.كورونا .. أصبحت هذه الكملة هي حديث العالم كله الآن بعد أن انتشر في كل أرجاء العالم تقريبا؟ وقد أفرز ظهور هذا الفيروس واقعا جديدا وتحديات متعددة على مسلمي أوربا، وقد أصدر المجلس الأوربي للأئمة دليلا لمسلمي أوروبا يحوي بعض التوصيات والمقترحات التي يمكن أن يقوموا بها على مستوى الأسرة والمساجد ومدارس القرآن، وعلى مستوى المجتمع عموما، في ظل الإجراءات والاحترازات التي تتعرض لها المجتمعات الأوربية لمواجهة هذا الفيروس (كورونا) الذي عم الكثير من هذه المجتمعات الأوربية.
وجاء بيان المجلس –الذي وصل موقع “مهارات الدعوة” نسخة منه، تحت عنوان “مسلمو أوربا والتفاعل الإيجابي مع أزمة كورونا”، وفيما يلي نص البيان:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس)) حديث حسن
طرح انتشار وباء كورونا على المسلمين في أوربا تحدياتٍ متعلقة بالطريقة المثلى للتعامل مع هذه الظاهرة، ومسالكِ إثبات الوجود الإسلامي كعنصرٍ إيجابيٍّ ورصيدٍ خيِّرٍ في أوربا، يسهم في بنائها ويدرأُ المكاره عنها.
فقد وجد المسلمون أنفسهم لأول مرة أمام واقع إغلاق المساجد والمراكز الدعوية والتعليمية، وتعطيل الجمع والجماعات، وربما لزوم المنازل وعدم الخروج إلا للضرورة كما هو الحال في إيطاليا.
فما الذي يمكن أن يقوموا به في مثل هذه الظروف؟
وهل من مبادرات نوعية تخفف وطأة الحجر، وتدعم المجهود العامَّ لمكافحة الوباء؟
إن مع العسر يسراً
إن آيات التحفيز وبعث الأمل في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تدفع المسلمين إلى المبادرة في إيجاد الحلول وتلَمُّس مواطن المِنَحِ في المحن.
على مستوى الأسرة
دخلت أغلب الأسر الأوربية في حجْرٍ جزئيّ أو كلي، بسبب تعطل الدراسة والتضييق على الحركة، ويمكن للمسلمين الذين يعانون من تفكك الأسرة ووطأة الحياة المادية..أن يعتبروا ذلك فرصة نادرة لتوثيق الصلة بين أفراد العائلة والاستفادة من الفراغ والاجتماع، لتدارك بعض النقائص وتحصيل بعض المعارف والمهارات.
ومن بين المقترحات:
– أداء صلاة الفجر جماعة، وقراءة طرف من الأدعية والمأثورات.
– وضع برنامج لحفظ ومراجعة ما تيسر من القرآن الكريم.
– إجراء حوارات بسيطة مع الأطفال تعرف بأسماء الله تعالى وصفاته، والإيمان بالقدر واليوم الآخر، وتذكر بعظمة الله تعالى وفقرنا وحاجتنا إليه عز وجل، وأن كل لحظة في هذه الحياة هي فرصة عظيمة للرجوع إلى الحق وتحقيق فريضة الاستخلاف.
– متابعة التحصيل المدرسي، وتدارك الضعف المحتمل في بعض المواد.
– إطلاق حملة بين العائلات لقراءة الكتب، وتداول الآراء والانطباعات حولها عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي.
– إطلاق مسابقات للأطفال والشباب، في الخط والرسم والتعبير، متعلقة بمكافحة الوباء، كالتعبير عن تقدير الأطباء والممرضين والثقة في التغلب على الفيروس.
– تنظيم استعمال الهواتف والألعاب الإلكترونية بالنسبة للأطفال.
– تخصيص وقت للترفيه بالألعاب المشتركة والمسابقات الذهنية .
– الاشتراك في بعض التمارين الرياضية داخل المنزل أو خارجه لمن يعيش خارج المدن.
على مستوى المساجد ومدارس القرآن واللغة العربية
– المحافظة على التواصل مع أعضاء المسجد وسائر المستفيدين من خلال إعداد قاعدة بيانات وتوفير أرقام اتصال وإرسال رسائل توعوية أو تفقدية دورية .
– إيجاد بدائل لاستمرار المساجد في تقديم خدماتها وأداء رسالتها للمسلمين وغير المسلمين، واستئناف الدروس والمحاضرات على منصات التواصل وقنوات اليوتيوب.
– اعتماد التعليم عن بعد بالنسبة للمدارس التي أغلقت أبوابها.
– إصدار منشورات ولافتات إلكترونية تحسيسية.
– إبراز العبر الإيمانية والتذكير بالجوانب الغيبية لهذه المحنة التي يمر بها العالم، مع تخير الوسائل المناسبة المعبرة عن ذلك، وتجنب الأسلوب المباشر .
– القيام بحملات حول المسجد أو في وسط المدينة لتوزيع الكمامات وتوفير المعقمات، إذا كانت الظروف والقوانين تسمح بذلك.
– إيجاد آليات لدعم الأسر المتضررة ومتابعة المسلمين المصابين.
– الاستعداد للتعامل مع حالات الوفاة عبر إعداد القائمين بذلك، وتزويدهم بالمعرفة الشرعية اللازمة بحسب ما تحدده السلطات الصحية.
– الاستفادة من فترة الإغلاق للقيام ببعض الصيانات والإصلاحات وإحداث بعض التحسينات على المساجد والمراكز الإسلامية.
على مستوى المجتمع عمومًا
– التقيد بالتعليمات الصادرة عن الجهات الرسمية وإبراز قيم المواطنة الصادقة والمسؤولة.
– اجتهاد المسلمين العاملين في القطاعات الحساسة وتحليهم بالمثابرة والتضحية.
– بعث روح الأمل والتآزر والتآلف بين الناس، وإبراز قيم الشراكة والانتماء، من خلال نشر مقاطع فيديو وشعارات محفزة.
– المبادرة إلى التسجيل والمشاركة في الأعمال التطوعية والجهود الرسمية في مواجهة الأزمة.
– إيجاد سبل لتوفير الطعام الحلال للموظفين المسلمين وغيرهم، من المنقطعين لرعاية المرضى وخدمة المجتمع.
– تفقد الجيران، من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وإعطاء إشارة واضحة بالاستعداد للمساعدة والخدمة متى دعت الحاجة.
فاعتبروا يا أولي الأبصار
– يدرك المسلم الواثق بربه أنه مطالب بالأخذ بالأسباب والتوقي من الآفات، وأن يتعبد الله تعالى بعمارة الأرض وإيجاد الحلول لكل المصاعب التي تعترضه في الحياة، وهو موقن أن ما أصابه ما كان لِيُخطئه، وما أخطأه ما كان ليصيبه، مصداقاً لقوله تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة: 51).
– كما لا يسع المؤمن إلاّ أن يتدبر هذه الآثار الهائلة التي خلفها هذا الكائن المجهري على البشرية، فهي تحيله إلى حقيقة ضعف الإنسان وقلة حيلته أمام قدرة الله تعالى وقوته، ذَلِكَ بِأَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، وَكُلُّ شَىْءٍ إِلَيْهِ فَقِيرٌ، وَكُلُّ أَمْرٍ عَلَيْهِ يَسِيرٌ، لاَ يَحْتَاجُ إِلىَ شَىْءٍ، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.
– فعندما يختل التوازن بين القيم الروحية والمظاهر المادية، وتتباعد المسافة بين عالم الغيب وعالم الشهادة، وينخرم العدل بين الناس؛ فإن سنن الله النافذة وأقداره السارية تبعث برسائل التنبيه وقوارع التذكير تدعو الإنسان إلى أن يُعَدِل المسير ويحسن التدبير.
فما نزلت بلية إلا بذنب ولا رفعت إلا بتوبة، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون} (الأنفال: 33).
– و مما يتوجب على المسلمين في مثل هذه الظروف، أن يكثروا من الدّعاء إلى الله تعالى بأن يرفع عنهم البلاء ويرد عنهم الوباء. ومما أثر من أدعيته –صلى الله عليه وسلم-: “اللهمّ إنّي أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيّئ الأسقام” (أبو داود والنسائي، وصححه الألباني)، وقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: “اللهمّ إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في الدنيا والآخرةِ. اللهمّ إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في دِيني ودنيايَ وأهلي ومالي. اللهمّ استُرْ عوراتي وآمِنْ روعاتي. اللهمّ احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذُ بك أن أُغْتَالَ من تحتي”. (أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم).