توفي، مساء الجمعة، المفكر الإسلامي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الأستاذ الدكتور محمد عمارة عن عمر يناهز 89 عاما.
وقد نعى الأزهر الشريف الدكتور عمارة، في بيان له نشر على صفحته على الفيسبوك؛ حيث قال: “بمزيد من الرضا بقضاء الله وقدره، يحتسب الأزهر الشريف عند الله تعالى، العالم الجليل والمفكر الإسلامي الكبير فضيلة الأستاذ الدكتور محمد عمارة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف”
وأكد الأزهر في بيانه أن “رحيل الدكتور محمد عمارة ترك فراغًا يصعب ملؤه في صفوف كبار العلماء الذين يحملون على عاتقهم أمانة العلم، وصدق الكلمة، وأن التاريخ سيظل يذكر فقيد الأزهر والأمة العربية والإسلامية بعلمه وفكره الوسطي في تبليغ رسالة الله والدفاع عن سماحة الإسلام ووسطيته وإعلاء شأنه، ودحض ما أثير عنه من شبهات، تشهد على ذلك مصنفاته المملوءة علمًا وحكمةً ومعرفةً، وإسهاماته الكبرى في إثراء الفكر الإسلامي، والتي ملأت الدنيا وغطت كل القضايا الفكرية العامة والمعاصرة، ومحاضراته التي أفاد منها الآلاف من طلاب العلم في العالم الإسلامي”.
والدكتور محمد عمارة مصطفى عمارة، ولد في 8 ديسمبر سنة 1931م في قرية “صرورة” التابعة لمركز دسوق بمحافظة الغربية في ذلك الوقت، وهى حاليا تابعة لمركز قلين بمحافظة كفر الشيخ بجمهورية مصر العربية.
وبعد تخرجه في كلية دار العلوم بالقاهرة أعطى وقته وجهده كله لمشروعه الفكري فجمع ودرس الأعمال الكاملة لأبرز أعلام اليقظة الإسلامية الحديثة، كما كتب الكتب والدراسات عن أعلام التجديد الإسلامي، وكتب عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم.
وقد أضاف الدكتور محمد عمارة للمكتبة الإسلامية أكثر من 120 مؤَلَّفا، رسم من خلالها السمات المميزة للحضارة الإسلامية والمشروع الحضاري الإسلامي والمواجهة مع الحضارات الغازية والمعادية، كما درَّس وحقَّقَ ثلاثة عشر عملاً كبيراً ابتداءً من الأعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوي، وانتهاءً بكتاب السنة والبدعة للشيخ محمد خضر حسين، أما في مجال المناظرات فقدم ثلاثة أعمال تخاطب في مجملها أزمة العقل العربي، ومن ناحية أخرى قدَّم مع آخرين خمسة أعمال ليصل بذلك إجمالي مؤلفاته وإسهاماته الفكرية إلى سبعة وأربعين ومائة كتاب، من أبرزها:
- الإسلام والشريعة الإسلامية.
- الإسلام وضرورة التغيير.
- الإسلام والمستقبل.
- الإسلام في مواجهة التحديات.
- الإسلام والثورة.
- الإسلام بين التنوير والتزوير.
- الإسلام والفنون الجميلة.
- الإسلام في عيون غربية.
- الإسلام وحقوق الإنسان.. ضرورات لا حقوق.
- الشريعة الإسلامية والعلمانية الغربية.
- الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان و مكان.
- السماحة الإسلامية… حقيقة الجهاد و القتال والإرهاب .
- هل الإسلام هو الحل.
- حقائق الإسلام في مواجهة المشككين.
محمد عمارة والتحولات الفكرية
أثناء دراسته في دار العلوم كانت الأفكار الاشتراكية تأخذ مكانها، وكان حزب مصر الفتاة يمزج بين الفكر الاشتراكي والفكر الإسلامي، فامتزجت لديه النزعة الوطنية التحررية والنزعة الاجتماعية مع نزعة الانتماء الإسلامي، وامتزج الأمر معه حتى أعلن عن ماركسيته في فهم الدين، إلا أنه اكتشف خطر الماركسية على الإسلام والأمة فكان خصمها اللدود الذي فضحها على الأشهاد.
وفي أوائل السبعينات بدأ التحول الفكري من الاتجاه الماركسي الاشتراكي إلى الإسلام بعد أن تشرب الفكر الاشتراكي وعرف سلبياته، وأدرك أن ما به من محاسن فهو موجود بالفعل في الإسلام، لذلك بدأ نشاطه العلمي في إظهار محاسن الإسلام وتعرية دعاة الماركسية الاشتراكية مستخدما مصطلحاتهم البراقة التي يجذبون الناس إليها، مثل: الحرية والعدالة والتكافل الاجتماعي.