناء الله بن عيسى خان المدني.
– الشيخ المحدث محمد إسرائيل بن محمد إبراهيم الندوي.
– الشيخ المحدث محمد الشجاع آبادي.
– الشيخ المحدث محمد بن عبد العلي الأنصاري الأعظمي.
– الشيخ المحدث غلام الله رحمتي رحمة الله.
مساهمات العلماء (7).
بعد فترة الاستعمار الطويلة التي عاشتها شبه القارة الهندية؛ ظهر نوعان من القيادة للمسلمين: النوع الأول هو القيادة الدينية، والثاني هو قيادة تعليمية. أما القيادة الدينية فركز أصحابها اهتمامهم على الاحتفاظ بالبقية الباقية من العاطفة الدينية ومظاهر الحياة الإسلامية، وأراد بعض زعماء القيادة الدينية أن يؤسسوا المدارس العربية الإسلامية في عدد كبير من مختلف مناطق الهند، وذلك لمواجهة التحديات الحضارية الأجنبية الغربية، ونجحوا في تأسيس أول معهد إسلامي من هذا النوع في بلدة ديوبند الصغيرة عام 1866م، وتولى مهام إدارته محمد قاسم النانوتوي (1832 ــ 1879م)، واستهدفوا به إيجاد جيل تموج نفسه بالعواطف الإسلامية، تتغذى روحه بالثقافة والحضارة الإسلاميتين.
وبعد تأسيس دار العلوم بديوبند أنشئت معاهد عربية إسلامية في عدد كبير من مناطق شبه القارة الهندية، مثل ندوة العلماء وغيرها. وفي جميع هذه المعاهد الإسلامية يدرسون القرآن الكريم والسنة النبوية كمصدرين أساسيين للشريعة الإسلامية ويدرسون أيضا اللغة العربية وآدابها والعلوم الإسلامية والاجتماعية، القديمة منها والحديثة، وينشرون العلوم الإسلامية والأدبية، ويحتفظون بالتراث الإسلامي، ويهتمون بنشر اللغة العربية في شبه القارة الهندية.
وعندما تأسست الجامعات والمعاهد الحكومية، تم اندماج اللغة العربية في هذه الجامعات والمعاهد الحكومية، حيث يوجد في شبه القارة الهندية العشرات من الجامعات والمعاهد للتعليم العالي، حيث تدرس اللغة العربية وآدابها، وفي كل هذه الجامعات والمعاهد العليا يوجد قسم خاص للغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية. ومن هذه الجامعات يأخذ الطلبة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الأدب العربي واللغة العربية والدراسات الإسلامية.
وفي القرن العشرين أنجبت شبه القارة الهندية الأدباء والكتاب الذين نالوا شهرة واسعة، وتضاهي أعمالهم الأدبية أعمال الأدباء العرب الكبار، وقد تأثر هؤلاء الأدباء والكتاب بالأدب العربي الحديث وفنونه المختلفة.
ولأجل ذلك، ظل علماء المدارس الدينية حتى الآن يحتلون مكان الصدارة في مجال التأليف وإنتاج الكتب باللغة العربية، وعدد مؤلفاتهم في الموضوعات الدينية الإسلامية والفنون الأدبية يزداد يوما إثر يوم. ومن هنا، لا تزال مراكز مهمة للغة العربية والأدب العربي ومعاقل الثقافة الإسلامية في شبه القارة الهندية قائمة تؤدي دورها على أكمل وجه.
ولعل كتاب الدكتور أحمد خان «معجم المطبوعات العربية في شبه القارة الهندية الباكستانية منذ دخول المطبعة إليها حتى عام 1980م» يأتي ليبرز الكم الهائل، والتراث العظيم من المؤلفات العربية لعلماء شبه القارة الهندية، بما تحتويه من تعدد وتجدد، حيث قال المؤلف الدكتور أحمد خان في مقدمة كتابه: “إن الببليوجغرافية الممتدة على الزمن نحو قرنين ونصف قرن، وعلى بقعة الأرض الواسعة، ليس بوسع أحد أن يكملها في حياته الواحدة”(8).
علماء عرب
وفي مقابل إسهامات علماء شبه القارة الهندية في علوم اللغة العربية، فإن العلماء العرب لهم اللمسات الواضحات في إحياء الحضارة العلمية الإسلامية في الديار الهندية، وقد سلط الدكتور محمد أبوبكر باذيب الضوء على هذا الجانب في كتابه: “إسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه في الهند»، حيث قال في مقدمته: «معظم الهجرات التي ذكرت في كتب التاريخ كانت هجرات فردية. وحفلت كتب التراجم بذكر ذوي الآثار العلمية والاجتماعية التي كان لها دور بارز في النهضة العلمية في شبه القارة الهندية… وأقدم هجرة حضرمية إلى بلاد الهند في العصور الوسطية هي هجرة فرع من بيوت السادة بني علوي الحسينيين الحضارمة”(9).
المخطوطات العربية (10)
لقد اعتنى علماء شبه القارة الهندية بالتراث العربي الإسلامي – كما مر آنفا – وبان ذلك واضحا من خلال خدمتهم لمخطوطاته النفيسة المتناثرة في البلاد؛ وقد كان هؤلاء العلماء يحرصون حرصا شديدا على اقتناء المخطوطات العربية، وبخاصة من مكة المكرمة والمدينة المنورة عندما يأتون إليهما حجاجا، إما بطريق الإهداء أو الشراء أو الاستكتاب. ولذلك، نرى بعضها قد نسخ في مكة أو في المدينة المنورة، أو أن بعضها يحمل تقييد إهداء من أحد العلماء، أو أن بعضها قد نسخها نساخ من إحدى هاتين المدينتين المقدستين، أو نساخ وفدوا إلى شبه القارة الهندية من أقطار عربية وإسلامية مختلفة، فنرى فيهم البغدادي والحضرمي والشامي والمصري والبخاري والترمذي والسمرقندي.
ومن هذه المخطوطات النفيسة التي جمعت بعضها مؤسسة الفرقان في مجلدين باسم “المخطوطات العربية بجامعة عليكرة الإسلامية في الهند”:
منها في الأدب العربي:
– جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام. المؤلف: محمد بن أبي الخطاب أبو زيد القرشي، المتوفى سنة 170هـ.
– الروضة الفائقة في الأشعار الرائقة. المؤلف: أحمد بن عبدالرحيم الشافعي (ت 1293هـ).
ومنها في التراجم والرجال:
– أسماء رجال البخاري. المؤلف: عبدالرحمن بن أبي الخير النصربوري التتوي.
– الإكمال في أسماء الرجال. المؤلف: الخطيب التبريزي محمد ابن عبدالله (ت 741هـ).
ومنها في أصول الحديث:
– الإرشاد لمعرفة حديث خير العباد. المؤلف: يحيى بن شرف الدين النووي، المتوفى سنة 677هـ. اسم المكتبة: جيب كنج.
– شرح البداية في علم الرواية. المؤلف: زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي (ت 966هـ).
ومنها في أصول الفقه:
– البدر الطالع في حل جمع الجوامع للسبكي. المؤلف: محمد ابن أحمد جلال الدين المحلي، المتوفى سنة 864هـ.
– تصريح التوضيح. المؤلف: جلال الدين بن محمد بن عمر الكشي (ت بعد 853هـ).
ومنها في علم التاريخ:
– الأوائل. المؤلف: الحسن بن عبدالله ابن سهل العسكري، المتوفى سنة 395هـ.
– الوسائل إلى معرفة الأوائل. المؤلف: جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911هـ).
ومنها في علم التجويد:
– الشاطبية. المؤلف: القاسم بن فيره بن خلف الرعيني الشاطبي (ت 590هـ).
– الحواشي الأزهرية في حل ألفاظ المقدمة الجزرية. المؤلف: خالد ابن عبدالله بن أبي بكر الجرجاوي الأزهري (905هـ).
ومنها في علم التصوف:
– إحياء علوم الدين. المؤلف: محمد بن محمد أبو حامد الغزالي (ت 505هـ).
– بستان العارفين. المؤلف: نصر ابن محمد بن أحمد السمرقندي (ت 375هـ).
ومنها في علم التفسير:
– أنوار التنزيل وأسرار التأويل. المؤلف: عبدالله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي (ت 685هـ).
– تفسير الجلالين. المؤلف: جلال الدين المحلي (ت 864هـ)، وجلال الدين السيوطي (911هـ).
ومنها في علم التاريخ:
– تصحيفات المحدثين. المؤلف: الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري (ت 482هـ).
– جامع الأصول في أحاديث الرسول. المؤلف: المبارك بن محمد بن محمد بن الأثير (ت 606هـ).
ومنها في السيرة النبوية:
– جامع المعجزات. المؤلف: محمد الواعظ الرهاوي (ت 1084هـ).
– الشافي في تعريف حقوق المصطفى. المؤلف: القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت 544هـ).
ومنها في علم التاريخ:
– عارضة الأحوذي في شرح الترمذي. المؤلف: محمد بن عبدالله المعافري بن العربي (ت 543هـ).
– المحلى بحل أسرر الموطأ. المؤلف: سلام الله بن شيخ الإسلام بن فخر الدين الدهلوي (ت 1233هـ).
وغيرها كثير في علم الصرف، والطب، والأخلاق، والحساب والهندسة، والمعاني والبيان، وعلوم القرآن، والفقه، والكلام، والمناظرة، والمنطق، والنحو.
الهوامش:
(1) انظر: أهل الحديث في شبه القارة الهندية وعلاقتهم بالمملكة العربية السعودية (ص 21)، وأعلام المؤلفين بالعربية في البلاد الهندية (ص 13-14).
(2) جهود مخلصة (ص22).
(3) مقدمة مفتاح كنوز السنة للخولي (168).
(4) انظر: أعلام المؤلفين بالعربية في البلاد الهندية (ص14)، ومساهمة علماء دلهي في اللغة العربية وآدابها (ص46، 51)، وقادة فتح السند، للأستاذ محمود شيث خطاب (ص146).
(5) انظر: تراجم علماء الشافعية في الديار الهندية، تأليف عبد النصير أحمد المليباري الشافعي.
(6) انظر: تقديم العلامة العقيل لكتاب أهل الحديث في شبه القارة الهندية (ص7).
(7) انظر: مقال للأستاذ الدكتور عبدالمجيد عبدالعزيز.
(8) انظر: معجم المطبوعات العربية في شبه القارة الهندية الباكستانية للدكتور أحمد خان (ص12).
(9) انظر: إسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه، للدكتور محمد أبوبكر باذيب (ص39).
(10) انظر: فهرس المخطوطات العربية بجامعة عليكرة الإسلامية الهند.
—–
* المصدر: الوعي الإسلامي.